بين مجزرة حجاج مكة عام 1987 ومجزرة حجاج منى عام 2015 شاهد عيان

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2651
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الكاتب والشاهد : حسين الديراني
سيدني – استراليا
إهداء هذا العمل لروح الشهيد السعيد الدكتور الحاج غضنفر ركن آبادي السفير السابق للجمهورية الاسلامية الايرانية في بيروت والى جميع ارواح الشهداء الذين ارتقوا في مجزرة الحجاج عام 1987 وعام 2015.

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الانبياء, واعز المرسلين, المحمود الاحمد, المصطفى الامجد, حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد, وعلى اله الطيبين الطاهرين وصحبه الاخيار المنتجبين.
يقول الله في محكم كتابه الكريم وفي سورة آل عمران : بسم الله الرحمن الرحيم, إن أول بيت وٌضع للناسِ ببكة مباركاً وهدى للعالمين (96) فيه مقامُ إبراهيم ومن دخلهُ كان أمناً وللهِ على الناس حِج البيت منِ استطاع اليه سبيلا ومن كفرَ فإن الله غنيٌ عن العالمين ( 97 ) .صدق الله العلي العظيم.
مضى 29 عاماً على حادثة وجريمة نكراء في مكة المكرمة عام 1987 بحق حجاج بيت الله الحرام من كل الجنسيات رغم ان العدد الاكبر من الشهداء كانوا من الحجاج الايرانيين, وبما انني كنت احد ضحايا تلك المجزرة الاليمة, وإذا كانت جراحي الجسدية إلتأمت خلال ايام, فجراحي النفسية لم تلتئم بعد مرور كل تلك السنين الماضية وما زالت تلك المشاهد المأساوية عالقة في أذهاني, واصوات الشهداء قبل إستشهادهم ترن في أذاني, وصور الجرحى الذين إنتشروا بالمئات حولي عالقة في مخيلتي, قررت ان اكتب مذكراتي وما علق في ذاكرتي قبل ان ابلغ من العمر عتيا, وقد بلغ الشيب مني وارهقني هول حال الامة الاسلامية والعربية, واتعبني الدهر الما وحزنا على مشاهدة صور الموت التي تصيب المسلمين, والتي تحز رقابهم سيوف يحملها اصحاب فكر الضلالة والتكفير, والدافع الاقوى لكتابة هذه المذكرات الاليمة هي المجازر المتكررة بحق الحجاج المسلمين خلال موسم الحج, وبعد ان فقدت صديقاً واخاً عزيزاً على قلبي وهو الشهيد السعيد الدكتور غضنفر ركن ابادي السفير السابق للجمهورية الاسلامية في لبنان, وفي الحقيقة أهدي هذا العمل المتواضع والذكريات الى روحه ونفسه الزكية والى ارواح جميع الحجاج الذين ارتقوا شهداءاً ظلماً وعدواناً على ايدي العصابة الارهابية السعودية الوهابية المتسلطة على الاماكن المقدسة في مكة والمدينة المكرمتين.
عام 1987 تلبية لنداء الله عز وجل ” ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ” وبعد التمكن والاستطاعة والاتكال على الله سجلت إسمي لتلبية نداء الله وكان لي ما تمنيت ورغبت وكنت في عمر الشباب 28 عاما, وفي شهر ايلول إنطلقنا من مدينة سيدني الاسترالية مع حملة تقدر بخمسين حاج للإلتحاق بحملة ( السلام ) اللبنانية للحج والعمرة في المدينة المنورة.
كانت رحلة الطائرة من سيدني الى مطار عُمان في غاية الهدوء والسكينة, ومن مطار عُمان الى مطار جده بدأت رحلة الحج والاحداث المثيرة والمواجهات بيني وبين ” جلاوزة ال سعود ” وصولا الى مجزرة الحجاج.
قبل وصولنا الى مطار جده تعرضت الطائرة التابعة للخطوط الجوية السعودية الى مطبات هوائية قبل وصولنا الى مطار جدة بنصف ساعة, حتى وصل الامر الى هبوط اكياس الاوكسيجين داخل الطائرة وعلت اصوات النساء والرجال بالتكبير والدعاء خوفا ورهبا, وكان يجلس الى جانبي احد الحجاج القادمين من الكويت ولم يهتز ويرتعب بل كان مطمئنا وهمس في أذني ” انا متعود على هذا الطريق الحافل بالمطبات الهوائية المخيفة ” مما اشعرني بالسكينة والاطمئنان رغم انها المرة الاولى التي اكون فيها بطائرة تتعرض لمطبات هوائية بهذا الشكل المرعب, اخيرا وصلنا الى ارض المطار وحطت الطائرة بسلام واعلن الكابتن عن سعادته بسلامة الركاب.
بعد وصولنا الى مدينة الحجاج في جدة ومكوثنا ليلة نفترش الارض الى حين تأمين الرحلة الى المدينة المنورة, عانينا الكثير من المشقة والتعب والارهاق بسبب سوء ادارة المملكة لتنظيم الرحلات الجوية الى المدينة المنورة وتدافع الحجاج دون رقابة وتنظيم حتى كاد المرحوم والدي ان يسقط تحت اقدام المتدافعين من حجاج افريقيا رغم ان لكل حاج بطاقة سفر وموعد إقلاع, وصلنا بعد العناء الى مطار المدينة المنورة بعد تأمين السكن والاستراحة ذهبنا لزيارة قبر النبي صلى الله عليه واله.
المواجهة الاولى مع ( المطوعين ) الامرين بالمنكر والناهين عن المعروف جلاوزة ال سعود.
دخلت الى حرم النبي صلى الله عليه واله باكياً من دون توقف, ينتابني شعور لا يوصف شعرت انني في روضة من رياض الجنة وهو كذلك.
وانا في هذه الحالة بين داعيا وباكيا ومهللا ومكبرا متباركا من اثار النبي صلى الله عليه واله وإذا بأحد الجلاوزة المسلحين داخل الحرم المطهر يضربني على يدي وينهرني قائلاً: ” إمشِ يا مشرك “, رددت عليه فوراً ” شلت يداك, والله انتم الضالين المضلين المشركين, وتابعت قولي ” وهل تركت اهلي وزوجتي واطفالي الاربعة في استراليا حتى أتي الى هذا المقام المقدس المطهر لاشرك بالله؟ ولو كنت مشركاً لما عانيت ما عانيت حتى اصل الى هذه الروضة الشريفة التي تذكرني بدعوة النبي صلى الله عليه واله للوحدانية والايمان والتقوى ورفض الشرك “, فما كان من الاخوة الذين كانوا يرافقونني الا منعي من مواصلة المواجهة معه حفاظاً على سلامتي التي لم اعر اليها اي اهتمام.
المواجهة الثانية عند جنة البقيع:
في اليوم التالي ذهبنا لزيارة جنة البقيع المدفون فيها اربعة من أئمة اهل البيت سلام الله عليهم والكثير من قبور صحابة النبي صلى الله عليه واله. كانت الاضرحة الشريفة لأئمة اهل البيت عليهم السلام مشيدة وذات معالم واضحة قبل ان يفرض آل سعود بمساعدة البريطانيين سيطرتهم على شبه الجزيرة العربية وفرض سلطتهم الوهابية التكفيرية على المسلمين والاستئثار بالهيمنة على الحرمين الشريفين في مكة والمدينة, لكن كل الاضرحة المطهرة سويت بالارض بعد هدمها من قبل النظام الوهابي السعودي عام 1925 الذي يدعي التوحيد ومحاربة الشرك, وتم هدم كل الاثار الاسلامية منذ فرض سيطرتهم الى يومنا هذا, وليس ببعيد تم بناء برج الساعة الضخم مقابل الكعبة الشريفة والذي بلغت تكلفته 11 مليار دولار على أثار بيت النبي وبيت الزهراء عليهما السلام وبيت السيدة عائشة وبيت السيدة خديجة عليها السلام ومكان إستقبال النبي صلى الله عليه واله للصحابة الكرام وهذا موثق لدى دائرة الاثار السعودية, واصبحت كل تلك الاثار الشريفة دوراً للمياه بناءا على اجازة من علماء السلطة في مملكة التكفير دون مراعاة لمشاعر الملايين من المسلمين في العالم الاسلامي.
قبل الدخول الى البوابة شاهدت مجموعة كبيرة من الحجاج تشق طريقها لزيارة الائمة عليهم السلام في جنة البقيع, يتقدم تلك المجموعة الكبيرة معاقين على الكراسي المتحركة يساعدهم اهاليهم في مسيرتهم, علمت فوراً من الشعارات والاعلام انهم ضحايا الحرب المفروضة على الجمهورية الاسلامية الايرانية من قبل الطاغية المقبور صدام حسين الذي شن حرباً عدوانيا ظالمة إستمرت لثماني سنوات, وممن شاركوا في الدفاع المقدس عن بيضة الاسلام والثورة الاسلامية, إندفعت نحوهم أقبل جبينهم وما تبقى من أياديهم وأرجلهم, حاولوا تعففاً منعي من تقبيل أرجلهم التي كانت راسخة في الارض رسوخ الجبال ولم يتمكنوا من منعي, وكان اصراري هو الاقوى مع ذرف الدموع بغزارة فاحسست انهم البقيع وانهم الجنة, دخلت معهم اساعد اهاليهم بدفع كراسيهم لاتبارك بهم ولاحصل على شيء من كرامة تضحياتهم حتى وصلنا الى قبور الائمة عليهم السلام فوقفت على تلك التلة المرتفعة قليلا عن الارض محاطاً بالزوار والحجيج وصببت جام غضبي بصوت عال على اللعين صدام حسين وكل من يدعمه في الحرب العدوانية الظالمة وخصصت بالذكر امريكا واسرائيل ودول الخليج فتقدم عدد من الجلاوزة الذين كانوا يحيطون بالزوار من كل جانب لاعتقالي ولكن حال بيني وبينهم عدد من الحجاج اللبنانيين والايرانيين وعدنا الى مقرنا سالمين.
المواجهة الثالثة الاكثر إيلاما” هي موضوع ذكرياتي وشهادتي الحية على المجزرة التي ارتكبها الامن السعودي في مسيرة البراءة من المشركين “.
لماذا المشاركة في مسيرة البراءة من المشركين ؟
لتبيان اسباب المشاركة في المسيرة لا بد من القاء نظرة وتسليط الضوء ولو بإختصار على فكر الامام الخميني قدس سره الشريف حول أداء فريضة الحج التي تتعدى حدود العبادة.
نظرة في خطابات الامام الخميني ( قدس سره الشريف ) وبياناته :
تعرض الإمام الخميني (قدس سره) في بياناته وخطبه السياسية للبراءة من المشركين، ولزوم إعلانها أو الجهر بها في موسم الحج مرات وكرات, نورد جزءاً منها:
1 ـ قال الإمام الخميني (قدس سره) في بيان له إلى حجاج بيت اللّه الحرام في العام (1403) الهجري المصادف للعام (1983) الميلادي ما نصه: «نتلو في سورة التوبة التي أمر بتلاوتها في الاجتماع العام بمكة قوله تعالى: ﴿وَأذان مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكبر أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾, إنّ إعلان البراءة من المشركين في موسم الحج هذا إعلان سياسي عبادي أمر به رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) ».
2 ـ وقال في بيان آخر له إلى الحجاج في العام (1405) الهجري المصادف لسنة (1985) الميلادية: «لقد وجدـ بحمد اللّه والمنة ـ شعب إيران وسائر الشعوب الإسلامية طريقهم، وأحاطت جموع حجاج بيت اللّه الحرام من إيران وسائر الدول الإسلامية بالمسجد الحرام مركز ثقل الإسلام ومهبط ملائكة اللّه عز وجل، ومحل هبوط الوحي بغية إحياء مراسم الحج العبادية السياسية، والعمل بواجبهم الإلهي والقرآني في إعلان البراءة من المشركين الذي نفذه الرسول الخاتم (صلى اللّه عليه وآله) في الحج الأكبر بواسطة سيدنا علي بن أبي طالب سلام اللّه عليه».
3 ـ وفي العام التالي كان للإمام الخميني (قدس سره) إلى الحجاج بيان آخر قال فيه مشيرا إلى كتاب اللّه سبحانه وتعالى:
«علينا أن نعلم أنّ حكمة هذا الكتاب الأبدي الخالد الذي نزل لإرشاد البشر من كل قوم ولون، وفي كل قطب وقطر وإلى قيام الساعة هي إبقاؤه المسائل الحياتية المهمة ـ سواء ببعديها المعنوي أو المادي ـ حية، وإفهامه مخاطبيه إن مسائل هذا الكتاب أبدية لا تختص بزمان أو مكان، وان قصد إبراهيم وموسى ومحمد عليهم وعلى آلهم السلام ليس مختصا بزمان خاص، ونداء البراءة من المشركين ليس مختصا بوقت خاص، بل هو أمر خالد… يلزم حجاج بيت اللّه الحرام في هذا التجمع الجماهيري العام والسيل البشري العارم الجهر بأعلى أصواتهم بنداء البراءة من الظالمين».
4 ـ وجاء في بيان آخر له إليه في العام الذي تلاه، وهو العام الذي حدثت فيه مجزرة الحرم المكي، واستشهد بها العديد من الحجاج المتظاهرين بإعلان البراءة على يد قوات الأمن السعودي: «إعلان البراءة من المشركين ـالذي يعد من أركان فريضة الحج التوحيدية وواجباتها السياسية ـ يجب أن يقام بأبهى صورة، وأعظم جلال على شكل تظاهرات ومسيرات….
وعلى الحجاج المحترمين من الإيرانيين وغيرهم المشاركة ـ وبتنسيق تام مع المسؤولين في بعثة الحج ـ في جميع المراسم المقامة، وإطلاق نداء البراءة من المشركين، وملاحدة الاستكبار العالمي، وعلى رأسهم أمريكا، قرب بيت التوحيد…
5 ـ وفي خطاب له في مسؤولي الحج والزيارة قال: «أساساً البراءة من المشركين هي من واجبات الحج السياسية التي بدونها لا يكون حجنا حجاً».
6 ـ وفي بيان له بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لفاجعة مكة وهو بيانه الأخير في الحج حيث توفي بعدها قال: «مسلّم أن الحج الذي لا روح ولا حركة ولا قيام فيه… الحج الفاقد للبراءة.. الحج الذي تنعدم فيه الوحدة ولا يعبر عن هدم صروح الكفر والشرك ليس حجا…
على جميع المسلمين أن يبذلوا قصارى جهدهم لتجديد حياة الحج والقرآن الكريم، وردهما إلى عرصة حياتهم..
نحمد اللّه عز وجل على ثباتنا في عهدنا وميثاقنا الذي عاهدنا به رب الكعبة، وبنائنا أسس البراءة من المشركين بدم آلاف الشهداء من أعزائنا ».
والمتحصل من مجموع كلماته وضم بعضها إلى البعض الأخر أنّ إعلان البراءة من المشركين عند الإمام الخميني (قدس سره) واجب عبادي سياسي مستفاد من القرآن والسنة، ولا اختصاص له بزمان معين، وأنّه من أركان فريضة الحج التوحيدية وواجباتها السياسية التي بدونه لا يكون الحج حجاً.”
بناءا على فتوى الامام الخميني الراحل إنطلقت يوم الجمعة بتاريخ 31 ايلول عام 1987 ” يوم المجزرة ” مع بعض الاخوة الحجاج من استراليا وكانوا يعدون تقريبا 10 حجاج من مقر سكننا بعد صلاة الجمعة مباشرة للمشاركة في ” مسيرة البراءة من المشركين ” التي تنظمها دائرة شؤون الحج الايرانية سنوياً بناءا على توجيهات قائد الثورة الاسلامية الامام روح الله الموسوي الخميني قدس سره, والتي تتم عبر تنسيق ومشاورات مسبقة بين السلطات الايرانية والسعودية سوف نستعرضها لاحقا. كانت الانطلاقة سيراً على الاقدام من العزيزية الى منطقة العبابدة امام مقر مندوب قائد الثورة وبعثة الحج لان السلطات السعودية ابلغت جميع سائقي السيارات والحافلات عدم السماح لاي حاج ينوي المشاركة في المسيرة بالصعود داخل السيارة او الحافلة واية مخالفة يتعرض صاحبها للعقوبات والغرامات, وكان الطقس حاراً جداً, تلفح وجوهنا حرارة الشمس الحارقة, وصلنا الى ساحة التجمع وكان الجمع غفيراً يعد بعشرات الالاف حتى بلغ العدد لاحقاً مئات الالاف من الحجاج رجالا ونساء وشبابا وشيوخا , ومجرد ان دخلنا في المسيرة اصبحنا في سجن كبير لا يسمحون لنا رجال الامن المدججين بالسلاح بالخروج منها حتى لو لقضاء حاجة !!! وكأن الامر دبر بليل بهيم لارتكاب تلك المجزرة الرهيبة.
المشهد مهيب , مجسم ضخم كبير للمسجد الاقصى الشريف اعده الحجاج الايرانيون بشكل يحتاج لعدد كبير من الحجاج لحمله والسير به خلال المسيرة, يافطات كبيرة وصغيرة مكتوب عليها:
الله اكبر , لا اله إلا الله, اللهم صلِ على محمد وال محمد, يا ايها المسلمون إتحدوا إتحدوا, وحدة وحدة إسلامية لا شرقية لا غربية , الموت لامريكا, الموت لاسرائيل, تبت يد المشركين من بلاد المسلمين, إقطعوا أيدي الاستعمار الامريكي والصهيوني, إسرائيل عدوة المسلمين, لقد أن وقت النهوض يا مسلمين.
وكانت الطائرات العسكرية تحوم فوق المسيرة بأعداد كبيرة.
وعندما غصت المنطقة المذكورة والشوراع المحيطة بالمتظاهرين المؤمنين, وبالتوقيت المحدد حوالي الرابعة بعد الظهر بدأت المسيرة بتلاوة مباركة لايات بينات من القران الكريم, بعدها تليت فقرات مترجمة لنداء الامام الخميني الموجه الى حجاج بيت الله الحرام القاها عريف الاحتفال بطريقة حماسية صادقة, ثم تحدث مندوب الامام في الحج عن امهات مشاكل العالم الاسلامي وقضاياه, وبين حاجة المسلمين الى الوحدة والتكاتف واهمية المشاركة في هذه المسيرة, واعتبر المشاركة في مسيرة ” البراءة من المشركين” مظهراً عملياً من مظاهرها من خلال تواجدهم ومشاركهم الفعالة.
خلال إلقاء الكلمات ومحاولة التلفزيون الايراني الاخباري توثيق المسيرة من على شرفة المنصة كان الامن السعودي يستخدم مرايا تعكس اشعة الشمس على الكاميرات لمنعها وعدم تمكينها من تسجيل وتصوير الحدث, فقام الحجاج الايرانيون ومن نفس مكان التصوير بإستخدام مرايا لتعكس اشعة الشمس المنبعثة من مرايا الامن السعودي لتعود اليهم كالنار المحرقة كي يتمكن الفريق الاعلامي الايراني من مواصلة تصويره للمسيرة, وكان موقعي الجغرافي في المسيرة قبل إنطلاقها قريبا في قلبها وقريباً من مجسم المسجد الاقصى الشريف, وكنا في غاية الانشراح النفسي والروحي, والحمد والثناء لله سبحانه وتعالى الذي وفقنا للمشاركة في هذه المسيرة العظيمة التي تعتبر المشاركة بها جزء من العبادة وتأدية فريضة الحج بأكمل وجه.
حوالي السادسة بعد الظهر انطلقت المسيرة في خط سيرها المقرر من قبل, متجهة الى شارع المسجد الحرام. تحركت المسيرة بشكل رائع ومنظم. الشارع الايمن للرجال والايسر للنساء والمقدمة كانت ثلاثة صفوف متشابكة الاكف من المسؤولين عن تنظيم المسيرة والمشرفين على تحركها وسلامة إنضباطها وخلفهم طابور من عجلات الكراسي المتحركة يستقلها معوقو الحرب الظالمة المفروضة على الجمهورية الاسلامية والذين التقيت بهم في المدينة المنورة عند زيارة جنة البقيع, كنا نردد الشعارات والهتافات التي يطلقها عريف المظاهرة لان مكبرات الصوت كانت متصلة ببعضها البعض من مقر البعثة الى حيث نهاية المسيرة.
من اروع الشعارات والهتافات التي علقت في ذهني وإختلطت في لحمي وجرت في دمي كان هتاف عريف المسيرة : (برادران ) لا اله الا الله ” فنردد نحن الرجال خلفه بصوت واحد ” لا اله الا الله ” ثم يهتف ( خاهران ) ” محمد رسول الله , فتردد الاخوات خلفه بصوت واحد ” محمد رسول الله ” كنت اشعر ان وادي مكة والعالم كله يردد ويهتف معنا هذا الهتاف الوحدوي المقدس, وكذلك نردد خلفه ” الموت لامريكا والموت لاسرائيل وبقية الهتافات والشعارات التي ذكرتها سابقاً.
المسيرة كانت تشعرك بالعظمة والوحدة والاخوة بين المسلمين. كان الكثير من الحجاج في الابنية على حافة الشارع العام يريدون النزول الى الشارع للمشاركة معنا في المسيرة ولكن الامن السعودي الذي كان يطوق المسيرة يمنعهم ويصدهم الى داخل الابنية. وصلنا الى مكان يقع قبل الجسر, هذا الجسر الذي انتشر فوقه رجال الامن السعودي بلباس مدني وإنهالوا برمي الحجارة على رؤوس الحجاج ومن الجهة اليسرى كان هناك عدد كبير من المواطنيين السعوديين والاجانب يرشقون الحجارة المعدة سلفا على رؤوس الحجاج. توقف سير المسيرة وإنقطعت الهتافات بسبب قطع مكبرات الصوت, وهنا بدأت المسيرة تتراجع الى الخلف, وكان اخر المشاركين في المسيرة لا يعلمون ماذا يحدث في مقدمتها ويتابعون سيرهم. بعد لحظات قليلة بدأنا نسمع اصوات الرصاص الحي وبما اننا كنا نسير متشابكي الايدي سألني المرحوم الحاج ابو علي عيسى الذي وافته المنية العام الماضي 2015 ” هل الرصاص حي ؟ ” : ” قلت له عندما تصيبنا رصاصة نعلم بذلك “. صعد عدد من الحجاج الشباب الذين كانوا قربين جدا من الجسر الى الاعلى وإشتبكوا بالايادي مع رجال الامن الذين كانوا يرمون الحجارة على رؤوس الحجاج. هنا حصلت الكارثة فكل من اصابه حجر برأسه يسقط ارضاً ولم يستطيع النهوض بسبب إندفاع الحجاج المتظاهرين من كل صوب وناحية. في هذه الاثناء إشتد الحصار على المسيرة. مقدمة المسيرة تتراجع الى الوراء بسبب دفع المتظاهرين عنوة بواسطة القوات الامنية المرتزقة الذين إستخدموا كل وسائل القمع من الرصاص الحي والهراوات. المسيرة من الخلف يدفعها الامن السعودي الارهابي الى الامام مستخدما خراطيم المياه الساخنة. وكان هناك مواطنون سعوديون ومن جنسيات مختلفة يقومون برمي الحجارة على الحجاج من موقف للسيارات من الجهة اليسرى بشكل عنيف, وهذا دليل على الاعداد المسبق للاعتداء على المتظاهرين الامنين, إضافة الى رمي الحجارة من اعلى اسطح البنايات التي كانت كذلك جاهزة وحاضرة ومعدة مسبقاً في ذلك المكان المحدد لارتكاب تلك المجزرة الرهيبة.
فأصبحت وسائل القتل تنهال على المتظاهرين من كل جانب وناحية. حجارة من اعلى الجسر ,حجارة من مواقف السيارات, حجارة من اعلى اسطح البنايات, الرصاص الحي, خراطيم المياه القوية التي تدفع الحجاج دفعاً قوياً, الهراوات, والقنابل المسيلة للدموع, الحصار من كل جانب, حتى اصبحنا وسط دائرة ضيقة نلتف حول بعضنا البعض ويسقط ضعيف البنية وكبير السن أرضاً مسلماً نفسه للشهادة.
اصبحت في وسط دائرة متدافعة تشكل اشد قوة من محاولة التدافع للوصول الى الحجر الاسود في الكعبة المشرفة مع ثلاثة حجاج من الاخوة القادمين من استراليا, ومن شدة الحر والعطش والتدافع وعدم التمكن من الخروج من المسيرة بسبب الحصار إستسلمت للشهادة, وكدت ان اسقط ارضا بسبب ضيق التنفس فرفعني احد الاخوة وانقذني لانه بمجرد ان يسقط اي حاج على الارض يصبح في عداد الشهداء, بعدها بدقائق وأنا أصارع الموت رأيت فسحة في الشارع ظننت انني استطيع إستنشاق الهواء فيها, تقدمت الى الشارع بقواي الخائرة وبدلاً من استنشاق الهواء الطلق إستنشقت الغاز السام المنبعث من القنابل المسيلة للدموع التي لم اتعرض اليها مرة في حياتي من قبل حتى اجهل محتوياتها وتأثيرها, وبما انني كنت اعاني من ضيق التنفس ” الربو ” في تلك السنين أغمي علىّ وسقطت في وسط الشارع . في تلك اللحظة المؤثرة ” ظننت بانها الشهادة وكم كانت لحظة شعرت فيها بسعادة الفوز بالشهادة والرضوان, واخر صورة تذكرتها قبل الاغماء عليّ كلياً هي صورة عائلتي واطفالي الاربعة علي وفاطمة محمد وزهراء “.
لا اعلم كم كانت المدة التي كنت فيها فاقداً للوعي, ولكني بدأت اشعر بأن الحياة قد عادت الي من جديد إبتداء من رأس اصابع ارجلي الى بقية جسدي ” هنا سألت نفسي بين الوعي واللا وعي , كيف عدت حياً وقد رزقني الله الشهادة قبل قليل ؟ “, فتحت عيناي فلم ارى حولي الا حجاجاً مثلي مرميين على الارض لا حول ولا قوة لهم, هممت ان ارفع رأسي وإذا برجل امن مجرم يضربني على كتفي بهراوة لاعود مستلقياً على الارض من جديد, وكان كل من يريد ان ينهض عن الارض يتم ضربه على راسه او كتفه. كاد العطش ان يقتلني, باللحظة التي شعرت بها بالعطش الشديد تذكرت عطش الامام الحسين عليه السلام في كربلاء وعطش اولاده واصحابه, وفعلا كانت الساحة تشبه ساحة ومعركة كربلاء لكن من دون مقاومة, وبينما كنت مرمياً على الارض شاهدت احد الحجاج الايرانيين وبيده قنينة من الماء يبلل بها عطش المرميين على الارض برغم الضرب على راسه لم يسقط ولم ينهار, ناديته لاقول له إني عطشان فلم يسمعني ثم عاودت الكرة وكنت اعرف كلمة “ماء” بالفارسية فناديته بصوت خافت وكان قد إقترب مني ” آب آب “, انتبه اليّ تقدم مني واسقاني قليلا من الماء وفرك على شفتاي رغم عدم توقف رجال الامن عن ضربه على كتفيه وراسه. هذا المشهد لذلك الحاج الايراني لن انساه طيلة حياتي ولم اجد له تفسيرا لحد الان.
بعد لحظات شاهدت سيارة اسعاف تسير بسرعة مندفعة نحونا ثم توقفت على بعد عشرات السنتيمترات من راسي, ترجل منها شخصان بسرعة واصعدوني بالسيارة مع 5 اخرين من المصابين المتواجدين حولي, ولم اعد استوعب ما يدور حولي , وكنت أسأل نفسي ” لماذا يقتلوننا ثم ينقذوننا ؟ ” وكانت المفاجأة ان رجال الامن السعودي بدأوا بضرب سيارة الاسعاف بالهراوات لمنعها من متابعة المسير. إنطلقت سيارة الاسعاف بسرعة هائلة بعد إصعادنا اليها بحيث سمعنا صوتاً قوياً عند صدمها لرجلين من الامن السعودي حاولا منعها من الوصول الى المستشفى. خلال مسيرها بسرعة جنونية كادت ان تصطدم بالاشارة الضوئية لانها كانت ملاحقة من قبل سيارات رجال الامن السعودي, في هذه الاثناء سمعنا السائق والمعاون معه يهتفون نداء ” يا مهدي ادركنا ” عندها ادركنا ان سيارة الاسعاف تابعة لبعثة الحج الايراني ودخل الاطمئنان الى قلوبنا. وصلت سيارة الاسعاف وتوقفت امام مبنى قد تم اعداده كمستشفى ميداني للحجاج الايرانيين. هناك كانت الصدمة الكبرى, اخرجونا من سيارة الاسعاف وادخلونا المستشفى. هناك شاهدت هول المجزرة من خلال مشاهدتي لعدد كبير من الشهداء والجرحى, والدماء تملأ المكان , وكانت إصابتي طفيفة جداً مقارنة مع إصابة الاخرين. بعد خضوعي لعلاج سريع اخذني احد الحجاج العراقيين المتطوعين الى مكان اقامته قدم لي ثياباً نظيفة لان الدماء كانت قد ملأت ثيابي ومن ثم رافقني الى مكان إقامتنا في العزيزية وكانت الساعة تشرف على الثانية ليلا. حين وصلت الى المبنى اخذني المرحوم والدي بالاحضان واستقبلني بالدموع وكذلك الوالدة اللذان كانا يرافقاني كانوا في اداء فريضة الحج وينتظران عودتي سالما بفارغ الصبر بعد ان وردت الانباء عن إستشهاد عدد كبير من الحجاج الايرانيين وغير الايرانيين, ثم بعدها بنصف ساعة عاد بقية الاخوة سالمين ما عدى المرحوم الحاج يحيي الذي أصيب في راسه ورفضت المستشفى السعودية علاجه ولكن عندما قال لهم بأنه يحمل جواز سفر استرالي تم علاجه وأغلق جرحه المفتوح.
المواجهة الاخيرة بعد المجزرة :
بعد ايام من المجزرة طُلب مني ان اشارك في لقاء تلفزيوني حول ما حدث معي كشاهد عيان على تلك المجزرة الرهبية الاجرامية, المقابلة كانت في مبنى البعثة الايرانية والتي كانت محاطة بالمخابرات السعودية,. ذهبت مع الصديق والاخ الدكتور العراقي أذر الحساني كونه يعرف الطرقات والمباني, صعدنا الى المبنى واجريت المقابلة. بعد الانتهاء من المقابلة تمة دعوتنا الى تناول العشاء في الطابق الاعلى, تناولنا العشاء مع مندوب الامام وعدد من الشخصيات الاسلامية القيادية من العالم الاسلامي منهم الشهيد السعيد سيد شهداء المقاومة الاسلامية السيد عباس الموسوي. بعد تناول العشاء خرجنا من المبنى وكان الدكتور اذر الحساني ملثماً كونه كان معارضاً لنظام صدام المقبور, عندها فوجئنا برجال الامن السعودي بلباس مدني يلاحقوننا سيرا على الاقدام في محاولة لالقاء القبض علينا. ركضنا وركضوا خلفنا ولكن أفلحنا بالافلات من بطشهم وكيدهم .
السياسة السعودية وإرتباطها بالمصالح الغربية الصهيونية.
بعد كتابة وتوثيق ما تذكرناه عن تلك المجزرة الرهيبة لا بد من الاشارة الى ان هذا النظام السعودي المجرم، لا يخفي انزعاجه باستمرار، وفي كل عام، قبل موسم الحج وأثناءه، من هذه المظاهر الجديدة الواعية، التي طبعت مسلكية الحجيج، وأخرجت عبادة الحج، بعد أن بقيت محنّطة قروناً متطاولة، إلى واقع حياة الأمة النابضة الحية المتحركة.
ولا غرابة في أن ينزعجوا ويتململوا، شأنهم في ذلك، شأن أي إنسان حاقد مريض مهزوز، قد يدفعه حقده ومرضه واهتزاز الرؤية عنده، إلى أن يهب كالمسعور ليحطم ذلك الوتر، الذي عزف لحناً يتنافى مع ما ألفته أذناه من لحن، يستجيش فيه دائماً رائحة الطين وغرائز الحيوان، وليطفئ ذلك النور، الذي أضاء ما حوله، فكشف له عن مستنقعات آسنةٍ يعيش فيها حشرةً تغتذي على العفن، ولا تألف إلا الظلام !!!
ولقد كان هذا النظام الفاسد المهترئ، يتذرع بمختلف الذرائع، للتصدي لمثل هذه المظاهر المباركة، وفي مواجهة ذرائعه تلك، ما كان يزعمه من أن ذلك ـ وخاصة مسيرات الوحدة والبراءة من المشركين وأذنابهم ـ يهدد أمن حجاج بيت الله!؟
علماً، بأن هذه المسيرات ـ كما كان جلياً واضحاً لكل ذي لبٍّ أو ألقى السمع وهو شهيد ـ كانت تتسم بدرجة عالية جداً من الانضباط والتنظيم، بشكل يجعلها في مصاف المظاهر الحضارية الراقية، نتيجة مناقبية رسالية يتمتع بها الحجاج أنفسهم، وسهر المشرفين عليها والمخططين لها، وهم من العلماء الربانيين، يساعدهم في ذلك خبراء في هندسة وإخراج هذه المسيرات وهم من الحجاج أنفسهم.
قرار قمع وإرتكاب المجزرة كان امرا ومصلحة مشتركة بين الادارة الامريكية ربيبة الكيان الصهيوني والكيان السعودي لمنع تكرار هذه المسيرة التي الفت بين قلوب المسلمين ووحدة مسيرتهم السياسية التي تضر في مصلحة الكيان الصهيوني.
وما مجزرة منى التي حصلت العام الماضي إلا إستكمالا للمجزرة التي حصلت عام 1987 وأن إختلفت الظروف والاسباب والمعطيات, فإذا كانت مجزرة عام 1987 هدفها منع إقامة مسيرة البراءة من المشركين وضرب الوحدة الاسلامية, فمجزرة منى عام 2015 هدفها منع وصد الحجاج الايرانيين عن اداء فريضة الحج بل منع وصد شيعة العالم من اداء فريضة الحج الابراهيمي بسبب الممارسات القمعية بحقهم, كما انها تهدف لمنع جميع المسلمين في العالم من التفكير بأداء فريضة الحج بأستثناء الوهابيين السلفيين.
وفي أخر واخطر إجراء سعودي ضد الحجاج من كافة انحاء العالم هو إستحداث السوار ( سونار ) وفرضه على كافة الحجاج لحمله في معصم اليد والذي يحمل البيانات الشخصية لحاملها وتحديد موقعه الجغرافي عبر الاقمار الاصطناعية ( جي بي اس ), الشركة التي صنعت هذه الاساور هي شركة إسرائيلية صهيونية بأستطاعتها التجسس وملاحقة ومتابعة اي حاج او معتمر, ويمكنها نقل البيانات الشخصية للحاج الى دوائر الاستخبارات الصهيونية والعالمية .
فكما كانت مجزرة عام 1987 مدبرة ومفتعلة, هكذا كانت مجزرة منى مدبرة ومفتعلة وقد كتبنا مقالا مفصلا عن تلك المجزرة بعنوان ” تدافع منى تغطية لعملية امنية سعودية اسرائيلية ضد ايران “, وبعد كتابة هذا المقال وإنتشاره وردتني معلومات خاصة ومؤكدة بأن الشهيد السعيد غضنفر ركن ابادي كان تحت المراقبة المشددة منذ دخوله الاراضي الحجازية, ووسائل المراقبة هذه كانت من احدث الصناعات التجسسية الاسرائيلية المرتبطة بالاقمار الصناعية وكان الشهيد من ابرز المستهدفين في هذه المجزرة.
الحرمين الشريفين تحت الاحتلال.
لا يمكن ان يبقى الحرمين الشريفين رهينتين تحت سلطة نظام مجرم لا يعير اهمية ولا احتراماً ولا وقاراً لحرمة الحرمين الشرفين ولا لسلامة وامن الحجاج والزوار, وبما ان الحرمين الشريفين يخصان جميع المسلمين في العالم فيجب ان يكونا تحت إشراف وإدارة العالم الاسلامي اجمع من خلال تشكيل هيئة إسلامية عالمية عليا لها سلطة على إدارة شؤون الحج والعمرة تشبه الى حد ما إدارة الفاتيكان المستقلة, لان السلطات الحاكمة في السعودية أثبتت فشلها على مدار السنين التي تسلطت بها على الحرمين الشريفين في إدارة شؤون الحجاج والزوار, لانه بالرغم من العدد السنوي المحدود المسموح له بأداء فريضة الحج لا تخلو سنة إلا وتحدث كارثة بحق الحجاج سواء كانت عرضية او مدبرة.
وقد بدأنا نشاهد ونتحسس التذمر والاشمثزاز في العالم الاسلامي من إدارة هذا النظام السعودي لشؤون الحج, وهناك شواهد ومقالات عديدة يكتبها كتاب وباحثون في العالم الاسلامي في هذا الشأن.
الوهابية ليست من اهل السنة والجماعة.
الحدث الابرز الذي هز اركان النظام الوهابي السعودي مؤخرا هو المؤتمر الاسلامي العالمي في غروزني الشيشان تحت عنوان ” تعريف اهل السنة والجماعة ” بمشاركة كبار العلماء من الازهر الشريف والعالم الاسلامي والذي خرج بنتائج مهمة ابرزها ” الوهابية ليست من اهل السنة والجماعة” وما هو إلا مذهب مدمر للعالم الاسلامي. مذهب تكفيري يدعو الى القتل والارهاب, وهذا ما اثار حفيظة حكام وعلماء مملكة الشر والارهاب والتكفير السعودية فصبوا جام غضبهم على كل المشاركين في المؤتمر وكفروهم وحرضوا ضدهم مستخدمين كل وسائل إعلامهم الضال والمضل.
وما هذا المؤتمر ومقرراته إلا دليل على ما كانت تدعو إليه الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي شخصت منذ البداية علة إنشقاق المسلمين بسبب هذا النظام الطائفي التكفيري السعودي الذي ينشر فكره التكفيري الوهابي بالاموال المنهوبة من ثروات النفط وعائدات الاموال من موسم الحج, ولكن بسبب خصوصيتها المذهبية لم يتفاعل معها العالم الاسلامي مع أنها كانت تدعو الى مصلحة الامة الاسلامية العالمية جمعاء.
الارهاب والعدوان السعودي المتواصل على المسلمين .
لم تكتفِ هذه المملكة المجرمة بنشر الفكر الوهابي التكفيري الارهابي في العالم على مدى السنين الماضية باموالها الكبيرة واعلامها الضخم وحسب, بل مارست كل الارهاب والجرائم في السنوات الاخيرة بشكل مباشر وغير مباشر من خلال دعمها للجماعات الارهابية لممارسة القتل والارهاب والتفجير والانتحار في سوريا ولبنان والعراق واليمن والبحرين وحتى على الشعب الذي تدعي انه منها وفيها في المنطقة الشرقية من الحجاز, وفي كل مكان في العالم الاسلامي والغربي, والعدوان الارهابي المباشر غير المسبوق في تاريخ الحروب العالمية على الشعب اليمني الاعزل إلا من إرادة الصمود والتصدي لهذا العدوان بكل الامكانيات المتوفرة ولو بالصدور العارية.
لعنة العدوان على اليمن وشعبه الجبار, لحوم الاطفال المتناثرة بسبب قصف الطائرات السعودية الصهيونية, صرخات النساء والشيوخ والاطفال, اثار المستشفيات المدمرة المحروقة, مأذن المساجد المدمرة, الاعضاء المتناثرة من جثث الشهداء المقطعة الاواصل, صرخة الشهيد اية الله نمر باقر النمر , جراحات اية الله الشيخ زكزكي في نيجيريا, دعاء المظلومين في سجون البحرين, الاف الشهداء في سوريا ولبنان والعراق لعنة سوف تبقى تلاحق هذا النظام المجرم الارهابي لحين إسقاطه وزواله, هذا النظام الذي عبث ودمر العالم الاسلامي وشوه صورة الاسلام المحمدي الاصيل.

بانوراما الشرق الأوسط