تفجيرات الفجيرة! منّ الفاعّل؟ ومن المستفيد؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2449
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

فهد محمد الطاهر
 لنعلم منّ الفاعّل، يجب أنّ نرى من المستفيد- (Qui Bono?) وهو السؤال البديهي الأول لنجيب على سؤال ما الذي سيحدث؟ فالقرارات الإستراتيجية تحتاج لدوافع حسب نوعية هذه القرارات إنّ كانت أمنّية، عسكريّة أو إقتصاديّة، وذلك لحاجة تأطيرها سياسياً والعمّل عليها و وإشغالها ديبلوماسياً لتحقيق نتائج.
الحقيقة هي أنّه أتت تفجيرات ميناء “الفُجيّرة” بالإمارات، التي لم ينتج عنها أي ضحايا أو إصابات، فضلاً عنّ أنّ الحادث الذي إستهدف أربعة ناقلات نفط، لم ينتج عنه أي تسرّب نفطي. وذلك بعد ستة أيام منّ التفجيرات التي طالت ميناء “ينبُع” في السعودية الذي أتى (بدون ضحايا أو إصابات أو تسريب نفطي أيضاً).
يعني، وبالمنطق المجرد، لا يقوم أحد بعمّل معادي بهذا الحجم، بمردود صفري بالمعنى العسكري بناءً على النتائج. ومنّ كان قادراً على إختراق المياه الإماراتية، وعاقداً النية لإحداث أضرار، كانّ حري على الجهة المسؤولة أنّ تختار متفجرات منّ نوع المطلوب، و بالوزن المطلوب ووضعها بالمكان المطلوب (لإحداث ضرر) – ولكن ليس بهذه العبثية مطلقاً.
دائماً ما أكرر أنّ النظام الأمريكي هو نظام اجتراري غير قادر على التكيف، الإبتكار أو الإبداع في تحركاته، ولكن قيام النظام الأمريكي بهذا الاعتداء المُفتعّل الذي وصفته الخارجية الإماراتية (بالعمل التخريبي)، وإنّ أتى بوقت محموم سياسياً، لا يأتي بهذا الشكل والأسلوب الذي لا يفي لغرض التأطير السياسي لشن حرب. ولكن من الممكن استغلال هذا الإعتداء للإبتزاز السياسي، ولكن ليس للعمّل الحربي مطلقاً.
كما أنّه لا مصلحة لإيران من أنّ تكون صاحبة الطلقة الأولى هنا وتساعد التحالف بالتحشيد ضدها، وتخسر معركتها سياسياً قبل أنّ تبدأ المعركة عسكرياً.
كما أنّه من المستحيل أنّ يكون المقصود من هذه العملية “رفع أسعر النفط” عالمياً (بالشكل التقليدي)، فلو كان هذا الهدف المنشود، لتمّ الهجوم على الميناء نفسه وليس الهجوم على ناقلات النفط المصطفات بعمق البحر وقريبه منّ المياه الدولية، داخل المياة الإقليمية الإماراتية، وسأوضح عن كيف ستُرفع الأسعار لاحقاً بهذا المقال.
بحكم اختصاصي كطيار مدني سابق و متخصص بتأجير و تجارة الطائرات، قطاع النقل البحري قريب من مجال عملي – فاستطعت الحصول على بعض المعلومات من قواعد البيانات المتوفرة، وهي كالتالي:
بالنسبة للناقلة المُعّرفة بـ(مرزوقة) وحسب رقم ال (IMO) المنتشر بالإعلام وهو (9165762)، هي ليست ناقلة عملاقة (SuperTanker) بل ناقلة نفط عادية (Oil Tanker) منتظمة تقنياً تحت قواعد (Nippon Kaiji Kyokai) أو (NK Class) مصنوعة عام 1999 وهي ملك “لشركة بِحار” السعودية ولها فرع “بالجميرة”، ومن المهم أنّ نذكر أنه حسب منظومة التصنيف الخاضعة لها الناقلة، أنّها قد اجتازت عمرها الإفتراضي من عشر سنوات.
بالنسبة للناقلة المُعّرفة بـ(ميراج) وحسب رقم ال (IMO) المنتشر بالإعلام وهو (9394741)، هي ليست ناقلة عملاقة (SuperTanker) بل ناقلة نفط عادية (Oil Tanker) منتظمة تقنياً تحت قواعد (Bureau Veritas) مصنوعة عام 2007 وهي ملك “لشركة بِحار” السعودية أيضاً ومن المهم أنّ نذكر أنّها تُبحر تحت علم جمهورية الدومينيك من الثالث عشر من تشرين ثاني من العام 2018 حسب قاعدة البيانات، فقانونياً تُعتبر ناقلة دومينيكانية.
الـ (International Maritime Number – IMO)، هو رقم لا يتكرر ويُعطى من قِبل المُنظمة البحرية الدولية. وبعد بحثي في كل قواعد البيانات المتوفرة لأكثر من 500 ألف سفينة لم أجد للأرقام الأخرى أي وجود وهي ناقلة “المجد” (9773800)، و ناقلة “الإمجال” (91477674) وناقلة “خامسة10” (94320704).
أتمنى على إعلام المقاومة التحري الجيد قبل نشر أي خبر فهذا الخطأ الكبير الثاني خلال أسبوع فقط. الناس غير متخصصة، كما أنها لا تهتم لهذه الأرقام مطلقاً، وهي لا تُضفى على الخبّر أي شيء يُذكر تماماً كموقف الإعلان عن إسم حاملة الطائرات الأمريكية التي تم تصويرها من قبل الحرس الثوري الإيراني و إستطاع النظام الأمريكي تكذيب الخبر بإستخدام الإسم المُعلن.
وأنا أكتب هذا المقال، ظهر خبر عن نية شركات التأمين رفع قيم البوليصات بسبب هذا الحادث. وهو أمر غير مستغرب، فهذا الحادث كل أبعاده اقتصادية بحته. فالسفن التي تمر من مضيق “باب المندب” لها تأمين مرتفع بسبب وجود القراصنة و لأن مضيق “هرمز” إنضم للقائمة. هناك بنود نُسمّيها بالعقود بالـ (Force majeure) أو (Act of God) لا تشملها تعويضات التأمين كما أنّ التأمين على “التواجد بمكان معرّف كمنطقة حربية من الأمم المتحدة” لها إضافة خاصة بعقد منفصل، إلا إذا كانت خطوط الرحلات تشملها منذ البداية حسب خطة العمليات التي بموجبها يُكتب عقد التأمين وتحدد قيمة الأجار والتفاصيل الأخرى.
كما أنّ رفع قيمة بوالص التأمين، سيرفع أجور رحلات النقل العارضة (Charter) سواءً كانت نفطاً أو بضائع عادية وبهذا مصلحة مباشرة لشركات التأمين و أصحاب الناقلات البحرية في وقت يستعد السوق به لتنفيذ قرارات خفض استخدام “الكبريت” في وقود السفن إلى .50% من 3.50% سابقاً، في بداية العام 2020 وهذا القرار سيرفع من فاتورة وقود السفن، الأمر الذي سيزيد من أجور النقل الذي بدوره سيتم تجييره إلى حساب المشتري الأمر الذي سيرفع من ثمن برميل النفط أو نقل البضائع بالمحصلة و الصين هي الخاسر الأكبر هنا.
ختاماً: أتفق مع الإمارات أنه عمل تخريبي، ولكن لا يوجد منطقياً ما يقنع بأن هذا العمل تم عن طريق طرف معادي يريد الضرر. ولعل الأيام القادمة ستأكد هذا الأمر.
ناشط يساري فلسطيني