«هآرتس»: الشيء المفقود في مدينة الأحلام السعودية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2630
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 قد تكون أحلام كردستان وكتالونيا في الاستقلال في مهب الريح، لكن شبه دولة نيوم ذات السيادة على وشك أن تصبح جزءا حقيقيا من المملكة العربية السعودية.
وبطبيعة الحال، لم تكن تماما هذه هي الصورة التي قدم بها ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان»، خططه الطموحة، والتي كشف النقاب عنها الثلاثاء الماضي.
ووفقا للمواد الرسمية، فستكون نيوم مركزا عالميا للتكنولوجيا الفائقة والترفيه، على الأراضي الصحراوية المقفرة شمال غرب المملكة. ومن المقرر أن يسكنها المستثمرون ورجال الأعمال والمديرون التنفيذيون.
وتقول ورقة تقديم المدينة: «من المخطط لنيوم ​​أن تكون في وضع يمكنها أن تصبح مجتمعا طموحا يبشر بمستقبل الحضارة الإنسانية، من خلال توفير نمط حياة مثالية لسكانها عبر المجتمع القائم على العمارة الحديثة والمساحات الخضراء ونوعية مميزة من الحياة والسلامة والتكنولوجيا، مع توفيرها لفرص اقتصادية ممتازة».
ولكن من خلال قراءة ما بين السطور، ترى خطوط عريضة لشبه دولة تتشكل.

بلا قيود
جغرافيا، لن تكون نيوم كبيرة فقط، ولكنها ستكون عملاقة بالتأكيد، من خلال معايير المناطق الحرة الاقتصادية. وسوف تغطي 26 كيلومتر مربع، وهي مساحة أكبر من مساحة (إسرائيل) بـ 20%.
ومن الناحية الاقتصادية، من المقرر أن تحقق نیوم ناتجا محليا إجماليا يبلغ 100 مليار دولار سنويا، بحلول عام 2033. وبمعاييرعام 2016، فإن من شأن ذلك أن يجعل ترتيب نيوم وحدها رقم 59 على العالم من حيث حجم الاقتصاد، أو مثل حجم اقتصاد دولة المغرب.
وقد يصل نصيب الفرد فيها من الناتج المحلي الإجمالي السخي إلى 70 ألف دولار، إذا ما افترضنا عدد سكان يزيد عن 1.4 مليون نسمة، في حجم بلد صغير.
وعلاوة على ذلك، فإن نيوم، قانونيا، ستكون «منطقة خاصة مستقلة»، مما يعني أنه سيكون لديها نظام قضائي خاص، وأنظمة وتشريعات خاصة بها (على الرغم من أن المملكة سيكون لها سيطرة على السياسة الخارجية والدفاع).
ومن الناحية الاجتماعية والثقافية، يبدو أن نيوم ستتجاهل القواعد الإسلامية السعودية الصارمة. وفي النسخة السعودية من «نيوسبيك»، أعلنت الصحيفة أن «المعايير الاجتماعية في نيوم ستتبنى الممارسات الرائدة لتحسين معايير الحياة لسكانها وزوارها».
والرجل وراء هذه المبادرة هو الأمير «محمد بن سلمان». فلماذا يفعل مثل هذا الشيء؟

عقبة واحدة
نفهم أن نيوم هي أحدث مبادرة من قبل الأمير لفك اعتماد المملكة على النفط. وهو يقوم بإصلاح القواعد والأنظمة لتشجيع السعوديين على العمل في القطاع الخاص وبدء الأعمال التجارية. ويعتزم طرح أسهم في شركة النفط العملاقة «أرامكو»، وخفض الدعم، وتقليص الميزانية الحكومية المتضخمة. كما أنهى مؤخرا الحظر السائد في البلاد على قيادة المرأة.
وتعتبر خطط «بن سلمان» منطقية، لكنها تعد مخاطرة. فهي تهدد العلاقة التكافلية بين العائلة المالكة والسعوديين، الذين تعودوا على الاقتصاد الريعي، ويجبرون الآن على قبول تقلبات النظام الرأسمالي والاضطرابات الاجتماعية، التي قد تنشأ عن مجتمع أكثر حرية وأكثر ليبرالية.
وللمساعدة في تخفيف تلك المخاطر، تهدف نيوم إلى إنشاء وجه جديد للمملكة، إلى جانب الوجه القديم. ولكن يواجه الأمير مشكلة أساسية في ذلك.
فليس هناك طريقة لأن يسكن نيوم السعوديون فقط.
وحتى بعد عقود من الإنفاق على التعليم والبنية التحتية، تفتقر المملكة إلى المهارات والقدرات الإبداعية لتطوير هذا النوع من القطاعات التي تطمح إليها نيوم، مثل التكنولوجيا الحيوية، والتصنيع المتقدم، أو حتى الترفيه على مستوى عالمي.
وفقط 26% من السعوديين، الذين تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 34 عام حصلوا على تعليم عال، وهذا أقل بكثير من المتوسط في البلدان المتقدمة، والذي يصل إلى 42%. وما يقرب من ثلث السعوديين لم ينهوا من الدراسة الثانوية. ويحصل الطلبة السعوديون على أدنى الدرجات في امتحانات القبول الدولية.
والطريقة الوحيدة التي قد تنجح بها نيوم هي أن تكون مأهولة بالوافدين، وهم لن يقبلوا القدوم إليها إذا لم يتمكنوا من العيش بأسلوب غربي، مع إتاحة أماكن الترفيه والكحول، مع عدم وجود شرطة دينية تطبق الأخلاق الرسمية.
وتبدو نيوم وكأنها ستكون دبي كبيرة. وقد نمت دول الخليج من خلال مزيج من المناطق الاقتصادية الحرة والسياحة الفاخرة، والتنمية العقارية الفخمة، والمعالم السياحية، مثل منحدر التزلج العملاق وأطول برج في العالم. ونيوم، على ما يبدو، تهدف إلى تقليد ذلك، مع إضافة لمحة من وادي السيليكون إلى هذا المزيج.
والمشكلة هي أن دبي تعمل لأنها مأهولة من قبل المغتربين، حيث يشكل السكان المحليون 15% فقط من السكان. وهكذا، إذا كانت نيوم لديها نفس النوع من المزيج السكاني كدبي، فإننا نتحدث عن وطن لـ 200 ألف سعودي، وهذا يعني أنها لن تستطيع استيعاب ما يقدر بـ 5 ملايين شاب سعودي يتطلعون لدخول القوى العاملة في العقد القادم، وهي نسبة أقل بكثير من تلك التي يجري اقتطاعها من القطاع العام.
لكن لكي نعطي الأمير حقه، فهو يعلم أن المملكة، كما هي الآن، غير مستدامة اقتصاديا، ولديه الدافع والشجاعة لرسم مسار جديد. وذلك من خلال خلق شبه دولة من نيوم، حيث قال إنه يأمل في جلب القرن الـ 21 إلى ركن بعيد من البلاد دون إزعاج القلب. ولكن، حتى لو فعل ذلك، فلن تقدم نيوم الكثير لحل مشاكل المملكة.

المصدر | ديفيد روزنبيرغ - هآرتس