كيف بدأ الصراع في سويا واليمن وعلى يد من سينتهي ، ومن سيمثّل المحور السعودي في التوقيع على القبول بالهزيمة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2047
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عبدالكريم المدي
أعتقدت أميركيا (أوباما) أنها ستضرب عصفورين بحجرحينما عمدت على النأي بنفسها من منطقة التوترات والنزاعات الملتهبة في الشام والجزيرة العربية وتحديدا في سوريا والعراق،سامحة للدّب الروسي بالتوغل أكثر حتى وصل الأمر لمشاركته العسكرية المباشرة في سوريا التي ظنت واشنطن أنها ستكون عبارة عن فخ وبؤرة إستنزاف له سينكسر فيها كما سبق وأن كُسِر في أفغانستان وفي الأخير يُغادرمحملا بخسائركبيرة ومعنويات محطّمة، وهذا هو العصفورالأول الذي رمته حجر أوباما وأخطأت الهدف طبعا.
أما العصفور الثاني ،فقد تمثّل بتأديب السعوديين وكسب ودّ الإيرانيين إلى حد ما وإيجاد مساحة للثقة بينهما من خلال السماح لطهران وموسكو بالتحرّك والعمل بأريحية كاملة في الملعبين (السوري و(العراقي ) ،وإلى حد ما هناك من يضف لهما الملعب اليمني عللا ذلك بسيطرة جماعة أنصار الله على الحكم دون أن يكون لواشنطن أي إعتراض أوموقف جاد، بل على العكس يعتقد البعض أن أميركا لعبت على التناقضات من خلال إعطاء الضوء الأخضر للسعودية ومدها بالسلاح والغطاء القانوني والتستر على الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين والبنى التحتية، من باب تعويضها ومراضاتها بعد التوقيع على الاتفاقية النووية مع خصمها الإيراني ،وكذا عن نفوذ الأخير في العراق وسوريا، وفي نفس الوقت غضت الطرف عمّن يعتقدونهم حلفاءإيران في اليمن عندما سيطروا على العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات ،هذا إذا سلمنا جدلا أن هناك علاقة وتحالفا ما بينهم وبين إيران .
المهم مرّت السنوات وتراجعت المعارضة في معظم المناطق السورية وكُلِّلت مؤخرا بخسارتها أهم المدن( حلب) ولم تجدِ نفعاعودة تنظيم الدولة الإسلامية لمدينة تدمر في الوسط ولا سيطرة الجيشين الحر والتركي على مدينة الباب التي تبعد عن حلب فقط (38) كيلومتر.
وهكذا خسرت تركيا ومعها السعودية وحلفاؤها معظم المعارك في المنطقة تقريبا ، حتى في اليمن التي لم يتلق فيها( صالح – الحوثي) أي دعم ملموس، إلا إذا كان من قبيل الدعم الإعلامي وخُطب يوم الجمعة في ساحات ومساجد طهران وقم، اضافة لخطب السيد/حسن نصرالله المناسباتية ما بين فينة وأخرى.
إذا صح لنا القول إنه لا يستبعد وجود إتفاق ضمني بين (بوتين – ترامب) لرسم ملامح المرحلة المقبلة والتعجيل بإنهاء المعركة في سوريا والشروع في بلورة خطة سريعة لاغلاق الملف عنوانها جولة مفاوضات بين المتحاربين ، قد تكون شروطها مطروحة من طرف واحد،هو الطرف الروسي الذي أعلنها مؤخرا من اليابان ،عندما كشف بوتين عن فحوى الخطة التي تتوسط فيها تركيا بين الأسد والمعارضة لعقد جولة مشاورات قد تكون مسك الختام في أوزباكستان مع إعلان شامل ونهائي لوقف اطلاق النار.
ولا شك أن اليمن ستدخل ضمن الترتيبات القادمة ، لكن ما نخشاه هو أن يكون تقسم البلد موضوعا على أجندة اللاعبين الرئيسيين خاصة وأن هناك ممارسات تدفع في هذا الإتجاه وعلى وجه التحديد في الجنوب اليمني،الذي تتواصل فيه سياسات تهجير المواطنيين اليمنيين الشماليين وإنهاء كل ما له صلة بشيء اسمه وحدة وطنية، بدليل أنه لا يستطيع أي مسؤل أو وزير ينتمي للشمال البقاء في عدن ليوم واحد.
على كل، يُلاحظ أن الروس يلعبون بطريقة ذكية،وصاروا هم أصحاب الكلمة الفصل في سوريا والعراق واليمن وحتى لدى الحكومة التركية التي كانت بالأمس القريب خصما لدودا لهم سبق وأن اسقطت طائرة حربية تابعة لموسكو في منطقة التماس مع سوريا.
ولاثبات تعاظم الدور الروسي،لايستبعد أن يكون توقيت تسريب مقطع الفديو للقاء الذي يقال أنه جرى في العام (2007) بين( بوتين ) والرئيس الفرنسي السابق( ساركوزي ) والذي قال فيه الأول للثاني :( سأحطمك ) أو سأجعلك ملكا لأوروبا،لا يستبعد أن يكون هذا من باب إيصال رسائل معينة من طرف القيصر الصغير فحواها أن بلاده استعادت أمجاد السوفيت إذا لم تكن قد فاقتها في بعض الأماكن قوة ونفوذا وقدرة على الفعل، لدرجة أن أقوى الدول الأوروبية كفرنسا مثلا صارت ضعيفة أمام رجل المخابرات السابق .
أما السناريو القادم ، فنعتقد أنه كالتالي :
سحق كامل للمعارضة في سوريا وتبني موسكو مفاوضات وفقا لشروط المنتصر، وفي منأى عن الغرب والجانب السني/ العربي /الإسلامي الذي ستمثله تركيا وبالكيفية التي يريدها بوتين ، ولعل أردوكان قد قبل بهذا الدور سيما بعد أن تعرض لمحاولة إنقلاب فاشلة بسبب الحرب السورية وتضرر أمنيا،حيث لم تتوقف التفجيرات الإرهابية في كبريات المدن التركية ،اضافة للنشاط الملحوظ للأكراد في الجنوب وخشية أنقرة من إتساع رقعتها ودخول روسيا وحلفائها على الخط ، وما يزيد من حجم الضغوط على الأتراك هو إبتعاد أميركا والغرب عنهم وعن المنطقة لعدة أسباب ،منها ما يتعلق بالإرهاب ومنها ما يتعلق بخشية أوروبا من سياسات ترامب المتقاربة مع بويتن وتعين الأول وزير خارجية يعتبر صديق بوتين الحميم ، اضف إلى ذلك مشاكل نزوح الملايين نحوأوروبا من مناطق النزاع المختلفة ،ناهيك عن الخلافات المتصاعدة بين أنقرة والاتحاد الأوربي الذي جمّد ملف المفاوضات الخاص بطلب الانضمام إليه .
وفيما يخص الوضع في اليمن في تصورنا أن السعودية وحلفاءها سيضاعفون من حملتهم الحربية العدوانية ، سيما بعد الذي جرى ويجري في سوريا والعراق ،أملا في إنهاء الأمر عسكريا أو على الأقل تضييق الخناق على الحلفاء المفترضين لروسيا وإيران في هذا البلد،وأغلب الظن انه لن يُكتب للرياض أي نجاح،وسينتهي الأمربإخفاق جديد ومضاعفة الخسائر في صفوف المدنيين اليمنيين وفي الأخير قد تأتي موسكو وتحدد مكان وزمان المفاوضات النهائية التي ستفرض رؤيتها للحل،ومن الواضح أن أميركا قد مهدت لهذا السيناريو من خلال إعلانها قبل أيام قليلة عن تعليق مبيعات الأسلحة للرياض إلى جانب الإعلان عن وضع عدد من القيادات اليمنيةالمهمة التي تقاتل إلى جانب التحالف السعودي في اليمن في قائمة الإرهاب ومنها محافظي الجوف والبيضاء.
كاتب يمني