مجلس التعاون الخليجي بعد 35 عاما على تأسيسه
د. كاظم ناصر
* عقد زعماء دول مجلس التعاون الخليجي مؤتمرهم السابع والثلاثين في المنامة عاصمة مملكة البحرين يومي 6 – 7 من هذا الشهر للتباحث في الشؤون والأحداث الجارية التي تهمّ دولهم والمنطقة . مؤتمرات حكام الخليج تتميز بوصولهم إلى مكان الاجتماع على طائرات خاصة عملاقة ، وبقاعات إجتماعات خيالية بفخامتها ، وحفلات بذخ تليق بمقام النفط ، ورقصات .. عرضة .. بسيوف ذهبيّة مرصّعة بالجواهر، ما عدى ذلك فإنها كبقية مؤتمرات القمة العربية .. بوس لحى .. ، وخطب رنّانة ، وجعجعة عالية النبرة بلا طحن ، وقرارت تتكلّم عن المصالح المشتركة ، والتآخى بين شعوب المنطقة ، والمصير المشترك ، وتهدّد وتتوعّد الأعداء بردود حاسمة ، وتظل حبرا على ورق لا قيمة لها على الاطلاق .
* هذه اللقاءات التي يكلّف كل منها عشرات الملايين من الدولارات ، لا تتخذ قرارات حاسمة ، ولا ينتج عنها شيئا مهما تستفيد منه الشعوب الخليجيّة . كل البيانات الختاميّة التي تصدرها ليست سوى .. مواضيع إنشاء .. الهدف منها الضحك على الشعوب وخداعها ، والاستمرار في تخديرها بإيهامها أن قادتها الأشاوس يعملون من أجلها وهم في الحقيقة يتآمرون عليها ليلا نهارا.
* لقد تم إعلان تأسيس مجلس التعاون الخليجي الذي يضم السعودية ، والكويت ، والامارات ، وعمان ، وقطر ، والبحرين في اجتماع قادة تلك الدول الذي عقد في أبو ظبي في 25 مايو عام 1981 . لقد كان من أهداف الاتحاد المعلنة عند تأسيسه التعاون الأمني والاقتصادي بين دوله ، وإ زالت الحواجز التي تعيق التنقّل والعمل والتجارة بين مواطنيه ، وإنشاء قوّة مشتركة ، ومواجهة الثورة الإسلامية الإيرانية ومنع وصولها لهذه الدول ، والتعامل مع الحرب العراقية الإيرانية والإنقسامات السياسية المزمنة في العالم العربي .
* لقد مضى على تأسيس مجلس التعاون الذي يبلغ عدد سكانه أقل من ثلاثين مليون نسمة خمسة وثلاثون عاما دخله خلالها … عشرات تريليونات الدولارات … من عائدات النفط تكفي لحل مشاكل الفقر وإقامة أكثر دول العالم تطوّرا صناعة وزراعة ليس في دوله فقط ، وانما في العالم العربي من محيطه إلى خليجه .
* وبالمقارنة مع دول الخليج ، فإن ألاتحاد الأوروبي الذي تأسس عام 1991 وحّد قارة في 25 سنة ، ويضمّ الآن 28 دولة أوروبية بعدد سكان يصل إلى حوالي 500 مليون مواطن على الرغم من الاختلافات في لغاتهم ودياناتهم وثقافاتهم ، واصبحت الهند والصين الدولتين الفقيرتين ، وبلا نفط ، ويسكنهما … ثلث سكان العالم …
500000000 مليون من الدول العظمى ولهما مكانتهما الدولية المميّزة ، وبعض الدول الخليجية ما زالت بلا نظام مجاري صحيّة ، ويعانى الكثير من مواطنيها من الفقر المدقع والبطالة .
* الدول المشتركة في المجلس قليلة الكثافة السكانية ، وغنية جدا بمواردها النفطية ، ومتجانسة في تركيبتها السياسيّة الوراثيّة ، ويربطها الموقع الجغرافي والحدود المشتركة ، وتتكّلم شعوبها نفس اللغة ، وتتبع نفس الدين ، وتتشابه عاداتها وتقاليدها ، وتحكمها عوائل وراثية لها تاريخها القبلي في المنطقة . وعلى الرغم من كل هذه المميزات لم يحقّق مجلس التعاون الخليجي شيئا مميزا استفادت منه الشعوب الخليجية والعربية .
* لقد فشلت دول الخليج في استخدام ثرواتها الهائلة في تطوير الصناعة والزراعة والتعليم والبنية التحتية ، وفشلت في ربط دول المجلس بشبكة مواصلات حديثة ، وفي توحيد المناهج الدراسية في مدارسها ، وفي إتباع سياسة عربية ودولية موحدة ، وفي حل خلافاتها السياسية والحدودية ، وفي إقامة سوق خليجية مشتركة تعزز التبادل الاقتصادي بينها ، وفي إقامة وتطوير قوة دفاعيّة يعتمد عليها لحمايتها ، وفي توحيد العملة الخليجية ، وفي فتح الحدود فتحا كاملا بين دولها ، وفي تحقيق الأمن الخليجي ، .. ولزيادة الطين بلّة .. كما يقولون فإنها أعادت القواعد الاستعمارية إلى المنطقة ، وتورّطت في حروب لا تخدمها ولا تخدم الأمة العربية .
* مجلس التعاون الخليجي مجلس فاشل لم يحقّق لشعوبه وللأمة العربية شيئا يذكر مقارنة بعشرات تريليونات الدولارات التي دخلت خزائن دوله وبعثرها حكامه بغباء منقطع النظير في خدمة الآخرين ، وفي تدمير الوطن العربي وقتل وتشريد الملايين من أبنائه ، وفي تقديم خدمات مجانيّة لأعداء الأمّة من إسرائيليين وأميركان وغيرهم .