ضرائب الخليج في ظل غياب التمثيل السياسي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1942
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ريم خليفة
تتجه دول الخليج العربية إلى توحيد الفواتير الإلكترونية مع العام 2018 وذلك تمهيداً لضريبتي القيمة المضافة والانتقائية. وتعرف “ضريبة القيمة المضافة” على أنها الضريبة التي تفرض على فارق سعر الكلفة وسعر البيع للمنتجات، وتعد من الضرائب غير المباشرة التي تفرض على جميع السلع والخدمات.
يأتي ذلك ضمن إجراءات يتم احتسابها بدقة عبر اتفاقية إطارية موحدة تتمحور في إيضاح شكل تلك الفواتير، وفق ما جاء في صحيفة “الاقتصادية” السعودية أمس (السبت). وإنهاء إجراءات الفواتير الإلكترونية تمهيداً لبدء تطبيق الضرائب محلياً في كل بلد خليجي، تنتظر حالياً ما سيؤول إليه اجتماع وزراء المالية بدول الخليج خلال الأسبوع الجاري الذي سيبحث توحيد الفواتير بين دول المنطقة والاتفاقية الإطارية الموحدة، ومن ثم البدء في التطبيق وفقاً لقرار الاجتماع وما يستجد.
الحديث عن فرض الضرائب في الخليج انطلق منذ العام 2005، وتعزز طرحه في البحرين في العامين (2008 – 2007). لكن العمل بذلك بدأ وكما يبدو عندما بدأت أسعار النفط تتغير ودخول دول الخليج في حروب بالمنطقة ورفع الدعم عن المحروقات واللحوم والكهرباء والماء كما حدث بدايةً مع البحرين وتوالت من بعدها دول الخليج الأخرى.
البحرين، كانت من أوائل دول الخليج التي بدأت بتفعيل ذلك كخطوة أولى مع موضوع الديزل ولاحقتها إجراءات أخرى وهي التي تمر بمرحلة اقتصادية وسياسية متذبذبة، تحتاج إلى أن تفكر بحلول بعيدة المدى وخلق حالة من التوازن. كما أن فكرة فرض الضرائب موجودة بحرينياً منذ فترة طويلة تحت مسمى “رسوم” وهي مفروضة على المواطن، والحكومة تحصل – بحسب مراقبين – على نحو 15 في المئة من دخلها من الرسوم المختلفة المفروضة على الخدمات التي توفرها للمواطن والشركات.
من الناحية المبدئية، فإنّ من حق الحكومات أن تحدد السياسة العامة للضرائب والدعم، ولكن هناك مبدأ مترابط مع هذا الموضوع الحساس، وهو المبدأ القائل: “لا ضرائب من دون تمثيل سياسي”. فالحكومات التي تفرض الضرائب تخضع نفسها أيضاً لعملية انتخابية تُعبِّر عن الإرادة الشعبية. أمّا في منطقتنا فيتم التعويض عن انعدام الانتخابات في هذا المجال بتوفير دعم مادي وخدمات مجانية، كنوع من المقايضة. ولكن حتى هذه الخدمات لن تكون بعد فترة قصيرة مجانية مثل الصحة والتعليم. وهو أمر لن يطبق في البحرين بل سيبدأ يسري على دول الخليج الأخرى بشكل تدريجي.
مهما يكن الأمر، فإن كل الدول من حقها أن تفرض ضرائب، ومن حقها أن تسحب أو تعيد توجيه الدعم، ولكن هذا كله يجب أن يكون من خلال هيئات منتخبة ومساءلة كما هو معمول به في الدول الديمقراطية، إذ تتوزع الثروات بصورة عادلة ويرتفع مستوى الدخل لدى المواطنين وبذلك يستطيعون دفع الضرائب بشفافية وحضارية.
وفي حال وقف الدعم وتوجيهه لمن يحتاجه فقط من فئات المجتمع وبدء الحديث عن الضرائب، فإن رعاية حقوق وأموال المواطن ستكون إحدى الأولويات التي ستثير مواطني دول هذه المنطقة بما فيه التأكد من أن المال الذي يؤخذ من الشعب يعود إلى الشعب مباشرة وأن تداول الثروة يمر عبر رقابة موثوقة.
البعض كان يقول في الماضي إن دول منطقة الخليج مستثناة من الممارسات والأعراف والقوانين التي تحكم باقي البشرية، على أساس أننا دول تعتمد على النفط، بدلاً من الضرائب.
ولكننا قريباً جداً سنتوجه إلى اقتصاد يقوم على الضرائب ورفع الدعم عن السلع، وهذا سيتطلب ترتيبات رديفة تنقل المجتمعات إلى دولة المؤسسات القائمة على الانتخاب والمساءلة الشعبية المباشرة، لأن الضرائب في أي بلد تفترض وجود سلطات تنفيذية وتشريعية منتخبة مع صلاحيات رقابية كاملة لممثلي المجتمع الذين يجب انتخابهم على أساس دوائر أو معادلة عادلة تمثل جميع الأفراد والجماعات على أساس المساواة في الكرامة الإنسانية والمساواة أمام القانون.
والغاية من كل ذلك هو أن رعاية أموال الشعب يجب أن تكون في من يختارهم الشعب مباشرة، وذلك للتأكد من أن المال الذي يؤخذ من الشعب يعود إليه مباشرة، وأن تداول الثروة يمر عبر رقابة موثوق بها تصب في صالح الوطن والمواطنين. وهذا هو مغزى المقولة الشهيرة: “لا ضرائب من دون تمثيل سياسي” وهو الشعار الذي رفعته شعوب العالم التي تحوّلت نحو الديمقراطية عندما فُرِضت عليها الضرائب.
كاتبة وإعلامية بحرينية