كيف فقدت أوبك سيطرتها على سوق الطاقة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2351
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد
قلل عدد من المحللين في السوق من أهمية اجتماع منظمة أوبك (منظمة البلدان المصدرة للبترول) في الجزائر في وقت لاحق من هذا الشهر بالقول بأنه لا داعي له. ويأتي الاجتماع على أمل أن تسعى كل من السعودية كعضو في أوبك، وروسيا من خارج أوبك، إلى تجميد الإنتاج. وقد كان كل منهما يقاتل من أجل حصة السوق في الصين، وتقدم السعودية على نحو غير عادي كميات كبيرة من الإنتاج في السوق الفورية مما يجعل العقود طويلة الأجل أكثر صعوبة في الحصول عليها من المشترين. وحاولت إيران والعراق والسعودية إضعاف بعضهم البعض للحصول على حصة في السوق في الهند على مدى الأشهر الستة الماضية. وبالنظر إلى سيناريو قتال أعضاء أوبك لبعضهم بعضا للحصول على حصة أكبر في السوق، يبدو من غير المحتمل أن يتم التوصل إلى اتفاق، على الرغم من تصاعد العجز المالي لدول مجلس التعاون الخليجي، والذي يمكن أن يصل إلى 900 مليار دولار بحلول عام 2021، خاصة أن الشائعات تشير إلى أن السعودية و دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى يعملون الآن قرب طاقتهم الإنتاجية الكاملة.
وقد أدى العرض الزائد في السوق إلى انخفاض الأسعار. وفي الوقت نفسه، يبحث المستثمرون والمحللون عن تعليق من وزير للنفط، أو أي مؤشر اقتصادي لتوقع الأسعار في المستقبل، مما يؤدي إلى مزيد من تقلب الأسعار. في حين ترسم أوبك صورة أن لديها اليد العليا في هذا الأمر.
في الحقيقة، فإن الواقع مختلف إلى حد ما. فقد أدى النمو السريع للإنتاج من خارج أوبك، وخاصة منذ عام 2013، إلى فقدان منتجي أوبك لحصتهم في السوق. كان إنتاج أوبك ثابتا نسبيا بين عامي 2013 و 2015، وبعد ذلك بدأ في الزيادة. وفي مواجهة تراجع أسعار النفط والعجز العام المتزايد، اختار المنتجون الرئيسيون في أوبك زيادة العرض، ولكن فشل الاستثمار في الطاقة الإنتاجية خلال السنوات الماضية قد أعطى لهم مجالا محدودا للقيام بذلك.
تاريخيا وبناء على طلب من القوى العظمى الغربية، أبقى أعضاء أوبك الأسعار مرتفعة نسبيا، مما سمح للسعودية لتكون بمثابة المنتج البديل للحفاظ على الأسعار. ومكن ارتفاع الأسعار المنتجين الآخرين من تطوير حقول النفط البحرية ذات التكلفة العالية في أماكن مثل بحر الشمال وخليج المكسيك والبرازيل، واستخراج أصناف غير تقليدية مثل القطران والرمل والصخر الزيتي. صارت التكلفة الحدية لبرميل واحد من النفط من العديد من هذه المصادر تنافسية الآن مع نفط أوبك، الذي صار يعاني أيضا من ارتفاع التكاليف. فحقول النفط القديمة إما تقترب من نهاية حياتها أو تتطلب التجديد والترقيات الكبيرة، وذلك بسبب نقص الاستثمارات في الصيانة والبنية التحتية. وعلاوة على ذلك، فإن نوعية النفط لدى العديد من منتجي أوبك ليست جيدة. وفي الوقت نفسه، تواجه الدول الأعضاء في أوبك طلبا متزايدا على الطاقة من سكانها المتزايدين، مما يحد من نطاق قدرتها على زيادة تصدير النفط والغاز.
لدى أعضاء أوبك هامش محدود للمناورة. وقد أعرب وزير الطاقة السعودي «خالد الفالح» عن رغبته في «إعادة التوازن بين العرض والطلب لدعم أسعار النفط»، لكنه ادعى أيضا أن السعودية لن تخفض الإنتاج، في الوقت الذي يعلم أنه سيتم فيه استبدال هذا الخفض بالزيادة من قبل منتج آخر. في الواقع، فإن التجميد يعني ضمنيا هزيمة ذاتية لأوبك، حيث يعني أن تفقد فقط المزيد من حصة السوق. وفي الوقت نفسه، فإن حضور إيران للاجتماع يعقد الأمور، بعد أن تضاعفت صادراتها من النفط هذا العام إلى 2.7 مليون برميل يوميا، ومع نيتها الوصول بحصة الإنتاج إلى مستويات ما قبل العقوبات. العراق على وشك أن يعود إلى الإنتاج من بعض حقوله الشمالية، و قد يعود إلى ذروة الإنتاج في شهر يناير/ كانون الثاني بمعدل 4.5 مليون برميل يوميا. وتأمل ليبيا في تعويض بعض من إنتاجها المفقود، لذلك فمن غير المرجح أننا سنشهد تجميدا لإنتاج أوبك. في الواقع، فإن أوبك في موقف ضعيف للتأثير على السوق للنفط.
وقد أدى النمو السريع في الإنتاج من خارج أوبك منذ عام 2013 إلى تقلص هيمنة المنظمة، ولكن هذا السيناريو بدأ فعليا في السبعينيات، عندما تفوق الإنتاج من خارج أوبك على إنتاج أوبك.
الولايات المتحدة هي الآن أكبر منتج للغاز، وثاني أكبر منتج للنفط في العالم. ويرجع ذلك إلى الارتفاع السريع في إنتاج النفط الخام والمنتجات النفطية المرتبطة به في الولايات المتحدة، بما يعادل زيادة قدرها ستة ملايين برميل يوميا منذ عام 2010، في حين زاد الطلب العالمي على النفط خلال نفس الفترة فقط بنسبة مماثلة. وفي الوقت نفسه، زاد إنتاج النفط لكل من كندا، الصين، روسيا وغيرهم من المنتجين من خارج أوبك بدرجة كبيرة. وأظهر التنقيب والبحث أن نظرية «ذروة النفط» كانت أسطورة، وأن احتياطي النفط في العالم والإمدادات التقليدية وغير التقليدية على حد سواء في تزايد. نمو المعروض لا يزال يفوق نمو الطلب، و فائض العرض في السوق يبلغ ما بين مليون ومليوني برميل يوميا، وهو فارق هامشي نسبة إلى الطلب الكلي البالغ 95 مليون برميل يوميا.
إن أي انخفاض مفاجئ في الإنتاج من قبل منتج واحد يؤثر بسرعة في السوق، ولكن القدرة على تعويضه باتت مرجحة من منتج من خارج أوبك أكثر من منتج آخر في أوبك.
اليوم ومن المرجح أن تتأثر الأسعار أكثر نتيجة تصرفات المنتجين الرئيسيين خارج أوبك في وقت يتقاتل فيه أعضاء أوبك فيما بينهم للحصول على حصة السوق بدلا من القيام بدور في تنظيم السوق. العامل الوحيد الذي يوحد الدول الأعضاء في أوبك، مع مصالحهم المختلفة، هو هدف مشترك واحد، وهو تعظيم الإيرادات على المدى القصير، لتعويض العجز المالي المتزايد بسرعة لديهم.
يدفع أعضاء أوبك الآن ثمن السعي الدائم لتعظيم الأرباح على المدى القصير من خلال إبقاء الأسعار مرتفعة وإهمال تخطيط الإنتاج. وعلى الرغم من تمتعهم بمزايا كبيرة في التكاليف، فقد عززت هذه السياسات التوسع السريع في إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك، وأدت إلى خسارة دول أوبك لمزيد من حصتها في السوق والسلطة.
ليس من المرجح أن يكون لاجتماع أوبك في الجزائر أي تأثير على أسعار النفط، ومن المرجح فقط أن يزيد من القلق لدى أعضائها بشأن العجز المتزايد في الميزانية. ربما كان ينبغي أن ينظر أكثر إلى النظريات الاقتصادية التقليدية بدلا من «نظرية الخداع الأكبر» الحديثة التي تشير إلى أن السعر لا يتحدد من القيمة الأساسية للسعلة، ولكن عن طريق المعتقدات غير العقلانية وتوقعات المشاركين في السوق.
المصدر | ناشيونال إنترست