هل سيكون اللواء “أنور عشقي” أول سفير للرياض إلى (تل أبيب)؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2110
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

علي الدربولي
القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى. هكذا ربانا المفكرون والساسة العرب، من غير الإشارة إلى حصر اعتمادها كذلك من قبل أصحاب دين أو مذهب ما من بين العرب. درج الأمر كذلك قبل قيام (إسرائيل) بعد أن خصها المستعمر البريطاني مؤيدا من قبل الغرب والشرق بذلك؟!
كانت الحمية العربية مندمجة بالحمية الإسلامية ابتداء، في التصدي للمحاولات المتسلسلة لتهويد الأراضي الفلسطينية منذ نهايات القرن التاسع عشر، إلى أن بلغ هذا الأمر ذروته في ظل الانتداب البريطاني بقصد تنفيذ وعد”بلفور” إذ كانت الثورة في فلسطين بملامح أغلبها إسلامية،من حيث الشخوص ، ومن حيث شرعية الجهاد ضد الأجنبي الغاصب..إلى أن انتشر الفكر القومي في بلاد الشام وتاليا في مصر، حتى صارت قضية تحرير فلسطين شعارا قوميا عربيا بامتياز. خاصة بعد تشبع كثير من المفكرين الأفكار القومية التي أول ما برزت ونهضت لتنتشر في العالم من أوروبا.
كانت الأفكار القومية تحظي بتأيد شعبي واسع في بلاد الشام،بعد ثورتي /8/شباط و/8/آذار لعام 1963 في العراق والشام، وثورة 1952 في مصر… وكانت ردات الفعل على العدوان الذي مارسه الغرب ضد البلاد العربية، ردات فعل شعبية تحركها المشاعر القومية بالدرجة الأولى، كردة الفعل على العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م، حيث كانت االتظاهرات الشعبية تعم كثيرا من البلاد العربية، ماعدا الأنظمة السياسية التي يحكمها منهجا إسلاميا كما في دول الخليح العربية، لحرمة ذلك من الناحية الشرعية؟ وعلى العموم دول الإمارت والممالك التي كانت على صلة وثيقة مع الغرب، الذي كان يوليها اهتمام الراعي، والمستثمر بنفس الوقت، الأمر الذي حقق مصلحة الحاكم هنالك وأرضاه، بغض النظر عن قضية خطيرة كقضية اغتصاب فلسطين من قبل الغرب، وزرع كيان إسرائيلي في أرضها، والذي أصبح من أهم سماته العدوان، بشتى الوسائل، على العرب بقصد إخافتهم وإلانة عريكتهم تطبيعا على الضعف والهوان تأكيدا على خط بذر بذرة نسيان القضية الفلسطينية أو شطبها من صميم الوعي الشعبي، فكان عدوان 1956م على مصر، وكانت حرب 1967م وكانت الحروب العاصفة على الفلسطينيين، كل ذلك في سبيل ترويض الحس القومي، وقد كان تاج ذلك تبريده في مصر، عبر مفاعيل “اتفاقية كامب ديفيد”إثر حرب 1973م، وكانت الخطط العدوانية القادرة على انتزاع القضية الفلسطينية من ضمير العرب عبر ملاحقة التنظيمات والمنظمات الثورية الفلسطينية المطالبة بتحرير كامل تراب فلسطين من البحر وحتى النهر..إلى أن نجحت(إسرائيل) بتهجير القوى الفلسطينية الوطنية بعيدا، عن أرض معركتها في وطنها، كما هي حقيقة ترحيلهم سياسيا وتنظيميا إلى “تونس، بعد أن تم دفعهم بالقوة، قبل ذلك، من “الأردن” إلى “لبنان”، ليبقى الفلسطينيون ككتلة شعبية حاضنة لثورتهم، ليسوا أكثر من مخيمات محاصرة نسبيا، في البلدان العربية التي استقروا فيها، إلى أن جاء ا(لربيع الأحمر العربي) حتى فكك لحمة أهم تجمعاتهم في سورية وقبل ذلك في “العراق” عندما تعرضوا إلى أشد الأذى والتهجير خلال فترة الإحتلال الأميركي للعراق في عام 2003م.ليبقى حالهم في “لبنان” ورقة تفجير أو تهجير، في انتظار اشتعال فتنة مبيتة نائمة؟ ربما سيكون للعامل اللبناني الأثر الكبير على ذلك…؟ بالرغم من وجود ضوابط ذات مرجعية في الداخل الفلسطيني،سواء كانت هي السلطة الفلسطينية، أو غيرها من المنظمات أوالحركات الفلسطينية.
أين الشعب العربي من كل ذلك؟
جاء (الربيع الأحمر العربي) ليقصم ظهر هذا الشعب ويحيله إلى شرائح تقتتل فيما بينها في ظل دول عمد إلى إفشالها وتفتيتها، بالرأي والفتنة والمال والقوة، حلفاء الغرب من العرب؟! وعبر جامعتهم تم استدعاء الغرب، العدو التاريخي للأحلام العربية في الوحدة ولم الشمل، وفي إحياء قوتهم من قلب التاريخ. ومما يثير الشبهات والأشجان، كان استدعاء الغرب ليكون الخصم والحكم في نفس الوقت؟ الذي عمل، كعادته، على تجيير نتائج كل الأحداث الدموية، بكل بشاعة أفعالها، لصالح أمن واستقرار وديمومة الوجود الإسرائيلي كدولة (يهودية) في فلسطين، سيما وأن الدول العربية المستهدفة بعينها هي التي كانت لها علاقات إشكالية مع الغرب، ومن بينها الدول التي حاربت (إسرائيل) وكانت بنفس الوقت أهدافا دائمة لها، وهي التي ما فتئت في حدود ما تستطيع، ظهيرا للقضية الفلسطينية…هنا وعند هذه النقطة اكتمل المشهد الذي استمر العمل عليه عقودا من الزمن، وهو الإطمئنان بدرجة كبيرة إلى إزاحة تهديد الوجود الإسرائيلي من ضمير الشعب العربي، القائم على الإيمان بعدالة القضية الفلسطينية، وتداعيات ذلك المؤثرة على شل عملية حشد القوى في مواجهة (إسرائيل) خصوصا وقد تمزقت ،شر ممزق، الحاضنة الشعبية للتيار القومي العربي، إفسادا بالفكر الديني المتطرف، أو (المعتدل) لا فرق، وبالمال، وبالإفتاء القائل: بأن الجنة صارت باليمين، مثلما “كانت حال صكوك الغفران” التي أصدرها في الماضي”بابوات روما” تشجيعا على الإنخراط في حروب الفرنجة ضد المسلمين.
أرضية اندفاع المملكة العربية السعودية باتجاه(إسرائيل):
ما تقدم هيأ الأرضية المناسبة لتطور العلاقة السعودية-الإسرائيلية بهذا الشكل، أهو صادم؟ نعم: من حيث استمرار القضية الفلسطينية حية لم تمت بعد، وطبيعة النظام السياسي السعودي ذي الهوية الإسلامية، ولا: من حيث جوهرية ارتباط المملكة العربية السعودية بالغرب ، “بريطانيا” مخترعة (إسرائيل) أولا، ثم “أميركا”، القابضة على عنق أرزاق المملكة، حكومة وشعبا، ومخترعة السلام الإسرائيلي مع العرب ثانيا.
إن شعور المملكة العربية السعودية بالتهديد الجدي الذي شكله حريق الربيع الأحمرالدموي، أيا كانت الأدوات والأهداف، على فرض أن (نخوة) التحرك سوف تنتقل بالعدوى إلى ربوع المملكة، سيما وإن التحريض الإعلامي، وبعضه الرسمي،(الابتزازي) الذي اتبعه الغرب ضد مرتكز رئيس من مرتكزات الحكم في المملكة، كان يصب في خانة كشف ما لـ(الفكر الوهابي) من أثر على أكثرية المسلمين في العالم، وأن المسلمين في الغرب يستجيبون عبر كثير من شبابهم، الذي أكل أحلامه التمييز في الحقوق هناك، إضافة إلى عوامل سيكولوجية-تعويضية، مبعثها الثقافة الإستهلاكية المشجعة على العنف، وعوامل مادية أخرى، الشباب الذي برز من بين صفوفه (الجهاديون والجهاديات) لا لتحرير فلسطين، بل للقضاء على كل مخالف لرأي المتطرفين فكريا في الإسلام…والمفارقة السؤال هنا: هل (إسرائيل) غير مخالفة،تاريخيا ودينيا، أم هي على رأيهم؟!
تخوض المملكة العربية السعودية حرب بقاء نظام حكم العائلة المالكة، ولا يهمها انتهاك المحرمات، السياسية وغيرها، في كل شيء، مثال ذلك: قتل اليمنيين باسم العرب، قتل الليبيين والعراقيين والسوريين باسم الإسلام، شراء كف البلاء بالمال والاستثمارت تحقيقا للمصالح، كم الأفواه بالفتاوي في الداخل..إلا أن ما يقع على رأس كل ذلك بحسب ما حصل حتى الآن: هو انجراف المملكة المتسارع باتجاه(إسرائيل) واستنهاض كل همم الرأي الديني والسياسي وسطوة المال والمصلحة، كل ذلك الاستنهاض بغية مساندة هذا الانجراف الذي يمكن أن يكون مفتاح تشكيل الجغرافية السياسية في المنطقة إن قيض له النجاح؟!
السؤال العريض:
عندما رأينا كيف شلت يمين التيارات القومية العربية الشعبية، في ظل استهداف كبير لها، تُوج بـ(الربيع الأحمر العربي) فما الذي شل يمين التيارات الشعبية الإسلامية لتسكت على ما اقترفته وتقترفه المملكة بحق ضمير المسلمين الديني-الأخلاقي عامة، من خلال تجاوز المملكة للقضية الفلسطينية، واعتبارها منتهية، إذا ما شكلت عائقا لكل تقارب مع (إسرائيل)، واعتبار “إيران” هي العدو البديل عن(إسرائيل)…وإن ما يجري الآن من سعي لتشكيل حلف يقف في وجه محور المقاومة، كما يصدر من تصريحات إعلانية يقود حملتها ساسة وإعلاميون من داخل (إسرائيل) هو البديل للتحرك الحيوي نحو وضع أسس تلازم في المصير بين(إسرائيل) والمملكة العربية السعودية، الأولى بـ(يهوديتها) وبسط نفوذها في منطقة الشرق الأوسط..والثانية بالمحافظة على نظام الحكم الملكي فيها والمحصور بعائلة واحدة؟! هنا نعلق، لأنه حان وقت التعليق على دعوة وزير الخارجية السعودي “الجبير”: روسيا الاتحادية إلى التخلي عن الرئيس السوري “بشار الأسد” مقابل حصة وازنة في الشرق الأوسط.، فنقول:
ذهب كثيرون إلى الاستخفاف بمثل هذا العرض، لكننا عندما نضم (إسرائيل) ومن خلفها أميركا وأوروبا، إلى مشهد هذا العرض، من باب التحالف التاريخي والعريق بين هذه الأطراف ، والذي ظهر أنه مصيري بالنسبة للمملكة، عندما نقوم بعملية الضم هذه، نخرج بنتيجة أن “الجبير” لا ينطق عن هوى سعودي فحسب، لأن حجم المملكة أصغر بكثير من أن تتحمل وزر وضع نفسها في مصاف الدول العظمى، بل إنما نطق “الجبير” بلسان الغرب، ودعم ما ذهب إليه، ربما لتثقيل وزن المملكة، بذلك الاندماج والرؤية الإسرائيلة القديمة-الجديدة التي صادق عليها الغرب لشكل المنطقة العربية بعد تحطيم جوهر مكوناتها، والتي أرادت المملكة، بوحي ذلك، أن تحتفظ بكيانها كاملا قدر ما تستطيع أمام كل تشظّ عاصف قد يصيب الدول العربية الكبرى، كسورية ومصر بعد العراق؟! إضافة إلى التهديد المبطن الذي يحمله العرض السعودي لروسيا الاتحادية، والقائل ربما: أنكم سوف لن تنالوا حصة من كعكة اقتسام المصالح في المنطقة العربية إذا لم تتخلوا عن الرئيس الأسد..وإنه لشرط بسيط…وإلا فإن التصعيد سيستمر ضدكم، أليس هذا هو حال لسان أميركا الآن، عندما هددت بوقف التنسيق مع روسيا الإتحادية إذا ما اكتشفت يوما أنها خُدعت من قبل موسكو بالنسبة للتفاهمات حول موضوع مدينة”حلب” في سورية؟ مثلما تصب في نفس خانة التهديد والوعيد، حالة إسقاط الطائرة المروحية الروسية ومقتل طاقمها منذ يومين فوق مدينة “إدلب” السورية معقل معتدلي “أميركا” من المعارضة المسلحة؟
إن الأحداث تتسارع، إما إلى الانفجار العسكري الكبير، وإما إلى الحل الكبير…وأرجح أن يكون إلى الحل السياسي الكبير، لكلفة الحرب العظمى، والتي تحقق بعضها بالتقسيط حتى الآن؟وإشارات الاستعداد للحل السياسي تأتي صريحة من جانب “دمشق”، محط أنظار طالبي التعاون الأمني في الغرب والتعاون السياسي للمبعوث الأممي “دي مستورا” بينما لا نرى من جانب المعارضة المسلحة بكافة أشكالها ما يشير إلى تكوين رأي بهذا الاتجاه..ربما ليس قبل أن تضع تداعيات الإنقلاب في “تركيا” أوزارها.
آخر شهر”أب”موعد مطروح للإجتماع في جنيف بخصوص الحوار السوري-السوري..فهل يتم تمهيد الطريق إليه الآن؟ إن زحمة مصيرية للأحداث تتفاعل سياسيا وعسكريا الآن، ودور الثنائي السعودي-الإسرائيلي يتعاظم: تنسيقا وتفعيلا. ولاستكمال ما يجري خلف الكواليس بين الجانبين، نقرأ جملة من المعاني العسكرية والسياسية، المقصود منها مواجهة الجميع، محور المقاومة وحلفائه الدوليين، وعلى رأسهم “روسيا الإتحادية”، ولتظهير هذا التفاعل ولإعطاء هذا التفاعل المصداقية التي تستند إلى الواقعية السياسية، التي يمكن معها فشل ما يسعى إليه هذا الثنائي برعاية الغرب؟! يحق لنا أن نسأل:
متى ستحط طائرة اللواء “أنور عشقي” فوق أرض مطار “بن غوريون” سفيرا للرياض إلى (تل أبيب)؟!
كاتب سوري