“هيّا ننقذ الأردن”.. دعوات اقليمية متزايدة.. الرياض وانقرة وجها لوجه بعد اعلان قمة مكة.. والملك عبد الله يحضرها من موقع قوي..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2145
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

شعبية الكويت في تصاعد.. وبن سلمان متهم حتى يثبت العكس.. والجناح السعودي في الاردن يواجه ازمة صعبة
برلين ـ “رأي اليوم” ـ فرح مرقه:
ما ان اعلنت الرياض عن استضافتها قمة رباعية لنجدة الاردن حتى اتصل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالملك عبد الله الثاني مذكّراً “نحن هنا”، تركيا تحاول تذكير عمان بخذلاناتها السابقة، بعدما قامت الرياض باختطاف لقاء الكويت المقبل، والذي دعت اليه الاخيرة ملك الاردن  في ذروة الاحتجاجات.
مع الاطمئنان لاستقرار الاردن، بنزع رئيس الوزراء المكلف الدكتور عمر الرزاز ومن قبله العاهل الملك عبد الله الثاني فتيل الازمة، يبدو ان دول المنطقة كلها “خبأت خططها البديلة” وتتسابق اليوم تحت شعار “هيا لننتشل عمان”.
بمقاربة “الربيع الاردني” الذي يتحدث عنه الاردنيون اليوم مع الربيع العربي عام 2011، يمكن تصور ان دولاً كثيرة في الاقليم كانت خلال الازمة تستعد لكل السيناريوهات، وراقبت بالجملة تطورات المشهد الاردني، كما يمكن القول ان بعض الدول استعدت للسيناريوهات البديلة- على غرار ايضاً ما حصل في الربيع العربي-، وهو ما قد تؤكده الاجابة عن سؤال “لماذا انتظرت السعودية حتى نزع فتيل الازمة في الاردن لاقامة مؤتمر مكة؟”، والاهم “لماذا استبقت قمة الكويت الثنائية؟”. عام 2011 راقبت الدول في الايام الاولى، ثم وهو الاهم والاخطر، اختطفت “ربيع” سوريا ومصر وليبيا داخليا وخارجيا لاحقا.
الكويت.. حليف متّزن وقوي..
بهذا المعنى فجيران عمان ترقبوها دون الاقدام على دعم الاردن اثناء العاصفة، فهذا وقت تكون فيه دول المحيط قد حضّرت “خططها البديلة”، وفق مراقبين.
الدولة الوحيدة التي ارسلت وفداً رفيعاً للقاء الملك عبد الله ودعوته لزيارتها بصورة مستعجلة اثناء العاصفة كانت الكويت، وهذا مجددا يحسب للدولة الصغيرة المتوازنة، والتي تشكّل اليوم “رأس حكمة الخليج العربي”. ملاحظة أساسية في العلاقة مع الكويت، فالاردن اليوم يمكن رصد اتجاهات شعبه وهو “خجلٌ” عملياً، فالتاريخ قد يدينه، ويتذكر الاردنيون ذلك جيدا في هذه الايام وهم يقولون “ظلمنا الكويت في الاجتياح العراقي”، وهذه النغمة تعالت حتى قبل الاحتجاجات، حيث مواقف اساسية اتخذتها الكويت العاصمة في المشهد بالتزامن مع اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لاسرائيل، ومع احداث غزة.
الكويت شكلت سلفاً حليفاً للاردن منذ بداية ازمة القدس وعلى قاعدة الثوابت المشتركة، فأميرها حضر القمتين الاسلاميتين في اسطنبول، وساهمت بلاده في تقديم مشاريع جريئة لمجلس الامن، حيث صعد مشهد تاريخي لحلف خارج عن المألوف فيه الكويت والاردن وقطر وتركيا وايران وسلطنة عُمان إلى جانب فلسطين. هذا الحلف كان سيفاً ذو حدّين بكل الاحوال. وشكّل مصدر قلق للشقيقة الكبرى.
بتنحية الكويت عن الاقليم، فعمان كانت تحت مجهرٍ قد يكون خبيثاً من الاقليم والاتصالات التي تلقاها عاهل الاردن من الامارات والسعودية والبحرين ومصر مرصودة تماما، حيث الخطط البديلة ومنذ مدة معدّة وجاهزة لعمان مُختلفة سواء في اسرائيل (مع هامش مناورة امريكي) او حتى مع توارد انباء عن وجودها في السعودية، وهذه اشارات تنبه لها الحراك سلفا وهويرفع شعارات اصلاحية اقتصادية فقط.
الرياض.. ومشروع بن سلمان!
حتى اللحظة في الشارع وعلى المستوى الشعبي هناك تساؤلات ان كانت الرياض حاوت فعلا الركوب على الاحتجاجات لتمرير مشروعها في المنطقة، سواء اقتصاديا الذي عرف بمشروع نيوم للامير محمد بن سلمان، او سياسيا المتسق جدا مع المشروع الامريكي وصفقة القرن. هذا المشهد لا زال يتربص بالاردنيين بعد توقف الاحتجاجات. فقمة “مكة” على الابواب، وهي بحد ذاتها تتسبب بالقلق.
فالجناح السعودي داخل الاردن والذي كانت تمثله بقوة حكومة الرئيس الدكتور هاني الملقي خرج بصورة مدوّية من الدوار الرابع (حيث رئاسة الوزراء في العاصمة عمان)، وقمة بهذا الشكل قد تهدف قبل اي شيء لتعزيز الجناح السعودي في الاردن والذي يمثله الدكتور باسم عوض الله والدكتور جعفر حسان وغيرهما.
الرسالة السعودية واضحة، فالرياض اليوم تحاول انقاذ ما يمكن انقاذه من نفوذها السياسي في الاردن، بعدما خرج من عين العاصفة، حيث يذهب اليها الملك في مكة وهو قويٌّ ومنحازٌ لشعبه وتجاوز أزمةً لو قامت في الرياض لما تم تجاوزها بذات الحكمة، وفق تقييمات اردنية عميقة.
الرياض راقبت جيداً عمان، ومكالمة ولي العهد المتأخرة جدا (في اليومين الاخيرين لاحتجاجات استمرت 8 ايام متواصلة) جاءت لتلحق بالركب.
فاعلون آخرون!
المشهد لا يخص السعودية وحدها ولا حتى اسرائيل، التي باغتتها الاحتجاجات بصورتها الاخيرة، حيث كانت تفضّلها في توقيت مختلف، اذ كان لاي زعزعة لاستقرار عمان في هذا التوقيت الحرج ان يوجه الاصابع الاتهام لها مباشرة، بخلاف ما تريده هي.
المشهد كبير في الاقليم، واطلالة تركيا اردوغان عليه (اتصل الرئيس التركي بالملك وتمنى التوفيق لرئيس الوزراء واكد على اهمية عمان لبلاده) قد لا تكون بريئة منه ايضاً، فالعاصمة انقرة والرئيس رجب طيب اردوغان ايضا ربحا من البرود الخليجي مع عمان، كما فعل الاردن على المستوى السياسي في اطلالاته الملكية من اسطنبول، بينما بقيت العاصمة الاردنية دون مكاسب اقتصادية حقيقية وفعلية حتى من اتفاقية التجارة التركية مع الاردن، وفق مصدر اكد لـ “رأي اليوم” تملّص الجانب التركي من العديد من التزاماته في ذلك الوقت.
بهذا المعنى وبينما تدعو الرياض الاردن الى مكة، يمكن للأخير وببساطة تنبيه تركيا جيدا وحلفها الواسع انه لم يعد معزولاً كما كان، وبذلك قد يحقق المزيد من المكاسب الاقتصادية، رغم ان عمان كسبت كثيراً من تحالفها المذكور فالكويت تصدّرت واللاعب الاكبر بخيوط الربيع العربي في المنطقة، المتمثل بقطر اعلن “حسن نواياه”. إذ حيّدت الدوحة اعلامها عن المشهد، فتوازنت قناة الجزيرة وهدأت، ولاول مرة قد تضطر غرف القرار في عمان للقول سراً “شكراً قطر”، بعد تصريحات لوزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني تمنى فيها الاستقرار لعمان.

قطر واعلامها (خصوصا الجزيرة) كان دوما في خط الهجوم، وبمجرد انها اختفت عن الخط، وهنا طبعا للدولة الصغيرة مصالح كبيرة للبقاء بحالة كمون تكتيكي، عزّزت عمليا موقف الشارع الاردني امام حكومته السابقة والمقبلة، كما اسهمت في تحييد الملك، والذي هو بدوره قرر الانحياز للشارع.
أمّا بعد..
بقراءة سريعة، يمكن ايضا الانتباه الى الغياب الامريكي عن المشهد سلبا وايجابا، بينما المعلومات من العاصمة الاردنية تؤكد ان السفارة البريطانية كانت الانشط في القراءة والتحليل والتفكير وعقد الاجتماعات مع المحللين والناشطين.
اما اليوم وبعدما خرج الملك من المعركة منتصراً عمليا ومنسجما مع شارعه، فهي اللحظة الانسب لمحاولات جديدة لاستقطاب الاردن مجددا، وهو الامر الذي لن يقف عند المحاولة السعودية المتمثلة بلقاء مكة المفترض عقده الاحد، وسترى عمان ذلك وستشهد وسائل الاعلام ذلك ايضا، وفق المراقبين، بل سيتجاوز المشهد الامر لمحاولات استقطاب قد تصل لايران، وهو امر على عمان اللعب بخيوطه جيدا هذه المرة.
المملكة الاردنية اليوم امام مرحلة يمكن ان تخلق منها اهم فرصة في تاريخها الحديث، ومعها قيادة مستعدة- حتى اللحظة- لهذه الفرصة، ورئيس وزراء لديه برنامج لثورة اقتصادية لم يكن في اكثر احلامه وردية يتخيل ان يبدأها في بلاده ومعه كل الصلاحيات التي امنها له الشارع.