الأوروبية السعودية تعقد مؤتمرها الخامس: ضحايا، نشطاء وخبراء يستعرضون انتهاكات 10 سنوات من حكم الملك سلمان وابنه (1/2)

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 407
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عقدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، مؤتمرها السنوي الخامس لضحايا انتهاكات السعودية يومي 9 و10 ديسمبر/كانون الأول 2025، بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وتحت عنوان : عشر سنوات من حكم الملك سلمان وابنه: ما هي حالة حقوق الإنسان، عرض المؤتمر الانتهاكات التي شهدتها “السعودية” خلال هذه الفترة التي شكلت محطة حاسمة أعيد فيها تشكيل بنية الدولة وعلاقة السلطة بالمجتمع، واتسعت فيها الرقابة، وتفاقم القمع، وازدادت قصص الضحايا.  على مدى يومين، تناول المشاركون موضوعات مختلفة من الإعدامات القياسية، والقمع غير المسبوق والعابر للحدود، والسطوة الأمنية خلال الحج وأثرها في الخليج، وصعوبات العمل الصحفي، والتهجير القسري، ووضع المجتمع المدني المسحوق، والمدافعين المعتقلين أو الممنوعين من السفر، والتعذيب كممارسة ممنهجة، وتبعات الحرب على اليمن، واستغلال العمال المهاجرين، والموقف من حقوق الشعب الفلسطيني. اليوم الأول قدمت وأدارت المؤتمر المحامية الدولية ياسمين عمر التي سبق أن عملت مستشارة مع فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني بسيادة القانون والعنف الجنسي في النزاعات. كما شغلت منصب مديرة آليات الأمم المتحدة والآليات الإقليمية في لجنة العدالة. استُهل المؤتمر بكلمة للمنظمة ألقاها الأستاذ علي الدبيسي، المدير والعضو المؤسس للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، رسم من خلالها الإطار العام للعشرية الماضية، موضحًا اتساع الانتهاكات وتنوّعها منذ تولي سلمان بن عبد العزيز وإبته السلطة. شدّد الدبيسي على أن قضية الضحايا ليست ملفات معزولة، بل سياق متكامل من السياسات التي استهدفت المجتمع المدني والمدافعين عن الحقوق، وأكد أن هدف النسخة الخامسة من المؤتمر هو توثيق هذه المرحلة، تقديم قراءة عميقة لها، وتعزيز جهود المساءلة والتضامن مع الضحايا وعائلاتهم. قدّمت الدكتورة مضاوي الرشيد، الأكاديمية والكاتبة السعودية البارزة وأستاذة جامعة لندن، قراءة تحليلية للتحولات البنيوية التي شهدها النظام السعودي خلال السنوات العشر. أشارت إلى تركّز السلطة في أيدي دائرة ضيقة، وتوسّع الرقابة على المجتمع والمجال العام، وضبط كل ما هو سياسي وديني وإعلامي ضمن إطار الولاء للسلطة. تناولت كذلك كيفية إعادة تشكيل المؤسسات السياسية والدينية لتكون أدوات للهيمنة، واستخدام القضاء والإعلام كوسائل لتبرير القمع وإنتاج شرعية شكلية، مؤكدة أن ما يجري لا يمكن وصفه بإصلاح، بل إعادة هندسة للسلطة على حساب الحقوق والحريات. الناشط والمعارض عباس الصادق، ركّز في مداخلته على حملات الإزالة والتهجير التي شهدتها السعودية خلال العقد الماضي. استعرض الصادق أبرز هذه الحملات، دوافعها المرتبطة بمشاريع التحول العمراني، والأثر العميق الذي خلّفته على السكان الذين وجدوا أنفسهم أمام واقع الترحيل وضياع الحقوق. تحدّث الصادق عن ثغرات التعويض وآليات الإنصاف، وكيف تحوّلت الإزالة والتهجير من إجراءات استثنائية إلى سياسة مركزية في رؤية إعادة تشكيل المدن والمناطق، بما يحوّل حياة الناس إلى هامش في مشروع استثماري ضخم. وتحدّثت مايا فاو، المديرة التنفيذية في منظمة Reprieve، عن ملف الإعدامات بوصفه أحد أكثر الملفات سوداوية في عهد الملك سلمان. أشارت إلى أن السعودية أعدمت، بحسب أرقام المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، 1910 أشخاص منذ تسلّم الملك الحكم، مع احتمال أن يكون العدد أعلى بسبب الإعدامات السرية. استعرضت مايا نماذج من التعاون بين منظمتها والمنظمة الأوروبية السعودية في توثيق قضايا الإعدام، بما في ذلك قضايا طالت قاصرين ومعتقلي رأي. ركّزت في كلمتها على غياب معايير المحاكمة العادلة، واعتماد تهم لا ترقى إلى عقوبة الإعدام وفق القانون الدولي، مؤكدة أن توسّع استخدام الإعدام يعكس سياسة ترهيب ممنهجة وليست مجرد قضايا جنائية معزولة. مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان خالد إبراهيم، تناول حملات الاعتقال التي طالت المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في السعودية خلال السنوات الأخيرة. أوضح خالد أن عهد الملك سلمان شهد واحدة من أوسع الحملات ضد النشطاء، حيث حُكم على كثير منهم بالسجن لسنوات طويلة، وتوفي بعضهم في السجن، بينما يعيش آخرون تحت قيود المنع من السفر والملاحقة الدائمة. تحدّث إبراهيم عن تجريم العمل الحقوقي عبر قوانين فضفاضة، وعن تصاعد الرقابة الرقمية والتجسّس على المدافعين، ما جعل البيئة الحقوقية في السعودية شديدة الخطورة لأي صوت مستقل. وفي مداخلة أخرى، تناولت بيسان فقيه، ناشطة الحملات في منظمة العفو الدولية، ملف إعدام القاصرين. شرحت كيف قدّمت “السعودية” نفسها في 2018 و2020 كدولة قامت بإصلاحات في قانون الأحداث، من خلال تعديل القانون ثم إصدار أمر ملكي يمنع إعدام القاصرين تعزيرًا. لكن الواقع، كما عرضته بيسان، يكشف استمرار إعدام الأطفال؛ إذ أعدمت السلطات قاصرين اثنين في عام 2025، ليبلغ عدد القاصرين الذين أُعدموا منذ 2015 خمسة عشر طفلًا على الأقل، مع بقاء آخرين مهدّدين بالإعدام. أوضحت بيسان طرق تحايل السلطات على هذه الإصلاحات، وكيف تحوّل النص القانوني إلى أداة تجميلية بدل أن يكون حماية حقيقية لحياة القاصرين. الناشطة خلود العنزي نقلت شهادة مؤثرة من عائلة قاصر يواجه حكم الإعدام في السعودية. أعطت هذه الشهادة صوتًا للعائلات التي تعيش تحت الخوف والصمت، فلا تستطيع التحدث علنًا عن معاناة أبنائها بسبب القيود الأمنية وخشية الانتقام. وألقت الأكاديمية السعودية الدكتورة مريم الدوسري مداخلة ركّزت فيها على أوضاع النساء خلال العقد الماضي. استعرضت كيف روّجت الحكومة لإصلاحات كبيرة، مثل السماح للنساء بقيادة السيارة وبعض التعديلات على نظام الولاية، لتقديم صورة عن “تمكين المرأة”. إلا أن مريم أوضحت أن هذه الصورة تخفي خلفها بنى منتجة للتمييز ما زالت قائمة، وأن كثيرًا من الناشطات اللواتي طالبن بهذه الحقوق تعرضن للاعتقال أو التضييق. تحدثت عن الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع المعيش، وعن الجهود المستمرة لإخفاء القيود التي لا تزال تقيّد حرية النساء في الحركة والعمل والتعبير. من جهته تناول سكرتير ائتلاف المدافعين عن حقوق الإنسان في الصومال ديلمار ضيو قضية الصوماليين في السعودية بوصفهم “ضحايا الدموية”. أوضح أن السعودية أعدمت خلال عام 2025 تسعةً وثلاثين مواطنًا صوماليًا، في رقم غير مسبوق، معظمهم في قضايا تتعلق بالمخدرات. عرض ديلمار ما وثقته منظمات حقوقية من انتهاكات جسيمة تعرّض لها هؤلاء، منها غياب التمثيل القانوني الفعّال، وصعوبة التواصل مع الأسر أو السفارات، وحواجز اللغة التي جعلت الدفاع عنهم أكثر تعقيدًا، مؤكدًا أن هذه القضايا تكشف هشاشة وضع العمال والمهاجرين من الجنسيات الإفريقية في النظام القضائي السعودي. واختُتم اليوم الأول بمداخلة إيلاف القصّاب، مستشارة حقوق الإنسان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة OMCT، والتي تملك خبرة واسعة في توثيق الانتهاكات ودعم جهود المساءلة. ركّزت إيلاف على قضية التعذيب بوصفها سمة ثابتة في العقد الأخير، لا مجرد تجاوزات فردية. أوضحت أن التعذيب طال المدافعات عن حقوق الإنسان وغيرهن، دون أن يرافق ذلك أي تحقيق جدي أو محاسبة للمسؤولين. كما أشارت إلى ملفات إعدامات استندت إلى اعترافات انتُزعت تحت التعذيب، مؤكدة أن غياب المساءلة يشجع على تكرار الانتهاكات، وأن محاسبة المعذِّبين شرط ضروري لأي تغيير حقيقي في بنية النظام.