النظام السعودي يضيّق على الشعب: “لا” معاشات من الضمان الاجتماعي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 453
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

“تقليم أظافر” الأسر والعوائل الأكثر حاجة، عنوان المرحلة الجديدة التي يخطّها محمد بن سلمان في قراراته الأخيرة والتي لا تتوافق مع كمّ الأموال التي تدفع بلا حسيب ولا رقيب على المشاريع المصنفة تنموية.  يبدو أن النظام السعودي بدأ بتقليم أظافر مؤسساته، لكن وعلى عكس الطبيعي في أي دولة تحترم نفسها، “يشنّ محمد بن سلمان حملة على كل باب يعود بالنفع على أبناء الشعب. من هنا يمكن تفسير الإعلان عن قرار وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية القاضي بقطْع المعاشات عن آلاف الفقراء والمستفيدين منَ الضمان الاجتماعي، الذي برّر الحاصِل بأنّ تغييرات قد تطرأ لإعادة تقييم الاستحقاق، بما يتناسبُ مع الوضع الجديد خلال 15 يومًا مِن تاريخ التغيير، وفق بيان المؤسّسة. هذه الخطوة لم تكن الأولى من نوعها، بل سبقها إجراء اتخذته الوزارة  نفسها والتي كانت قد أوقفت معاشات الضمان الاجتماعي لأكثر من 7300 مشتفيد في دفعة مايو/أيار 2023. وتذرَّعت الوزارة حينها، في بيان يوم الأربعاء 14 حزيران/يونيو 2023، بأنَّ “إيقاف المستحقات لهذه المجموعة التي تراوحت أعمارهم (المستفيدين) بين 18 و 40 عاماً كان بسبب ثبوت عدم جدَّيتهم في التمكين ورفضهم للفرص الوظيفية المقدّمة لهم من قبل “صندوق تنمية الموارد البشرية”. ولم تبيّن الوزارة طبيعة العمل الذي طرحته لهؤلاء الذين لم تمنحهم فرصة البحث عن مورد آخر لمعيشتِهم. جدير بالذكر، أنه بالتوازي مع موجة الغضب الشعبي التي رافقت قرارات وزير الموارد البشرية أحمد الراجحي، ظهر ابن عمه الملياردير السعودي يزيد الراجحي من داخل طائرته الفاخرة، ليعطي دروسا في الوحدة الوطنية وضرورة تقبّل أخطاء المسؤولين، مبررا قراراتهم بأنها لخدمة الوطن، في مشهد استفزازي استمر لعشر دقائق، وكان كفيلا بإثارة موجة غضب ضده. بالإضافة لحملة مقاطعة واسعة ضده، خاصة أن الراجحي هو نجل مالك أحد أكبر المصارف الإسلامية في العالم. وانتقد ناشطون ما وصفوه بـ”خطاب الرفاه”، مؤكدين أن الحديث عن الصبر يختلف كثيرًا حين يأتي من قمرة طائرة خاصة لا تعرف حرارة الشمس ولا وجع الحاجة.  فسلسلة مقاهي “نصف مليون”، التي يملكها الراجحي وتُعد من الأكثر شهرة وانتشارا في “السعودية”، تصدرت دعوات المقاطعة على وسائل التواصل، إلى جانب دعوات للتوقف عن دعم أعماله التجارية الأخرى في مؤشر على تنامي الغضب الشعبي من النخبة الاقتصادية الداعمة لسياسات الإفقار تحت شعارات الإصلاح والتنمية. في وقت ينفق فيه النظام السعودي المليارات بين الاستثمارات في مشاريع بن سلمان الخيالية في “نيوم” وغيرها، وفعاليات الترفيه والمجون التي لا تنتهي، وصولاً إلى عمليات الغسيل الرياضي من بوابة الاستحواذات الرياضية، تضيق بـ”بن سلمان” الحال أمام الأسر الفقيرة في السعودية. يذكر أـنه في احصاء محلي لمنصة “إحسان”، كشفت فيه تجاوُز عدد الطلاب الواقعين تحت خط الفقر حاجز الــ 70 ألف، في النصف الأول مِن عام 2025. ما يثير علامات استفهام حول أولويات الانفاق لدى النظام السعودي. وكان المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون قد تحدث خلال زيارته “السعودية” في أبريل 2017 عن مشاهدات صادمة. هذا وأكد “مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث” أنَّ “السعودية هي البلد الخليجي الوحيد الذي يقبع فيه المواطنون تحت خط الفقر”. وكشَفت دراسة أنجزها المركز عن أنَّ “10 في المئة من أبناء الشعب يقبعون تحت خط الفقر فيما سجَّلت باقي الدول الخليجية نسبة صفر”. وأشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى انعدام الشفافية في تعامل النظام السعودي مع أرقام وحقائق الفقر في البلاد، مضيفة أنَّ مايُعزز غياب المعلومات هو انعدام أي دور للمجتمع المدني أو المنظمات لنقل الوقائع. ولفتت في اليوم الدولي للقضاءِ على الفقرِ تحت عنوان الكرامة للجميع، إلى أنَّ المؤشرات تُبيّن أنَّ نسبة الذين يعانون من الفقر في السعودية مرتفعة، موضحة أنَّ من المؤشرات لجوء الأفراد إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر قضاياهم، حيث تمَّ رصد العديد من الحملات التي تُظهر انتشار الفقر والحاجة بشكل كبير. وتؤكد الأمم المتحدة أن الفقر وغياب المساواة ليستا قضيتين حتميتين، وأنهما نتاج ” لقرارات مقصودة أو تقاعس عن العمل مما أضعف الفئات الأشد فقرا وتهميشا في مجتمعاتنا وانتهك حقوقهم الأساسية”. يبدو ذلك جليّاً في حالة المملكة العربية السعودية، التي تسيطر فيها الجهات الرسمية على كافة المرافق الاقتصادية والاجتماعية، والتي أعلنت عن خطط تنموية شاملة تنضوي معظمها  تحت رؤية 2030.