النظام السعودي يعدم 4 مصريين بعد تأميل عائلاتهم بتغيير الحكم
في تجاهل للمناشدات الدولية، أقدمت “السلطات السعودية” على تنفيذ أحكام الإعدام بحق أربعة مواطنين مصريين، هم عبد الفتاح كمال عبد الفتاح عبد العزيز، أحمد زينهم محمد عمر، رامي جمال شفيق النجار، وهشام عبد الحميد محمد التليس، بعد إدانتهم في قضايا وصفتها وزارة الداخلية بـ”تهريب وجلب أقراص الأمفيتامين وأقراص خاضعة لتنظيم التداول الطبي”. الإعدامات الجديدة جاءت لتكشف مجدداً الوجه الدموي لسياسة العقاب في نظام آل سعود، وسط صدمة عارمة بين عائلات الضحايا التي كانت تتأمل صدور قرار بوقف التنفيذ. وبحسب المحامين، فقد قُدمت التماسات رسمية لإعادة النظر في الأحكام، على أن يجري تحديد جلسات لاحقة للنظر فيها، إلا أن السلطات تجاهلت هذه الإجراءات، وأقدمت على التنفيذ بشكل مفاجئ ومن دون إخطار مسبق، ما يمثل انتهاكاً صارخاً لأبسط ضمانات العدالة وحقوق الدفاع. بحسب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، فإن هؤلاء الأربعة يضافون إلى قائمة طويلة من المصريين الذين أُعدموا في سجن تبوك خلال العام الجاري، حيث ارتفع عدد الضحايا المصريين هناك إلى 21 شخصاً منذ مطلع 2025، فيما لا يزال 14 آخرون رهن التهديد بالتنفيذ في أي لحظة. المنظمة كشفت أن بعض عائلات المعتقلين تلقت معلومات صادمة تفيد باحتمال المضي في إعدام جميع المصريين في سجن تبوك قبل نهاية العام، وهو ما يضع حياتهم على المحك ويزيد المخاوف من موجة إعدامات جماعية تفتقر لأي أساس قانوني أو إنساني. كما أوضحت المنظمة أن عدد الإعدامات في “السعودية” خلال عام 2025 وصل حتى الآن إلى 283 حالة، وهو رقم قياسي غير مسبوق، يعكس حجم التصعيد المروع في استخدام عقوبة القتل كأداة بيد السلطة. فبعد توقف مؤقت استمر نحو 50 يوماً بين يونيو وأغسطس، عادت الرياض إلى تنفيذ الأحكام بوتيرة متسارعة منذ السابع عشر من أغسطس، من دون أي تفسير رسمي لأسباب التوقف أو دوافع العودة. انتهاكات جسيمة وغياب للشفافية التقارير الحقوقية التي تابعت أوضاع المعتقلين في سجن تبوك خلال العامين الماضيين، كشفت عن سلسلة طويلة من الانتهاكات منذ لحظة الاعتقال. المنظمة الأوروبية السعودية أفادت بتعرّض كثير من السجناء للتعذيب الجسدي وسوء المعاملة والحبس الانفرادي لفترات طويلة، إضافة إلى ضغوط نفسية متكررة عبر وعود زائفة بتخفيف الأحكام أو وقف التنفيذ. واعتبرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن هذا النمط من التعامل يرقى إلى مستوى “التعذيب النفسي الممنهج”، لا سيما مع ترافقه مع انعدام الشفافية الرسمية ومنع التواصل الطبيعي مع العائلات. كما أشارت المنظمة إلى أن بعض المعتقلين خاضوا إضرابات عن الطعام خلال العام الجاري احتجاجاً على سوء ظروف الاحتجاز وحرمانهم من الاتصال بأقاربهم، فيما وثقت حالات إذلال خلال نقلهم إلى العيادات الطبية، حيث يُجبرون على السير حفاة ومكبلي الأيدي. هذه الممارسات، بحسب المنظمة، تعكس إصرار السلطات السعودية على انتهاك أبسط معايير الكرامة الإنسانية، في ظل غياب أي رقابة قضائية مستقلة أو مساءلة. المنظمات الحقوقية الدولية، ومن بينها مقرران خاصان للأمم المتحدة، شددت في مناسبات سابقة على أن جرائم المخدرات لا تندرج ضمن “أشد الجرائم خطورة” التي قد تبرر عقوبة الإعدام وفق القانون الدولي. وبالتالي، فإن إصدار وتنفيذ أحكام القتل بحق المعتقلين المصريين وغيرهم يشكل انتهاكاً واضحاً للمعايير الدولية، ويقوض التزامات السعودية كدولة عضو في الأمم المتحدة. كما أكد خبراء أمميون أن تنفيذ الإعدام من دون إخطار مسبق للعائلات، أو مع حرمانها من حق التواصل والزيارة، يعد شكلاً من أشكال التعذيب النفسي لكل من السجناء وذويهم. وقد أُشير في تقارير أممية سابقة إلى أن عائلات المحكومين بالإعدام ينبغي اعتبارها ضحايا أيضاً، ما يستوجب توفير الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي لها، بدلاً من إخضاعها للترهيب والضغوط. رعب داخل العنابر مع كل عملية إعدام جديدة، يتعمق الرعب داخل عنابر سجن تبوك. فالعشرات من المعتقلين الآخرين، وبينهم مصريون وأردنيون وسوريون وسعوديون وسودانيون، يعيشون على وقع تهديد مستمر بالموت الوشيك، من دون معرفة موعد التنفيذ أو إمكانية الطعن فيه. وقد وصفت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان هذه الحالة بأنها “تعذيب مزدوج” يطاول السجناء وعائلاتهم على حد سواء، حيث يتحول الانتظار القاتل إلى سلاح بيد السلطة لتعميق المعاناة. في الوقت نفسه، يواجه أهالي المعتقلين ضغوطاً متزايدة، إذ وثقت منظمات حقوقية حالات استدعاء وترهيب طالت بعض أقارب السجناء في “السعودية” ومصر، لمنعهم من رفع الصوت أو مطالبة السلطات المصرية بالتدخل. هذه الممارسات، وفق المراقبين، تعكس رغبة سعودية في فرض الصمت على القضية وتجنب أي انتقادات علنية، حتى ولو كان الثمن المزيد من الأرواح. يرى مراقبون أن عودة “السعودية” إلى تنفيذ الإعدامات بأعداد ضخمة، بعد فترات توقف متقطعة، تكشف عن سياسة ممنهجة تهدف إلى استخدام العقوبة كأداة ترهيب داخلي ورسالة سياسية إلى الخارج. فبينما تروّج الرياض لصورة “الإصلاح والانفتاح”، تتكشف على الأرض حقائق مختلفة تماماً، حيث يُنفذ القتل العلني بحق عشرات المعتقلين، غالبيتهم من الفقراء والعمالة الوافدة، في قضايا لا تصل إلى مستوى “الجرائم الأشد خطورة”. وبينما تصمت السلطات المصرية بشكل شبه كامل تجاه إعدام مواطنيها، تواصل المنظمات الحقوقية الدولية التنديد بهذه الممارسات، محذرة من أن استمرارها بهذا النسق سيضع السعودية في مواجهة متزايدة مع المجتمع الدولي، خاصة مع تزايد الدعوات لفرض عقوبات أو قيود على الدول التي تسيء استخدام عقوبة الإعدام. مستقبل مجهول مع وصول عدد الإعدامات في سجن تبوك وحده إلى 21 حالة منذ بداية العام، ومع بقاء 14 مصرياً آخرين مهددين بالمصير ذاته، تبدو الصورة قاتمة للغاية. ومع غياب أي مؤشرات على نية النظام السعودي وقف هذه السياسة، يتجه الوضع نحو المزيد من التصعيد، ما يعني أن ساحة الإعدام في تبوك قد تشهد خلال الشهور المقبلة إزهاق المزيد من الأرواح. المنظمات الحقوقية شددت على أن هذه التطورات لا يمكن فصلها عن السياق الأوسع لعقوبة الإعدام في “السعودية”، حيث تُستخدم كأداة سياسية وأمنية، بعيداً عن أي عدالة حقيقية. ومع تصاعد الأرقام القياسية في 2025، تبدو “السلطات السعودية” متجهة إلى تكريس سجل دموي جديد، يضعها في مقدمة أكثر الدول انتهاكاً للحق في الحياة، في تناقض صارخ مع كل الشعارات الإصلاحية التي تسعى لتسويقها في الخارج.