تايمز أوف إسرائيل: “السعودية” تساند “إسرائيل” في حربها على إيران وحركات المقاومة
حسب ما نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العبرية، فإن العلاقة بين “السعودية” وكيان الاحتلال الإسرائيلي كانت قائمة لسنوات في الخفاء، حيث تُتداول هذه الروابط بشكل سري في الأوساط الدبلوماسية، وتُلمّح إليها اللقاءات المغلقة على أعلى المستويات. وأوضح مؤشر على هذه التحركات السرية، بحسب الصحيفة، اللقاء الذي جرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان على متن يخت في البحر الأحمر، في خطوة تعكس طبيعة الحوار المستمر بين الطرفين بعيداً عن أي إعلان رسمي. وأشارت الصحيفة إلى أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، الموساد، لعب دوراً محورياً في تمهيد الطريق لهذه اللقاءات، موفراً غطاءً لوجستياً وسياسياً لحكومتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية علنية. وتقول الصحيفة إن هذه المبادرات لم تكن رمزية فقط، بل تعكس تغيراً جوهرياً في أولويات المنطقة، حيث أدركت كل من “السعودية” وكيان الاحتلال الإسرائيلي مصالحهما الاستراتيجية المشتركة، لا سيما في مجال محاربة إيران والعمل على القضاء على حركات المقاوممة في المنطقة، إضافة إلى تعزيز مكانتهما كمركزين تكنولوجيين. إلا أن هذه التحركات لم تمر دون رد فعل، فقد اعتبرت حركات المقاومة الفلسطينية، لا سيما حماس، أن أي تطبيع سعودي-إسرائيلي يمثل تهديداً وجودياً، ليس فقط لتماسك الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية، بل أيضاً لخسارة النفوذ السياسي الحيوي للمنظمات الفلسطينية في المنطقة. في هذا السياق، اعتبرت الصحيفة أن هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على غزة، كانت بحسب المحللين، محاولة لعرقلة مسار التطبيع، من خلال تحريك الرأي العام العربي والإسلامي وإجبار “السعودية” على إعادة النظر في مدى قدرة أي اتفاق سلام مع “إسرائيل” على الصمود في ظل الحرب المستمرة. وتشير الصحيفة إلى أن النفوذ السعودي كان واضحاً في إدارة ملف الضفة الغربية، حيث تدخلت “السعودية” مرات عدة لكبح طموحات الضم الإسرائيلية. فقد ضغطت عام 2020، عشية اتفاقيات إبراهيم، على الإمارات لتوضيح أن أي خطوة “إسرائيلية” نحو الضم قد تقوض عملية التطبيع. ومؤخراً، قبل أيام من نشر التقرير، ضغطت “السعودية” مجدداً على أبوظبي لتوجيه تحذير مشابه، مؤكدة أن ضم الضفة الغربية سيؤدي إلى انهيار فرص تطبيع أوسع، بما في ذلك مشاركتها، وبذلك نصبت “السعودية” نفسها “حارساً وضامناً” للدبلوماسية الإقليمية، بحسب تعبير الصحيفة. من ناحية أخرى، أوردت الصحيفة أن علاقة التعاون بين “السعودية” وكيان الاحتلال تتجاوز القضية الفلسطينية، إذ قد يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق العسكري بين الموساد والمخابرات السعودية، وهو ما يمثل حاجزاً أمنياً في حربهم ضد الحرس الثوري الإيراني وحلفائه الإقليميين. كما يمكن للتعاون في مجال التكنولوجيا أن يدمج قدرات الابتكار الإسرائيلية مع رؤية “السعودية” 2030، لتعزيز الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والأمن السيبراني، وفق ما ورد في التقرير. غير أن الصحيفة تحذر من تحديات عدة، أبرزها الانقسامات الثقافية والدينية العميقة داخل “السعودية”، حيث يظل الرأي العام متحفظاً على التطبيع مع “إسرائيل”. ومع ذلك، تقول “تايمز أوف إسرائيل”، نادراً ما يُكتب التاريخ للمترددين، مستشهدةً بتجربة مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، التي أعادت رسم المشهد الاستراتيجي في المنطقة. وفي هذا الإطار، يشير التقرير إلى أن أي اتفاق سعودي-إسرائيلي قد يفتح فصلًا جديدًا من التعاون الإقليمي، رغم المعارضة الشعبية والتوترات المتصاعدة. وتلفت الصحيفة إلى أن عملية “طوفان الأقصى” تهدف إلى تقويض احتمالات هذا التطبيع، إلا أن الواقع قد يفرض عكس ذلك، إذ يبدو للرياض ولـ”إسرائيل” أن خيارهما واضح: “إما السماح للمتطرفين بتحديد مستقبل المنطقة، أو اغتنام الفرصة لبناء تحالف إقليمي يحقق الاستقرار والأمن والازدهار”، وفق زعم الكاتب. وبالنظر إلى ما نشرته الصحيفة العبرية، يبدو أن سياسة “السعودية” تجاه التطبيع تستند إلى مزيج من الحذر الاستراتيجي والرغبة في موقع مؤثر في أي اتفاق مستقبلي، مع مراعاة حساسية الرأي العام العربي تجاه التطبيع. ويبرز هذا التقرير كيف أن “السعودية” تسعى لاستثمار موقعها الإقليمي عبر التنسيق غير المعلن مع “إسرائيل”، مستغلة كل فرصة لإعادة تشكيل خرائط القوة والتأثير، بينما يبقى مستقبل القضية الفلسطينية ومصير دول الجوار، بما فيها الضفة الغربية وغزة، رهناً بالموازين الدقيقة لهذه التحركات السرية.
