قمة الدوحة الطارئة: طموحات تسحقها تبعية الأنظمة
تنعقد، اليوم، القمة العربية الإسلامية الطارئة في قطر، والتي سبقها أمس اجتماعا تحضيريا. الأخير خرج عنه مسودة قرار أكدت على أن الهجوم “الإسرائيلي” على الدوحة الأسبوع الماضي، إلى جانب الممارسات العدائية المستمرة، يهددان جهود تطبيع العلاقات مع الدول العربية. وجاء في نص المسودة أن “الاعتداء الإسرائيلي على قطر، واستمرار أعمال إسرائيل العدائية، بما في ذلك الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتجويع والحصار والأنشطة الاستيطانية والسياسات التوسعية، يُهدد آفاق السلام والتعايش في المنطقة، ويقوض كل ما تحقق في مسار التطبيع بما في ذلك الاتفاقيات الحالية والمستقبلية”. وعلى خلفية ما ورد، علّق الباحث السياسي صالح أبو عزة بالقول “الذي كان يأمل من القمة المُزمَع انعقادها غداً؛ موقفاً مغايراً عن قمم سابقة، بحكم أن العدوان الإسرائيلي الأخير استهدف عاصمةً عربية ليست في حالة عداء مع إسرائيل، فليقرأ مسودة البيان. مسودة البيان تقول؛ نحن العرب قررنا التمتّع بحضن إسرائيل والانغماس فيه، فلا تحرمونا ذلك!: الإعلامي التونسي حسام الهمادي استهزأ بالمسودة الصادرة بالقول “يحيى سريع يهتم به المواطن العربي أكثر من بيان القمم العربية والإسلامية. الرسالة واضحة” أما الناشط علي جزيني فكتب “صراحة من توقع مخرجاً مغايراً من القمة العربية عنده مشكلة براسه. نتحدث عن انظمة ودول لم تكن لتوجد بدون “إسرائيل” لقمعنا، فل ضربتهم ليل نهار، زوال الصهاينة اسوأ من أي نتيجة أخرى. هل يمكن أن تتوقع أن يحكموا على أنظمتهم الاستبدادية بالفناء؟ تذكير يومي بأن وجودهم من وجود “إسرائيل”.” من جهته بعث عضو المجلس السياسي الأعلى مجمد علي الحوثي رسالة مقتضبة للقمة وقال في رسالته التي نشرها في منصة “إكس”، أن أقوى موقف يمكن أن تتخذه القمة يتمثل بالتأكيد على شرعية جهاد المحتل الصهيوني ودعم مقاومته. وأضاف، أن إعلان قرار إسرائيل كيان إرهابي كفيل بإعادة الردع وإيقاف العربدة والاستباحة وهي النصرة الحقيقية ضد إبادة غزة وجرائم الأعداء في المنطقة. يذكر أن الفصائل والقوى الفلسطينية وجّهت، أمس الأحد، رسالة مفتوحة إلى القمة العربية الإسلامية المنعقدة في العاصمة القطرية الدوحة، أكدت فيها أن العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزّة دخل شهره الرابع والعشرين، مخلفًا مآسي إنسانية غير مسبوقة، شملت “مئات آلاف الشهداء والمفقودين والأسرى والجرحى، ودمارًا واسعًا للحياة والبنية التحتية، وحصارًا خانقًا، وتجويعًا وتهجيرًا قسريًا يهدّد بقاء شعبنا على أرضه”. وأضافت الفصائل أن الشعب الفلسطيني يواجه حرب إبادة جماعية مكتملة الأركان، تستهدف الإنسان الفلسطيني قتلًا وتهجيرًا، وتسعى للقضاء على الهوية والوجود الوطني، مشددة على أن هذه الجرائم تُنفذ برعاية وشراكة أميركية كاملة. وأشارت الرسالة إلى أن الجرائم “الإسرائيلية” لم تقتصر على الشعب الفلسطيني فحسب، بل امتدّت آثارها لتهدّد أمن واستقرار الأمة العربية والإسلامية بأسرها. وقالت الفصائل: “ما العدوان “الإسرائيلي” الأخير على العاصمة القطرية الدوحة، واستهداف الوفد المفاوض الذي خلف ستة شهداء من أبناء الشعبين القطري والفلسطيني، والذي سبقه الاعتداء على لبنان وسورية واليمن والعراق وإيران وتونس وكشف مجرم الحرب نتنياهو بوقاحة مخطّط (إسرائيل الكبرى)، إلا دليل واضح بأن حكومة نتنياهو الإرهابية المجرمة تمضي بلا هوادة في مخطّط خطير لا يستهدف الأرض الفلسطينية، بل الأرض والأمة العربية بأكملها”. وأكدت أن حكومة الاحتلال تعمل في تحدٍ صارخ للقانون الدولي وسيادة الدول المستقلة، مشيرة إلى أنها “لا تريد التوصل لاتفاق لوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى من الطرفين، بل تمعن في تعطيل الجهود واستهداف الوسطاء في سابقة خطيرة، وإصرار على استكمال مخطّطاتها التدميرية”. وطالبت الفصائل المجتمعين بالتالي: – الشروع بشكل جماعي متفق عليه في إجراءات عاجلة تهدف لوقف حرب الإبادة في غزّة، باعتبار إنقاذ الضحايا ومنع استمرار النزيف أولوية قصوى، وذلك عبر تشكيل تحالف عربي – دولي يقوم بالضغط على الاحتلال وداعميه بكافة الأدوات الممكنة. – استخدام كلّ أوراق الضغط العربية، بما فيها تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك، وسلاح النفط، وفرض عقوبات عربية متكاملة على دولة الاحتلال، والتحرك العاجل مع المجتمع الدولي لفرض عقوبات شديدة على الكيان “الإسرائيلي” لإلزامه بوقف حرب الإبادة الجماعية فورًا، ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزّة. – تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لشعب غزّة، ولا سيما للمستشفيات والعيادات الطبية والدفاع المدني والنازحين، وتأمين الخيام والمنازل الجاهزة، وإنشاء صندوق لإعادة الإعمار. – توحيد الموقف العربي والإسلامي في مواجهة العدوان “الإسرائيلي” المتواصل، والاتفاق على خطة عمل مشتركة تشمل سلة عقوبات عربية إسلامية ضدّ الاحتلال، وضد الدول والكيانات والشركات الداعمة له، بما في ذلك قطع كافة أشكال العلاقات مع هذا الكيان الغاصب. – اعتماد إستراتيجية موحدة لحماية القدس من التهويد، والمسجد الأقصى من التقسيم، والضفّة الغربية من الضم والتهجير والاقتلاع. – تعزيز التضامن العربي والإسلامي بما يرسخ وحدة الصف في مواجهة مشاريع الاحتلال، خصوصًا في ظل الحديث عمّا يسمّى “إسرائيل الكبرى”، والذي يستهدف السيطرة على الأرض العربية والهيمنة على المنطقة. أمام هذه المطالب المحقة من قلب القطاع المهدم والمحاصر، وبالنظر إلى المسودة المتوقع إقرارها من قبل الأنظمة العربية، يبدو واضحا أننا سنطون على موعد مع حلقة من مسلسل القمم العربية الواهية.
