منظمات وحقوقيون يناشدون مجلس حقوق الإنسان بالنظر في انتهاكات “النظام السعودي”

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 373
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في 18 يونيو 2025، ألقت منظمة القسط لحقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان بيانًا شفويًا مشتركًا أمام الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ركز البيان على الارتفاع المقلق في أحكام الإعدام في “السعودية”. رحّب كل من مركز الخليج لحقوق الإنسان ومنظمة القسط لحقوق الإنسان بتقرير المقرر الخاص المعني بحقوق أسر ضحايا عمليات القتل غير المشروع، مؤكدين أن موضوعه له أهمية بالغة في “السعودية”. فقد شهدت البلاد زيادة صادمة في عدد عمليات الإعدام هذا العام، حيث نفذت السلطات أحكام الإعدام بحق 181 شخصًا حتى الآن، 118 منهم في قضايا متعلقة بالمخدرات. يأتي هذا الارتفاع على الرغم من تعهد السعودية بتقييد استخدام عقوبة الإعدام، مما يثير قلقًا عميقًا ويجعل العديد من العائلات تعيش في خوف دائم من إعدام وشيك لأحبائها. سلطت المنظمتان الضوء على عدد من الأفراد المعرضين لخطر الإعدام الوشيك، بمن فيهم ما لا يقل عن 37 مواطنًا إثيوبيًا، و29 مواطنًا صوماليًا في سجن نجران، و26 مواطنًا مصريًا في سجن تبوك. هؤلاء الأفراد، كما ورد في نداء عاجل حديث صادر عن المقرر الخاص، يتعرضون لانتهاكات منهجيّة تشمل التعذيب، والحرمان من الاستشارة القانونية، والعزل التام عن العالم الخارجي. وأعربت المنظمتان أيضًا عن قلقهما البالغ بشأن ما لا يقل عن تسعة شبان مهددين بالإعدام بتهم يُزعم أنهم ارتكبوها وهم قُصّر. وقد جاءت هذه الاتهامات بعد محاكمات شابتها اعترافات انتُزعت بالإكراه وحرمان من التمثيل القانوني. إعدامات تعسفية وحرمان من الحقوق الأساسية للعائلات أشار البيان إلى أن جميع أحكام الإعدام في “السعودية” تسبقها انتهاكات جسيمة لحقوق المحاكمة العادلة وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة. هذا يجعلها “إعدامات تعسفية” وتشكل “خرقًا واضحًا للقانون الدولي”. علاوة على ذلك، تُحرم العائلات من حق الزيارة الوداعية أو الإبلاغ المسبق عن تنفيذ أحكام الإعدام، وغالبًا ما يكتشفون الخبر من خلال وسائل الإعلام. وتتمادى السلطات في حجب جثامين الضحايا، مما يحرم الأسر من حق الحداد وفقًا لمعتقداتها الدينية والثقافية. نظرًا لحجم وخطورة هذه الانتهاكات، حثت كل من القسط ومركز الخليج لحقوق الإنسان مجلس حقوق الإنسان على مطالبة السلطات السعودية بفرض وقف رسمي وفوري لتنفيذ أحكام الإعدام. وشددتا على أن هذا الوقف يجب أن يكون تمهيدًا لإلغاء عقوبة الإعدام بشكل كامل عن جميع الجرائم. تحذير من التوسع المقلق في تنفيذ عقوبة الإعدام في السعودية من جانبه، حذّر الدكتور فؤاد إبراهيم، نائب رئيس المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان، من التوسع المقلق في تنفيذ عقوبة الإعدام في السعودية، مؤكدًا أن البلاد لا تمتثل للمعايير الدولية المتعلقة بالعدالة الجنائية، وذلك على الرغم من عضويتها في هذا المجلس. وخلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أشار الدكتور إبراهيم إلى تقارير موثقة من منظمات دولية مرموقة مثل هيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية، والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، والتي كشفت عن تصاعد غير مسبوق في الإعدامات خلال السنوات الماضية. ففي عام 2022 وحده، أُعدم 147 شخصًا، وارتفع العدد إلى 172 في عام 2023، مما يضع السعودية بين الدول الأعلى عالميًا في تنفيذ أحكام الإعدام. وأضاف الدكتور إبراهيم أن عام 2022 شهد واحدة من أكبر الإعدامات الجماعية في تاريخ المملكة، حيث أُعدم 81 شخصًا دفعة واحدة، مؤكدًا أن أكثر من 1100 عملية إعدام قد نُفذت منذ تولي الملك سلمان الحكم في عام 2015، ومع تعيين محمد بن سلمان وليًا للعهد. وأوضح أن معظم هذه الإعدامات تتعلق بجرائم غير عنيفة، بما في ذلك جرائم مخدرات وتهم فضفاضة مثل “نشر الفساد” أو “عدم طاعة الحاكم”، مؤكدًا أن هذه الأرقام تعكس نمطًا واضحًا من التعسف، والسرية، والقمع. في انتقاد حاد، قال الدكتور إبراهيم إن النظام القضائي السعودي ينتهك أبسط معايير المحاكمة العادلة. وأوضح أن المحاكمات غالبًا ما تكون سرية، ويُحرم المتهمون من الحصول على تمثيل قانوني مستقل. كما أشار إلى أن الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب تُستخدم بشكل روتيني لتبرير أحكام الإعدام. وأضاف أن “القضاة يتمتعون بسلطة غير مقيدة، ولا توجد سلطة قضائية مستقلة”. وتابع أن المتهمين يُحرمون في كثير من الأحيان من المعلومات حول التهم أو الأدلة الموجهة ضدهم، وغالبًا ما تُنفذ أوامر الإعدام دون إخطار مسبق للعائلات أو المحامين. أشار الدكتور إبراهيم إلى أن المقرر الخاص للأمم المتحدة أعرب مرارًا وتكرارًا عن قلقه إزاء فشل السعودية في ضمان محاكمات عادلة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وعلى الرغم من أن السعودية لم تصادق على هذه المعاهدة، إلا أن مبادئها تُنتهك باستمرار من قبل المملكة بصفتها عضوًا في هذا المجلس. كما أعرب الدكتور إبراهيم عن قلقه من استخدام عقوبة الإعدام كوسيلة لتصفية المعارضين السياسيين، مشيرًا إلى تنفيذ ما لا يقل عن 40 حكمًا بالإعدام منذ عام 2016 بحق معتقلين سياسيين، العديد منهم اتُهموا بالمشاركة في احتجاجات سلمية، وغالبيتهم من الأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية. ولفت الدكتور إبراهيم إلى تنفيذ أحكام إعدام بحق قُصّر، وذلك على الرغم من تصديق المملكة على اتفاقية حقوق الطفل. وقال: “رغم الوعود الرسمية، لا تزال السعودية تُعدم من كانوا دون سن 18 عامًا وقت ارتكاب الجرائم المزعومة”. تحديثات واجهة إعلامية تخفي قمعًا منهجيًا في انتقاد مباشر لحملات العلاقات العامة السعودية، قال الدكتور إبراهيم إن السلطات السعودية “تسوق ولي العهد على أنه مُحدّث”، بينما “الحقائق على أرض الواقع تروي قصة مختلفة”. فبينما يُسمح للنساء الآن بالقيادة، سُجنت وعُذبت المدافعات عن حقوق الإنسان؛ وبينما تُقام الحفلات الموسيقية والفعاليات الرياضية، يُعدم السجناء السياسيون. وأشار إلى أن السعودية استأنفت في أبريل 2024 تنفيذ أحكام الإعدام في قضايا المخدرات، على الرغم من إعلانها السابق عن وقف اختياري لهذه العقوبة، معتبرًا أن هذا “يؤكد أن سياسات التحديث مجرد واجهة إعلامية، تخفي وراءها أحد أكثر الأنظمة شمولية في العالم”. دعوة لإجراءات عاجلة وحماية للعدالة في ختام كلمته، دعا الدكتور فؤاد إبراهيم مجلس حقوق الإنسان والدول الأعضاء إلى اتخاذ إجراءات عاجلة. شملت هذه الإجراءات إطلاق تحقيق دولي مستقل – ربما تحت إشراف المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان – في استخدام عقوبة الإعدام في السعودية، مع التركيز على إجراءات المحاكمة، وادعاءات التعذيب، والإعدامات السياسية، وإعدام الأحداث. كما دعا إلى تعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 60/251، الذي يسمح بالتعليق في حالات الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان. إضافة إلى ذلك، طالب الدكتور إبراهيم بضرورة دعوة السعودية إلى تنفيذ وقف فوري لجميع الإعدامات، تماشيًا مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 77/222، الذي يدعو إلى وقف عالمي. وأخيرًا، حث على الضغط على السلطات السعودية من أجل التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الثاني المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، وإلغاء عقوبة الإعدام للجرائم غير العنيفة، وتخفيف جميع أحكام الإعدام الحالية الصادرة بحق الأحداث والسجناء السياسيين. واختتم كلمته بالتحذير من أن الفشل في التحرك يعني القبول بالإفلات من العقاب، قائلًا: “إذا سمحنا للدماء أن تسيل من المشانق دون محاسبة، فإننا نخون مهمتنا ونبرهن أن العدالة انتقائية”، مضيفاً: “دعونا نثبت العكس”.