الأوروبية السعودية: الدرازي واللباد على حافة الإعدام، بانتظار توقيع “الملك”
يواجه القاصران عبد الله الدرازي وجلال اللباد خطر تنفيذ حكم الإعدام في أي لحظة، بعد أن صادقت المحكمة العليا في “السعودية” على حكمي القتل تعزيرًا الصادرين بحقهما، دون إشعار رسمي بذلك. الخطوة الوحيدة المتبقية قبل التنفيذ هي توقيع سلمان بن عبد العزيز، الذي يمكن أن يحدث في أي وقت، وبشكل مفاجئ. وفي تقرير للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أكدت فيه أن الأحكام الصادرة تعزيرية، ما يعني أن القاضي أصدرها دون استناد إلى نص شرعي ملزم، وهو ما يمنح “الملك” صلاحية كاملة بإلغائها وعدم التوقيع عليها. ورغم أن الدرازي واللباد كانا دون سن 18 عامًا وقت حصول بعض التهم التي واجه إلا أن “السعودية” ماضية في تجاهل التزاماتها وخاصة اتفاقية حقوق الطفل التي تحظر هذا الحكم بحقهما. يأتي ذلك، في ظل تصاعد غير مسبوق في عدد الإعدامات التي بلغت 154 حالة إعدام منذ مطلع عام 2025 حتى منتصف يونيو/حزيران فقط. عبد الله الدرازي في 27 أغسطس/آب 2014، اعتقل عبد الله الدرازي من أحد شوارع القطيف بعد تعرضه للضرب المبرح من قبل رجال الأمن. ولم تتمكن عائلته من زيارته إلا في يناير/كانون ثاني 2015، بعد شهور من الإخفاء. بدأت محاكمته في أواخر أغسطس/آب 2017، وأُصدر بحقه حكم القتل تعزيرًا في فبراير/شباط 2018. وبعد سنوات من الإجراءات، أيدت محكمة الاستئناف الحكم في 9 أغسطس/آب 2022. وفي فبراير/شباط 2023، ورد اسمه ضمن مراسلة من المقررين الخاصين في الأمم المتحدة إلى النظام السعودي، وتضمنت سبعة قاصرين مهددين بالإعدام. ردت “السعودية” في أبريل/نيسان معتبرة أن الرسالة “غير دقيقة”، وفي يوليو/تموز عبّر المقررون عن مخاوفهم المتزايدة. أُفيد لاحقًا أن المحكمة العليا صادقت على الحكم خلال 2023، وفي أكتوبر، حذّر المقرر الأممي الخاص بالإعدام من تنفيذ وشيك. تسبب التعذيب الذي مارسته عناصر من المباحث العامة بحق الدرازي بحروق حول العين وتكسر في الأسنان، بالإضافة إلى آلام في الركبة وفي الأذن، ما أدى إلى نقله إلى المستشفى أكثر من مرة. يذكر أن النيابة العامة وجهت للدرازي عدة تهم، ليس منها ما يصنف كجرائم جسيمة. من بينها: الاشتراك في تكوين خلية إرهابية تهدف إلى زعزعة الأمن الداخلي في البلاد واستهداف رجال الأمن، المشاركة في المظاهرات والمسيرات، الاعتداء على الممتلكات العامة وإتلافها والقيام بأعمال التخريب والفوضى وإعاقة الطريق والسعي لإحداث الفتنة والفرقة والانقسام في البلاد، الاعتداء على رجال الأمن عبر رميهم بالزجاجات الحارقة (الملتوف)، تعطيل الطريق على المارة بحرق الإطارات، ترديد الهتافات المناوئة للدولة، المشاركة في تشييع أحمد المطر وتوزيع الماء أثناء ذلك، تنظيم التشييع. وأكدت المنظمة أن النيابة العامة قامت بتضخيم واختلاق تهم لم ترد في دفاتر التحقيق والاقرارات المنتزعة تحت التعذيب، فلم يُذكر في إقرارات الدرازي أي ذكر لتكوين خلية إرهابية. جلال اللباد اعتُقل جلال اللباد في فبراير/شباط 2017 خلال مداهمة لمنزل عائلته في العوامية، دون أمر قضائي، وتم اقتياده إلى جهة مجهولة. لم تُوجه إليه لائحة الاتهام إلا بعد نحو ثلاث سنوات، في ديسمبر/كانون أول 2019. بدأت محاكمته في يوليو/تموز 2020، وطالبت النيابة العامة بصلبه. وفي أغسطس/آب 2022، صدر حكم القتل تعزيرًا، وأيدته محكمة الاستئناف في أكتوبر/تشؤين الأول 2022. ورد اسمه أيضًا في المراسلة الأممية في فبراير/شباط 2023، وجاء رد “السعودية” في أبريل/نيسان زاعمًا أن الرسالة “تحتوي على ادعاءات”. وقد تمّت مصادقة المحكمة العليا على الحكم في وقت لاحق من العام 2023، وفقًا لمعلومات موثوقة. تعرض جلال لباد لظروف اعتقال مروعة منذ اليوم الأول، من بينها عزله عن العالم الخارجي في زنزانة انفرادية لمدة تسعة شهور ونصف، توزعت على فترتين، وحرمانه من حقه في الاستعانة بمحامٍ، كما أنه اُخضِع لتعذيب شديد وضروب أخرى من المعاملة السيئة الحاطة بالكرامة الإنسانية، وذلك في فترة التحقيق الواقعة بين فبراير وديسمبر 2017، بغرض إرغامه على الإدلاء بأقوال محددة. في 30 أبريل/نيسان 2025، عبّر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة عن استيائه الشديد من استمرار النظام السعودي في إصدار وتنفيذ أحكام إعدام بحق خمسة أفراد اعتُقلوا وهم قُصّر، بتهم تتعلق بممارسات سلمية كالمشاركة في احتجاجات أو حضور جنازات لأشخاص قُتلوا على يد السلطات، من بينهم عبد الله الدرازي وجلال اللباد. وأكد الخبراء الأمميون أن تنفيذ حكم الإعدام في هذه الحالات يشكل انتهاكًا صارخًا لالتزامات السعودية بموجب القانون الدولي، ويُعد إعدامًا تعسفيًا وغير قانوني. وقد سبق للفريق العامل أن أصدر رأيًا قانونيًا مستقلًا بشأن قضايا عبد الله الدرازي، جلال اللباد، يوسف المناسف، جواد قريريص، وحسن زكي الفرج، خلص فيه إلى أن حرمانهم من حريتهم تعسفي بالكامل لافتقاده أي أساس قانوني سليم، ودعا إلى الإفراج الفوري عنهم لتجنب تعريض حياتهم وسلامتهم لخطر لا يمكن تداركه. اعتبرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن استمرار التهديد بتنفيذ حكم الإعدام بحق الدرازي واللباد على مدى سنوات يُشكّل نمطًا من التعذيب النفسي المستمر لهما ولعائلتيهما. ومع تسجيل “السعودية” ارتفاعًا كبيرًا في عدد الإعدامات، رأت المنظمة أن الخطر على حياتهما يتصاعد بشكل مقلق. كما أكدت أن تجاهل النظام السعودي للمطالب الدولية بإلغاء هذه الأحكام وتعديلها، يعكس بوضوح طبيعة تعاطيها مع آليات الأمم المتحدة، خاصة المعنية بحقوق الإنسان.
/
