الصوماليون في “السعودية”: بين تعذيب واعتقال وترحيل

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1265
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الداخلية السعودية، نفذت “السعودية”، منذ مطلع عام 2025، حكم الإعدام بحق 15 مواطناً صومالياً، جميعهم كانوا محتجزين في سجن نجران الواقع جنوب البلاد. ووفقا النباتات عينها، فإن التهم الموجهة إلى هؤلاء الأفراد تعلّقت جميعها بقضايا تهريب المخدرات، وتحديداً الحشيش. ووفقا للمنظمة الاوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تُعدّ هذه الحصيلة هي الأعلى بين الأجانب الذين تم تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم منذ بداية العام حتى 12 يونيو، إذ تشير البيانات الرسمية إلى أن مجموع الإعدامات منذ بداية السنة بلغ 144 حالة، من بينها 71 حالة لأشخاص من جنسيات غير سعودية. المنظمة الأوروبية السعودية قالت أن هذا التصعيد المفاجئ وغير المسبوق في تنفيذ أحكام الإعدام بحق مواطنين صوماليين يثير العديد من علامات الاستفهام، خاصة إذا ما قورن بما كان عليه الحال في السنوات السابقة. فمنذ عام 2015 وحتى نهاية 2024، لم تُنفذ السعودية سوى حكمين بالإعدام ضد مواطنين صوماليين، وكان ذلك في عامي 2018 و2019، بتهم تتعلق بالقتل والاغتصاب والسرقة. أما الآن، فإن العدد الذي سُجل خلال النصف الأول فقط من عام 2025 يفوق ما تم تنفيذه خلال عقد تقريباً، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول الأسباب التي تقف خلف هذا التصعيد. المخاوف الحقوقية تزداد في ظل المعلومات التي تؤكد استمرار احتجاز عدد كبير من الصوماليين في السجون السعودية، حيث تشير تقارير موثوقة وصلت إلى منظمات حقوقية إلى وجود أكثر من 50 سجينا صومالياً آخر في سجن نجران وحده، وهو السجن ذاته الذي نُفذت فيه الإعدامات الأخيرة. كما تؤكد منظمات مجتمع مدني صومالية أن عدد السجناء الصوماليين في شبه الجزيرة العربية يتراوح إجمالاً ما بين 200 إلى 300 سجين، ما يشير إلى احتمالية وجود موجات أخرى من الإعدامات. في هذا الإطار، رأت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن عدد الإعدامات غير المسبوق يضاف إلى الانتهاكات الممنهجة بحق الأجانب في “السعودية”، والتي تفضي إلى أحكام بعد محاكمات جائرة تفتقد إلى معايير العدالة. وكانت المنظمة قد رصدت تعذيب وسوء معاملة وانتزاع اعترافات إلى جانب حرمان الحقوق في الدفاع الكافي عن النفس. كما وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية أن ما يجري بحق المحكومين الصوماليين يعكس تصعيداً خطيراً، حيث تمثل الأرقام غير المسبوقة للمحكومين والتوسع في التهم التي تستوجب أحكام القتل مؤشرا للنهج الدموي الذي بدا جليا منذ بداية 2025. هذا وسبق للحكومة الفيدرالية الصومالية أن بذلت جهود في إلغاء أحكام الإعدام التي صدرت بحق حوالي أربعين مواطنًا صوماليًا يقبعون حاليًا في سجون آل سعود. وسبق أن ناقش وزير العدل والشؤون الدستورية الصومالي حسن معلم، في سياق الجهود الدبلوماسية، هذا الملف مع السفير السعودي لدى الصومال. وركزت المحادثات على وقف تنفيذ أحكام الإعدام وتعزيز التعاون القضائي بين البلدين. اقترح خلالها توقيع اتفاقية مع وزارة العدل السعودية لتبادل السجناء، تسمح للمواطنين الصوماليين المدانين بقضاء عقوباتهم في الصومال. هذه التحركات الدبلوماسية السابقة أتت بعد إعدام المواطن الصومالي محمد نور حسين، الذي قُتل بقطع الرأس في فبراير/شباط 2025 بتهمة تهريب المخدرات. عقب ذلك ، نظمت عائلات السجناء الصوماليين المحكومين بالإعدام احتجاجات في مقديشو، مطالبة الحكومة الصومالية بالتدخل لحماية ذويهم. ترحيل جماعي بعد سلسلة من الانتهاكات كما سبق أن اتهمت “هيومن رايتس ووتش” السلطات السعودية بترحيل جماعي لآلاف اللاجئين الصوماليين، بينهم نساء وأطفال، بشكل قسري إلى بلادهم، متجاهلةً الوضع الخطير في الصومال، وحارمة إياهم من فرصة تقديم طلبات لجوء للأمم المتحدة. وأفاد العديد من المرحلين بتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز. وذكرت المنظمة أن “السعودية” قد رحّلت ما يزيد عن 12 ألف شخص إلى الصومال منذ يناير 2014، بمن فيهم المئات من النساء والأطفال، دون السماح لأي منهم بطلب اللجوء. وأكدت “هيومن رايتس ووتش” على السعودية ضرورة وقف عمليات الترحيل الموجزة التي قد تشكل انتهاكًا لالتزاماتها الدولية بعدم إعادة أي شخص إلى حيث يتعرض حياته أو حريته للخطر، أو غير ذلك من الأضرار الجسيمة. وأفادت المنظمة، نقلًا عن عدد من الصوماليين المبعدين مؤخرًا، بأن السلطات السعودية احتجزتهم لأسابيع في ظروف سيئة، وذكر بعضهم تعرضهم للضرب من قبل عناصر الأمن السعودي. ولم يُسمح لأي منهم بالتحدث مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين لمناقشة إمكانية طلب اللجوء قبل ترحيلهم. ووصف الصوماليون الذين التقت بهم “هيومن رايتس ووتش” بعد وصولهم إلى مقديشو ظروف الاحتجاز السعودية بأنها تتميز بالاكتظاظ الشديد، ونقص التهوية وضوء الشمس، والحرارة الشديدة، ومحدودية المساعدات الطبية أثناء انتظارهم الترحيل. واشتكى الجميع من جودة الطعام وكمياته. وروى أحد المبعدين تعرضه للضرب المتكرر من قبل حراس السجن، وشاهد آخر الحراس يضربون محتجزًا كان يشكو من سوء الأوضاع. وباستثناء حالة واحدة، لم تكن مراكز الاحتجاز توفر فُرشًا للنوم، مما اضطر المحتجزين للنوم على الأرض. وذكر صوماليون أن الاعتداء بالضرب وغيره من أشكال سوء المعاملة استمر خلال عملية الترحيل. وقالت ساديو، وهي سيدة في شهر حملها التاسع اعتُقلت ورُحّلت منفصلة عن زوجها، إن شرطية سعودية ضربتها على ظهرها بهراوة أثناء وقوفها في الطابور بمطار جدة. داهم المخاض السيدة، فوضعت حملها على أرضية الطائرة أثناء رحلتها إلى مقديشو. كما قال صومالي آخر يُدعى محمد إن السلطات السعودية احتجزته في خمسة مراكز احتجاز لمدة 57 يومًا قبل ترحيله. وأضاف: “في مركز الاحتجاز الأول بالرياض، كان الطعام شحيحًا لدرجة أننا كنا نتنازع عليه، فيأكل الأقوى أكثر من غيره. وكان الحراس يأمروننا بمواجهة الحائط ثم يضربون ظهورنا بعصي معدنية. في المكان الثاني، كان هناك مرحاضان لخدمة 1200 شخص، بينهم عشرات الأطفال.” وتحدث عدد من المبعدين أيضًا عن مشاكل صحية مزمنة أصابتهم بسبب احتجازهم في السعودية، منها السعال المزمن. وذكر بعضهم أنهم رأوا أطفالًا محتجزين مع أقاربهم وبالغين آخرين. وقال أحدهم إنه احتُجز مع ما يقرب من 30 طفلًا في سنوات المراهقة المبكرة دون وجود من يرعاهم. وقالت عاملة صحية في مقديشو لـ”هيومن رايتس ووتش” إنها اعتنت بطفل يبلغ من العمر سنة واحدة في أحد مستشفيات مقديشو لأسابيع. كان الطفل قد احتُجز مع والده لمدة شهر قبل ترحيله، وكان يعاني من الإسهال وسوء التغذية والأنيميا. وذكرت سالادو، 35 عامًا، أن السلطات السعودية احتجزتها لمدة 9 أيام مع طفلين، أعمارهما 7 و9 سنوات، وأطفال أختها الثلاثة قبل ترحيلهم. وقالت: “كانت الغرفة التي أقمنا بها مع 150 سيدة وطفلًا آخرين شديدة الحرارة وبدون تكييف هواء. وكان الأطفال مرضى. كان ابني يتقيأ وبطنه منتفخًا جدًا. لم تكن هناك حشية للنوم، بل كان الناس ينامون على الأرض.” ونقلت “هيومن رايتس ووتش” عن المنظمة الدولية للهجرة أن العديد من المرحّلين في حالة صحية سيئة بسبب احتجازهم الطويل في ظروف سيئة قبل ترحيلهم. وقد تعرض بعضهم لصدمات جسدية ونفسية أو أصيبوا بأمراض تنفسية، بما في ذلك الالتهاب الرئوي. ولاحظت المنظمة أن: “عددًا لا يستهان به ربما يكون قد تعرض لسوء المعاملة.” كما أجرت “هيومن رايتس ووتش” مقابلات مع 42 عاملًا يمنيًا تم ترحيلهم من السعودية في نوفمبر الماضي. وتطابق وصفهم لظروف الاحتجاز مع ما وصفه الصوماليون المبعدون. وقال معظمهم إن هناك اكتظاظًا ونقصًا في الطعام والماء الصالح للشرب، وأبلغوا أيضًا عن تكرار الاعتداء بالضرب من قبل حراس السجن. وقال خمسة مواطنين إثيوبيين لـ”هيومن رايتس ووتش” إن آلاف العمال الأجانب في الرياض محتجزون في مراكز احتجاز أُقيمت على عجل، ويفتقرون إلى ما يكفي من الطعام والمأوى، قبل ترحيلهم. وأكد جيري سمسون، وهو باحث أول ببرنامج اللاجئين في “هيومن رايتس ووتش”، على ضرورة أن “تُحقق السلطات السعودية في مزاعم الإساءة أثناء الاحتجاز والترحيل، وعلى الحكومة التحرك فورًا لتحسين مرافق الاحتجاز المزرية.” وقال سمسون: “ما زالت الصومال تعاني من العنف الذي يقتل المدنيين ويصيبهم بالعاهات، بينما يكافح مئات الآلاف من النازحين داخليًا للبقاء على قيد الحياة بصعوبة في مخيمات تفتقر إلى الأمن. وعلى السعودية وغيرها من البلدان التي يعيش فيها صوماليون أن تقوم بفحص دقيق لمطالب اللجوء وغيرها من مطالب الحماية التي يتقدم بها صوماليون.” وأضاف: “يتعين على كبار المانحين لمفوضية اللاجئين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الضغط على السعودية لإنهاء ترحيل الصوماليين.”