موقع إسرائيلي: “السعودية” على أعتاب خلافة محسومة بدعم أميركي وصمت داخلي
أفرد موقع “Ynet News” التابع لصحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية مقالا تناول فيه كيف عزز دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته إلى “السعودية” سلطة محمد بن سلمان، ضمن سياق إعادة ترتيب التوازن في المنطقة. واعتبر الموقع الصهيوني أن “الطريق إلى العرش السعودي يزداد وضوحًا أمام محمد بن سلمان، وذلك في أعقاب الزيارة البارزة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى “السعودية” في مايو/أيار 2025. إذ عززت إشادة ترامب العلنية بإبن سلمان – والتي جاءت خلال منتدى استثماري كبير في الرياض – من مكانة محمد بن سلمان الدولية، وأرسلت رسالة قوية بشأن توافق الولايات المتحدة مع ما أسماه “وريث العرش السعودي”. وذكر الموقع بما قاله ترامب خلال منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي، ووصفه محمد بن سلمان بأنه “رجل رائع” و”صديقي”، وإشادته بقيادته وإصلاحاته الداخلية المزعومة. وإعلان محمد بن سلمان عن التزام سعودي بالاستثمار في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار، تشمل قطاعات مثل الدفاع والطاقة والتكنولوجيا تلقت تصريحات ترامب تصفيقًا حارًّا عندما عبّر عن أمله بانضمام “السعودية” “قريبا إلى اتفاقيات إبراهيم”، وأكد على شراكة متجددة قائلاً إن “لا أحد سيكون قادرًا على زعزعة حكمه.” وباعتبار أن التصريحات للإعلام الإسرائيلي بات أمرا اعتياديا لدى أقلام النظام السعودي المأجورة، فقد صرّح فهد السنّي، “الباحث السياسي السعودي المقيم في الخارج”، كما وصفه الموقع : “لقد رسّخ محمد بن سلمان حكمه، وقد لا يكون هناك الآن أي مقاومة له داخليًا.” وأضاف: “حتى لو لم يُكثر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من ثنائه عليه خلال تواجده في “السعودية”، فإن محمد بن سلمان يحظى الآن بنفوذ دولي واسع وشعبية داخلية معقولة.” “سيبلغ محمد بن سلمان الأربعين من عمره في أغسطس/آب”. قبل عقد، لم يكن يُنظر إليه كمرشح بارز لولاية العهد. حينها، كان لدى أبناء سلمان الأكبر مكانة منورّة، مثل سلطان بن سلمان — أول عربي ومسلم في الفضاء الذي تحرّك على متن مكوك ناسا عام 1985 —وعبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة الحالي. لكن تم تجاوزهما في خطّ الخلافة عندما رفع سلمان من شأن ابنه الأصغر محمد إلى منصب نائب ولي العهد في 2015 “ وأضاف الموقع “تقليديًا، كانت الخلافة في “السعودية” تتبع نمطًا أفقيًا: يصعد العرش من ابن إلى ابن آخر من أبناء مؤسس السعودية، عبدالعزيز (1875–1953)، بدلاً من انتقاله من أب إلى ابن. وهذا النموذج، المبني على السنّ والاتفاق بين الأمراء الكبار، ساعد على الحفاظ على وحدة العائلة واستقرارها لعقود. لكن مع تقدم جيل المؤسسين في السن، تزايد الضغط بالتحوّل إلى الجيل التالي. وعند إعلان تعيين محمد بن سلمان وليًا للعهد عام 2017، كان ذلك تحوّلًا دراماتيكيًا في التقاليد، حيث تم اعتماد نظام الخلافة من الأب إلى الابن لأول مرة منذ تأسيس الدولة السعودية الحديثة”. بطبيعة الحال، يروج التقرير لهذا التحول كأنه تحولاً من ديكتاتورية اسمها السعودية إلى السعودية الديمقراطية. ويتابع التقرير في تفصيل الهرمية داخل العائلة المحتلة لأرض الجزيرة العربية بالقول :” في ذلك الوقت، كان يُنظر إلى “الأمراء” الكبار مثل أحمد بن عبدالعزيز — الأخ الأصغر للـ””مل”ك سلمان — ومحمد بن نايف، وزير الداخلية وابن أخ “الملك”، على أنهم الخلفاء الأكثر ترجيحًا. ففي أبريل/نيسان 2015، أصدر سلمان مرسومًا بتعيين محمد بن نايف وليًا للعهد بموافقة “مجلس البيعة”، وسُمّي محمد بن سلمان نائبًا لولي العهد”. “في يونيو 2017، قام سلمان بشكل مفاجئ بإعفاء محمد بن نايف من جميع مناصبه الرسمية، ورفع ابنه محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد”. وروّج الموقع ومن باب دعم المشهد الحالي لـ” تقارير تفيد بأن محمد بن نايف أصبح معتمدًا على المسكنات بعد محاولة اغتيال تعرّض لها عام 2009، وأن هناك مخاوف بشأن صحته ونفوذه كانت تتداول داخل القصر. كما انتشرت ادعاءات — غير مؤكدة — على نطاق واسع في الإعلام الخليجي والغربي، تزعم وجود اختراق من جماعة الإخوان المسلمين لوزارة الداخلية خلال فترة توليه. دون أن يُصدر النظام السعودي أي بيان رسمي يثبت أو ينفي هذه الادعاءات”. وبعد إقالته، أفادت التقارير أن محمد بن نايف وُضع قيد الإقامة الجبرية ومُنع من السفر إلى الخارج، رغم أن السلطات السعودية لم تؤكد رسميًا هذه الإجراءات. ولم يظهر في العلن منذ ذلك الحين. منافس آخر، بحسب الموقع الصهيوني، متعب بن عبدالله، نجل “الملك” السابق عبدالله ووزير الحرس الوطني السعودي السابق، تم إعفاؤه أيضًا من منصبه في أواخر عام 2017. وجاءت إقالته في إطار حملة واسعة لـما أسماه النظام حينها “مكافحة الفساد” شملت اعتقال عشرات من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال، حيث تم احتجازهم في فندق الريتز-كارلتون بالرياض. ولفت الموقع إلى أن “التبرير الرسمي كان مكافحة الفساد، إلا أن منتقدين اعتبروا أن الحملة كانت أيضًا بمثابة تطهير سياسي يهدف إلى تحييد مراكز نفوذ بديلة وقوية داخل عائلة آل سعود”. ونفل الموقع عن السنّي قوله: “كان هناك خوف من بعض الأمراء مثل أحمد بن عبدالعزيز، و”الأمير” محمد بن نايف، و”الأمير” متعب بن عبدالله. لكنهم الآن جميعًا قد أُبعدوا، ولم يعد لهم أي تأثير في السياسة السعودية. لقد تم عزل مساعديهم والمقرّبين منهم خلال السنوات العشر الماضية.” سلمان، الذي يبلغ من العمر الآن 89 عامًا، لم يظهر في مناسبات علنية إلا نادرًا في السنوات الأخيرة. كان آخر ظهور علني له بصوته في افتتاح جلسة مجلس الشورى بتاريخ9 أكتوبر/تشرين الأول 2022. ومنذ ذلك الحين، لم يظهر إلا في لقطات صامتة وصور فوتوغرافية، ولم يلتقِ شخصيًا بأي من القادة الأجانب الزائرين. وعلى المقلب الآخر، نقل الموقع عن من أسماه “المعارض” علي الأسيري قوله إن محمد بن سلمان قام بتركيز السلطة في يده عبر جميع مؤسسات الدولة. وأضاف: “منذ عدة سنوات، لا يتم تعيين أي منصب حكومي إلا إذا كان ولاؤه لمحمد بن سلمان، وجميع الوزراء الحاليين يدينون له بالولاء.” وتابع “أغلب الشخصيات المؤثرة في السياسة السعودية تم التخلص منها — سواء كانوا أمراء، رجال أعمال، أو غيرهم ممن كان لهم نفوذ كبير.” كما قال: “ربما كان الشعب السعودي متفائلًا في بداية عهد الملك سلمان، وقد اتُخذت قرارات جيدة لصالح الناس، لكن ما حدث لاحقًا تسبب في سخط داخلي، وهناك كثيرون يمكنهم استغلال هذا السخط لتغيير النظام في حين أشار علي الأسيري إلى القمع الداخلي، فإنه يرى أن التحدي الرئيسي لمحمد بن سلمان يكمن حاليًا خارج “السعودية”. وقال: “ربما تكمن مشكلة محمد بن سلمان الآن في الصراع المستمر على النفوذ داخل الخليج، فهو أحيانًا يصطدم مع القيادة في الإمارات، التي تملك نفوذًا قويًا. وقد تصادم سابقًا مع أمير قطر، والآن لديه خلافات اقتصادية متعددة.” وتابع: “لكن تم حل جميع تلك الخلافات من خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي أرسلت رسالة مباشرة مفادها أن الأمير محمد بن سلمان يتمتع بتحالف قوي مع الولايات المتحدة، ولا أحد سيتمكن من زعزعة حكمه.” أما الكاتب السعودي المأجور منذر العسكري وفي حديثه للموقع الصهيوني، رفض الحديث عن أي حالة عدم استقرار، مدّعيّاً أن “الأمور مختلفة في “السعودية”. إنها دولة مستقرة سياسيًا، والجميع يعمل لصالح الدولة.” وزعم: “إن مجلس البيعة يضمن استقرار الحكومة، وحتى مسألة من سيكون ولي العهد التالي سيتم حسمها. هناك العديد من المرشحين الجيدين، ونحن نشهد عصرًا جديدًا لأبناء الملك عبدالعزيز، وقد بدأ هذا العصر بمبادرة من محمد بن سلمان.” وبرر الأمر بالقول أنَّه “ليس من غير المألوف أن يتولّى” ولي العهد السعودي” القيادة اليومية بينما يكون الملك مسنًا أو مريضًا.” وقال: “سبق أن تولّى عبد الله القيادة حين كان وليا للعهد، إذ كان “الملك” فهد يعاني من عدة أمراض. وحدث الأمر نفسه مع سلمان، الذي تولّى القيادة أثناء تدهور صحة عبد الله. لذا، فإن تولي محمد بن سلمان القيادة أثناء كونه ولي العهد ليس بالأمر المفاجئ.”
