النظام السعودي يوقف إصدار التأشيرات للحجاج الإيرانيين
أوقف النظام السعودي إصدار التأشيرات للحجاج الإيرانيين، وذلك بحسب ما أعلن عنه مستشار وزير الخارجية الإيراني محمد حسين رنجبران. تأتي هذه الخطوة بعد اعتقال النظام لرجل الدين الإيراني غلام قاسميان على خلفية نشره مقطعا مصورا انتقد فيه الحال التي وصلت إليه “السعودية”. وقال أحد مقدمي برنامج “محفل” ““بسم الله الرحمن الرحيم نحن الآن في حضرة رسول الله، ندعو لجميع الأحبة ، أيها الأحبة، من الآن فصاعدًا، لم يعد من الضروري الذهاب إلى أنطاليا، بل يمكنكم السفر إلى مكة والمدينة ، التجار والغاصبون للقبلة قد وفّروا الظروف المناسبة: دور القمار، مراكز الفحشاء، الحفلات الخليعة، كل شيء بات جاهزًا، وكأننا نعود إلى إعدادات المصنع الخاصة ببني أمية ، ما يحدث ليس أمرًا طبيعيًا، وليس مجرد إلحاد، بل هو إرادة إلحاد.” وأضاف قاسميان “لا تنخدعوا بحركات الدبلوماسية والزيارات الرسمية ، التضييق شديد لدرجة أنهم لا يسمحون للحجاج بفهم معارف الحج ، لكن كل هذا يحمل رائحة الظهور، ورائحة إمامة إمام القبلة، ورائحة صاحب البيت ، وهنا لا يعود الله يتحمّل، ومن يرد فيه بإلحاد — وهنا تجري إرادة الإلحاد — فليس الأمر مجرد إلحاد ، إن شاء الله، كل هذه الأمور ستؤدي إلى مجيء صاحب القبلة، ليحرر القبلة من أيدي هؤلاء التجار والغاصبين!” يذكر أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي أدان بشدة كل محاولة للمساس بوحدة المسلمين. وأضاف “نحن عازمون على عدم السماح لأي جهة بإفساد علاقاتنا مع جيراننا الأشقاء، وفي طليعتهم المسار البنّاء بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية ” واعتبر أن “الإدارة المتميّزة لشعائر الحج هذا العام تحظى بتقدير ايران” وتقدم عراقتشي بـ”أحرّ التحيات والدعاء بالتوفيق والنجاح المستمر لحكومة وشعب المملكة العربية السعودية”، على حدّ قوله. إلى ذلك، الخارجية السفير الإيراني في “السعودية”، علي رضا عنايتي، كان قد كتب على صفحته في منصة “إكس” : “لقد جاؤوا من كل حدب وصوب إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة، راجين الرحمة والمغفرة الإلهية، وأرض الحرمين الشريفين تستقبل ضيوف الرحمن والحجاج الإيرانيين بكل احترام”. ورأى أن السلطات السعودية تبذل قصارى جهدها لخدمتهم، وأضاف: “الحجاج يحترمون حرمة الحرمين الشريفين ويلتزمون بالأنظمة واللوائح ولا أحد يقبل الكلمات السيئة والمهينة”. ليست المرة الأولى التي تعمد “السعودية” إلى اتخاذ إجراءات عدائية بحق الحجاج الإيرانيين، ففي موسم الحج المنصرم اعتقلت “السعودية” في 21 من شهر أيار 2024، أعضاء من المجموعة الإعلامية للبعثة الإيرانية في المدينة المنورة أثناء قيامهم بتسجيل تلاوة القرآن الكريم في المسجد النبوي، وبعد عدة ساعات من الاستجواب، تم نقلهم إلى مركز احتجاز الشرطة المركزي بالمدينة المنورة دون الإعلان عن السبب. وبعدها بيومين، أدت الشرطة واعتقلت صحفيَّين اثنين، أحدهما مراسل من قناة العالم والثاني مراسل من هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني (صدى وسيما)، عند ارتجالهما من السيارة قاصدين الفندق الذي يقيم فيه الحجاج الإيرانيون، للمشاركة بدعاء كميل. ووفقا لما أكدته وكالة الأنباء الرسمية فلم يُقدم أي من الصحفيين على القيام بأي تصرف خارج عن المألوف عند اعتقالهما. وفي اليوم نفسه، استدعت الشرطة السعودية واعتقلت صانع أفلام وثائقية إذاعية من فندقه في المدينة المنورة. وبعد احتجاز دام قرابة الأسبوع، تم إخلاء سبيل المجموعة الإعلامية المؤلفة من ستة أشخاص، ورُحّلوا إلى مطار دبي قبل أن يقلّهم طيران إيراني ويصلوا إلى إيران دون أن يُبلّغوا بخلفيات الإعتقال أو دوافعه مع تكتّم معتاد من قِبل السلطات السعودية. يستغلّ “النظام” سلطته القهرية على مراسم الحج باعتبارها أداة دبلوماسية لتزخيم العلاقات مع دول وجهات سياسية بعينها مقابل التضييق على حصة دول وجهات أخرى تعاديها، في تسييس واضح للتوزيع. ليست المرة الأولى التي تحرم فيها “السعودية” أبناء عدد من الدول من أداء مناسك الحج والعمرة، فقد أغلقت سابقا أبواب بيت الله الحرام أمام الحجاج لأسباب سياسية، مثل مواطني دول قطر، سورية، اليمن، الكويت، مصر، البدون واللاجئين الفلسطينيين. فمنعت عام 2023 رجل دين شيعي من إيران بأداء فريضة الحج حيث أجبرت الشيخ جواد الزّنجاني على العودة إلى إيران بعد وصوله مطار جدة وانتظاره ساعات فيه، ومن دون تقديم أسباب له عن منعه من دخول البلاد. بالمقابل، يتم التعامل بازدواجية فاضحة من داخل الحرم المكي، إذ يسمح بالتجاوزات من داخل الحرم دون أي رادع سيما على مستوى التصرفات الخارجة عن إطار الأخلاق. تمثّلت أحد أهم أشكال الانتهاكات في امتناع السلطات عن إصدار تأشيرات الحج والعمرة للنشطاء والعلماء والأكاديميين والمثقفين والمفكرين والإعلاميين وغيرهم من مختلف الفئات الاجتماعية والثقافية، الذين يختلفون مع السلطات “السعودية” في الرؤى والمواقف السياسية أو الفكرية، حيث كان لهذا التضييق على إعطاء تراخيص الحج تناقضا مع دعوة السلطات الحصول على التصريحات. وفي الوقت الذي يدّعي فيه آل سعود نبذهم لأي مظاهر أو شعارات يدّعون أنها “سياسية” تحت حجج عدم تسييس الفرائض، يمنع النظام حرية تأدية الحجاج لمسيرة البراءة، وكذا من حرية أداء مناسكهم وعباداتهم وفق عقائدهم ومذاهبهم بحجة عدم التسييس نفسها، لكنهم في الوقت نفسه يُمسكون بمفاصل تنظيم مراسم الحج والعمرة، ويستغلونه لاصطياد المعارضين أو المتجرئين على القوانين السعودية الخاصة بمنع الشعارات الدينية خلال تأدية المناسك.
