باحث في الدراسات الإسلامية: بناء “ذا لاين” يناقض العمارة الإسلامية
نظرة ناقدة حديثة لهندسة “ذا لاين” قدّمها الباحث المتخصص في الدراسات الإسلامية والشرق اوسطية، ماليز روزفن، واصفاً محمد بن سلمان، المتبنّي لهندسة هذه المشاريع، بأنه إما جاهل بمميزات العمارة الإسلامية أو أنه المتسخفّ بها. في مقالة له، قارن روزفن بين هكذا بناء ضخم ومُكلف يُقام في بلد إسلامي، مع بناءات تبشبهه من حيث كونها معلم كبير في البلد، مثيل تاج محل في الهند، لافتا إلى غياب أي طابع إسلامي عن مشاريع ابن سلمان، خاصة “ذا لاين”، درة تاج مشاريع رؤية ٢٠٣٠. أوضح روزفن: “يجدر بنا أن نسأل عما يكشفه تصميم نيوم عن راعيها الاستبدادي. جوهرة تاج نيوم هي ذا لاين، وهو هيكل من الفولاذ والزجاج يبلغ طوله حوالي 170 كيلومترًا مع مرايا للجدران وشرفات متتالية مع نباتات وبرك. لا يبدو أي شيء في تصميمه “إسلاميًا”. تم تصميم النموذج الأصلي من قبل المهندس المعماري الأمريكي المخضرم توم ماين، والذي، على عكس الراحل توم باييت، مصمم مستشفى الآغا خان الرائع في كراتشي، ليس لديه خبرة في العمل في البيئات الإسلامية. قبل تصميم المستشفى، زار باييت، بناءً على طلب عميله، العديد من المواقع من إسبانيا إلى باكستان لدراسة أنماط مختلفة من العمارة الإسلامية. كانت الفكرة هي معرفة كيفية دمج صفات الحياة الإسلامية وكذلك العمارة في تصميم المستشفى. حتى الآن لم يبذل ماين أي جهود من هذا القبيل”. تابع مؤلف كتاب “المملكة غير المقدسة”: قد لا يكون من المُستغرب وصف رؤية ماين الخطية بأنها “أمّيّة إسلاميًا” من حيث رؤيتها الجمالية والاجتماعية. ورغم عدم وجود إجماع عالمي حول ماهية “العمارة الإسلامية”، إلا أن التناقض الإيقاعي بين القباب الأرضية والمآذن الشاهقة التي تُميز روائع معمارية شهيرة مثل تاج محل في الهند أو جامع السليمية في أدرنة بتركيا، غائبٌ بشكل ملحوظ. وكما أوضح ماين نفسه للسعوديين، فإن هيكل “ذا لاين” المستقيم استُلهم من تفكيك خريطة لنيويورك”. “أظهر محمد بن سلمان وفريقه، من خلال منحه العقد لمصممين غربيين غافلين عن السياقات الإسلامية، إما جهلًا بالتقاليد الجمالية والثقافية السائدة في العالم الإسلامي، أو، وهو الأرجح، ازدراءً لها. وقد تجلى هذا الازدراء جليًا عندما دمّر آل سعود النسيج العثماني لمكة المكرمة، محولين المدينة المقدسة إلى نسخة طبق الأصل من لاس فيغاس”، يضيف روزفن. مشيرا إلى النداء الذي وجهته مؤخرًا أرملة الصحفي خاشقجي إلى المهندسين المعماريين البريطانيين، قالت فيه، لمجلة Architects’ Journal : ” أرجو منكم التحدث إليهم [العائلة المالكة الحاكمة في المملكة العربية السعودية] وتذكيرهم بوجود عملٍ لم يُنجز بعد، وهو جمال”. معتبرة أنه “يبدو من غير المرجح أن يُحرز نداء حنان أدنى تقدم في المملكة العربية السعودية، التي تُعتبر بمثابة ديزني لاند للمهندسين المعماريين البريطانيين الطموحين. وكما قال ج. روبرت أوبنهايمر، أبو القنبلة الذرية، عندما طُلب منه شرح جاذبية العمل في مجال الأسلحة الذرية: “عندما ترى شيئًا رائعًا من الناحية التقنية، فإنك تمضي قدمًا وتنفذه””. سبق أن قام مهندسون معماريون بالانسحاب من مهامهم في مشاريع ابن سلمان، تبعا لضغوط اجتماعية أو شخصية تتعلق بملف حقوق الانسان في البلاد. مثال على ذلك المهندس المعماري الإنجليزي نورمان فوستر الذي انسحب من مجلس إدارة نيوم بعد مقتل خاشقجيي، وكان يعمل ضمن شركة فوستر وشركاه. لكن وفقا للكاتب فإنه على الرغم من انسحابه، إلا أن ممارسته لم تؤد إلا إلى تعميق مشاركة الشركة، التي تعمل حاليًا على تصميم برج يبلغ ارتفاعه كيلومترين بالقرب من الرياض، ومن المقرر أن يكون أطول برج في العالم؛ و “مدينة مطار” بستة مدارج ؛ وما يوصف بأنه “أول مركز تجريبي للحياة البحرية غامر بالكامل في العالم” في منتجع أمالا على البحر الأحمر في الخليج. وكان المهندس فوستر قد تعرّض لتوبيخ شديد بسبب دوره في بناء مطار نيوم من قبل شبكة العمل المناخي للمهندسين المعماريين (ACAN)، التي ذكرت أنه “بناءً على سمعة المملكة العربية السعودية في انتهاك حقوق الإنسان والعبودية والوفيات في البناء، فإن العمل في مشاريع هناك سيكون غير أخلاقي” – ويتعارض مع مدونة قواعد الممارسة المهنية للمعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين. وكان مما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال؛ ممارسات فساد وسوء إدارة على أعلى مستوى في مشروع نيوم، حيث لا يزال كبار المديرين التنفيذيين، الذين مُنعوا من العمل في أوروبا بتهمة الفساد، يمارسون عملهم بحرية في السعودية. وكما ذكرت الصحيفة، فإن محمد بن سلمان “يسمح بما يعتبره الكثيرون سلوكًا سيئًا طالما أن المدير التنفيذي يُحقق رؤيته”. في الوقت نفسه، يُقال إن عمال مشروع “ذا لاين” يعملون 16 ساعة يوميًا في ظروف عمل سيئة. وقد قدّر فيلم وثائقي بثته قناة ITV في أكتوبر الماضي بعنوان “المملكة مكشوفة: داخل المملكة العربية السعودية” ، أن 21 ألف عامل من نيبال والهند وبنغلاديش لقوا حتفهم منذ عام 2016 أثناء عملهم في المشاريع العملاقة السعودية.
