عبدالمجيد النمر.. خادم حسيني ارتقى شهيداً بسيف الوهابية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 76
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

“كالصاعقة اخترقت فؤادي، وآلمتني. نعم، نشعر بالأسى كما الفخر، عندما يرتقي أحد معتقلينا في سجون آل سعود. ونعم، نتألم ولو كنا أقوياء على فقد الأحبة. صحيح أن الشهادة عز وافتخار، لكن البعد القسري والظلم الواقع من طغمة حاكمة، يولد ألماً، وبحجم هذا الألم، يكبر شعورنا بالثأر الحتمي، بزوال هذا النظام الجاثم على صدور العباد من أبناء الجزيرة العربية”. بهذه الكلمات، والتي تحمل بطياتها الكثير من حكايات، تخطها دماء الشهداء عندما تحضر وتزهو، كزرع لا شك ولا ضير أن نباته سيكون انتصار محتوما، يتحدث مصدر خاص لـ”مرآة الجزيرة”، عن عاشر شهداء القطيف لهذا العام.. خاص _ مرآة الجزيرة السابع عشر من أغسطس 2024، استشهد معتقل الرأي عبدالمجيد حسن النمر، من مدينة العوامية في القطيف. وبهذه الجريمة، أخبرت الداخلية السعودية أبناء عوام، بأنها لم تتخل عن سياسة قتلهم وأن سيف آل سعود الأجرب لا يزال مسلطاً على أعناق أبنائها الذين يكابدون ويلات السجون وعذابات الزنازين الضيقة والمعتمة والتي تحكي جدرانها، شهادات عن كم من الأسواط وأعقاب السجائر والصعقات الكهربائية التي نالت من أجساد شباب نحيلة، تقهقرت بفعل التسلط السعودي الرسمي. شهيد عوام ابن مدينة العوامية في القطيف، الشهيد عبد المجيد النمر (59 عاماً) – أبو حسن، أب لأربعة أبناء حسن ومصطفى وجواد وأمير، حرمتهم السلطات من والدهم مدى الحياة عقب 6 سنوات اعتقال في أسوأ سجونها، انتقاماً من دوره في خدمة أبناء منطقته ومجتمعه. المحب المعطاء، كان يعمل قبل التقاعد في “الدفاع المدني”، بذل حياته في خدمة الإمام الحسين (ع)، حيث كان أحد خدمة المضائف الحسينية، حيث كان يلاصق أحدها منزله، ليشكل محطة أساسا في حياته المفعمة بالعطاء والخير والخدمة الإنسانية والدينية. يروي المصدر الخاص، بعضاً من ميزات شخصية الشهيد ويقول: “أبو حسن، صاحب الحضور الهادئ، والإنتاج المزلزل، كان خادماً حسينياً بامتياز، يعمل في مضيف ويقدم الخدمة للزوار والمعزين”. ويضيف: “الشهيد كان يأخذ على عاتقه مسؤولية إعداد الموائد في المضيف، من ألفها إلى يائها.. كان طيفاً لطيفاً ووجوده بركة في حيّنا. الجميع كان يحترمه ويجله”، يكمل المصدر حديثه والغصة والألم تسبقان الكلمات. استهداف الشهيد ومسجد عين الحسين (ع) الشهيد عبدالمجيد النمر، من أبناء عمومة الشيخ الشهيد نمر باقر النمر، اعتقل في 8 سبتمبر 2012، بسبب رفضه قرار السلطات السعودية والقاضي بهدم جزءٍ من مسجد عين الإمام الحسين (ع)، بعد أن أشرف على بنائه في حي الدواخي جنوب المدينة وعلى مقربة من مقبرة العوامية، وبعد شهر أفرج عنه، وخلال هذه الفترة، وتحديدا يوم 14 سبتمبر 2012، شرعت السلطات السعودية بهدم سور المسجد. في الثاني من  أبريل 2013، انتشرت أنباء حول صدور أوامر بهدم “عين الحسين”. ونظراً  لأهمية المسجد ودوره ودور الولي عليه، كانت السلطات مصرة على استهدافهما، ورغم أن المسجد شيّد على أرض وقف للإمام الحسين (ع)، إلا أن السلطات اتخذت قراراً بهدم المسجد، بزعم أن الأرض ذات ملكية خاصة، وجرى تهديد الشهيد مجيد النمر حينها وهو قيد الاحتجاز، إما القبول بالهدم أو التنازل عنه مقابل فك قيده بكفالة مالية، وفق ما يروي لنا مصدر خاص. التصعيد الطائفي، بلغ أوجه، مع قرار رسمي نابع من خلفية السلطة الوهابية التي منع إمام الصلاة الشيخ تيسير النمر، شقيق الشيخ الشهيد نمر باقر النمر، من الصلاة بالمسجد، وذلك بعد استدعائه وتعهّده بذلك، ولم تكتف السلطات باستحدعاء إمام المسجد، بل استدعت مؤذنه، وأخذت تعهداً منه، يمنع بموجه رفع الآذان. خطوات استباقية، كانت كفيلة، بالتمهيد السعودي الوهابي، لاستهداف بقعة في أرض وقف ورغم حرمة الاعتداء عليها، إلا أنها نفّست عن بعض من ضغينة رسمية تعمل على أرهبة منطقة بأكملها من أجل تنفيذ سياساتها الخاصة. توالت الأيام، واستمر الاستهداف، وفي 17 أغسطس 2017، وبينما كان الولي عبدالمجيد النمر في مركز الشرطة محتجزاً، هدمت السلطات مسجد عين الحسين (ع)، وبعد أيام من ارتكاب جريمة التجريف، أطلقت السلطات سراحه وذلك في 23 من الشهر عينه.  ورغم جريمة التجريف، والاعتداء الوهابي على المسجد وأرضه، لم تركن السلطات واستمرت في فبركات مبرراتها لاستهداف النمر، حيث جرى اعتقاله مجدداً، في أبريل 2018، بعد استدعائه إلى مركز الشرطة، على خلفية عمله في المسجد وأرض الوقف التابعة له. وعام 2021، صدر بحقه حكما ابتدائيا، حمل صكه الكثير من الاتهامات الموجهة ضد النمر من بينها: المشاركة في مظاهرات وتشييع الشهداء في القطيف، المشاركة في التظاهرات المطلبية التي شهدتها المنطقة عام 2011، وتمجيد الشيخ الشهيد نمر باقر النمر، وغيرها من الاتهامات التي لا ترقى إلى مستوى إدانة أحد من المواطنين. عاشر شهداء القطيف لعام 2024، كشف بيان الداخلية حول الجريمة بحقه، الكثير من الحنق السعودي الرسمي، ابتداءا من التهمة الموجهة فبركة إليه وصولاً إلى مكان إعدامه وعدم ذكر الطريقة وغيرها من أهوال البيان المعلّب، حيث تحكي تهمة “الانتماء إلى تنظيم القاعدة” الكثير من الصدمة، فهي فبركة لا توجه عادة لأبناء القطيف والأحساء، إذ أن الشهيد شيعياً وبالتالي فإن المنطقة التي حاربت التنظيمات الإرهابية لا يوصم أبناؤها البتة بهذا الجرم. ولعل الداخلية عندما كتبت البيان والاتهام، ضاعت بين تفاصيل محاولات تبرير الجريمة وإيجاد مخارج لها، وعلى غير عادتها، قالت إنها نفذت القتل في الرياض رغم أن الشهيد من القطيف، وبين قص ولصق راح البيان يعتصر سموماً وهابية لم ترَ مبرراً لجريمة نكراء سوى اتهامات وفبركات لا أساس لها، وتبريرات معيبة وصفها الكثيرون بأنها “سخيفة، وأنها نكتة الموسم”. إعدام جائر أعدم الشهيد النمر، رغم أن حكمه الابتدائي الجائر كان تسع سنوات، وعقب استئنافه في محكمة الاستئناف الوهابية تطور إلى جريمة القتل، رغم أن المدعي العام لم يطالب بقتله، ولم تكن الاتهامات الموجهة ضده تتعلق بالعنف والقتل أو أي من الاتهامات التي ترقى إلى مستوى تبرير جريمة السعودية بالحكم بالقتل، وهو ما حرّك الكثير من الصيغ الاستفهامية والتساؤلات عن ما وراء الاستهداف الممنهج لأحد أبناء القطيف، وماذا تريد سلطات محمد بن سلمان من وراء الإصرار على ارتكاب جرائم القتل بحق السكان الأصليين، رغم ادعاءاته بالتخلي عن هذه العقوبة. فضلاً عن السعودية أثارت الكثير من السخرية بتبريرها للجريمة، لأن النظام الذي موّل الإرهاب، فيما حاربه أبناء القطيف والأحساء، ليس من المعقول أن يصار إلى توجيه اتهامات لأحد منهم  بالانضمام لخلية تابعة لتنظيم القاعدة،  وكان حري بالسلطة  ولكن لاحقا فبركت الحكومة له تهم أخرى وقتلته. ارتقى ابن عوام القطيف شهيداً، وحلّق ملتحقاً بركب كوكبة ممن سبقوه لا لجرم ارتكبوه، بل لموقف اتخذوه، ورأي صاغوه وحقوق طالبوا بها. وكمن سبقوه نحو العلياء بسيف وهابي إرهابي، احتجز جثمان وأخفي مصيره وحرمت عائلته من دفنه ومواراته الثرى وفق الطريقة التي تريد، وإقامة شاهد على قبره، الذي كان ليتحول إلى ملاذاً للعائلة. لكن، النظام أبى؛ متخذا من شعائره الوهابية وسيلة من أجل منع ما يخيفه، وهو الذي يحظر عوائل الشهداء، من أجساد أبنائهم منذ عقود خلت، وعلى أقل تقدير لسبب ذلك، بأن يتشكل بالرهبة والخوف من مشهدية تشييع الشهداء، والأصوات الصادحة بها بالموت لآل سعود. ارتقى الشهيد وبقي خلفه العشرات لا بل المئات من المعتقلين المهددين بالإعدام، بينهم قصّر.