ريسبونسبل ستيتكرافت: لا يجب على واشنطن التوسط بالتطبيع السعودي الإسرائيلي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 309
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

اعتبر تحليل نشرته مجلة ريسبونسبل ستيتكرافت الأمريكية، أن الخطط الأمريكية التي كشفتها وسائل إعلام مؤخرا عن توسط الولايات المتحدة لإبرام تطبيع بين السعودية وإسرائيل فكرة سيئة، لأنه لا يجب على واشنطن تقديم التزامات إضافية تطلبها الرياض من أجل تحقيق ذلك.

ووفق التحليل الذي كتبه دانيال لاريسون الحاصل على الدكتوراة في التاريخ من جامعة شيكاغو، فإنه لا يوجد سبب مقنع يدفع واشنطن للقيام بتلك الخطوة التي ستكون بمثابة خطأ جسيما من قبل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وأوضح لاريسون أن بايدن ارتكب بالفعل خطأ عندما حاول كسب ود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان العام الماضي، لكن تم رفضه قبل انتخابات التجديد النصفي العام الماضي.

وعقب بأنه لن يكون من الحكمة أن يقوم بايدن بجهود كبيرة قبل الانتخابات للتوصل إلى اتفاق تطبيع بين السعوديين والإسرائيليين، ستكون بلا شك على حساب مصلحة واشنطن ومن الممكن أن يفضل ولي العهد تأجيلها حتى ما بعد الانتخابات الأمريكية حتى يتمكن من انتزاع تنازلات أكبر لاحقًا.

ورأى لاريسون أنه حتى لو كان السعوديون على استعداد لقبول عرض بايدن هذا العام، فسيكون ذلك صفقة سيئة للولايات المتحدة، موضحا العديد من الأسباب لهذا التصور.

خدمات إضافية

وذكر المحلل أنه لو افترضا أن التطبيع الإسرائيلي السعودي سوف يتبع نمط التطبيع الإسرائيلي مع المغرب والإمارات، فمن المحتمل ألا يتضمن أي تنازلات ذات مغزى من جانب إسرائيل وسيعتمد على خدمات سياسية وعسكرية أمريكية إضافية للسعوديين.

وأشار إلى أن ثمة شائعات ترددت عن المقابل الذي تريده الرياض للتطبيع مع تل أبيب يشمل حصول المملكة الخليجية على ضمانة أمنية أمريكية ودعما للبرنامج النووي المدني للمملكة، وعلى أقل تقدير فإن السعودية سوف تريد زيادات كبيرة في مبيعات الأسلحة الأمريكية والمساعدات العسكرية.

وبحسب المحلل فإن هذا من شأنه أن يربط الولايات المتحدة بالسعودية على نحو أوثق ويزيد من تمكين السلوك المدمر للأخيرة في المنطقة. معقبا أن ذلك ثمنا يجب على الولايات المتحدة أن ترفض دفعه.

وأضاف أنه يجب ألا تقدم الولايات المتحدة أبدا ضمانة أمنية للسعودية، ويجب أن تخفض من تصنيفها وأن تنهي دعمها العسكري للمملكة بشكل مثالي بدلا من ذلك.

وعقب أنه آخر شيء تحتاجه الولايات المتحدة هو التزام أمني آخر في منطقة أهدرت فيها بالفعل آلاف الأرواح وتريليونات الدولارات في حروب غير ضرورية.

ومضى قائلا إنه "من شبه المؤكد أن ضمان الأمن للسعوديين سيشجع حكومتهم على الانخراط في سلوك أكثر تهورا واستفزازا، تثبت أحداث العقد الماضي أن دعم السعوديين إلى أقصى حد جعل السعودية أكثر عدوانية وتهديدا لجيرانها".

ضربة جديدة للفلسطينيين

وقال لاريسون أن اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية كانت من المفترض أن تكون مكافأة لتسوية إسرائيلية فلسطينية، لكن اتفاق إبراهام الذي توسطت فيه إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاهل الفلسطينيين ومنح الحكومة الإسرائيلية تصريحًا مجانيًا لفعل ما تشاء في الأراضي المحتلة.

واعتبر المحلل أن أي تطبيع بين السعوديين والإسرائيليين سيكون بمثابة ضربة أخرى للشعب الفلسطيني، وسيزيد من ترسيخ النظام القمعي المجبرون على تحمله. بالإضافة إلى كونها صفقة سيئة بالنسبة للولايات المتحدة، سيكون من المستهجن أخلاقياً القيام بذلك.

غير مرضية سياسيا

وبحسب المحلل فإن دفع إدارة بايدن باتجاه ابرام اتفاق تطبيع بين محمد بن سلمان وحكومة ائتلافية إسرائيلية يمينية متطرفة في عهد بنيامين نتنياهو هي آخر شيء يريد معظم الناس في الحزب الديمقراطي رؤيته.

وأشار إلى وجود كتلة كبيرة من الديمقراطيين تريد قطع الدعم الأمريكي الحالي، لذلك من الصعب تخيل أنهم سيتدحرجون ويقبلون زيادة كبيرة في الدعم الأمريكي كجزء من اتفاقية التطبيع.

وإلي جانب ذلك، هناك أيضا دعم أوسع وأكثر صخبا للفلسطين في الحزب الديمقراطي مما كان عليه من قبل.

ووفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة جالوب في وقت سابق من هذا العام، فإن 49 % من الديمقراطيين يقولون إنهم يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين.

وعلى الرغم من أن بايدن لا يتوافق مع ميول هذه الكتلة من حزبه باتجاه القضية الفلسطينية، فإنه من المرجح أن يؤدي القيام بمساعي كبيرة لبيع الفلسطينيين مرة أخرى لصالح حكومة مليئة بالمتطرفين إلى رد فعل عنيف.

وذكر أن التقدميين في الحزب الديمقراطي غير راضين بالفعل عن سياسة بايدن الخارجية بشأن العديد من القضايا، وشيء من هذا القبيل سيكون صفعة غير مبررة في وجه ملايين الناخبين والناشطين الديمقراطيين الذين بالكاد يستطيع بايدن تحمل نفورهم على أعتاب الانتخابات.

قد يبدأ بعض التقدميين بشكل معقول في التساؤل عن سبب وجوب التصويت لبايدن عندما يحصلون بالفعل على سياسة ترامب الخارجية على أي حال.

مصلحة لنتنياهو فقط

وإضافة لذلك، وفقا للاريسون، لا توجد مشكلة إقليمية مهمة يمكن حلها أو حتى تحسينها من خلال ابرام اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية.

سيستمر قمع الشعب الفلسطيني وربما يزداد سوءا، وستكون الولايات المتحدة متورطة بشكل أعمق في تمكين هذا القمع أكثر مما هي عليه بالفعل.

كما لن يكون هناك سلام للاحتفال به لأن إسرائيل والسعودية لم تخوضا حربا منذ نصف قرن، وستتحمل الولايات المتحدة تكاليف إبرام الصفقة، لكنها لن تكسب شيئا بينما تكون مثقلة بالتزامات أكبر في المستقبل.

من السهل أن نرى لماذا ترغب الحكومة الإسرائيلية في الحصول على مزيد من صفقات التطبيع للوسيط الأمريكي نيابة عنها، ولكن لا يخدم أي من هذه المصالح الأمريكية.

 ولذا إذا كانت الحكومة الإسرائيلية تريد علاقات طبيعية مع السعودية ودول أخرى في المنطقة، فيجب أن تكون هي التي تعطي السعوديين ما يريدون. إذا كانت الحكومة الإسرائيلية لا تستطيع أو لن تفعل ذلك، فهذه ليست مشكلة واشنطن التي يجب حلها.

 

المصدر | ريسبونسبل ستيتكرافت/ ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد