وزارة الخارجية الأميركية تشيد بدعم “السعودية” نزع سلاح المقاومة الفلسطينية وصدّ العمليات اليمنية
بعد أن كان مصدر كل الأخبار التي تتحدث عن حث “السعودية” استخدام أي وسيلة بما في ذلك الإبادة الجماعية على غزة بهدف “نزع سلاح حركة حماس”، من الإعلام الغربي والعبري، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا بعد لقاء ماركو روبيو بوزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان، قالت فيه أن ” الوزير وربيو ونظيره السعودي ناقش الجهود الدبلوماسية في غزة لإطلاق سراح الرهائن والعمل نحو وقف دائم لإطلاق النار، يشمل نزع سلاح حماس بالكامل وإنهاء نفوذها”. جملة من الأمور أشار إليها بيان وزارة الخارجية الأميركية، من ضمنها تأييد “السعودية” المبطن للمجازر التي تحصل في غزة، سيّما أن الاحتلال وبدعم كامل من الولايات المتحدة الأميركية تصرّ أن تكون المجازر هي الوسيلة لـ”القضاء” على حركة المقاومة في غزة. أما الأمر الثاني الذي أشارت إليه الوزارة الأميركية كان “القضاء على تهديد الحوثيين للمنطقة، واستعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر”، إلى جانب “تعزيز التعاون الاقتصادي والدفاعي” بين الجانبين. كلام وزراة الخارجية الأميركية عن دور تلعبه “السعودية” في ردع العمليات اليمنية ضد كيان الاحتلال يأتي نقيضا لما يزعمه آل سعود عن مضيّهم على الحياد في المواجهات الإقليمية، وهو فعلا ما يفرضه منطق التحول الاقتصادي الذي تسعى له رؤية مشاريع محمد بن سلمان. إلا أن الحديث مؤخرا عن احتمال انخراط “السعودية” مجددا في مخطط أميركي لشن هجوم على حركة “أنصار الله” عن طريق البر، أعاد إلى الواجهة احتمال أن تعود “السعودية” طرفا مباشرا في مواجهة صنعاء. ووفقا لتحليل نشره “معهد كوينسي”، فإن “السعودية” هي العضو الأكثر قلقًا في مجلس التعاون الخليجي إزاء تصاعد التوترات في خليج عدن وجنوب البحر الأحمر واليمن. ففي أواخر العام الماضي، طلبت الرياض من إدارة بايدن ضبط النفس في الرد على عمليات أنصار الله على السفن قبالة سواحل اليمن. وبعد بدء الضربات الأمريكية والبريطانية، دعت وزارة الخارجية السعودية إلى “تجنب التصعيد”، مشيرةً إلى أن الرياض تراقب الأحداث “بقلق بالغ”. يقول عزيز الغشيان، الباحث في جامعة لانكستر البريطانية: “السعوديون قلقون، ولهم أسبابهم الوجيهة”. وأضاف لـ “آر إس”: “تريد النخبة السعودية الحاكمة تجنب الوقوع في خضم الصراعات الإقليمية والدولية”. كما أشار المعهد إلى أنه من بين أمور أخرى، يرغب السعوديون في الحفاظ على هدنتهم المستمرة منذ قرابة عامين مع الحوثيين. كما أن المملكة عازمة على ضمان استمرار الوفاق السعودي الإيراني ، الذي توسطت فيه عُمان والعراق والصين في مارس/آذار الماضي. ترى الرياض أن التدخل العسكري الأمريكي البريطاني في اليمن يهدد بتقويض مصالح كلا الطرفين. كما يذكّر التحليل ببُعد مشاريع محمد بن سلمان في هذه المسألة، “مع مشروع نيوم، المدينة المستقبلية، ومشاريع رؤية 2030 الأخرى الممتدة على طول ساحل البحر الأحمر السعودي، يشعر المسؤولون في الرياض بقلق بالغ إزاء زعزعة استقرار هذا المسطح المائي والمناطق المحيطة به نتيجة حرب غزة، وما رافقها من هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، والرد الأمريكي البريطاني الانتقامي. ويُعد أي تصعيد إضافي من أي طرف سيناريو تسعى الحكومة السعودية لتجنبه بأي ثمن”. و “لضمان عدم استئناف أنصار الله هجماتهم على السعودية، حاولت الرياض النأي بنفسها عن الضربات العسكرية الأمريكية البريطانية في اليمن هذا الشهر. ومع ذلك، نظرًا لمشاركة المنامة، وإن كانت شكلية، في هجمات واشنطن ولندن على أهداف حوثية، بالإضافة إلى علاقتها الطبيعية مع إسرائيل، لا يمكن استبعاد احتمال رد الحوثيين باستهداف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، المتمركز في البحرين. ونظرًا لمدى أولوية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لحماية الأمن القومي البحريني، فإن مثل هذا السيناريو يُهدد بإلحاق ضرر جسيم بمصالح الرياض”. وكما لاحظ مهران كامرافا، أستاذ الحكومة في جامعة جورج تاون في قطر، فإن استهداف المصالح الأميركية في شبه الجزيرة العربية من قبل الحوثيين، أو “بعض المجموعات المتفرقة داخلهم”، يمكن أن يشكل “تطوراً خطيراً للغاية وحريقاً يصعب احتوائه”. إلا أن بيع أميركا نظام أسلحة متطور للسعودية، خلال الشهر الماضي، أعاد إحياء الحديث عن رضوخ “السعودية” للمصالح الأميركية حتى لو كان ذلك منافِ لمصالحها الداخلية. ققد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، منذ أسابيع، عن موافقة وزارة الخارجية على بيع أنظمة أسلحة متطورة ذات قدرات دقيقة، للسعودية، بقيمة 100 مليون دولار، في أول صفقة أسلحة بين الجانبين منذ تولّي دونالد ترامب الرئاسة الأميركية. فتوقيت الصفقة وشكلها يحيلان إلى التثبّت من الدافع خلفها، فهي تأتي في ظل الحرب التي أعلنها الرئيس الأميركي ترامب على حركة “أنصار الله” في اليمن، كما التصعيد الخطابي الأخير بين الإدارة الأميركية والجمهورية الإسلامية في إيران. حيث تُعدّ “السعودية” وفقا للولايات المتحدة، ذراعا قوية لمصالحها في المنطقة.