بخاري يكثف نشاطه.. السعودية تستعيد استراتيجية "المحفز السني" في لبنان

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1375
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عودة سفيري السعودية والكويت إلى بيروت في أوائل أبريل/نيسان الماضي جاءت بمثابة تقارب أولي في العلاقات الخليجية اللبنانية بعد أزمة دبلوماسية استمرت 5 أشهر.

ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سحبت السعودية، تليها البحرين والكويت والإمارات، سفراءها في لبنان بعد أن انتقد وزير الإعلام آنذاك "جورج قرداحي" التدخلات العسكرية بقيادة الرياض في اليمن.

وفي الوقت نفسه، أوقفت الرياض جميع الواردات اللبنانية، بالإضافة إلى واردات الفواكه والخضروات التي سبق حظرها في أبريل/نيسان الماضي في محاولة لوقف تهريب حبوب "الكبتاجون" بعد العثور على ما يسمى بـ"حبوب الجهاد المخدّرة" في المنتجات الزراعية المستوردة من لبنان.

وكان قطع العلاقات الدبلوماسية تتويجا للغضب السعودي الذي طال أمده تجاه الدور المهيمن لحزب الله في البلاد وعجز الحكومة اللبنانية عن احتواء الحركة الشيعية المدعومة من إيران.

كما عكس ذلك القلق السعودي بشأن دعم حزب الله المتزايد للحوثيين في اليمن، فضلا عن توثيق الصلات بين الحركات الشيعية الإقليمية التي ترعاها طهران.

وعلى مدى الأعوام الماضية، ترددت أصداء التنافس على القوة في الشرق الأوسط، ولا سيما التنافس السعودي الإيراني، والتوترات الجيوسياسية على نحو متزايد عبر المشهد المحلي اللبناني المنقسم.

وتقليديا، لعبت السعودية دورا بارزا في الشؤون السياسية والاقتصادية في لبنان. ومع ذلك، أصبحت علاقات الرياض مع بيروت أكثر إشكالية بمرور الوقت؛ حيث ساهمت حلقتان على وجه الخصوص في هذا التحول.

أولا، تعيين "ميشال عون"، الذي يرتبط حزبه ارتباطا وثيقا بحزب الله، رئيسا للجمهورية. وثانيا، انتصار الحركة الشيعية في انتخابات 2018؛ ما سمح لها بتوسيع دورها في كل من البرلمان والسياسة الداخلية.

وساهمت الخلافات مع رئيس الوزراء السابق "سعد الحريري"، الذي كانت عائلته مدعومة من قبل الرياض، في إضعاف العلاقات الثنائية.

وفي النهاية، لم تقدر المملكة محاولات "الحريري" للتوصل إلى أسلوب عمل مع حزب الله.

وليس من قبيل الصدفة أن تتزامن إعادة الرياض للعلاقات الدبلوماسية مع بيروت مع اقتراب الانتخابات العامة في لبنان. وبينما يبدو أن خيبة الأمل سائدة في البلاد بسبب الاحتمال الضعيف لأن يحدث هذا التصويت تغييرا رئيسيا في اللعبة، تشعر السعودية بالقلق من أن يوسع حزب الله نفوذه ويستغل انقسام الفصيل السني.

وفي يناير/كانون الثاني، خسر تيار المستقبل، الحزب السني الرئيسي في البلاد، زعيمه "سعد الحريري"، الذي انسحب من الساحة السياسية. كما أعلنت شخصيات بارزة أخرى في المعسكر السني، بما في ذلك رئيس الوزراء الحالي "نجيب ميقاتي" ورئيس الوزراء الأسبق "فؤاد السنيورة"، أنها لن تشارك في السباق الانتخابي.

على هذه الخلفية، تأتي علاقات السعودية المتجددة مع لبنان كمحاولة لدعم الطائفة السنية. ويبدو أن إعادة الانخراط في الشؤون السياسية اللبنانية من داخل البلاد من خلال محاولة العمل كمحفز لجميع القوى السنية هو استراتيجية المملكة المتجددة لتحدي موقف حزب الله في النظام الطائفي وتقريب بيروت من الحظيرة العربية.

ولتحقيق هذا الهدف، شارك السفير السعودي "وليد بخاري" بشكل استباقي في لقاء شخصيات سياسية ودينية لبنانية في الأسابيع التي سبقت التصويت. وبالمثل، أعرب رئيس الوزراء "ميقاتي" عن الحاجة إلى رعاية عربية من جديد خلال زيارته لقطر في نهاية شهر مارس/آذار.

لكن ما هي المخاطر بالنسبة للسعودية ودول الخليج الأخرى في لبنان؟

أولا، على خلفية استئناف مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران، هناك وعي أكبر بين عواصم الخليج بالحاجة إلى إعادة التواصل مع بيروت لاحتواء نفوذ طهران في الشرق الأوسط وإعادة توجيه الموقف الإقليمي للبلاد. ويسير هذا جنبا إلى جنب مع إعادة القادة العرب للعلاقات مع نظام "بشار الأسد" في سوريا.

ثانيا، تشعر دول الخليج بالقلق على أمنها بعد أنشطة حزب الله العابرة للحدود، ولا سيما تدخله في اليمن؛ حيث تم تنفيذ عدة هجمات ضد الأراضي السعودية والإماراتية خلال الأعوام القليلة الماضية.

وتتعلق المخاوف أيضا بازدهار تهريب المخدرات من سوريا إلى الخليج عبر لبنان.

وساهم الانقسام أيضا في تدهور الوضع الاقتصادي المأساوي في لبنان، الذي اعتمد بشكل كبير على المانحين الأجانب، بما في ذلك دول الخليج.

وزاد حظر السعودية على الواردات اللبنانية من الضغط على اقتصاد البلاد، وحرمها من ثالث أكبر سوق تصدير لها وكذلك من نقطة عبور للتجارة اللبنانية إلى أسواق أخرى في الخليج.

وفي عام 2020، بلغت صادرات لبنان إلى السعودية ما يقرب من 230 مليون دولار، أي ما يعادل 5.6% من صادراته العالمية و14% من إجمالي المنتجات الزراعية المصدرة.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت العلاقات الدبلوماسية المستعادة ستؤدي إلى إعادة الارتباط الاقتصادي والمالي (بين السعودية ولبنان) وكيف.

واشترطت كل من دول الخليج والجهات المانحة الدولية الأخرى، مثل فرنسا والولايات المتحدة، أي مساعدة مالية للبنان بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي وكذلك بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية.

وبعد أسبوعين من التوصل إلى أول اتفاق على مستوى الموظفين لتقديم مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار للبنان في أبريل/نيسان، تعهدت السعودية وفرنسا بتقديم 30 مليون يورو لإطلاق مبادرة إنسانية للسكان الأكثر ضعفا في لبنان. وتشمل برامج الأمن الغذائي والرعاية الصحية والتعليم والطاقة والمياه وقوات الأمن الداخلي.

وفي حين أن الاتفاقية لا تزال تتطلب موافقة إدارة صندوق النقد الدولي والمجلس التنفيذي، يبقى أن نرى ما إذا كانت المبادرة السعودية الفرنسية ستكون الخطوة الأولى لحزمة مالية شاملة في المستقبل.

وبشكل عام، سيعتمد نوع الدور الذي ستلعبه الرياض، إلى جانب دول الخليج الأخرى، في لبنان إلى حد كبير على شكل البرلمان بعد انتخابات 15 مايو/أيار.

 

المصدر | فاليريا تالبوت/المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد