هل تختار السعوديّة العودة إلى قاموسها الخشن والتصادمي مع أمريكا؟..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1822
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أحكام صارمة ضد طبيب سعودي وإصرار على اعتقال الهذلول رغم الضغوط وتأكيد على الدفاع عن فلسطين “القضيّة العربيّة الأساسيّة”.. الفيصل لا يبدو وحيدًا في هُجومه على إسرائيل وبومبيو يتحدّث عن مُعوّقات التطبيع فما الذي يُمكن أن يُعيق الرياض؟
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
 لم يشفع “الانحياز النسبي” لإسرائيل كما وصفه الإعلام العبري، للأمير تركي الفيصل رئيس استخبارات السعوديّة الأسبق، من أن يتعرّض الأخير وبلاده، لهجوم عنيف، اعتبر كلامه مريرًا، ويُشكّك بإمكانيّة ذهاب المملكة إلى التطبيع، فالأمير نجل الملك فيصل الراحل، أعاد استحضار والده، ومواقفه الوطنيّة، وهاجم في مؤتمر المنامة الإسرائيليين، بشكلٍ غير مسبوق، ووصفهم بالكلاب التي تُهاجم بلاده في الغرب، وهو الذي كان قد دعا إلى ضرورة استغلال الفرص، وعدم إضاعتها، من خلال السلام مع إسرائيل، لمصلحة فلسطين في تصريحات سابقة.
وبالرغم أنّ الأمير الفيصل، يُعبّر عن موقف “شخصي”، كان مُخالفاً لرأي وزير الخارجيّة فيصل بن فرحان، الذي امتدح اتفاق إبراهيم الذي وقّعته الإمارات والبحرين، للتطبيع الكامل، والشامل مع إسرائيل في ذات المُؤتمر، واعتبر أنه يُمكن لبلاده الذهاب إلى التطبيع، لكن بشرط قبول المُبادرة العربيّة للسلام، والتي طرحها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز 2002، وتقوم على منح الفلسطينيين دولتهم، وفقاً لحل الدولتين، بالرغم من هذا الموقف “الشخصي”، لا يبدو أنّ هذا الموقف يُمكن اعتباره شخصيّاً، فالأمير تركي، أحد أفراد العائلة الحاكمة، وهو يتحدّث في زمن لغة الدعوة إلى التطبيع في إعلام المملكة، أو بعضه، وليس في زمن مناهج التشدّد الدراسيّة، والتي كانت تدعو لجهاد اليهود، والغرب، والتحذير من الوقوع في مُعاهدتهم، ونقضها، كما فعلوا مع الرسول الأكرم محمد.
المشهد القادم من الرياض، يشي بأنّ لهجة الأمير الفيصل، لا تُعبّر فقط عن رأي شخصي، أو اجتهاد، فالرجل تحدّث بحضور مسؤولين إسرائيليين، وفي مُؤتمر عُقد في المنامة البحرين، والأخيرة تردّد أنها حصلت على المُوافقة على التطبيع، وهي بمثابة الحديقة الخلفيّة للسعوديّة، لأسبابٍ جغرافيّة، وأخرى سياسيّة، الأمير تركي شدّد على أهميّة الدور السعودي، وبدونه لا يُمكن أن تمر اتفاقات إبراهيم، والتي اعتبرها “من المنامة” إبر تخدير، الفيصل لا يبدو وحيدًا في موقفه، فمجلس الوزراء السعودي، أكّد على موقف المملكة، من القضيّة الفلسطينيّة.
واللافت في تصريحات مجلس الوزراء السعودي، والذي يرأس جلساته عادةً العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أنه عاود التأكيد على أنّ القضيّة الفلسطينيّة، قضيّة عربيّة أساسيّة، وأنّ “السعوديّة لم تتوان في الدفاع عنها”، وهو موقف ثابث وعلني، يأتي في ظل تزايد الشكوك حول موقف السعوديّة ونيتها الذهاب إلى التطبيع، وبعد زيارة مُفترضة جمعت بين الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيوم، وهي زيارة نفتها كُل من الرياض، وتل أبيب.
نقض اليهود للعهود، مسألة تظل حاضرة في أذهان السعوديين الذين تتلمذوا وتخرّجوا من مدارس المملكة، في الثمانينات، والتسعينات، وحتى عام الألفين، وكتب شرعيّة مُفرطة التشدّد لأهل الكتاب من اليهود، والنصارى، وضرورة قتالهم والجهاد ضدّهم المذكورة صراحةً في أوراق كتاب التوحيد، فتلك الأجيال تعي تماماً، وأكبرهم في الأربعينات من عمره، كيف نقض اليهود، عهدهم مع رسول الإسلام، وتتجسّد تلك الواقعة من جديد في مُقارنة تستحضرها الأوساط السعوديّة عمّا تردّد عن نقض نتنياهو لسريّة الزيارة التي رصدتها الرادارات نحو نيوم قادمة من تل أبيب، والتي فاجأ تسريبها القيادة السعوديّة الشابّة، وهي التي دفعت بها إلى التراجع عن ثقتها بالإسرائيليين، بدليل إلغاء الزيارات التي تلت تلك الزيارة المُفترضة، نفي الرياض السريع للزيارة بكُل الأحوال، دليل على عدم رغبتها بمعرفة أحد بها، سواء وقعت، أو لم تقع، وفق نفيها الذي جاء على لسان وزير خارجيّتها.
وزير الخارجيّة الأمريكي مايك بومبيو، والذي كان قد أعلن تصنيف السعوديّة، حليفة إدارة رئيسه الراحل دونالد ترامب في غضون أسابيع عن السلطة، في قائمة “إثارة القلق” بما يتعلّق بالحريّة الدينيّة، أعرب عن قناعته بأنّ العربيّة السعوديّة يُمكن أن تتوصّل في المُستقبل، إلى اتفاقات بشأن التطبيع مع إسرائيل، وهي تصريحات تشي بأنّ إدارته، لم تعد تُعوّل على تحقيق هذه الخطوة قبل رحيلها، فبومبيو تحدّث عن المُستقبل، وكان رئيسه ترامب، قد تحدّث عن دول عديدة عربيّة، وإسلاميّة، ستنضم لقافلة التطبيع، لكن يبدو أنّ رياح العالم العربي، والإسلامي الغاضبة من المُطبّعين، لا تسير كما تشتهي سفن تلك الإدارة الراحلة للأبد.
بقاء العاهل السعودي الملك سلمان في الحُكم، قد يكون أحد المُعوّقات التي تمنع التطبيع السعودي، وثمّة خلاف تردّد إعلاميّاً بينه، وبين نجله الأمير محمد بن سلمان، حول ذلك التطبيع، بومبيو بدوره تحدّث عن “العديد من المُعوّقات” دون أن يذكرها، والتي ستحول دون انضمام عدد من الدول إلى اتفاقات إبراهيم للتطبيع، بالنسبة إلى السعوديّة، قد يكون الملك سلمان المُتمسّك بالمُبادرة العربيّة إحداها، إلى جانب غُموض موقف الأمير بن سلمان العلني تجاه قضيّة فلسطين، فالرجل ليس له أي تصريح حولها لا من قريب، أو بعيد، ويترك لوزير خارجيّته التصريح حول التطبيع، إضافةً إلى أن دول إسلاميّة مُنافسة للمملكة، مثل باكستان، وإيران، ترفض التطبيع، وتُدينه ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، كان قد كشف عن ضغوط دول إسلاميّة، لم يُسمّها، ضغطت عليه، للذهاب باتّجاه السلام مع إسرائيل.
السعوديّة بكُل الأحوال، تُريد ثمناً، للذهاب إلى التطبيع الكامل، الثمن المُعلن هو قبول إسرائيل بالمُبادرة العربيّة، الإمارات والبحرين قبلت بثمن وقف الضم للضفّة الغربيّة، وقد يكون من المُهم للقيادة السعوديّة أن تُبقي على مكانتها العربيّة والإسلاميّة في مكان، بعد تراجعها لصالح نوايا التطبيع، وحرب اليمن، فإدارة جو بايدن قادمة بقوّة، والأخير لا يبدو على ود إطلاقاً معها، وتحديدًا مع سياساتها المُتعلّقة بحقوق الإنسان، واعتقال النشطاء، والناشطات.
يحدث بالتزامن مع أنباء على هامش جدل التطبيع السعودي، تدل على خشونة سعوديّة مُتوقّعة مع إدارة بايدن، فالسلطات ترفض الإفراج عن لجين الهذلول، بالقول إنها تعاملت مع دولة خارجيّة، وهو ما يدل على إشارة سعوديّة تتعلّق بعدم رغبتها التدخّل بقرارات ذات شأن سيادي، فيما قضت محكمة سعوديّة أيضاً بسجن الطبيب السعودي وليد الفتيحي البارز ست سنوات، وهو الحاصل على جنسيّة أمريكيّة وفق الاتهام بدون إذن، ويأتي الحُكم بالرغم من الضغوط الأمريكيّة، وهو ما يُفسّر ما قاله الوزير عادل الجبير بما يتعلّق بعدم تغيير قوانين بلاده، لأن شخصاً ما لا يحبها، فيما بايدن، يقول إن تعامله مع المملكة سيكون وفق المصالح الإنسانيّة، لا السياسيّة، وهذا ما قد يشي بتصادم وشيك، بدأه السعوديون بتغليظ العُقوبات، والاستمرار بمُحاكمات واعتقالات، تقول منظّمات حُقوقيّة، إنها مُسيّسة.