ما هو السّبب “الحقيقي” لزيارة كوشنر للسعوديّة وقطر؟ وهل الحديث عن المُصالحة مُجرّد غطاء؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1620
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

وما هي التّنازلات التي قدّمها البلَدان في المُقابل؟ وكيف سيكون ردّ فِعل مِصر والإمارات “المُبعَدتين” عن هذه الخطوة؟ وهل هُدوء “الجزيرة” المُفاجِئ مُؤقّت أمْ دائم؟
ما زالت المعلومات حول نتائج الجولة التي يقوم بها حاليًّا جاريد كوشنر صِهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومُستشاره الأوّل، التي شملت كُل من المملكة العربيّة السعوديّة وقطر شحيحة، بسبب التّكتّم الشّديد فيما يتعلّق بالهدف الحقيقي من ورائها وفي مِثل هذا التّوقيت الذي تتصاعد فيه حدّة التوتّر في المنطقة بعد عمليّة اغتيال العالم النّووي الإيراني محسن فخري زادة.
الهدف المُعلن لهذه الزيارة هو قِيام صِهر الرئيس الأمريكي بالتوسّط بين قطر والسعوديّة لحلّ الخِلاف، وفتح المجال الجوّي السعودي أمام الطّائرات القطريّة، والحُدود البريّة أيضًا، لحِرمان إيران من 100 مليون دولار سنويًّا كرسومٍ على الطّائرات القطريّة التي تَعبُر أجوائها حاليًّا، لكنّ هُناك تسريبات أُخرى تقول إنّ الهدف الحقيقي غير المُعلن قد يكون مُشاركة البلدين في أيّ ضربات أمريكيّة مُحتملة ضدّ إيران في الأسابيع القليلة المُقبلة، ففيهما أكبر قاعدتين عسكريتين أمريكيتين في المنطقة والعالم، ففي قطر توجد قاعدة العيديد، وفي السعوديّة قاعدة الأمير سلطان الجويّة أو الخرج سابقًا.
كان لافتًا أنّ كوشنر والوفد المُرافِق له التقى الأمير تميم بن حمد ليلة الأربعاء، ولم يَصدُر أيّ تصريح رسمي أو بيان مُشترك، وجرى نشر خبر مُقتَضب عن اللّقاء في وكالة الأنباء الرسميّة، ومُغادرة الوفد الأمريكي دون إعطاء أيّ معلومات عمّا جرى في المُحادثات أو المُصالحة المُفترضة التي روّجت لها وكالة بلومبيرغ الأمريكيّة، وحتى وجهة الصّهر الأمريكي فهل هي مدينة “نيوم” السعوديّة أمْ واشنطن؟
وفق التّسريبات الصّحافية الأمريكيّة عبر الوكالة نفسها أيّ بلومبيرغ، وصحيفة الـ”نيويورك تايمز”، جرى التوصّل إلى اتّفاقٍ مبدئيٍّ للمُصالحة، بين الرياض الدوحة يُنهي الخِلاف بينهما ويفتح الحُدود والمجال الجوّي، ويُوقِف الحرب الإعلاميّة.
لم نَرصُد في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” أيّ مُؤشّرات حول فتح الحدود البريّة والأجواء الجويّة حتّى كتابة هذه السّطور، ولكنّنا رصدنا “هدنة” إعلاميّة، في محطّات التّلفزة، والصّحف والمواقع الإخباريّة التّابعة للبلدين، وخاصّةً قناة “الجزيرة” التي التزمت الصّمت، وخلت الصّحف التّابعة لقطر من أيّ أخبار أو تقارير صِحافيّة تتعلّق بالسعوديّة، والأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد، مثلما جرت العادة في الأشهُر والسّنوات الأخيرة من عُمر الأزَمة.
إذا صحّت راوية وكالة بلومبيرغ الأمريكيّة حول هذه المُصالحة، واقتِصارها على السعوديّة وقطر واستِثنائها الأطراف الأخرى في الحِلف الرّباعي المُقاطِع لقطر، أيّ مِصر الإمارات والبحرين، وهي تبدو أقرب إلى الصحّة، فإنّ هذا يعني، وللوهلةِ الأولى، وجود خِلافات بين هذه الدّول الثّلاث والمملكة العربيّة السعوديّة وانفِراط عقد التّحالف بينها، وأنّ الأخيرة ربّما حسمت أمرها وقرّرت أن تتّخذ خطوات مُنفردة، بإعادة عُلاقاتها مع تركيا وقطر خاصّةً بعد المُكالمة الهاتفيّة التي أجراها الملك سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس رجب طيّب أردوغان أثناء انعِقاد قمّة العشرين وقيل أنّهما اتّفقا فيها على تحسين العُلاقات على الصّعد كافّة.
نعود الى احتمالات المُصالحة القطريّة السعوديّة ونسأل ما هي التّنازلات المُتبادلة التي أقدم، أو سيُقدِم عليها الطّرفان من أجل إزالة الخِلافات؟ هل ستُنفّذ قطر الشّروط الـ13 التي طالبتها بتنفيذها الدّول الأربع المُقاطِعة، وأبرزها إغلاق قناة “الجزيرة”، وفكّ الارتِباط كُلِّيًّا مع حركة “الإخوان المُسلمين” والمُعارضات الخليجيّة، وإغلاق صُحف ومراكز أبحاث وقنوات تلفزيونيّة أُخرى وتسليم مُعارضين؟ أم أنّه سيتم تقليص هذه الشّروط؟ وفي هذه الحالة ما هي النّقاط التي قد تُحذَف وما هي الأُخرى التي سيتم الالتِزام بها؟ في المُقابل ما هي التّنازلات التي ستُقدّمها السعوديّة لقطر غير فتح الأجواء والحُدود؟ دعم تنظيم دولة قطر لمُسابقة نهائيّات كأس العالم عام 2022 والمُشاركة في إقامة بعض المُباريات على أرضها، وإنهاء المُقاطعة الشعبيّة المفروضة رسميًّا لها، أيّ المُسابقة؟ وماذا عن إيران وهل ستقبل السعوديّة استِمرار العُلاقة التّحالفيّة بين قطر وإيران بالقوّة الحاليّة نفسها؟
لا نعتقد أنّ الإدارة الأمريكيّة الحاليّة حريصة على هذه المُصالحة، وقبل حواليّ خمسة أسابيع من مُغادرتها السّلطة، ومن أجل مصلحة البلدين فقط، وحِرمان إيران من 100 مِليون دولار هي رُسوم مرور الطّائرات القطريّة في أجوائها، مثلما لا نعتقد أنّ السعوديّة مُمكن أن تُضحّي بعُلاقاتها الاستراتيجيّة مع مِصر والإمارات والبحرين وتتصالح مع قطر بُدونها من أجل هذه الأهداف الهامشيّة المُعلَنة، ولا بُدّ أنّ هُناك “أمرًا ما” وراء الأكمّة يجري التّحضير له في الغُرف المُغلقة، وله علاقة مُباشرة بإيران، وربّما التّطبيع مع “إسرائيل” أيضًا، والأمران مُتشابِكان على أيّ حال، فمِنَ المُؤكّد أنّ الأخيرة، أيّ “إسرائيل”، ستكون أحد الطبّاخين المُهمّين والرئيسيين فيها.
لا نُريد استِباق الوقت، والقفز إلى نتائج مُحدّدة، ولكن ما يُمكِن أن نختم به، هو أنّ زيارة كوشنر “شِبه السريّة” هذه، من حيث توقيتها ووجود شخصيّتين أمريكيّتين صهيونيّتين في الوفد الأمريكي، أحدهما مبعوث حالي، والآخر سابق لأمريكا إلى إيران يَشِي بخُطورة هذا التحرّك الذي يتم في الوقتِ الضّائع، وقد يَصُب في خدمة أيّ تحرّك عسكريّ ضدّ إيران.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم”