ملامح نموذج أمريكي جديد للشرق الأوسط

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1252
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 لماذا تصاعد عدم الاستقرار في المنطقة بعد 3 عقود من التدخل العسكري الأمريكي المكثف في الشرق الأوسط؟ كان هذا السؤال دافعا لتقرير جديد لمعهد "كوينسي" تحت عنوان "نموذج أمريكي جديد للشرق الأوسط: إنهاء سياسة الهيمنة الأمريكية المضللة".
تمتلك الولايات المتحدة حاليًا 55 ألف جندي منتشرين عبر 53 قاعدة ومنشأة عسكرية مشتركة. وتشارك هذه القوات في قتال مباشر في 3 دول على الأقل بينما تشن حربا بالوكالة في دول أخرى.
يوجز تقرير معهد "كوينسي" التحول في اتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية، ويدعو إلى تخفيض كبير في البصمة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط لصالح مشاركة دبلوماسية أكبر مع الجهات الفاعلة في المنطقة، ويشمل ذلك الدعم الأمريكي لهيكل أمني إقليمي جديد بقيادة محلية، وهو أمر مشابه لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أو منتدى آسيان الإقليمي.
كتب هذا التقرير ضابط المخابرات الأمريكية السابق "بول بيلار" وهو زميل غير مقيم في معهد "كوينسي"، و"أندرو باسيفيتش" رئيس معهد "كوينسي"، و"أنيلا شلاين" وهي زميلة باحثة في برنامج "كوينسي" للشرق الأوسط؛ و"تريتا بارسي" نائب الرئيس التنفيذي في "كوينسي".
قال "باسيفيتش": "مهما كان تعريفك لمعايير الإنجاز، فإن النهج الحالي لا يحمل أي أمل في الوصول بنا إلى الهدف. إن مجرد الإصرار هو وصفة للعنف والدمار وإلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية الأساسية.. هذا ليس وقت الترقيع، ولكن وقت تغيير سلوكنا في المنطقة بشكل جذري".
منذ الحرب الباردة، حددت القيادة الأمريكية مصالحها الوطنية بعبارات فضفاضة، مما دفعها إلى المغامرة بمستقبل دول أجنبية والتدخل في شؤونها مع عواقب ضارة، يسعى تقرير "كوينسي" إلى تحديد تعريف ضيق لمصالح الولايات المتحدة، وهي عبارة أصبحت بلا معنى بشكل متزايد على مدى العقود القليلة الماضية بسبب اتساع نطاقها.
بالنظر إلى أضرار الحرب، يفترض التقرير أن الاستخدام الأمريكي للقوة العسكرية في الشرق الأوسط يجب أن يتقيد بهدفين رئيسيين: الأول، حماية الولايات المتحدة من أي هجوم، والثاني، تسهيل الأعمال والتدفق الحر للتجارة العالمية.
بالإضافة إلى هذه الأولويات الرئيسية، للولايات المتحدة أيضًا مصالح من الدرجة الثانية، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان واحتواء تدفقات اللاجئين المزعزعة للاستقرار، وتخضع حقوق الإنسان حاليًا لمساعي الولايات المتحدة للسيطرة العسكرية، كما يتضح من دعم الولايات المتحدة للأنظمة الوحشية في السعودية ومصر وقبولها الضمني للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
يحد هذا الإطار الجديد لتعريف المصالح الأمريكية من الأساس المنطقي للتدخل العسكري الأمريكي في الخارج. تعامل القادة الأمريكيون في كثير من الأحيان في العقود الأخيرة، مع مصالح الدرجة الثانية على أنها مصالح أساسية، مستخدمين "مبررات إنسانية" للتدخل في دول مثل ليبيا وأفغانستان، ولكن نادراً ما كانوا يحققون نتائج إنسانية. وزادت هذه التدخلات الإنسانية من زعزعة الاستقرار في المنطقة وخلقت مساحة للجماعات الإرهابية لكسب النفوذ، مما يهدد في نهاية المطاف المصالح الأساسية الحقيقية للولايات المتحدة.
يفند التقرير الحجة التقليدية القائلة إن الوجود الأمريكي ضروري لحماية حقوق الإنسان.
قالت "أنيلا شلاين": "إن فكرة أن الجيش الأمريكي هو قوة لحقوق الإنسان في المنطقة فكرة خاطئة.. إن العادة الأمريكية المتمثلة في دعم حكومات معينة دون قيد أو شرط، بغض النظر عن معاملتها لمواطنيها، تعزز الفكرة القائلة بأن اهتمام أمريكا بحقوق الإنسان انتقائي. إن صانعي السياسة في الولايات المتحدة يمتنعون باستمرار عن الاستفادة من النفوذ الأمريكي في التأثير بشكل ملموس على السياسات المتعلقة بحقوق الإنسان".
إن نهج أمريكا غير المتسق والذي يتسم بالنفاق في كثير من الأحيان تجاه السياسة الخارجية -خاصة فيما يتعلق بالقانون الدولي وحقوق الإنسان- أدى إلى تشويه سمعة القيادة الأمريكية على المسرح العالمي، وأربك الحلفاء حول أهداف السياسة الخارجية الأمريكية.
ترسل الولايات المتحدة برسائل مختلطة من خلال دعمها للخطط الإسرائيلية لضم الضفة الغربية بينما أدانت ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.
من خلال فرض عقوبات صارمة على إيران والنظام السوري بدعوى حماية حقوق الإنسان، يتم منح السعودية ومصر مساعدات عسكرية واقتصادية، رغم سجلهما الكارثي في ملف حقوق الإنسان، مما يلقي بظلال من الشك على التزام أمريكا الحقيقي بهذه القضية.
يدعو التقرير إلى اتباع نهج كلي وإقليمي للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط والذي يمكن أن يساعد في التأكد من أن الشراكات الأمريكية في المنطقة تحددها المصالح الأمريكية، وليس العكس.
وأكدت "تريتا بارسي" ضرورة توفر إطار عمل يسمح ويديم السياسات التي تخدم المصالح الأمريكية حقًا وتفيد شعوب المنطقة.
وفيما يلي إشارة لبعض التوصيات التي ذكرها التقرير:
• إخطار الشركاء الإقليميين بانسحاب كبير للقوات الأمريكية من الشرق الأوسط على مدى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة.
• تقديم دعم دبلوماسي قوي لتطوير هيكل أمني جديد متعدد الأطراف في الشرق الأوسط بقيادة فاعلين إقليميين.
• السعي إلى إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع جميع الأطراف الرئيسية في المنطقة، بما في ذلك إيران.
• المشاركة البناءة في الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحروب في اليمن وسوريا، بما في ذلك وقف كل الدعم لحرب السعودية في اليمن.
• إنهاء الدعم غير المشروط للشركاء الإقليميين، مثل السعودية والإمارات و(إسرائيل) ومصر.
بالرغم من أن مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية قد تستمر في الضغط من أجل سياسات عسكرية أكثر، إلا أنها لا تستطيع إنكار وجود حركة متنامية ضد هذا النهج الخطير في أمريكا وحول العالم.
ومع تزايد الدعم لإنهاء الحروب التي لا تنتهي في الشرق الأوسط يقدم تقرير معهد "كوينسي" بديلاً واضحًا لسياسات المؤسسة الفاشلة.
إذا تم اعتماد ما جاء في التقرير، فمن المتوقع أن نرى سياسات بديلة تركز على الدبلوماسية والسلام والاستقرار التي تخدم المصالح الأمريكية.

المصدر | سارة بختيار - ريسبونسيبل ستيتكرافت – ترجمة وتحرير الخليج الجديد