بعودة الجيش الأمريكي.. هل أقرت الرياض بعجزها عسكرياً؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1356
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

على وقع استباحة المليشيات الحوثية، الأجواء السعودية بشكل شبه يومي، باستهداف عدة منشآت حيوية واستراتيجية في مختلف أنحاء المملكة، وفشل الجيش السعودي في صد تلك الهجمات، لجأ الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القوات الأمريكية، لحفظ ماء وجه بلاده.

ولم يجرؤ الملك السعودي على قول إن بلاده هي التي وجهت الدعوة إلى القوات الأمريكية بالعودة، واكتفى بيانه بأنه "تمت الموافقة على استقبال القوات الأمريكية، لرفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها، وضمان السِّلم فيها"، في حين كشف "البنتاغون" أنه تلقى دعوة من المملكة لإعادة نشر قواته على أراضيه، بعد 16 عاماً من مغادرتها.

ويعد البيان الأمريكي تكذيباً لتصريح الملك، حيث قالت القيادة المركزية في الجيش الأمريكي: "بالتنسيق مع وبدعوة من السعودية، أذن وزير الدفاع بنقل الأفراد والموارد الأمريكية، من أجل الانتشار في المملكة".

وأكد البيان أن وجود القوات الأمريكية يوفر رادعاً إضافياً لها، ويضمن القدرة على الدفاع عن القوات الأمريكية، ومصالحها في المنطقة من التهديدات الناشئة والموثوقة.

 


مملكة من ورق
وبسماح السعودية بإعادة نشر القوات الأمريكية على أراضيها تؤكد بذلك تصريح الرئيس دونالد ترامب، حين قلل من قدرة الرياض والملك سلمان على حماية المملكة دون دعم الولايات المتحدة لها ولجيشها، وأن ذلك مرهون بدفع الأموال لواشنطن مقابل الحماية.

وقال ترامب أمام تجمُّع انتخابي في ساوثافن بمدينة مسيسبي، في أكتوبر الماضي: "نحن نحمي السعودية، ستقولون إنهم أغنياء، وأنا أحب الملك سلمان، لكني قلت: أيها الملك -نحن نحميك، وربما لن تتمكن من البقاء أسبوعين من دوننا- عليك أن تدفع لجيشك".

وكان آخر وجود للقوات الأمريكية على الأراضي السعودية عام 2003، بعد انتهاء غزو العراق، حين سلموا قاعدة الأمير سلطان الجوية إلى القوات السعودية عقب إقامتهم فيها منذ حرب الخليج الثانية عام 1991، حيث استدعتهم المملكة حينها.

ولم تخض القوات السعودية أي مواجهة عسكرية قوية، تختبر فيها قدرتها على حماية حدود البلاد وأجوائها، ولكن مع دخول الحرب ضد اليمن، واشتداد هجمات الحوثيين، فشل سلاح الجو السعودي الذي يمتلك منظومات دفاعية جوية أمريكية متطورة، في حماية أجواء البلاد.

ويبدو أن الهدف غير المعلن من عودة القوات الأمريكية هو حماية أجواء السعودية، وفق ما أكده موقع "بي بي سي بالعربي"، حيث بين أن الجيش الأمريكي نشر في قاعدة الأمير سلطان بالسعودية بطاريات صواريخ "باتريوت" الدفاعية، ويعمل عليها 500 عسكري أمريكي.

وتشمل المعدات التي جلبها الجيش الأمريكي إلى قاعدة الأمير سلطان، طائرات حربية وأنظمة دفاع صاروخي بعيدة المدى، وفق شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية الإخبارية.

كذلك أكد مسؤولون أمريكيون أن النشر يركز على القدرات الدفاعية، مع بطاريات "باتريوت" للدفاع الصاروخي والطائرات المقاتلة التي تهدف إلى الدفاع عن القوات الأمريكية على الأرض، مع إقرار إمكانية استخدام الطائرات بشكل هجومي.

 

استدعاء للحماية
الخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي وصف عودة القوات الأمريكية إلى السعودية بالاستدعاء من قِبل سلطات المملكة لحمايتها، في ظل اشتداد الهجمات الحوثية على المنشآت السعودية، وزيادة التوتر مع إيران.

ويؤكد الشرقاوي لـ"الخليج أونلاين" أن "السعودية منهكة من حرب اليمن المستمرة منذ سنوات، فضلاً عن عدم احترافية قواتها في التعامل مع أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية (باتريوت) في صد الهجمات المعادية، لذلك تم طلب الحماية".

ويقول الشرقاوي: "رغم امتلاك السعودية أنظمة باتريوت متطورة، وشرائها للقبة الحديدية من دولة الاحتلال الإسرائيلي، فإنها فشلت في التعامل مع الأهداف القادمة من اليمن، وهنا استحضر الملك الخطر المتواصل على بلاده، فلجأ إلى الأمريكان".

ويوضح أن إعادة انتشار القوات الأمريكية بالسعودية تعد حرباً بالوكالة تقوم بها الولايات المتحدة بتوجيه من المملكة، بفضل الأموال التي تدفعها لهم، وهو ما أكده الرئيس ترامب.

ويردف الخبير العسكري بالقول: "كله بثمن، ترامب لم يرسل جنوده ومعدات عسكرية متطورة إلى السعودية بلا مقابل، بكل تأكيد حصل على مليارات الدولارات، وهذا حديث غير سري، فدائماً ما يحرج الرئيس الأمريكي ملك السعودية، ويبتزه على الهواء مباشرة".

وتعتمد السعودية على منظومتي صواريخ "هوك" و"باتريوت" الأمريكيتين لحماية أجوائها، وتعمل على تطويرهما باستمرار.

وكان مسؤول سعودي كشف مؤخراً، أن الأحداث الأخيرة أظهرت أن البلاد مكشوفة من حيث نظام الدفاع الصاروخي.

التهديد الإيراني
صحيفة "وول ستريت جورنال" أكدت في تقرير أعده غوردون لوبولد ونانسي يوسف، أن عودة الانتشار الأمريكي بالسعودية بعد الانسحاب منها عقب غزو العراق، يأتي في ظل توتر الأوضاع بمياه الخليج.

ويقول الكاتبان: "تشهد منطقة الخليج وضعاً غير مسبوق، حيث أعلنت الولايات المتحدة مؤخراً إسقاط طائرة مسيَّرة تتبع للحرس الثوري، وكذلك تتهم واشنطن طهران باستهداف ناقلات النفط، وخطفها".

ويوضح الكاتبان أنَّ تزايد سخونة الأحداث في الخليج وتطورها دفعا الولايات المتحدة إلى تعزيز وجودها العسكري، من خلال عودة قواتها إلى السعودية، والتمركز في قاعدة الأمير سلطان الجوية.

ويفسر الكاتبان عودة القوات الأمريكية، بأنها ضمن حماية المملكة، في ظل التهديد الإيراني المتواصل.

ويبين التقرير أن قرار "البنتاغون" يأتي وسط المواجهة بين إدارة الرئيس ترامب والكونغرس بشأن بيع الأسلحة للسعودية، ودعم الولايات المتحدة للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، خاصة بعد اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.

رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد الفيدرالي الروسي، كونستانتين كوساتشيف، يرى أن إعادة نشر القوات الأمريكية بالسعودية تعد تعزيزاً عسكرياً للولايات المتحدة بالمنطقة.

ويتوقع كوساتشيف، في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية، أن يخطط "البنتاغون" لإعداد عملية بَحرية دولية، يطلق عليها اسم "الغارديان"، لضمان الأمن في المجاري المائية الرئيسة بالشرق الأوسط.

وتفاقم التوتر في منطقة الخليج العربي منذ أن قرر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، العام الماضي، الانسحاب من الاتفاق النووي الذي وافقت إيران بموجبه على تقييد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي أصابت اقتصادها بالشلل، في خطوة لقيت دعم السعودية وترحيبها.

وزاد التوتر بين البلدين مع نشر الولايات المتحدة مدمرات في مياه الخليج؛ بحجة تهديد مصالحها في المنطقة، وذلك عقب إسقاط إيران طائرة أمريكية مسيَّرة، في 20 يونيو الماضي؛ قالت إنها اخترقت الأجواء الإيرانية، في حين قال الجيش الأمريكي إنها كانت تحلّق بالمجال الجوي الدولي.