باحثان يدعوان ترامب لأن لا يبتلع “طُعم” السعودية وإسرائيل وينجر إلى حرب مع إيران

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1405
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لندن- “القدس العربي”:
 نشر موقع شبكة أنباء “سي أن أن” مقالا لكل من أرون ديفيد ميللر، الزميل في مركز ودرو ويلسون الدولي للباحثين وريتشارد سوكلوسكي، الزميل غير المقيم في وقفية كارنيغي للسلام عن التوتر الحالي بين الولايات المتحدة وإيران. وحذر الكاتبان الرئيس دونالد ترامب من ابتلاع طعم وضعته السعودية وإسرائيل له وتوريطه في حرب غير محمودة العواقب مع إيران.
وأشار الكاتبان إلى القمة التي عقدتها الولايات المتحدة في شهر شباط ببولندا والتي دعت إليها قادة الشرق الأوسط بمن فيهم إسرائيل. وفي تلك القمة كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تغريدة مشؤومة قال فيها إن الإجتماع كان “تقدما في المصلحة المشتركة للحرب مع إيران”. وتم حذف التغريدة سريعا وأعيد نشرها بعد استبدال كلمة “حرب” بـ”مواجهة إيران” ولكن التلميح حول الحرب لم يختف.
فقبل أيام حثت صحيفة سعودية مرتبطة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان الولايات المتحدة شن عملية عسكرية “جراحية” ضد إيران وذلك بعد اتهام المملكة السعودية طهران بتوفير الطائرات المسيرة للحوثيين الذين استهدفوا أنابيب النفط.
ويعلق الكاتبان أن العلاقات الأمريكية-الإيرانية تراوح بين حالة لا سلام ولا حرب.
وأدى قرار ترامب إلغاء المعاهدة النووية الموقعة عام 2015 من طرف واحد، وحملته التي تقوم على ممارسة أقصى الضغوط الاقتصادية إلى حالة عدم يقين تركت الطرفين في دوامة خطيرة يقوم فيها كل طرف بزيادة التصعيد الذي يجعل من إمكانية النزاع العسكري حقيقة، خاصة في ظل عدم وجود قنوات لتخفيف التصعيد.
ويرى الكاتبان أنه عندما يتعلق الأمر بإيران، فالسعودية وإسرائيل ليستا مراقبتين محايدتين. ومع أنهما عرضة للمخاطر في حالة اندلاع حرب أمريكية – إيرانية إلا أنهما دعتا لسياسة أمريكية متشددة من إيران.
وعلق الكاتبان: “علينا ألا نتبع سياسات إسرائيل والسعودية التي تزيد من مخاطر الحرب مع إيران، خاصة أن مصالحهما لا تتوافق دائما مع مصالحنا”.
وأضاف الكاتبان أن كلا من إسرائيل والسعودية اعتبرتا الاتفاقية النووية “كارثة” وهي لم تكن كذلك، لأنها كانت ستمنع إيران من تطوير السلاح النووي حتى عام 2030 وتخضع برنامجها النووي لنظام مراقبة صارمة لم تشهد عمليات المراقبة مثلها في التاريخ.
والمعاهدة مثل بقية اتفاقيات الحد من التسلح، فيها الكثير من مظاهر القصور ولكنها كانت عملية، وربما كانت أحسن الاتفاقيات التي تم التفاوض عليها في ذلك الوقت. وخدمت الهدف الأمريكي الأعلى وهو منع إيران النووية من الهيمنة على المنطقة، وبالتالي منعت عملية عسكرية أمريكية أو إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية، إلا أن حكومتي السعودية وإسرائيل كرهتا الاتفاقية وعملتا المستحيل لتخريبها.
وتبدو السعودية قلقة من الطموحات الجيوسياسية الإيرانية في الخليج، أما إسرائيل فهي قلقة من التهديد الوجودي عليها من إيران النووية. وباختصار اعتبرت الدولتان مد اليد الأمريكية لإيران والتقارب بينهما بمثابة زيادة في التهديد الإيراني بشكل يؤثر على نفوذهما في واشنطن وعلى أمنهما.
فنجاح السعودية وإسرائيل في إقناع ترامب بالخروج من الاتفاقية النووية عام 2018 ضمنتا مصالحهما وخدمتا احتياجاتهما، فيما وضعت أمريكا نفسها في موضع لم يعد لديها فيه إطار لضبط البرنامج النووي الإيراني ولا أي قنوات للتواصل مع طهران. وأصبح خيار أمريكا حملة عقوبات، وإن نجحت في الضغط على الإقتصاد الإيراني، إلا أنها لم تشمل على طرق للحد من طموحات إيران النووية ولا تأثيرها الإقليمي ولا التفاوض على صفقة جديدة.
ويعتقد الكاتبان أن التوتر الحالي الذي نراه مع إيران اليوم هي امتداد لإلغاء الإتفاقية النووية. ويعتقد ميللر وسوكلوسكي أن السعودية وإسرائيل ليستا حليفين يمكن الإعتماد عليهما لمواجهة إيران.
ففي تشرين الثاني/ نوفمبر مدح الرئيس ترامب السعودية بأنها “حليف مهم في معركتنا المهمة ضد إيران”، وماذا قصد ترامب بالتأكيد من كلامه هذا؟ يجيب الكاتبان إن السعودية بدلا من اتخاذ الخطوات المتناسقة لمواجهة إيران وتأثيرها في المنطقة، فقد ساعدتها على توسيع التأثير، لا الحد منه، والفضل يعود لسياسات ولي العهد السعودية المتهورة وبدعم من إدارة ترامب.
فالحرب الاقتصادية التي تقودها السعودية ضد قطر أدت لتعميق التأثير الإيراني هناك. أما التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الذين تدعمهم إيران في اليمن، فقد أعطت إيران نصرا دعائيا وقوّت تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية وسوّدت صورة أمريكا، دون أن توقف التأثير الإيراني.
ويرى الكاتبان أن إسرائيل كانت أكثر فعالية من السعودية بالحد من نشاط إيران في سوريا دون أن تؤدي لنزاع أوسع. إلا أن الوضع في ذلك البلد لا يزال محفوفا بالمخاطر. فقد زادت إيران تأثيرها في نظام بشار الأسد وعبر جماعاتها الوكيلة، ولا نية لها للخروج من سوريا.
ويشير الكاتبان إلى أن سياسات إسرائيل تجاه غزة لعبت دورا في زيادة التأثير الإيراني، وتقوية حركة الجهاد الإسلامي الموالية لإيران والتي كانت وراء الجولة الأخيرة من التصعيد.
وفي الوقت الذي ترى كل من السعودية وإسرائيل إيران تهديدا وجوديا لكنها لا تمثل ذلك الخطر الوجودي على الولايات المتحدة. وليس غريبا أن تحاول السعودية وإسرائيل الخائفتان من إيران نووية وتأثير قريب بالمنطقة، دفع الولايات المتحدة لمواجهة طهران. وفي الوقت نفسه لا تريد هاتان الدولتان الانجرار إلى حرب تعرضهما للخطر.
فالسعودية عرضة لخطر الصواريخ الإيرانية الباليستية وإمكانية تخريب منشآتها النفطية. وفي الوقت نفسه لا تريد إسرائيل مواجهة حزب الله وصواريخه البالغ عددها 130.000 صاروخ.
وبناء على هذا يجب، ألا تبدأ أمريكا حربا ليست من أجل مصالحها بل وللسعودية وإسرائيل. وعليها تجنب الحرب بأي ثمن إلا في حالة تهديد إيران المصالح الجوهرية للولايات المتحدة وهي: منع الإرهاب ضد الأمريكيين في الخارج، الحفاظ على تدفق النفط من الخليج العربي، منع إيران امتلاك السلاح النووي.
صحيح أن لدى السعودية وإسرائيل مظاهر قلق مشروعة مع أنهما تبالغان فيها. ومن الخطر والحالة هذه أن تشترك أمريكا معهما في هذا القلق، لأنه يؤدي لتقويتهما خاصة السعودية على ارتكاب سلوكيات متهورة وإشعال التوتر وزيادة خطر الحرب.
وعلى خلاف نتنياهو ومحمد بن سلمان اللذان لا يريدان التحاور مع إيران، يجب على إدارة ترامب فتح قنوات مباشرة معها.
وعبّر ترامب عن رغبته بالحديث مع الإيرانيين ولكن المكالمة لم تحدث بعد. ولو أريد للحوار أن يقود لحوار دائم فإنه سيجنب الطرفان التصعيد ويدفع المجالات الأخرى، مع أن منظور اتفاق يظل بعيدا الآن.
وفي النهاية يجب على الإدارة التوقف عن الإستماع لنصح السعودية وإسرائيل فيما يتعلق بإيران. وعليها بدلا من ذلك البحث عن مصالحها. ولو استطاع ترامب الحديث مع أكثر الديكتاتوريين شراسة في العالم وهو كيم جونغ- أون فهو بالتأكيد قادر على الحوار مع إيران.