مُستشرِقةٌ إسرائيليّةٌ: الأضرار التي سبّبّها بن سلمان جسيمةً جدًا وتعيينه ملكًا ليس الحلّ وعلى الرياض تغيير إستراتيجيتها الفاشِلة من الأساس في مُحاولةٍ لتقليل الخسائِر

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1660
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
 رأت صحيفة (هآرتس) العبريّة أنّ الأضرار التي سببتها سياسة وليّ العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، للمملكة أكبر بكثير ممّا يتصوّر القارئ العاديّ، لافتةً إلى أنّ فضيحة قتل الصحافيّ السعوديّ، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول، هي عمليًا نقطة في بحر الإخفاق والفشل، الذي ميّز وما زال يُميّز السياسة السعوديّة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ مُعضلة السعوديّة لا تكمن في تنصيب بن سلمان ملكًا على السعوديّة، بلْ، وهذا المُهّم، البحث عن إستراتيجيّةٍ جديدةٍ تتبنّاها المملكة لإعادة دورها كقوّةٍ عُظمى في الشرق الأوسط، وهو الدور الذي فقدته منذ أنْ تسلّم بن سلمان عمليًا مقاليد السلطة في الرياض، كما أكّدت الصحيفة.
وطبقًا للصحيفة، فإنّه بالإضافة إلى الاستثمارات الهائلة في الغرب، درجت المملكة السعوديّة على تقديم المعونات والقروض من أجل إنقاذ أنظمةٍ عربيّةٍ، وهذه السياسة بالإضافة إلى تحكّمها بأسعار النفط تحولّت إلى أسس الدبلوماسيّة السعوديّة، وهكذا، أضافت الصحيفة، أوجدت المملكة دولاً مُدانة لها، والتي طُلِب منها في وقت الحاجة دعم المواقف السعوديّة، وتركّز الاهتمام السعوديّ، برأي المُستشرِقة الإسرائيليّة دافنا ماوؤر، التي أعدّت التحليل، تركزّ في دولٍ مثل لبنان، التي حصلت على مليارات الدولارات، ومصر، التي باتت أسيرة السعوديّة من الناحية الاقتصاديّة، بالإضافة إلى الأردن، السودان، باكستان، الفلبين والمغرب.
ولكن مع ذلك، أكّدت السعوديّة على أنّه لا توجد هدايا مجانيّة، حيثُ طلبت من مصر إعادة جزيرتي تيران وصنافير للسيادة السعوديّة، وفي العام 2002 أجبرت القمّة العربيّة في بيروت على تبنّي المُبادرة العربيّة للسلام مع إسرائيل، أمّا المثال الأكبر لهذه السياسة، أضافت الصحيفة، فتجلّى واضِحًا في الائتلاف الذي أقامته السعوديّة لشنّ العدوان على اليمن بهدف إبعاد جماعة “أنصار الله” المدعومة من إيران، على حدّ تعبيرها.
وشدّدّ التحليل الاستشراقيّ الإسرائيليّ أنّه على مدار عقودٍ من الزمن فضلّت السعوديّة تنفيذ سياساتها بعيدًا عن الأنظار ومن وراء الكواليس، لافتةً إلى أنّ الصفقات الكبيرة والاستثمارات في الغرب ضمِنتا لها مصالحها، أمّا في الشرق الأوسط فمنحت دولاً مثل مصر أنْ تكون في الواجِهة، أوْ أنّها كلفّت جامعة الدول العربيّة بتنفيذ هذا المنصب، وكان على اللاعبين الثانويين فهم الإشارات القادِمة من الرياض وتنفيذ سياساتها في عملية اتخاذ القرارات، وضمن مصالح المملكة.
ولكنّ المُستشرِق الإسرائيليّة جزمت قائلةً إنّه منذ قام الملك سلمان بنقل الصلاحيات لابنه وليّ العهد محمد، شهدت الإستراتيجيّة السعوديّة انقلابًا بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معنى، إذْ أنّ أزال “الحاجز” الذي كانت تختبئ وراءه السعوديّة في سياساتها، وأخذت على عاتقها جهارًا وبشكلٍ علنيٍّ المسؤولية المُباشِرة لتنفيذ سياساتها وخلافاتها، والتي كان القسم الأعظم، وما زال، مُحاولة كبح التمدّد الإيرانيّ في الشرق الأوسط، والتي تعتبرها السعوديّة العدوّ، مع أل التعريف، وهكذا حول بن سلمان المنطقة إلى جبهةٍ مفتوحةٍ لصراعات وحروبٍ تتدّخل فيها السعوديّة بشكلٍ مُباشرٍ، على حدّ تعبيرها.
وأضافت أنّ الخطوة الأولى التي باشر بها وليّ العهد كانت شنّ الحرب على اليمن، والتي حتى هذه اللحظة لم تُحسَم لصالح السعوديّة، على الرغم من عدم تكافؤ القوّة بينها، وهي المُزودّة بأحدث الأسلحة الأمريكيّة المُتطورّة جدًا، وبكلماتٍ أخرى، وصفت المُستشرقة الإسرائيليّة الحرب على اليمن بأنّها وضعت المملكة على غريل الشواء الدوليّ، والذي يقوم بحرقها يوميًا بسبب قتل المدنيين العُزّل باليمن، مؤكّدةً في الوقت عينه أنّ التورّط المُباشِر للسعوديّة في الحرب على اليمن، إضافةً إلى قتل الصحافيّ جاشقجي، دفعا السينات الأمريكيّ أنْ يُصوِّت هذا الشهر لصالح وقف تقديم المُساعدات للتحالف الذي أقامته السعوديّة ضدّ اليمن، على حدّ قولها.
عُلاوةً على ذلك، شدّدّت الصحيفة الإسرائيليّة على أنّ مُحاولة بن سلمان الفاشِلة لإجبار رئيس الوزراء اللبنانيّ، سعد الحريري، بالاستقالة من منصبه، بهدف إسقاط الحكومة التي كان حزب الله جزءًا منها، سبّبّ للسعوديّة أضرارًا فادحةً ف الساحة الدوليّة، الأمر الذي ألزم الرياض على الانسحاب من المُخطّط المذكور، كما قالت المُستشرقة.
بالإضافة إلى ذلك، قالت المُستشرقة إنّ الإخفاق الكبير كان من نصيب السعوديّة في سوريّة، حيثُ قامت الرياض بتقديم المعونات للميلشيات المُعارِضة المُسلحّة بهدف إسقاط نظام الرئيس بشّار الأسد، إلّا أنّ هذه الميليشيات لم تتمكّن من فعل أيّ شيءٍ، الأمر الذي دفع الرياض إلى الانسحاب كليًا من الساحة السوريّة، لتترك المجال مفتوحًا للإيرانيين والروس، كما أنّ جهودها لإقناع الأردن بفتح مُواجهةٍ عسكريّةٍ مُباشرةٍ ضدّ سوريّة باءت بالفشل، وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ مُحاصرة قطر من قبل الائتلاف الذي أقامته السعودية ومصر والبحرين والإمارات فشل فشلاً مُدوّيًا.
واختتمت قائلةً إنّ المُعضلة الأساسيّة التي تُواجِه السعوديّة الآن، لا تكمن في تنصيب بن سلمان ملكًا أوْ عدمه، إنمّا البحث عن إستراتيجيّةً جديدةٍ تُقلّل الخسائر التي لحقت بها، ومُحاولة استعادة دورها الرياديّ في المنطقة، وفق تعبيرها.