و.س.جورنال: الإصلاح الاقتصادي بالسعودية يؤدي لنتائج عكسية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1796
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 في العامين الماضيين، رفع ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" أسعار البنزين والكهرباء، وأدخل ضرائب جديدة في المملكة العربية السعودية، ودفع العمال الأجانب إلى مغادرة البلاد لإفساح المجال أمام توظيف السعوديين.
وكانت هذه الإجراءات تهدف إلى تنشيط اقتصادها البلاد غير النفطي، وتوفير دخل جديد لحكومة تعتمد على صادرات النفط في 87% من إيراداتها، لكنها أدت بشكل غير مقصود إلى تباطؤ كبير في الاقتصاد.

تفاعل تسلسلي
وعانى الاقتصاد السعودي بشكل كبير بسبب طرد العمالة الأجنبية الرخيصة، وما تبع ذلك من تأثير على أسعار العقارات.
وأقر المسؤولون الحكوميون السعوديون بأن سياساتهم تسبب ألما اقتصاديا، لكنهم قالوا إن هناك حاجة لإصلاح الاقتصاد الذي تخفي فيه عائدات النفط مشكلات عميقة.
وقال "محمد التويجري"، وزير الاقتصاد السعودي، في مقابلة: "نحاول تحقيق التوازن هنا للتأكد من نمو سوقنا بشكل مستدام، ونحاول التأكد من قيامنا بإصلاح الاقتصاد من أسفل إلى أعلى، والتأكد من أن لدينا بيئة استثمار جيدة وودية، في إطار سيادة القانون، إن هذه هي رحلة تحولنا".
لكن النتيجة كانت حتى الآن صدمة للقطاعات خارج صناعة البترول، ما خلق تحديا محليا جديدا لـ"بن سلمان"، البالغ من العمر 33 عاما.
وكان الأمير ووالده، الملك "سلمان"، قد أحدثا هزة في الثقافة السعودية شديدة التحفظ، عبر التغييرات التي أحدثاها، مثل فتح دور السينما، ومنح النساء الحق في القيادة والذهاب إلى مباريات كرة القدم.
لكن في مقابلات عديدة، قال بعض السعوديين إنهم غير راضين عن البرنامج الاقتصادي.
وقالت "أم سعيد"، البالغة من العمر 56 عاما، وتعيش في جدة: "كل ما نراه هو الزيادات في أسعار الغاز والكهرباء، لكن كمواطنين، لا نستفيد حقا من أي منها".
وعلى نطاق أوسع، أعلنت بعض الشركات السعودية هذا الشهر عن أرباح مخيبة للآمال لعام 2018، في حين توجه الشركات التي لم تحقق أي أرباح اللوم بشكل متزايد للحكومة.
وأدرجت شركة "المراعي"، شركة الألبان العملاقة المعروفة بالريادة في اقتصاد التجزئة السعودي، في تقريرها السنوي للمستثمرين، العديد من تدابير الأمير الإصلاحية، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة الجديدة بنسبة 5% وارتفاع تكاليف الطاقة، باعتبارها "عوامل سلبية" تسببت في انخفاض أرباحها في عام 2018 مقارنة بعام 2017.
وقالت شركة "فواز عبدالعزيز الحكير وشركاه"، وهي شركة سعودية ذات باع كبير في البيع بالتجزئة، إنها كانت تعتزم إغلاق 100 متجر في عام 2018، وقالت إن صافي الدخل انخفض بنسبة 45% في الربع الأخير من عام 2018.
ويعاني الاقتصاد أيضا من هجرة جماعية للعمال الأجانب، ومعظمهم من جنوب آسيا والفلبين، وقبل عامين، كانت المملكة تستضيف 7.4 مليون عامل أجنبي، لكن أكثر من مليون منهم قد غادروا منذ أن فرضت الحكومة ضرائب جديدة على الشركات التي توظفهم، ورسوم جديدة على العائلات المرافقة للمغتربين.
ومع انخفاض عدد الأشخاص الذين ينفقون الأموال داخليا، دخل الاقتصاد في مرحلة الانكماش في يناير/كانون الثاني، وانخفضت أسعار البضائع بنسبة 2.2% في فبراير/شباط مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وهو أكبر انخفاض منذ الركود الحادث عام 2017، وفقا للبنك المركزي السعودي.
وانخفضت أسعار العقارات بنسبة 15% في نهاية عام 2018، مقارنة ببداية عام 2016، وفقا لأرقام الحكومة السعودية.
وقال "روبن ميلز"، الرئيس التنفيذي لشركة "قمر" للطاقة، وهي شركة استشارية في دبي تركز على المملكة العربية السعودية: "على المدى القصير، فقد الاقتصاد الأموال"، لكنه أضاف أن جدول أعمال ولي العهد سيكون مفيدا على المدى الطويل إذا تم تنفيذه جيدا.

رياح عكسية
وتواجه المملكة رياحا معاكسة من الخارج، ويواجه "بن سلمان" انتقادات دولية بسبب تورطه في مقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، والحرب في اليمن.
ويواجه الاقتصاد انخفاضا نسبيا في أسعار النفط، وإحجام المستثمرين الأجانب عن الالتزام بالعمل في المملكة.
وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر 2.4 مليار دولار خلال ثلاثة أرباع عام 2018، مرتفعا من أدنى مستوى له في 14 عاما، الذي بلغ 1.4 مليار دولار لعام 2017، ولكن أقل بكثير من المتوسطات التاريخية والرقم السنوي لعام 2016 البالغ 7.4 مليار دولار.
وقال "التويجري" إنه يتوقع أن يتجاوز الاستثمار الأجنبي المتوسطات التاريخية بمجرد تفعيل برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وعمل مسؤولو النفط السعوديون مع منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" للحد من إنتاج النفط، ما ساعد على زيادة الأسعار بنسبة 31% منذ ديسمبر/كانون الأول، لتصل إلى 67 دولارا للبرميل، لكن لا يزال هذا الرقم منخفضا جدا لتغطية حاجات الموازنة السعودية، التي تحتاج إلى ارتفاع الأسعار حول الـ 80 دولارا للبرميل، وفقا لمعظم الاقتصاديين.
وتقول "كابيتال إيكونوميكس"، وهي شركة استشارية للأبحاث في لندن، إن أسعار النفط الراكدة قد أثرت على توقعات النمو، التي انخفضت مؤخرا إلى ما يزيد قليلا على 1% لعام 2019.
كما قلص صندوق النقد الدولي من توقعاته للنمو الاقتصادي السعودي هذا العام إلى 1.8%، منخفضا من 2.3% عام 2018، ومن المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي غير النفطي 2.1% هذا العام، منخفضا من 2.2% في عام 2018، كما يقول صندوق النقد الدولي.
ويوجد في المملكة واحدة من أكبر التكتلات السكانية الشابة في مجموعة العشرين، حيث يقع ما يقرب من 60% من مواطنيها تحت سن الثلاثين، وكثير منهم عاطلون عن العمل.
ويشكل العمال الأجانب ذوو الأجور المنخفضة معظم القوى العاملة في المجالات غير النفطية، في حين يبلغ معدل البطالة الرسمي للسعوديين 25%، وتشكل صناعة النفط 42% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 90% من إيرادات صادرات البلاد.
وقال مسؤولون سعوديون إن سياساتهم تهدف إلى معالجة هذه الاختلالات، ولقد وضعت الحكومة قوانين جديدة لمساعدة الشركات، مثل السماح بإشهار الإفلاس على النمط الغربي، مع اتخاذ إجراءات صارمة ضد الأسواق السوداء، بالإضافة إلى فرض الرسوم والضرائب.
وقال "التويجري" إن الحكومة عملت على دعم القطاع الخاص والناس بحزمة تحفيز في ميزانية عام 2019، وزادت المدفوعات المباشرة للمواطنين، لتعويض الزيادات في فواتير الخدمات والبنزين.
وقالت الخبير الاقتصادي في بنك "إتش إس بي سي"، "رزان ناصر"، إن ميزانية عام 2019 يحوي إنفاقا قياسيا، ولا تزال معظم الاستثمارات تقودها الدولة، وليس القطاع الخاص، حيث لا يزال النمو يعتمد على عائدات النفط.
وتقول "ناصر" إن التحدي الذي يواجه الحكومة السعودية هو أن تظل ملتزمة بالإصلاح طويل الأجل، في حين تتعامل مع مشاكل قصيرة الأجل مثل ضعف عدد الوظائف.
وأدت الضرائب وخفض الدعم إلى تقويض حياة العديد من السعوديين، الذين يحصلون حتى الآن على العديد من الخدمات الأساسية المدعومة بشكل جيد.
وقد تراجع الإنفاق الاستهلاكي السعودي في عام 2018، مع وصول ودائع البنوك السعودية إلى أعلى مستوى في 5 أعوام، وفقا للبنك المركزي السعودي.
وقال "أبو أحمد"، صاحب متجر لبيع البندق والجوز في أحد أسواق الرياض: "لم يعد العمل كما كان من قبل، هذا أمر مؤكد، والناس بالتأكيد أكثر وعيا لإنفاقهم، في السابق، كان الناس يملؤون جيوبهم ويذهبون للتسوق دون تفكير، لكن الآن أصبح الأمر مختلفا".

المصدر | وول ستريت جورنال