هل ستَسمح السعوديّة للسيّدة كالامارد المُحقِّقة الدوليّة المُكلّفة بقضيّة اغتيال خاشقجي بزيارتها والالتِقاء بالمُتَّهمين الـ21؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 610
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 وهل “سيستقبلها” الأمير محمد بن سلمان؟ وماذا لو رفضت التَّعاون معها وفريقها الذي يَضُم ثلاثة خُبراء في الطب الشرعيّ؟ وكيف نجح خصمها أردوغان في تدويل القضيّة؟
يبدو أنّ تهديدات السلطات التركيّة، والرئيس رجب طيّب أردوغان شخصيًّا، بتدويل قضيّة اغتِيال الصحافي جمال خاشقجي تنتقل بسُرعةٍ إلى مرحلة التَّطبيق العمليّ، وأن الحكومة السعوديّة تقف على أعتاب “صُداع قانوني” خطير جدًّا، بالنَّظر إلى تشكيل الأُمم المتحدة فريق تحقيق دولي برئاسة السيّدة أغنيس كالامارد التي بدأت فِعليًّا مُهمَّة التحقيقات في هذه الجريمة مع كُل الجهات والأشخاص والجِهات المُختصّة انطِلاقًا من تركيا، على أن تُقدِّم تقريرها النهائيّ في حزيران (يونيو) المُقبِل.
السيّدة كالامارد وصلت إلى أنقرة، وتقدَّمت بطلبات رسميّة إلى الحكومة السعوديّة لزيارة مسرح الجريمة، أيّ القنصليّة السعوديّة في إسطنبول، واللِّقاء بالسفير السعوديّ في أنقرة، وزيارة المملكة مع فريقها الذي يضم ثلاثة خُبراء في الطب الشرعيّ، ولكنّها لم تتلقّ أيّ رد إيجابيّ فيما يتعلَّق بهذه المطالب حتّى كتابة هذه السطور.
الأمر المُؤكَّد أنّ السلطات التركيّة التي لا تَكِن أيّ ود لنظيرتها السعوديّة، وتضعها على قمّة لائحة خُصومها، ستُقدِّم الكثير، إن لم يكن، كُل الأدلّة التي في حوزتها عن تفاصيل تنفيذ هذه الجريمة داخل القنصليّة السعوديّة، مُدعَّمةً بالتَّسجيلات والصُّور والبَصمات والتَّحليلات العلميّة الجنائيّة، ولكن الخُطوة التي لا تَقِل أهميّة، طلب السيّدة كالامارد لقاء مسؤولين في أجهزة المخابرات المركزيّة الأمريكيّة للتَّعرُّف على المعلومات المُتوفِّرة لديها، وخاصَّةً السيّدة جينا هاسبل، رئيسة جهاز “سي آي إيه”، التي أكّدت أن لديها قناعةً بأنّ الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد السعوديّ، هو الذي أصدر الأوامر بقتل الخاشقجي، وكان لشهادتها أمام مجلس الشيوخ الدور الأكبر في إصدار المجلس، قرارًا إجماعيًّا بتحميل الأمير بن سلمان المسؤوليّة عن هذه الجريمة، وهو إجماعٌ غير مسبوق في تاريخ المجلس.
السلطات السعوديّة اعتَرفت رسميًّا بالمسؤوليّة عن تنفيذ جريمة الاغتيال هذه، وقالت في بياناتٍ رسميّةٍ أنّه جرى تقطيع جُثمان الصحافي الراحل بمنشار، وتسليم القِطع إلى عميلٍ تركيٍّ محلّي، وأصدر النائب العام السعوديّ قرارًا باعتِقال 21 شخصًا تورّطوا في هذه الجريمة وطالب بإعدام خمسة منهم دون تسمية أيّ مِن هؤلاء.
السؤال الذي يطرح نفسه هو عمّا إذا كانت السلطات السعوديّة ستسمح لفريق التَّحقيق هذا بزيارة المملكة، وإذا لبّت هذا الطلب فِعلًا، هل ستسمح له باللِّقاء مع المُتّهمين جميعًا وأخذ شهادتهم بحُريّةٍ كاملة؟ والسؤال الأهم هو هل سيتم تلبية طلب آخر أكثر إزعاجًا وهو اللِّقاء مع الأمير محمد بن سلمان؟
السلطات السعوديّة تَرفُض دائمًا التَّحقيق مع أيّ من رعاياها أو المسؤولين فيها في أيّ قضايا جنائيّة، وتعتبر هذا التحقيق خرقًا لثوابتها السياديّة والقانونيّة، ولهذا رفضت رفضًا مُطلَقًا السماح لمُحقّقي مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكيّ باللِّقاء مع أربعة من المُتّهمين في تفجيرات الخبر عام 1996 التي استهدفت مقرًّا للقُوّات الأمريكيّة وأدّت إلى مقتل 19 جُنديًّا أمريكيًّا، وقالت إنّ مُحقّقيها وحدهم هم المُكلَّفون بهذه المُهمّة، ونفّذت الإعدام لاحقًا بالمُتّهمين الأربعة الذين تَعاونوا مع قائد الشاحنة المُفخَّخة، وكانوا جميعًا من المُواطنين السعوديّين.
اغتيال الخاشقجي وتنفيذ الهُجوم الانتحاري على مقر القوّات الأمريكيّة في مدينة الخبر أمران مُختَلِفان، فالمُحقّقون في الأُولى يتمتّعون بالصفة الدوليّة، الأمر الذي يُحتّم التعاون مع تحقيقاتهم، وتقديم كُل المعلومات المطلوبة لهم بكل شفافيّة، وإلا سيُؤدّي الأمر إلى مُساءلة دوليّة في مجلس الأمن، وربّما تشكيل محكمة دوليّة على غِرار محكمة الحريري، وبدَعمٍ أمريكيّ أُوروبيّ.
التحقيقات الدوليّة في هذه الجريمة البَشِعة ما زالت في بدايتها، ولكنّها بدايةً مَحفوفةٌ بالمخاطر للمملكة والمسؤولين فيها، والأمر المُؤكَّد أنّ قضيّة اغتيال خاشقجي لن تموت بحُكم عامِل الزَّمن، والنِّسيان بالتّالي، وهذا ما تُريده جِهات عديدة ونافِذة على رأسِها الدولة الأمريكيّة العَميقة.. ما علينا إلا الانتظار ومُتابعة تفاصيل التَّحقيقات في هذه الجريمة التي ستَكون حافِلةً بالمُفاجآت حتْمًا على الصُّعُد كافَّةً.
“رأي اليوم”