2018.. عام الهرولة الخليجية نحو التطبيع مع إسرائيل

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1270
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

محمد عبدالله
 تطورات سريعة وغير مسبوقة شهدها عام 2018 في العلاقات بين (إسرائيل) والعديد من الدول الخليجية التي لا تربطها بالدولة العبرية معاهدة سلام والتي لطالما وضعت شروطا للتطبيع.
وظهر ذلك التطور جليا في الآونة الأخيرة، من خلال الزيارات السياسية والاقتصادية والرياضية المتبادلة التي أخذ الكثير منها طابعا علنيا، فيما اعتبرتها مصادر عبرية أنها مقدمة للتطبيع الكامل.
وإضافة لما هو معلن، فقد تحدثت تقارير غربية وعربية وعبرية عن علاقات سرية "متينة" بين تل أبيب وعواصم خليجية، وهو ما عززه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، بإعلانه مؤخرا عن وجود تطوّر كبير في العلاقات مع الدول العربية، واصفاً الوضع الحالي بـ"غير المسبوق".
بدوره، نقل "أوفير جندلمان"، المتحدث باسم "نتنياهو"، في 6 سبتمبر/أيلول الماضي، عن الأخير قوله: "ما يحدث بعلاقاتنا مع الدول العربية غير مسبوق. لم يتم الكشف عن حجم التعاون بعد، ولكنه أكبر من أي وقت مضى، هذا تغيير هائل".
ويأتي ذلك التطور المتسارع بالتزامن مع الحديث عن "صفقة القرن" الأمريكية، التي يتردد أنها ترتكز على تقديم الفلسطينيين تنازلات مجحفة بملفات عدة، أبرزها وضع مدينة القدس المحتلة واللاجئين.
ويعزى ذلك الربط، إلى ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، عن أن هناك جهدا إسرائيليا كبيرا لتطبيع العلاقات مع الدول العربية تمهيدا لنشر خطة السلام الأمريكية.
وفي تصريحات له في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال "نتنياهو"، إنه "من المهم أن تكون هناك علاقات مع الدول العربية حتى تصبح مفتاحا للسلام مع الفلسطينيين".

سلطنة عمان
ويبدو أن أكبر تطوّر في العلاقات الخليجية الإسرائيلية، جسّدته الزيارة الرسمية التي أجراها "نتنياهو" نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى سلطنة عمان.
وبحسب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن الزيارة جاءت تلبية لدعوة من السلطان "قابوس بن سعيد"، عقب اتصالات مطوّلة أجريت بين البلدين.
وعقب الزيارة، قال الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بالسلطنة "يوسف بن علوي بن عبدالله"، خلال قمة أمنية بالبحرين، إن "إسرائيل دولة موجودة بالمنطقة ونحن جميعا ندرك ذلك".
وأضاف: "العالم أيضا يدرك هذه الحقيقة، وربما حان الوقت لمعاملة (إسرائيل) بنفس المعاملة وأن تتحمل أيضا نفس الالتزامات".
وبعد "نتنياهو" بأيام، وصل وزير النقل والاستخبارات الإسرائيلي "يسرائيل كاتس"، إلى مسقط، للمشاركة في مؤتمر النقل الدولي المقام خلال الفترة من 6 إلى 8 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووصف "كاتس" الزيارة بأنها "تاريخية ستحسن العلاقات بين إسرائيل وسلطنة عمان"، مشيرا الى أنه يعتزم "تقديم وتعزيز مبادرتنا المشتركة لربط دول الخليج بـ(إسرائيل) والبحر المتوسط"، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".
ورسميا لا يوجد علاقات دبلوماسية بين (إسرائيل) وعُمان، إلا أن البلدين وقعتا عام 1996 اتفاقا لافتتاح متبادل لمكاتب تمثيل تجاري، لكن هذه العلاقات جُمدت مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.

الإمارات
وعلى الجانب الآخر من الحدود العُمانية وعقب زيارة "نتنياهو"، كانت هناك زيارة إسرائيلية أخرى رفيعة المستوى، إذ وصلت وزيرة الثقافة والرياضة "ميري ريغيف"، دولة الإمارات في 27 أكتوبر/تشرين الأول، على رأس وفد رياضي للمشاركة في بطولة عالمية للجودو أقيمت بالعاصمة أبوظبي.
ونشرت "ريغيف" عبر صفحتها على "فيسبوك"، تسجيلاً مصوراً تظهر فيه وهي تقوم بجولة في مسجد الشيخ زايد بالعاصمة الإماراتية.
ولم يقتصر الأمر على زيارة وزيرة الثقافة والرياضة، وإنما تبع ذلك زيارة أجراها وزير الاتصالات الإسرائيلي "أيوب قرا"، إلى إمارة دبي في 30 من الشهر ذاته، وألقى فيها خطابا أمام مؤتمر دولي حول أمن المعلومات والاتصالات.
وشهد مارس/آذار الماضي، زيارة أجراها إسرائيليون إلى الإمارات، حيث كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، عن مشاركة رسمية إسرائيلية في سباق كأس العالم للراليات الصحراوية (كروس كانتري)، الذي أقيم في أبوظبي.
كما شارك فريق دراجات إماراتي في سباق "جيرو دي إيطاليا"، الذي جرى بمدينة القدس المحتلة مطلع مايو/أيار الماضي، وآنذاك، رحّب "جندلمان" عبر تغريدة على "تويتر" بالوفد الإماراتي.

البحرين
البحرين بدورها شاركت في ذات السباق بفريق رياضي أيضا، وقد نشر "جندلمان" عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي صورا للفريق البحريني، وأعرب عن ترحيبه به.
لكن مشاركة الفريق الرياضي البحريني في سباق الدراجات، ليست المؤشر الوحيد على تطور علاقات المنامة بتل أبيب.
فقد ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، في يوليو/تموز الماضي، أن (إسرائيل) شاركت في الدورة الـ42 للجنة التراث العالمي التابعة للأمم المتحدة، التي عقدت بذات الشهر في البحرين.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن مملكة البحرين تجري حوارا سريا مع (إسرائيل) لتطبيع العلاقات بين الجانبين.
وبحسب الصحيفة، فإن الحوار يهدف إلى "التوصل إلى صيغة تمكن الجانبين من الإعلان عن عودة العلاقات بشكل علني"، لافتة إلى أن الحوار يجري تمهيدا لزيارة مرتقبة قد يجريها "نتنياهو" إلى البحرين.
ولم تعلّق المنامة على ما أوردته الصحيفة الإسرائيلية بشأن الحوار السري أو الزيارة المزمعة.
وضمن مؤشرات التحول في السياسة البحرينية تجاه (إسرائيل)، أعلن وزير الخارجية "خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة"، في مايو/أيار، دعم بلاده لما سماه "حق (إسرائيل) بالدفاع عن نفسها"، عقب استهدافها عشرات المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا.
ولقيت تصريحات الوزير البحريني إشادة إسرائيلية، إذ قال وزير الاتصالات "أيوب قرا"، إنها تشكل "دعما تاريخيا لـ(إسرائيل) إزاء العدوان الإيراني"، على حد تعبيره.

السعودية
وفي السعودية، لم يظهر أي حراك رسمي علني يفصح عن وجود علاقات بين تل أبيب والرياض، إلّا أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين ألمحوا إلى وجود علاقات "سرية" بينهما.
وفي مقابلة نشرتها مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية، في مارس/آذار الماضي، اعتبر ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" أن "للإسرائيليين على غرار الفلسطينيين، الحق في أن تكون لهم أرضهم"، مؤكدا أن المملكة تتقاسم مصالح كثيرة مع (إسرائيل)، ستتعاظم في حال التوصل إلى سلام في المنطقة.
ولا تعترف السعودية رسميا بـ(إسرائيل)، لكن تقارير صحفية عدة تحدثت في الفترة الأخيرة عن تحسن وتوطد كبير في العلاقات بين الجانبين، وصل إلى حد إجراء "بن سلمان" زيارة إلى تل أبيب، رغم النفي السعودي الرسمي لذلك.
ولدى تل أبيب رغبة قوية بتوثيق علاقتها مع الرياض، وهو ما أفصح عنه وزير الدفاع السابق "أفيغدور ليبرمان"، بتصريحات دعا فيها إلى تعزيز التعاون بين (إسرائيل) والسعودية ضد إيران وفروعها بالمنطقة.
وكتب "ليبرمان" في مجلة "ديفنس نيوز" الأمريكية: "نرى أدلة كثيرة على التفكير الرصين في أماكن أخرى في المنطقة، ولا سيما بين دول الخليج، ولعلّ أوضح مثال على ذلك هو السعودية التي تقود قيادتها سياسة جريئة ورؤية لا تتوانى عن تعريف إيران باعتبارها التهديد الإقليمي الأكبر".
وأضاف: "كلما وحدنا –نحن القوى البراغماتية في المنطقة– طاقاتنا لهزيمة أعدائنا المتعصبين، كلما كنا أكثر قدرة على توفير الأمن والاستقرار في المنطقة والنهوض بمصالحنا الوطنية".
وفي الإطار ذاته، دعا عضو الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي "يوسي يونا"، ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، إلى زيارة (إسرائيل)، وإلقاء خطاب في الكنيست كما فعل الرئيس المصري الراحل "أنور السادات".
ورغم غياب أي حديث رسمي سعودي عن علاقات أو محادثات مع (إسرائيل)، إلا أن صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، قالت إن هناك محادثات اقتصادية بين تل أبيب والرياض، شملت عمل شركات إسرائيلية في الخليج والسماح للطيران المدني الإسرائيلي بالتحليق فوق المملكة.
قناة "سي إن إن" الأمريكية تحدثت أيضا في ذات الإطار، وقالت إن هناك مشاريع اقتصادية تجمع الطرفين من المتوقع أن تشهد تطورا سريعا.
وأشارت إلى أن هذه المشاريع تشمل تسيير خطوط طيران من (إسرائيل) إلى الرياض، وكذلك مد خط سكة حديدية بين السعودية و(إسرائيل) مرورا بالأردن الذي يقيم علاقات طبيعية مع الدولة العبرية.
وفي مارس/آذار الماضي، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي أن السعودية سمحت لشركة الطيران الهندية "إير إنديا" باستخدام مجالها الجوي لتسيير رحلات جوية بين مطار مومباي بالهند وتل أبيب.
وتعلق الحكومة الإسرائيلية، آمالا كبيرة وغير محدودة على علاقتها التي تتطور يوميا مع السعودية، وتدفع بكل ثقلها في اتجاه أن يكون للرياض دور أساسي وتاريخي في فتح الباب أمام تطبيع علاقات دولة الاحتلال مع بقية الدول العربية.

قطر
تطور العلاقات الخليجية الإسرائيلية كان لقطر نصيب منه أيضا، فقد استضافت الأخيرة في مارس/آذار الماضي، فريقا إسرائيليا شارك في بطولة العالم المدرسية لكرة اليد.
كما وصل فريق رياضي إسرائيلي آخر إلى العاصمة الدوحة، نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، للمشاركة في بطولة العالم للجمباز، والتي اختتمت في 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
وبعيدا عن العلاقات الرياضية وضمن خطط قطر لإعادة إعمار قطاع غزة، يزور رئيس اللجنة القطرية المكلفة بذلك السفير "محمد العمادي"، الأراضي الفلسطينية بشكل متواصل مرورا بـ(إسرائيل).
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن عقد "العمادي" لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين للتنسيق بشأن مهام عمل لجنته في قطاع غزة.
وفي فبراير/شباط الماضي، زار السفير "العمادي" مدينة القدس المحتلة، واجتمع مع وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي ومسؤولين أمنيين.
وبحسب وسائل إعلام فلسطينية وإسرائيلية، فإن الاجتماع بحث تجنيب غزة حربا جديدة مع (إسرائيل) وتحويل أموال إغاثية للقطاع.
كما تلعب قطر، إلى جانب مصر والأمم المتحدة، دورا في مباحثات التهدئة التي بدأت في النصف الثاني من هذا العام بين الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة و(إسرائيل).

المصدر | الخليج الجديد