نيويورك تايمز: كيف يرى السعوديون ولي عهدهم القاتل المجنون؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1611
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير زياد محمد - الخليج الجديد
 "من المربك أن تجد نفسك في دولة بوليسية تجري مقابلات مع أشخاص حول ولع قائدهم بتجويع الأطفال، أو تعذيب النساء أو تقطيع أجساد منتقديه، والنتيجة هي الابتسامات العصبية، والوقفات الطويلة في المحادثة".
هكذا استهل "نيكولاس كريستوف" مقاله في صحيفة "نيويورك تايمز" والذي بناه على مجموعة من المشاهدات واللقاءات الحية في المملكة العربية السعودية، والذي نشره تحت عنوان "حين سألت السعوديين عن ولي عهدهم القاتل المجنون".
وقال "كريستوف" إن المسؤولين السعوديين الذين قابلهم يعترفون بشكل سري بأن "بن سلمان" هو من أمر بقتل "خاشقجي" لكنهم يعتقدون أن العلاقات السعودية الأمريكية لا ينبغي أن تبنى على مصير رجل واحد.
وفي السطور القادمة ينشر "الخليج الجديد" ترجمة لنص مقال "نيكولاس كريستوف":
من المربك أن تجد نفسك في دولة بوليسية تجري مقابلات مع أشخاص حول ولع قائدهم بتجويع الأطفال، أو تعذيب النساء أو تقطيع أجساد منتقديه، والنتيجة هي الابتسامات العصبية، والوقفات الطويلة في المحادثة.
إنه لأمر محزن، لأنه في هذه الزيارة، وجدت السعودية تتغير حقاً تحت حكم ولي العهد "محمد بن سلمان"، إنك تشعر بالحركيّة على أرض الواقع في الرياض، ويشعر الشبان السعوديون بالحماسة لأن البلاد لديها أخيراً قائد جريء يحاول تحديث الاقتصاد.
أخبرتني سيدة الأعمال "نهى سعيد قطان" أنها ممتنة للأمير "محمد" لأنه بإمكانها أن تقود سيارتها بنفسها لكي تقابلنا، أخبرتها بأنني كنت سعيداً لأجلها، ولكن كان من الصعب الاحتفال في الوقت الذي يسجن فيه الأمير أيضاً ناشطات حقوق المرأة، وبحسب التقارير الإخبارية، تعرضت 4 منهنّ للجلد والتعذيب والتحرش الجنسي، وحاولت إحداهن الانتحار نتيجة لذلك.

ثم كان هناك صمت آخر مربك.
لقد كنتُ ناقداً بشدة لـ"الأمير المجنون"، لذلك فوجئت قليلاً حين تلقيت تأشيرة سعودية، على ما يبدو لأنني كنت مسافراً مع وفد من الأمم المتحدة عائد من اليمن، وفي انعكاس للوضع اليوم، بدا الأصدقاء الأمريكيون أقل قلقاً بشأن سلامتي في اليمن الذي يسيطر عليه المتمردون مقارنة بالرياض.
في الواقع، لقد شعرت بأمان معقول في السعودية، كان المسؤولون محترمين ومهذبين حتى عندما كنت صريحًا بشكل مؤلم، لكن الناس بدوا خائفين من التحدث إلى صحفيّ أكثر من ذي قبل، وكان هناك شعور بالقومية المضطهدة المختلطة بالقمع في الأجواء.
من الصعب الحكم على الرأي العام في أي دولة بوليسية يتم فيها مراقبة الصحفيين بعناية، لكن تخميني هو أن الدعم للأمير هنا حقيقي، حيث يرحب الناس بقيادته الشبابية، وحتى باللغة العربية، يُشار إليه أحيانًا بالاختصار الإنجليزي لاسمه "إم بي إس" لكنني أشير إلى "إم بي إس"، بعد تقطيع الصحفي "جمال خاشقجي"، بـ"السيد منشار العظام".
ويستحق مجلس الشيوخ الأمريكي التحية على تصويته التاريخي بتحميل "محمد بن سلمان" المسؤولية عن مقتل "خاشقجي" وإنهاء الدعم للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، حيث يلقي المسؤولون السعوديون اهتماماً شديداً لهذا التطور.
ويقر كبار المسؤولين السعوديين بشكل سريّ بأن "محمد بن سلمان" أمر بقتل "خاشقجي"، لكنهم يصرون على أن العلاقة السعودية الأمريكية أكثر أهمية من حياة رجل واحد، وهم يقولون أنه من أجل الاستقرار في المنطقة، يجب على أمريكا أن تقف إلى جانب السعودية.
وإجابتي على هذا هي أن المشكلة ليست فقط أن "محمد بن سلمان" قاتل، ولكنه أيضاً زعزع استقرار المنطقة، وجوّع الأطفال اليمنيين، وقوض مصالح السعودية والولايات المتحدة على حد سواء، كل شيء يمسه، ينكسر.
لقد وضع الرئيس "ترامب" و"غاريد كوشنر" رهاناتهما على الأمير، وربما يكونان على صواب بشكل محدود، فرغم تمكن الملك "فيصل" سابقا من الإطاحة بسلفه غير الكفء، الملك "سعود"، عام 1964، لكنني لم أر أي إشارة بأن "محمد بن سلمان" في خطر فقدان السلطة.
كان تفاعلي الأكثر إثارة للاهتمام مع مجموعة من المهنيين الشباب الذين يعتقدون أنني أفهم كل شيء بشكل خاطئ.
فقد قال "طارق بوحليقة"، وهو مستشار في الرياض: "لا أعرف لماذا تركز وسائل الإعلام على الجانب المظلم"، وقال إنه من المؤكد أنه كانت هناك خطوات متعثرة، لكن أهم ما يجري هو تحديث البلاد وتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.
وقالت "فلوى البازعي"، التي تستعد للحصول على رخصة قيادة لها، إنها لا تعرف سبب احتجاز ناشطات حقوق المرأة، لكنها أضافت: "إن الصورة الكبيرة التي أراها هي أن كل امرأة تستفيد من القيادة، وأن النساء والرجال يستفيدون من التقدم الاجتماعي".
لكن الحداثة لا تتعلق فقط بالكابتشينو وتطبيقات آيفون؛ إنها تتعلق أيضًا بكرامة الإنسان وسيادة القانون، وبالرغم من أن "محمد بن سلمان" يحرز تقدماً اجتماعياً، لكنه أيضًا متهور، قمعي ووحشي، وحتى كفاءته الاقتصادية تعد موضع شك حيث إنه لم يتمكن حتى من تنظيم اكتتاب عام أولي لشركة "أرامكو".
ويعكس دفاع "ترامب" الغريب عن الأمير كل مواطن الخطأ في العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية، والتي تحولت إلى علاقة مقايضة؛ لقد عاملنا السعوديون كأننا الحراس الشخصيون الخاصون بهم، وعاملتهم واشنطن كمالك لمحطة بنزين.
وأعتقد أن السبب الحقيقي وراء تبني "ترامب" و"كوشنر" لولي العهد السعودي، بغض النظر عن أملهم في أنه سيدعم خطتهم للسلام في الشرق الأوسط ،هو العمل التجاري حيث إنها يعتقدان بأن السعوديين سوف يستثمرون في مشاريعهم العقارية الشخصية لعقود قادمة.
الحقيقة هي أنه مع تقلص أهمية السعودية كمنتج للنفط، فإن حاجة واشنطن إلى السعودية تقل، وفي غضون 25 عامًا، إذا تم تحريرنا من استبداد النفط المستورد، فقد لا نحتاجها على الإطلاق.
ظل بعض السعوديين يحاولون أن يشيروا لي أنه إذا منعنا بيع الأسلحة إلى الرياض، فستتجه المملكة إلى موسكو، ويعد هذا تهديدا سخيفا حيث تحتاج السعودية إلى قطع الغيار الخاصة بنا، والأهم من ذلك أنها تشتري أسلحتنا لأنها تأتي ضمناً مع ضمان بأن نحمي السعوديين عسكرياً إذا ما واجهوا مشاكل مع إيران.
لا يمكن للقوات المسلحة السعودية حتى هزيمة ميليشيا في اليمن، فكيف يمكن أن تصمد أمام إيران؟ لهذا السبب لدينا نفوذ على المملكة العربية السعودية، وليس العكس.
دعونا نستخدم هذا النفوذ، الخطوة التالية يجب أن تكون تعليق مبيعات الأسلحة إلى أن تنهي السعودية حربها على اليمن، لأن تلك الحرب جعلتنا متواطئين في المجاعة الجماعية.

المصدر | نيكولاس كريستوف| نيويورك تايمز