إطاحات ملكيّة لصالح “راحة الرئيس” في الأردن: ساعات ما بعد واشنطن تزيح “عوض الله وفاخوري” ومشاريع الخصخصة من “طريق الرزاز” ولو مؤقتاً..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1236
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

العلاقة المباشرة مع سعودية بن سلمان تحت المجهر والبطاينة ورفاقه لفصل جديد في صندوق التنمية
برلين ـ “رأي اليوم” – فرح مرقه:
 لايمكن أن يقوم ملك الأردن بخطوتين متزامنتين فور عودته من واشنطن الخميس وتبقيان في مجال الصدفة أو الاستحقاق فقط، خصوصاً وهو يحيّد شخصيتين كانتا نافذتين لسنوات مثل الدكتور باسم عوض الله والدكتور عماد فاخوري، في قرارين منفصلين. أحد الشخصيتين مرتبط عضوياً بالتيار السعودي القريب لولي العهد في الأردن وتحييد الدكتور عوض الله يعني تغييراً من النوع الواضح في شكل العلاقة مع المملكة السعودية من جهة، في حين يعني تحييد الرجلين إزاحة “خصومٍ سياسيين” لرئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز من الواجهة من جهة ثانية.
التوقيت بحد ذاته حمل الكثير من الإيحاءات، فعاهل الأردن كان في واشنطن وعقد سلسلة من اللقاءات فيها (منها مع وزير الخارجية مايك بومبيو ورئيس مجموعة البنك الدولي) قبل ان يعود فيُقيل الرجلين. مصادر “رأي اليوم” تؤكد ان القرار كان مؤجّلا منذ مدّة بالنسبة لفاخوري، في حين عزّزته عدّة عوامل بالنسبة للمبعوث الملكي الدكتور عوض الله، حيث حضوره الواسع في مؤتمر الاستثمار السعودي وترويجه لملف الخصخصة من هناك، والاهم ان هناك من ينقل عنه انه كان المسؤول عن المشورة التي وصلت لحضور الملك عبد الله للرياض وحضور المؤتمر في وقت كان فيه معظم قادة ومسؤولي العالم يقاطعون الرياض والمؤتمر الذي عُرف بـ “دافوس الصحراء”.
حضور الملك عبد الله الثاني في المؤتمر كان موضع تساؤلات دولية كثيرة، ليس فقط لأن عاهل الأردن داعمٌ دولي لحرية الاعلام ولكن حتى لان المؤتمر ذاته كان اقتصاديا ولم يكن ليحرج عمان عدم وجودها فيه، خصوصاً وان الأردن لم يكن على جدوله الأصلي. العاصمة الاردنية ممثلة بمليكها اتجهت للذهاب ولكن صورة الدكتور عوض الله ظلت عالقة اكثر بالاذهان كأحد المقربين جداً من الاسرة المالكة وتحديدا من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والمتهم من عدّة دول بالأمر بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
تغير ديناميات العلاقة مع السعودية لا تتم قراءته فقط من اقالة الدكتور عوض الله، فالحكومة الأردنية ايضاً أصدرت بياناً خجولا جداً حول الإعلان السعودي الأخير عن تفاصيل جريمة قتل خاشقجي. البيان الحكومي لم يزد عن “مجاملة دبلوماسية” تُعفي عمان من الحرج لاحقاً، إذ ورد فيه فقط ان اعلان النيابة العامة السعودية خطوة هامة لاستجلاء الحقيقة الكاملة.
مع السعودية أيضاً، لا يمكن إغفال الهدوء الكبير الذي يتمتع به مؤخراً سفير الرياض الأمير خالد بن فيصل بن تركي آل سعود، والذي نُقل عنه الغاء محاضرة كان من المفترض تقديمها في العاصمة بدعوة من نادي ليونز عمان، بعد تأجيلها لعدّة مرات.
كل ما سبق، يوحي ان العلاقة الأردنية مع سعودية الامير بن سلمان المتوترة منذ ما يقرب الثلاثة أعوام، لا تسمح اليوم لأن تتحمل عمان كلفة “حقوقية” دولية أيضاً جراءها، الامر الذي يقتضي سلسلة من التغييرات لن يكون على الاغلب الدكتور عوض الله اخرها، ما يعني ان بعض رجالات الأردن المحسوبين على التيار السعودي سيتم تغيير وقلب مناصبهم بصورة تشبه أكثر العلاقة الحقيقية.
على الصعيد الداخلي، ابعاد الرجلين فاخوري وعوض الله يسمح بانسجام اكثر مع فكر وعقيدة الدكتور عمر الرزاز الذي كان مُحقّقاً ومُقيّماً لملف الخصخصة الذي اشرف عليه الرجلان، وكان عرابه الدكتور عوض الله. بالإضافة لتصفية حساب قديم بين الرزاز وفاخوري جعل الاخير عام 2014 يخلف الرزاز ذاته كرئيس لمجلس امناء صندوق الملك عبد الله للتنمية والذي يعدّ احد اهم الاذرع الملكية في المؤسسات الفاعلة في المجال المدني.
بكل الاحوال فالوضع الحالي لا يسمح كثيراً ببقاء الدكتور فاخوري في مؤسسة من حجم الصندوق، خصوصا وهو احد مجموعة اقتصادية ليست فقط متهمة بمشاريع كالخصخصة وانما بالاشراف على قانون ضريبة الدخل السابق الذي تسبب بإسقاط حكومة الدكتور هاني الملقي، ومتابعة اشتراطات صندوق النقد الدولي.
الأهم، يُقيل عاهل الاردن الشخصيتين (عوض الله وفاخوري) دون تسمية خليفة للأول، وهو الامر الذي يتطلب ملاحظة ومتابعة جيدة، حيث عمان إمّا تتخلى عن “طريق سريع” بينها وبين الرياض، وهي المهمة التي كان يؤديها عوض الله، أو انها بانتظار فعلي لتغيّر محتمل جداً في الصف الاول في المملكة السعودية قد يتطلب شخصية جديدة، وفي الحالتين الرسالة تستحق الملاحظة.
أما الرسالة الأخرى وفي حالة فاخوري أكثر، يُستبدل الرجل بالدكتور علاء البطاينة الوزير الاسبق وزوج ابنة الامير الحسن (عم الملك)، والذي تربطه علاقات جيدة بمكتب الملكة رانيا على وجه الخصوص ومكتب ولي العهد الامير الحسين، كما تتناغم التركيبة التي تحوي الدكتور عمر الجازي والدكتور نضال القطامين وآخرين منهم وزراء سابقين، مع اهتمام باستراتيجية التنمية البشرية اللصيقة ايضا بالدكتور الرزاز.
بهذا المعنى، قد تصبح المؤسسات المختلفة اكثر انسجاما من حيث التوجه والفكر ولو مؤقتاً، حيث لم يتضح مستقبل الشخصيات الخارجية من مناصبها خصوصا في ظل شغور ثلاث مناصب على الاقل في الصف الاول: اولها مقعد مجلس اعيان، وثلاث حقائب في مجلس الوزراء يتم دمج اثنتين منها هي وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي من جهة ووزارة السياحة من جهة ثانية. كما لا يستبعد المراقبون استحداث مناصب لشخصية مثل الدكتور عوض الله لاحقاً.
الاهم، الانسجام الفكري والمناخ السياسي المستقر مع حكومة الرزاز لا تزال انتاجيته حتى اللحظة قيد التوجس، حيث وبعد نحو 5 أشهر على تعيين الرجل لا يزال الاردنيون يؤكدون انهم لا يستشعرون أي فروقات ايجابية، خصوصا والرجل تعاكسه كل الظروف المتعلقة بالعوامل الجوية والساحات الاقليمية.