ن.تايمز: قصة صعود قرصان وحارس شخصي بنجم بن سلمان

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3349
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 عندما عقد ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" مأدبة في الهواء الطلق لرفقائه من الحكام العرب، هذا الربيع، أجلس صديقين يمتلكان القليل من المؤهلات (بخلاف قربهما من الأمير) فيما بينهم، أحدهما ذلك الشاعر الذي بات معروفا بتنسيق حملات الإعلام الاجتماعي الشرسة، والآخر حارس أمن سابق يدير الهيئة العامة للرياضة السعودية حاليا.

لعب كل من الرجلين أدواراً محورية في العديد من المسرحيات الرخيصة التي ميزت سباق الأمير "محمد" إلى الهيمنة على المملكة السعودية، مثل الإطاحة بولي العهد السابق "محمد بن نايف"، واحتجاز أمراء ورجال الأعمال في فندق "ريتز كارلتون" بالرياض، واختطاف رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري"، ومشاحنات المملكة الدبلوماسية مع قطر وكندا.

 

 

حتى أمراء العائلة المالكة السعوديون أصبحوا يخافون من صديقَي الأمير: "سعود القحطاني" (40 عاما) و"تركي آل الشيخ" (37 عاما)، ولم يكن ممكنا للحكام العرب حول الطاولة أن يعترضوا على وجودهما.

والآن ركز قتل عملاء سعوديين للكاتب الصحفي "جمال خاشقجي" الانتباه على أدوار كل منهما كعاملين مساعدين لتمكين تهور ولي العهد وعدوانيته، ويعتبر المراقبون السعوديون مصيرهما مؤشرا على اتجاه الديوان الملكي، الذي يتصارع مع الغضب الدولي إزاء الجريمة.

"إنهم أقرب الناس لولي العهد".. هكذا وصفتهما الباحثة البارزة بمعهد دول الخليج العربي بواشنطن "كريستين سميث ديوان"، مشيرة إلى أن معارضي اتجاههما المتشدد وقوميتهما المفرطة سيكونون سعداء بتقليص حجمهما.

لم يكن أي من الرجلين (القحطاني وآل الشيخ) ضمن الـ 18 سعوديا، الذين تقول المملكة إنها اعتقلتهم على خلفية التحقيق في مقتل "خاشقجي"، لكن المملكة ألقت بعض اللوم في جريمة القتل بالفعل على قيصر الإعلام الاجتماعي "القحطاني"، فقد فقد لقبه كمستشار للديوان الملكي، لأنه ساهم في الهجوم اللاذع تجاه ناقدي المملكة، والذي قاد بدوره إلى وفاة "خاشقجي"، بحسب مسؤول سعودي.

ومن غير الواضح ما إذا كان "القحطاني" قد تخلى عن أي من مهامه العديدة.

كان "تركي آل الشيخ"، في نيويورك لتلقي العلاج الطبي خلال عملية القتل، وفقا لسعوديين يعرفونه، ومنذ ذلك الحين تجنب الأضواء.

 

 

وقال "خاشقجي"، الذي كان عليما بالداخل السعودي قبل فراره من المملكة في العام الماضي ليعيش في ولاية فرجينيا ويكتب الأعمدة لصحيفة "واشنطن بوست"، إن كلا الرجلين ("القطحاني" و"آل الشيخ") كانا مثالا لما هو خطير حول الأمير "محمد بن سلمان".

وأوضح "خاشقجي"، في تصريحات خاصة نشرتها مجلة "نيوزويك" بعد وفاته: "لا يملك ولي العهد مستشارين سياسيين باستثناء تركي وسعود.. الناس يخافون منهما، وأن تتحداهم يعني أن ينتهي بك الأمر في السجن".

قومية شرسة 

أدار كلا الرجلين ملفي وسائل التواصل الاجتماعي والرياضة، حيث الصدى الكبير لدى العدد الكبير من الشباب السعوديين، الذين تودد إليهم الأمير "محمد" كقاعدة شعبية له، وسعى كلاهما إلى إشعال قومية شرسة، وشجعها ولي العهد من خلال ضخ الأموال في معارك ضد المنافسين، سواء في الملاعب الرياضية أو عبر الإنترنت.

ورغم أن أيا من الملفين لا يتعلق بالشؤون الخارجية، لكن المبعوثين الأجانب غالباً ما يبحثون عن الرجلين بسبب تأثيرهما، وفقا لما قاله السفير الكندي السابق في الرياض "دنيس هوراك"، الذي طُرد في أغسطس/آب بعد أن طالب دبلوماسيون كنديون آخرون بالإفراج عن ناشطين حقوقيين محتجزين في السعودية.

لم يكن أي من "القحطاني" أو "آل الشيخ" معروفا قبول تولي الملك "سلمان بن عبدالعزيز" للعرش، وكلاهما تعلم داخل المملكة وتحصلا على خبرة ضئيلة بالخارج، تماما كالأمير "محمد"، ويقول الناقدون في المملكة إنهما فشلا أحيانا في فهم ديناميكيات السياسة والثقافة الغربية.

بدا ذلك واضحا عندما نسق "القحطاني" نشر صورة "بن سلمان" على اللوحات الإعلانية والشاحنات في لندن لدى زيارة ولي العهد لها في الربيع الماضي، ما أثار سخرية سكان لندن الذين لم يعتادوا تمجيد الشخصيات الأجنبية.

قرصان الديوان 

لكن كلا من "القحطاني" و"آل الشيخ" كان له مواهب يقدرها الأمير،  فقد تم توظيف الأول، الذي يحمل البكالوريوس في القانون ويكتب الشعر، للعمل في الديوان الملكي قبل أكثر من عقد من الزمان، واكتسب فهماً عميقاً لأسرار العائلة المالكة، التي يقول الأمراء إنه استغلها لاحقاً لمساعدة الأمير "محمد" في التخطيط لصعوده وإقصاء منافسيه.

طور "القحطاني" اهتمامًا خاصا بقرصنة الإنترنت في وقت مبكر من عام 2009، عندما تتبع أحد المرتبطين به منتديات القراصنة الهواة للتعرف على برامج المراقبة، وفقا لصور المشاركات التي التقطها أعضاء المنتدى الآخرون.

 وفي عام 2012، طلب شخص، يستخدم عنوان البريد الإلكتروني الحكومي الخاص بـ"القحطاني" خدمات من شركة التجسس الإيطالية (Hacking Team) وفقًا لرسائل موقع "ويكيليكس"، في وقت لاحق.

في إحدى هذه الرسائل، سعى المرسل لزيارة أشخاص لديهم "معرفة تقنية عالية" من أجل "شرح الحلول التي يقدمونها وطرق التدريب عليها"، مؤكدا تحمل كافة تكاليف الأمر من الألف إلى الياء.

أصبح "القحطاني" رئيسًا لدعاية الأمير "محمد"، وبعدد متابعين على موقع "تويتر" بلغ 1.36 مليون شخص، طلب أسماء قائمة سوداء لأعداء المملكة ثم نظم هجمات جماعية ضدهم على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أسماه ناقدوه بـ"قائد الذباب الإلكتروني".

سعود القحطاني
 
@saudq1978
 
 

السعودية وأشقائها إذا قالوا فعلوا. وهذا وعد. ضعوا كل اسم ترون وجوب ضمه لل بالهاشتاق. وسيتم فرزها. وسيتم متابعتهم من الان.

 
٦٬٩٦٥ من الأشخاص يتحدثون عن ذلك
 
 

الحارس الساحر 

وفي الأثناء، كان "تركي آل الشيخ" حارسا شخصيا لـ"بن سلمان"، حيث سحر الأمير بروح الدعابة وولائه الشديد، وفقا لما نقلته "نيويورك تايمز" عن مقربين من العائلة المالكة.

طور "آل الشيخ" علاقة شخصية بالأمير "محمد"، الذي كافأه بميزانية لا حدود لها لجعل المملكة منافسًا دوليًا في التنس والملاكمة وكرة القدم وغيرها من الرياضات.

وفي إطار حملته الممولة ملكيا لبناء إمبراطورية رياضية، أصبح "آل الشيخ" الرئيس الفخري لأحد أكثر فرق كرة القدم نجاحاً وشعبية في مصر (الأهلي)، وهو شرف يعتقد على نطاق واسع أنه عكس استثمارات ضخمة من أموال ولي العهد.

 

 

لكن "آل الشيخ" استقال إثر نزاع مع مجلس إدارة النادي (الأهلي) بعد بضعة أشهر، ومول في المقابل امتيازه الاستثماري الخاص (نادي بيراميدز)، الذي استقدم 3 لاعبين برازيليين، وأطلق قناة رياضية مخصصة لفريقه، ويقال إنه ضخ فيها ما يصل إلى 33 مليون دولار.

لكنه شكا علنا ​​من أن الحكام والجماهير والمعلقين المصريين لا يقدرون استثماراته، وقال إنه طلب من رئيس مصر "عبدالفتاح السيسي" التدخل.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أطلق مشجعو كرة القدم مصريين هتافات مبتذلة ضد "آل الشيخ" والسعوديين، وهو ما رد عليه بترك الحقل الرياضي في مصر، وكتب على فيس بوك: "هجمات غريبة من كل مكان، وقصة جديدة كل يوم.. لماذا الصداع؟".

حصار قطر 

كان "آل شيخ" و"القحطاني" بين حفنة من الموالين للأمير "محمد"، الذين احتجزوا قسراً ولي العهد السابق ووزير الداخلية، الأمير "محمد بن نايف"، وهددوه طوال الليل حتى وافق على التخلي عن مطالبته بالعرش، وفقا لما أورده أمراء بالعائلة المالكة ومقربون منها.

وفي شريط فيديو تم تصويره في اليوم التالي، ظهر "آل الشيخ" وهو يحوم حول ولي العهد المخلوع ويتعهد بالولاء لـ"محمد بن سلمان"، ونشرت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي شائعة مفادها أن إدمان الكوكايين جعل الأمير المخلوع غير لائق للحكم، وهي الشائعة التي قال مقربون من العائلة المالكة إن "القحطاني" هو من  أثارها.

 

 

وعندما قادت السعودية حصارًا على جارتها الصغيرة قطر في يونيو/حزيران 2017، أطلق "القحطاني" و"آل الشيخ" العنان للشتائم ضدها، وأرغم الأول شبكة "إم بي سي" على وقف بث المسلسلات التركية بسبب دعم تركيا لقطر، ما كلف الشبكة خسائر بالملايين.

كما أقنع "القحطاني" الأمير "محمد" بأن ينفق أكثر من 100 ألف دولار على الإعلانات التليفزيونية الأمريكية التي تدين قطر، غير مدركين لمدى قلة عدد الأمريكيين الذين يتابعون النزاع الخليجي.

اعتقالات الريتز 

كما لعب كلا الرجلين أدوارا رئيسية أخرى في الخريف الماضي عندما احتجز ولي العهد المئات من أغنى رجال الأعمال في المملكة والعديد من أبناء عمه الأمراء تعسفيا في فندق "ريتز كارلتون" بالرياض، فيما وصف بأنه حملة قمع ضد الفساد.

وبحسب أقارب ومقربين من بعض المعتقلين، فقد تصرف "آل الشيخ" و"القحطاني" كمحققين، وطلبوا منهم الاعتراف بالإثراء غير المشروع والتعهد بتسليم مبالغ طائلة.

وأكد العديد من المعتقلين السابقين تعرضهم لسوء معاملة بدنية أثناء الاستجوابات، بما في ذلك الضرب والصعق بالصدمات الكهربائية، وتعليقهم مقلوبين رأساً على عقب لفترات طويلة.

وبعد أسابيع قليلة من إطلاق سراحه من الفندق، تبرع الأمير "الوليد بن طلال"، الذي كان أغنى مستثمر بالمملكة، بأكثر من نصف مليون دولار لنادي كرة قدم سعودي، وكتب على "تويتر" أن تبرعه "استجابة لدعوة من أخيه تركي آل الشيخ".

 

 

لم يعلق "القحطاني" أو "آل الشيخ" على قتل "خاشقجي" علانية، لكن الأول، الذي فقد لقبه كمستشار في الديوان الملكي، بدا معتقدا بأن أيام خدمته لدى "بن سلمان" لم تنته بعد.

وبعد إقالته نشر "القحطاني" تغريدة شكر فيها الملك وولي عهده على "الفرصة العظيمة للحصول على شرف خدمة الوطن"، مضيفا: " سأبقى خادماً مخلصاً لبلدي إلى الأبد".

المصدر | نيويورك تايمز