ميدل إيست آي: لماذا يدافع نتنياهو عن بن سلمان؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1143
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 على مدار الشهر الماضي، وبينما بدت الحكومات ووسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم مصدومة ومفزوعة من مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، التزمت (إسرائيل) الصمت الكامل حيال القضية. وقال الكاتب الإسرائيلي "بن كاسبيت" إن قيادة بلاده تتجنب الأمر "وكأنه طاعون".
ويبدو أنه لا يوجد سياسي إسرائيلي يريد أن يقول أي شيء خوفا من الإساءة إلى شريك بلده، ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" الذي تتجه إليه أصابع الاتهام في إصدار الأمر بقتل "خاشقجي".
ويوم الجمعة، قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" أخيرا وجهة نظره حول قضية "خاشقجي"، قائلا إنه يجب "التعامل معها"، ولكن ليس على حساب استقرار المملكة العربية السعودية والحرب ضد إيران.
وأضاف "ما حدث في قنصلية إسطنبول كان مروعا، ويجب التعامل معه على النحو الواجب. ولكن في نفس الوقت من المهم للغاية، بالنسبة لاستقرار العالم والمنطقة، أن تبقى المملكة العربية السعودية مستقرة".

محور صفقة ترامب
وكما هو معروف، فإن "بن سلمان" هو المحور الرئيسي "العربي" لصفقة القرن بين "ترامب" و"نتنياهو"، والتي من المفترض أن تحل أخيرا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتم التحدث على نطاق واسع عن تفاصيل الاقتراح، الذي يستمر "ترامب" وحلفاؤه في الشرق الأوسط في الترويج له، في مختلف وسائل الإعلام.
ويقول محللون كثيرون إن الأجزاء التي تم تسريبها من الصفقة تشير إلى أنها مواتية للغاية للمصالح الإسرائيلية، وتتجاهل الحقوق الفلسطينية إلى حد كبير.
وعلى الرغم من الطبيعة أحادية الجانب للخطة، حاول "بن سلمان" بعزم بيعها للقيادة الفلسطينية. وبطريقته السيئة للقيادة، استدعى ولي العهد السعودي رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" إلى قصره الملكي، وأخبره أنه إذا لم يذعن، فعليه أن يستقيل. ويعني هذا أن السعوديين قد يبدأون البحث عن قائد فلسطيني آخر يوافق على مثل هذه الصفقة.
وحتى الآن، قاوم "عباس" هذا العرض السعودي ولم يفقد رأسه أو وظيفته. وفي وقت لاحق، أكد الملك "سلمان" على التزام السعودية باتفاق يمنح الفلسطينيين دولة داخل حدود عام 1967، وهو ما تجنبته خطة "ترامب" الجديدة.
وربما يكون الحصول على اتفاقية سلام مواتية للإسرائيليين أمر يأتي مرة واحدة في العمر. لذا، يدرك "نتنياهو" أن الخوض في قضية "خاشقجي" هو آخر شيء يريد القيام به. وإذا كانت هناك فرصة ضئيلة قد يكسب بها الأمير السعودي، فهو لا يريد أن يفقدها.

قطار الخليج المارق
وهناك أيضا مصالح اقتصادية ضخمة على المحك. ونتيجة لتزايد دفء العلاقات بين (إسرائيل) ودول الخليج المختلفة، وقعت شركات مراقبة عسكرية إسرائيلية عقودا بمليارات الدولارات مع دول الخليج. وتقوم الطائرات المليئة بالاستشاريين والمدربين والأسلحة ومعدات المراقبة المتطورة بجولات أسبوعية بين تل أبيب والعواصم الخليجية.
ويتم ترحيل عشرات الإسرائيليين إلى هذه "البؤر الاستيطانية" الخليجية، لتثبيت وتدريب العملاء المحليين على استخدامها. وتعد الرواتب التي يكسبونها مربحة للغاية مقارنة بما قد يكسبونه في وظائف مماثلة في الداخل الإسرائيلي.
وبالنسبة لصناعة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يعد هذا أوزة تبيض مئات البيض الذهبي بانتظام.
ومع ذلك، ربما كان الاهتمام المتبادل الأكثر أهمية بين "نتنياهو" و"بن سلمان" هو الكراهية لإيران.
ووراء الكواليس، تواصل (إسرائيل) الوقوف إلى جانب المملكة. وعلى هذا النحو، ليس لديها خيار سوى "تجاهل" حادثة "خاشقجي". وقال أحد كبار الوزراء الإسرائيليين لـ "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "يتفوق هدف مواجهة إيران على أي شيء آخر".
وبالنسبة للتقارب بين (إسرائيل) والسعودية، الذي تصاعد بسرعة على مدى الأعوام القليلة الماضية، فإنه يتغذى على التنافس الإقليمي بين إيران والسعودية، وتربص (إسرائيل) بالتجاوزات الإيرانية في مجالاتها الإقليمية في سوريا ولبنان وغزة.

عامل أردوغان
وبالنسبة لنزوع (إسرائيل) إلى تبرير الفوضى التي تم ارتكابها في القنصلية السعودية في إسطنبول، فإنه يغذيه أيضا عداء شديد وطويل الأمد تجاه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في (إسرائيل)، والذي يعود إلى مذبحة ارتكبتها قوات الاحتلال بحق 10 مواطنين أتراك في سفينة "مافي مرمرة" عام 2010.
واستغرق الأمر أعواما بالنسبة لـ(إسرائيل) للتفاوض على حل لهذا الصراع، اعتذرت فيه عن مقتل الضحايا، وعوضت عائلاتهم بمبلغ 20 مليون دولار. ورغم استعادة العلاقات الدبلوماسية، إلا أن العلاقة لم تعد قريبة كما كانت في السابق.
ويريد "نتنياهو" أن يستفيد من التنافس بين تركيا، التي يحكمها حزب إسلامي، وبين السعودية. ودعمت تركيا الإخوان المسلمين بعد فوز الجماعة في الانتخابات الديمقراطية في مصر. ويرى السعوديون الإخوان كتهديد لشكل حكمهم الأسري.
ويلعب "أردوغان" بهذه الفضيحة مثل الكمان. ويفعل ذلك لإصلاح مكانته الدولية التي خسرها إثر التدابير القاسية التي اتخذها بعد الانقلاب الفاشل، حيث تم سجن عشرات الآلاف من الأتراك وعزلوا من وظائفهم.
وهكذا، لا يريد "نتنياهو" أن يفعل أي شيء يعزز سمعة "أردوغان" في خضم هذا التنافس بين الدولتين السنيتين.

حملة منظمة
وهناك أيضا الإدراك الكامن للسياسيين الإسرائيلين لأنشطة الموساد الذي يدير فرق الاغتيالات الخاصة به في جميع أنحاء الشرق الأوسط وما ورائه. ولم يقتصر الأمر على قتل الأعداء العرب والأجانب الذين يساعدونهم، بل إنه قتل مواطنين إسرائيليين أيضا.
ولا تستطيع (إسرائيل) استنكار قتل أي دولة لأعدائها، خوفا من أن يذكَّر ذلك العالم بأنها تفعل الشيء نفسه. ناهيك عن أن بعض عمليات القتل هذه كانت قد فشلت بشكل مذهل، تماما مثل تلك التي أدت إلى مقتل "خاشقجي".
وأخيرا، لم يقتصر موقف (إسرائيل) على الامتناع عن إدانة مقتل الصحفي السعودي، حيث تشارك الدولة العبرية في جوقة تبرير السلوك السعودي.
وفي الأيام الأخيرة، تواصل الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" و"نتنياهو" مع إدارة "ترامب" للتعبير عن دعمهما لولي العهد، بحجة أنه شريك استراتيجي مهم في المنطقة، حسب قول أشخاص مطلعين على المكالمات.
ويبدو من المرجح أن "نتنياهو" يدافع عن "بن سلمان" كجزء من حملة منظمة نيابة عن السعودية. وتجعل مثل هذه الخطوة من (إسرائيل) مدافعا عن عمل إرهابي ترعاه الدولة. لكن هذا لا ينبغي أن يكون مفاجئا جدا بالنظر إلى أن (إسرائيل) نفسها تعد واحدة من أبرز ممارسي هذا الفن في العالم.

المصدر | ريتشارد سيلفرشتاين - ميدل إيست آي