فيصل الجربا حلقة بمسلسل عمره عقود لاختطاف أقران خاشقجي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1873
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مروان رجب
 هرب "فيصل الجربا" من مسقط رأسه بالمملكة العربية السعودية أواخر العام الماضي مع اقتراب الخطر منه بإلقاء القبض على راعيه، الأمير "تركي بن عبدالله"، وبعد وفاة صديق له في ظروف مريبة أثناء احتجازه لدى الحكومة.
سافر "الجربا"، وهو شيخ في قبيلة كبيرة، إلى العاصمة الأردنية (عمان) لينضم إلى أقاربه هناك، لكن هذا لم يكن كافيا، إذ حاصر ضباط أمن أردنيون منزله مساء في أوائل يونيو/حزيران الماضي، واقتادوه للاستجواب، مؤكدين له أنه سيعود قريبا.
لكن في غضون أيام، تم اقتياد "الجربا" إلى الحدود مع السعودية ليتم تسليمه إلى سلطات المملكة، وفقا لما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن شخصين، قالت إنهما على علم بتفاصيل عودته القسرية، التي لم يتم الإعلان عنها من قبل.
وخلال 5 أشهر منذ اعتقاله لم يتم توجيه أي اتهامات ضد "الجربا" (45 عاما) ولم تتلق عائلته أي دليل يفيد بأنه لا يزال على قيد الحياة.
لم يكن "الجربا" منشقا، لكنه ربما كان مطلوبا بسبب ارتباطه بفرع من العائلة المالكة، لم يكن مفضلا لدى القيادة السعودية، وفقا لشخصين على دراية بظروف اعتقاله.
إنه فرع الملك الراحل "عبدالله بن عبدالعزيز"، الذي اعتقل منه أمراء في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ضمن مئات من أفراد العائلة المالكة ومديرون تنفيذيون ومسؤولون حكوميون، فيما وصفه الإعلام الموالي لـ"بن سلمان" بأنه عملية لمكافحة الفساد.
كان "الجربا" صديقا للأمير "تركي"، وعلى الرغم من أن أصدقاءه وأقاربه لم يكونوا على اتصال به، إلا أنهم تمكنوا من تجميع بعض تفاصيل رحلته بعد احتجازه في حي عبدون الراقي بالعاصمة الأردنية (عمان).
فبعد إلقاء القبض عليه، احتُجز "الجربا" لفترة قصيرة في السفارة السعودية قبل أن يتم اصطحابه إلى جدة، ومنها إلى منزل الأمير "تركي"، حيث طلب منه فتح خزائن مؤمنة بداخله.
تصور "الجربا" أنه سيكون آمنا في عمان باعتباره شيخا في قبيلة "شمر" الكبيرة ذات العلاقة القوية مع المملكة الأردنية، لكن مسؤولين أردنيين قالوا لعائلته إنهم كانوا عاجزين عن وقف اختطافه، وأن الأمر "كان أكبر منهم".

"ناصر السعيد"
وأشارت الصحيفة الأمريكية، في هذا الصدد، إلى أن أول حالة اختطاف لمعارض سعودي من قبل سلطات المملكة كانت في 22 ديسمبر/كانون الأول 1979، عندما اختفى "ناصر السعيد" من بيروت.
وكان "السعيد" قد فر من المملكة بعد قضاء بعض الوقت في السجن لتنظيمه إضرابات عمالية، ليواصل انتقاداته ضد النظام أثناء وجوده في المنفى.
وبعد اختفائه، قالت السعودية، التي كان يحكمها الملك "خالد بن عبدالعزيز" آنذاك، إن التقارير التي تفيد بأن "السعيد" اختطف وعاد إلى المملكة بواسطة طائرة خاصة لا أساس لها من الصحة، واصفة المعارض البارز بأنه "غير مهم".
وبينما لم يسمع أحد عن كثير من هؤلاء الذين اختفوا، تمكن أحدهم من الكشف عن خطفه، وقدم دعوى جنائية ضد كبار المسؤولين السعوديين في محكمة جنيف عام 2014، وهو الأمير "سلطان بن تركي بن ​​عبدالعزيز"، وهو حفيد مؤسس المملكة العربية السعودية.

"سلطان بن تركي"
وتضمنت عريضة الدعوى تفاصيل عملية اختطاف الأمير "سلطان" عام 2003، في عهد الملك الراحل "فهد بن عبدالعزيز"، ودور نجل الملك "عبدالعزيز" ووزير الشؤون الإسلامية "صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ" كمشاركين في مؤامرة الاختطاف.
وبحسب "كلايد بريجستريسر" محامي الأمير "سلطان"، فقد سافر الأخير إلى جنيف لتلقي العلاج، وهناك انتقد المملكة علنا داعيا إلى الإصلاح الاقتصادي وإبراز قضايا حقوق الإنسان، إلى أن "تم تحذيره بالتوقف وطلب منه العودة".
لكن "سلطان" رفض العودة، ولذا تم إرسال ابن الملك (فهد) ووزير الشؤون الإسلامية لإقناعه، ودعي للقائهما في مقر إقامة الملك بضواحي جنيف.
وصل الأمير المنشق مع حراسه الألمان، الذين قدموا فيما بعد أدلة على أنهم شاهدوه يتحدث مع ابن عمه (عبدالعزيز بن فهد) في حمام السباحة، قبل أن يدخلا إلى المكتبة دون حراس.
وبعد وقت قصير، وصل 5 ملثمين لمقر الإقامة الملكي، وقيل لحراس أمن "سلطان" إنه قرر العودة إلى المملكة طواعية، وفقا لما نقلته الصحيفة الأمريكية عن "بريجستريسر"، الذي أكد أن "الأمير المنشق ألقي على الأرض وحقن بمخدر في عنقه".
وبعد 7 سنوات، قال "سلطان" إنه كان بين الإقامة الجبرية والسجن والمستشفى خلالها، سُمح له بمغادرة المملكة بعد أن أصيب بمرض تنفسي شديد، ليطير إلى ولاية بوسطن الأمريكية كي يتلقى العلاج، ومن ثم رفع دعوى قضائية جديدة.
ورغم ما جرى، ارتكب الأمير المنشق خطأ باستقلاله متن طائرة سعودية أرسلتها سفارة المملكة بالعاصمة الفرنسية (باريس)، في 31 يناير/كانون الثاني 2016، وذلك بعد أن دعاه والده لزيارة القاهرة.
وطبقا لما ذكره "بيرجسترسيير"، فإن الطائرة التي كان من المفترض أن تذهب إلى القاهرة هبطت في الرياض، ليتم اقتياد الأمير "سلطان" بالقوة وهو يصرخ.
وأضاف محامي الأمير المنشق أن أعضاء من الوفد المرافق لـ "سلطان" ظلوا محتجزين لعدة أيام بالرياض، ثم أطلق سراحهم.

"تركي" و"سعود"
وفي نفس الوقت تقريبا، اختفى أميران سعوديان آخران في أوروبا، وفقا لما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) العام الماضي.
الأول هو الأمير "تركي بن ​​بندر"، الذي كان معروفا بخطابه العنيف ضد العائلة المالكة السعودية، وذلك بعد أن فر من المملكة عام 2015 في أعقاب نزاع على أراض.
أما الثاني فهو الأمير "سعود بن سيف النصر"، الذي اختفى بعد أن طالب بإجراء إصلاحات في المملكة ودعا علنا في عام 2015 إلى تغيير النظام.
تم إقناع الأمير "سعود" بالركوب على متن طائرة خاصة إلى إيطاليا فيما اعتقد أنها "رحلة عمل"، ولم يسمع عنه أحد شيئا منذ ذلك الحين، وفقا لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية.
ولذا فر العديد من معارضي المنفى الاختياري السعوديين إلى أقصى مسافة ممكنة بعيدا عن الشرق الأوسط، خشية أن يتمكن حلفاء المملكة من تسليمهم، ومنهم الكاتب الصحفي " جمال خاشقجي"، الذي عاش في ولاية فرجينيا الأمريكية.
واعتبرت "واشنطن بوست" أن جريمة اغتيال "خاشقجي" في إسطنبول، الشهر الماضي، على يد فريق سعودي أرسل من الرياض، قدمت إثباتا جديدا لمطاردة المملكة مواطنين سعوديين في الخارج، سواء كانوا منشقين عاديين أو عن صفوف قريبة من العائلة المالكة.
فالجهد المبذول لإسكات المنتقدين في الخارج يمتد لعقود من الزمن وعلى مدى حكم العديد من الملوك السعوديين، لكن ولي عهد المملكة وحاكمها الفعلي "محمد بن سلمان" اتبع هذه الممارسة بلا رحمة، خاصة منذ حصوله على منصبه العام الماضي، حتى جعل عودة المعارضين في الخارج سياسة رسمية للدولة.

المصدر | الخليج الجديد