أزمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول تحرج السعودية ولا تقيّد يديها في اليمن

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 737
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

دبي(أ ف ب) – تسببت مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول بأزمة دبلوماسية وكارثة علاقات عامة للرياض، لكن بالنسبة لضحايا الحرب التي تقودها المملكة في اليمن، فإن شيئا لم يتغير.
وقتل 24 مدنيا على الأقل الأربعاء في محافظة الحديدة الواقعة في غرب البلد الفقير، وهي مركز حملة عسكرية ضخمة للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
واستهدفت احدى الغارات مصنعا لتعليب الخضار في منطقة المسعودي في مديرية بيت الفقيه، بحسب الأمم المتحدة. ولم تحظ هذه الغارات بأي اهتمام عالمي يذكر.
ويشهد اليمن منذ 2014 حربًا بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، تصاعدت مع تدخل السعودية على رأس التحالف العسكري في آذار/مارس 2015 دعما للحكومة المعترف بها دولياً بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء ومدينة الحديدة.
ويواجه نحو 14 مليون يمني خطر المجاعة الوشيكة بسبب النزاع الذي أدى إلى انهيار القطاعات الغذائية والصحية والتربوية وغيرها.
وفي شهر أيلول/سبتمبر وحده، تعرض اليمن إلى 154 غارة جوية على الأقل، بحسب إحصائيات جهات مستقلة.
وتخضع السعودية حاليا لضغوط كبيرة بعد مقتل الصحافي جمال خاشقي الذي كان يكتب مقالات رأي في صحيفة “واشنطن بوست” ينتقد فيها سياسات ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع.
ورغم ذلك، يستبعد محللون أن يسلّط مقتل خاشقجي الضوء على سياسات الرياض الاقليمية، ما يترك المدنيين اليمينيين وحدهم يقاتلون للنجاة من المعارك، والمجاعة، ومن انهيار اقتصادي قد يؤدي إلى نتائج مميتة أيضا، كالحرب.
– علاقات عامة –
يؤكد فارع المسلمي وهو باحث في تشاتام هاوس “تعرّضت السعودية لانتقادات بسبب مقتل جمال خاشقجي أكثر مما تعرضت له عبر السنوات الماضية بسبب حرب اليمن”.
وأضاف “بالنسبة لأي حكومة، فأنها (قضية خاشقجي) لعبة علاقات عامة سهلة، حتى لو أنها متورطة في اليمن منذ سنوات”، في إشارة الى الغضب الذي عبرّت عنه عدة دول في الاعلام إزاء مقتل خاشقجي، بينما ظلّت تتجاهل دورها في حرب اليمن؟
ويعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المهندس الرئيسي للحرب التي تقودها السعودية مع تحالف واسع ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.
وتقول الأمم المتحدة إن التحالف والمتمردين ارتكبوا في اليمن تجاوزات قد ترقى الى مستوى “جرائم حرب”. وكانت أدرجت التحالف بقيادة السعودية على لائحة سوداء سنوية للدول والكيانات التي ترتكب جرائم بحق الأطفال.
ويسيطر التحالف أيضا على المجال الجوي اليمني ويفرض حصارا، يتقلّب في شدته، على موانىء البلاد ومطاراتها، مؤكدا أنه اجراء ضروري لمنع تهريب أسلحة ايرانية إلى الحوثيين.
ومن غير المرجح أن يتعرض ولي العهد السعودي لانتقادات لدوره في الحرب في اليمن، بحسب محللين، خصوصا وأن السعودية، التي تنفّذ طائراتها غالبية الضربات المؤيدة أحيانا لسقوط ضحايا مدنيين، هي في الوقت ذاته أكبر مانح لليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
ويقول المسلمي لوكالة فرانس برس “مقتل جمال سيناريو واضح … لم يكن للدول الغربية أي دور مباشر فيه”. ويتابع “لكن اليمن أمر معقد. لا يوجد أبيض أو أسود هنا”.
ومنذ التدخل السعودي، قتل في اليمن نحو 10 آلاف شخص غالبيتهم من المدنيين، بحسب منظمة الصحة العالمية، بينما تقدّر منظمات حقوقية اخرى أن العدد قد يصل إلى 50 ألف شخص.
– يستحقون الاهتمام –
يقول معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن 98% من الأسلحة التي تستوردها الرياض تأتي من الولايات المتحدة واوروبا.
وكانت ألمانيا أعلنت الأسبوع الماضي أنها قامت بتعليق بيع السلاح للسعودية بعد مقتل خاشقجي في الثاني من تشرين الأول/اكتوبر في قنصلية بلاده باسطنبول، بينما اتهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ضمنا المانيا بانتهاج سياسة “ديماغوجية” عبر الطلب من الأوروبيين وقف بيع السلاح الى الرياض.
لكن فرنسا وألمانيا عادتا السبت للإعلان أنهما تؤيدان “موقفا منسقا على المستوى الأوروبي” بشأن عقوبات محتملة على الرياض بعد مقتل خاشقجي.
ورفضت واشنطن أيضا التخلي عن السعودية كشريك تجاري، والتي اشترت بحسب ما أعلن الرئيس دونالد ترامب أسلحة بقيمة “110 مليار دولار” من الولايات المتحدة.
وكانت تقارير في آب/أغسطس الماضي أوردت أن شركة “لوكهيد مارتن” الأميركية قامت بصنع قنبلة “إم كي 82″الموجهة بالليزر التي ضربت حافلة تقل أطفالا شمال اليمن ما أدى إلى مقتل 40 طفلا.
وقامت الولايات المتحدة بقيادة باراك اوباما، سلف ترامب، بتوسيع عملياتها في اليمن التي تعد معقلا رئيسيا لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
ومنذ التدخل السعودي في اليمن عام 2015، قدّمت القوات العسكرية الأميركية مساعدات إلى التحالف تتمثل بمساعدات في الاستهداف الجوي وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وإعادة التزود بالوقود في الجو.
وأدّت وظيفة خاشقجي ككاتب مقالات رأي في أحد اهم الصحف الأميركية، إلى إعطاء مقتله اهتماما دوليا، بينما تتخوّف منظمات حقوقية من أن العالقين في الحرب التي تلعب السعودية دورا مركزيا فيها، سيبقون في الهامش.
وتؤكد كريستين بيكرلي، وهي باحثة في شؤون اليمن في منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية أن “كل ضحية لضربة غير قانونية يشنّها التحالف السعودي في اليمن تستحق الاهتمام كقضية مقتل كاتب في +واشنطن بوست+”.
وتابعت “عريس وحفل زفافه. طفل يقبع في السجن. قرويون يقومون بحفر بئر. حشود في السوق. كلهم قتلوا أو اصيبوا في غارات شنها التحالف الذي تقوده السعودية”.
وترى بيكرلي أنه “لم تكن أي من جرائم الحرب هذه في اليمن قادرة على إثارة الدرجة نفسها من الغضب الدولي الذي تسبب به مقتل خاشقجي في الأسابيع القليلة الماضية”.