مُستشرِق إسرائيليّ: اغتيال خاشقجي جعل السعوديّة “الولد الشرير” بالشرق الأوسط ودمرّ دفعةً واحدةّ صورة بن سلمان المُتهوِّر وسبّبّ خيبة أمل كبيرةً في واشنطن وتل أبيب

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 390
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
 رأى المُستشرِق الإسرائيليّ، البروفيسور إيال زيسر، أنّ عملية “اغتيال” الإعلاميّ السعوديّ، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول في تركيّا، جعلت من المملكة العربيّة السعوديّة بمثابة “الولد الشرّير” في منطقة الشرق الأوسط، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ هذا الأمر سبب خيبة أملٍ من وليّ العهد السعوديّ، الأمير محمد بن سلمان، في كلٍّ من واشنطن وتل أبيب، على حدّ تعبيره.
وتابع المُستشرِق، الذي يُدرّس في جامعة تل أبيب، في مقالٍ نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم)، المُقربّة من رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، تابع قائلاً إنّه قبل عدّة أسابيع فقط، كان يُعتقَد أنّ علاقات تركيا والولايات المتحدّة الأمريكيّة توشِك على الانهيار، إثر العقوبات التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، ردًا على اعتقال القس الأمريكيّ، أندرو برونسون، طبقًا لأقواله.
وتابع البروفيسور الإسرائيليّ أنّه في المُقابل كان يُعتقَد زيسر أنّ المملكة السعوديّة ستتحوّل إلى دولة المحور الذي تُقيم إدارة ترامب على أساسه سياساتها الإقليمية، مُشدّدًا على أنّه في الأيام الأخيرة تبينّ أنّ تركيا عادت لأمريكا، بينما دخلت السعودية إلى مسار الصدام مع الرئيس الأمريكيّ، ومردّ ذلك قتل السعوديين للصحافيّ خاشقجي في مبنى قنصليتهم في إسطنبول وإخفائهم جثته، وسط مطالب دوليّةٍ وأمريكيّةٍ بتوضيح ما حدث، قال زيسر.
وأوضح المُستشرِق الإسرائيليّ أنّ الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان يملك قدرة التهجّم على نظرائه، وأنْ يخلق التوتّر، ولكن هو أيضًا لديه خطوط حمراء، وهكذا حرّرّت تركيا القس الأمريكيّ، موضوع الخلاف مع واشنطن، ويبدو أنّ خلافها الموسميّ مع إسرائيل هو الآخر يوشك على الانتهاء، طبقًا لكلامه.
بالإضافة إلى ذلك، رأى زيسر أنّ مَنْ فاجأ الكثيرين في الغرب كان بالذات وليّ العهد السعوديّ محمد بن سلمان، الذي تورّط حتى الرقبة في قتل خاشقجي في تركيا، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ القضية حطمّت دفعةً واحدةً صورة الزعيم التقدميّ المُتنوِر التي صورّها لنفسه، وطرحت علامات استفهام ثقيلة حول فكر ومدى تطوّر هذا الشخص الذي يتصدر المملكة السعوديّة في هذه الفترة، قال زيسر.
ولفت أيضًا في سياق تحليله إلى أنّه منذ شهر حزيران (يونيو) من العام الماضي ، وبعد تعيين الملك سلمان، نجله محمد وليًا للعهد، أصبح الأمل الأكبر للسعودية، وحدّدّه الغرب كَمَنْ يقود المملكة من العصور الوسطى إلى القرن الواحد والعشرين، وكانت بدايته واعدة، بحسب المُستشرِق الإسرائيليّ.
وأشار أيضًا إلى أنّ الأمير بن سلمان عرض رؤيا وخطة عمل لتحويل السعودية إلى مملكةٍ حديثةٍ، وانتهج سلسلةً طويلةً من الإصلاحات، بل وأزاح القيود العديدة التي كانت مفروضة على المرأة السعوديّة، كما وقف كزعيمٍ حازمٍ في مواجهة إيران، وفي المُقابِل، شدّدّ زيسر، أبدى بن سلمان اعتدالاً مفاجئًا فيما يتعلّق بإسرائيل، بحسب تعبيره.
وانتقل المُستشرِق لتحليل شخصية وليّ العهد السعوديّ، وقال في هذا السياق إنّ النضج والتجربة لا يُكتسبان إلّا عن طريق الآلام، وأكثر من مرّةٍ تبينّ أنّ ولي العهد مُتسّرع وعديم التفكر، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنّه خرج لصراعٍ مع إيران في اليمن، الأمر الذي أدّى لإغراق المملكة السعوديّة في حربٍ طاحنةٍ وباهظة الثمن لا يرى أحد نهايتها. ويتذّكر الجميع أيضًا، اختطاف رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، الذي حرر في النهاية وأعيد إلى بيروت، وحاليًا برزت قضية تصفية خاشقجي في إسطنبول.
زيسر رأى أنّ تصفية المُعارِضين أمر عادي في دولٍ عديدةٍ في المنطقة، بلْ وخارجها، ويختفي فيها أوْ يموت في ظروفٍ غريبةٍ صحافيون وباقي منتقدي النظام، مُشدّدًا على أنّ هذا السلوك هو بمثابة لعب بالنار، فَمَنْ يزعم الانتماء للعالم المتنوّر، يجب أنْ يلتزِمَ بقسمٍ من قواعد اللعبة ومن عالم القيم الغربيّة، مُعتبرًا أنّ الأهّم من ذلك، عليه أنْ توّخي الحذر الزائد، وهذا ما لم يحصل في القنصلية في إسطنبول، ونجد الآن أنّ السعوديين مطالبين بدفع كامل الثمن مُقابِل جرائمهم.
وفي المحصلّة العامّة، شدّدّ البروفيسور زيسر من المعقول أنْ يوجد الحلّ الوسط الذي يسمح بإزالة هذه القضية عن جدول الأعمال، وستعترف السعودية بتصفية الصحفي خاشقجي، ولكن سيزعمون بأنّها مبادرة من المستويات الصغرى، التي سيلتزمون بمعاقبتها وفق القانون، ومع ذلك، اختتم قائلاً إنّ حلفاء المملكة ومُحبّي خيرها، بمن فيهم واشنطن وتل أبيب، توقّعوا من وليّ العهد أكثر من ذلك، لكنّ أملهم خاب هذا الأسبوع، على حدّ تعبيره.