"لا رجعة فيه".. "سلمان" يعصف بخطة ولده لاكتتاب "أرامكو"

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 979
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

إسلام الراجحي
"نهائي لا رجعة فيه".. هكذا وصف مصدر سعودي مطلع، القرار الذي اتخذه الملك السعودي "سلمان بن عبدالعزيز"، بشأن وقف طرح الاكتتاب الأولي لشركة "أرامكو"، بعد عدة لقاءات خلص منها، أن الطرح لن يكون في صالح المملكة وسيؤثر سلبا عليها.
ويعد هذا القرار، عصفا برؤية ولي عهده ونجله الأمير "محمد بن سلمان"، صاحب الفكرة التي كان يتوقع أن تكون أكبر عملية طرح أسهم في العالم، وتصبح حجر الزاوية لبرنامجه الإصلاحي، ولتنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط، المعروف إعلاميا باسم "رؤية 2030".
وظلت السعودية تستعد على مدار عامين، لطرح حصة نسبتها 5% من شركة "أرامكو" في سوق الأسهم، وتواصل المسؤولون مع البورصات الدولية والبنوك العالمية، بل والرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للترويج للخطة، لكن كل ذلك تبدد عندما أصدر العاهل السعودي قرارا بوقف الإدراج.
والسبب وراء ذلك، هو أن الملك "سلمان" تدخل لوقف الخطة، كما قالت 3 مصادر على صلة بالمطلعين على بواطن الأمور في الحكومة، لوكالة "رويترز"، التي أوردت الأسبوع الماضي قرار المملكة بوقف طرح الشركة.
وقال مصدر طلب الحفاظ على سرية هويته، إن القرار جاء بعد أن التقى العاهل السعودي بأفراد في الأسرة الحاكمة، ومصرفيين، ومديرين كبار في قطاع النفط، من بينهم رئيس تنفيذي سابق لشركة "أرامكو" (لم يذكر اسمه)، ودارت تلك المشاورات خلال شهر رمضان الذي انتهى في منتصف يونيو/حزيران الماضي.
وقالت المصادر إن الشخصيات التي حاورها الملك، أبلغته أن الطرح الأولي لن يكون في صالح المملكة، بل إنه قد يؤثر سلبا عليها.
وذكرت المصادر أن الهاجس الرئيسي لدى هذه الشخصيات، تمثل في أن الطرح العام الأولي سيدفع "أرامكو" للإفصاح الكامل عن كل تفاصيلها المالية.
وسبق أن نقلت "فرانس برس"، عن مراقبين، قولهم إن التردد في طرح الشركة، يعود إلى المخاوف القانونية من أن الطرح العام الأولي، قد يستدعي تدقيقاً غير مسبوق للشركة، وهو ما لا تريده الحكومة السعودية.
وفي أواخر يونيو/حزيران الماضي، بعث الملك، رسالة إلى الديوان الملكي يطلب فيها إلغاء خطة طرح أسهم "أرامكو"، حسب ما قالته المصادر الثلاثة.
وقال مصدر إن "قرار الملك نهائي لا رجعة فيه"، مضيفا: "متى قال لا فلا رجوع عنها".
وخرج وزير الطاقة السعودي "خالد الفالح"، الأسبوع الماضي، وقال إن "الحكومة ملتزمة بتنفيذ الطرح العام الأولي مستقبلا، "وفق الظروف الملائمة، وفي الوقت المناسب الذي تختاره الحكومة" (دون أن يحدد هذا الموعد).
وطوال عامين تقريبا، قال مسؤولون سعوديون، مرارا، إن الاكتتاب العام للشركة على المسار الصحيح، ليكون في وقته خلال النصف الثاني من 2018.
لكن للمرة الأولى، وتحديدا في مارس/آذار الماضي، أشار الرئيس التنفيذي لـ"أرامكو" السعودية "أمين الناصر"، إلى إمكانية تأخر الطرح حتى 2019.
ليضيف مسؤول سعودي رفيع: "نحن مندهشون أن رويترز تصر رغم هذا البيان، ورغم استمرار الحكومة في التخطيط بهمة للطرح العام الأولي على توجيه أسئلة تزعم فيها أن الخطط توقفت".

مقدمات تجميد الخطة
وليس من الواضح على وجه التحديد أي الأفكار التي جعلت الملك يحسم أمر "أرامكو" من بين ما نوقش خلال شهر رمضان فيما يتعلق بالطرح الأولي.
غير أنه سبق أن قال خبراء ومصادر بصناعة النفط السعودية، إن وتيرة الاستعدادات تتباطأ منذ أشهر، لسببين على الأقل أولهما الشكوك فيما أعلنه الأمير "محمد" في 2016، من أن الطرح سيقدر قيمة "أرامكو" بمبلغ تريليوني دولار، والثاني هو القلق من المخاطر القانونية وشروط الإفصاح المشددة التي تقترن بإدراج أسهم الشركة في بورصة أجنبية.
وقالت مصادر إن "أرامكو" توقفت بحلول أبريل/نيسان الماضي، عن دفع الرسوم المستحقة لبعض البنوك مقابل عملها في تجهيز الصفقة.

"سابك" بديل
وبينما كان الملك يجري مشاوراته في منتصف يونيو/حزيران الماضي، تمت دعوة البنوك بما فيها "جيه بي مورجان" و"مورجان ستانلي" لتقديم رؤيتها لمشروع مختلف.
وقال مصدر مصرفي، إن البنوك تلقت طلبا لتقديم مقترحات لاستحواذ "أرامكو"، على حصة في شركة البتروكيماويات العملاقة "سابك" من صندوق الثروة السيادية التابع للمملكة.
وأضافت المصادر أن تلك كانت علامة أولية على أن خطة طرح أسهم الشركة بدأت تتعثر، وأن الرياض تبحث عن تدبير المال من مصادر أخرى.
وقال مسؤول سعودي رفيع، إن اهتمام "أرامكو" بالاستحواذ على حصة في "سابك" سيخلق كيانا أقوى وأكثر توازنا، بالإضافة إلى التكامل الذي سيحققه مالك محتمل له أهمية استراتيجية.
وأضاف: "سيؤدي نقل ملكية سابك من صندوق الاستثمارات العامة إلى أرامكو السعودية إلى تمكين الصندوق من تعزيز الاستراتيجيات والحوكمة وتقوية محفظته الاستثمارية".
ويرى المراقبون استحواذ صندوق الاستثمارات على هذه الحصة بمثابة بديل معقّد لجمع الأموال النقدية التي يحتاجها أكبر صندوق ثروة سيادي في البلاد.

لطمة للبرنامج
ما زال بوسع السعودية توليد سيولة من مصادر بديلة وتحقيق تقدم في الإصلاحات الأخرى، غير أن الأمير "محمد"، وعد بأن طرح أسهم "أرامكو" سيسهم في خلق ثقافة انفتاح في المملكة المحافظة.
وبخلاف ما يثيره إلغاء خطة طرح الأسهم من مخاوف فيما يتعلق بالالتزام بالشفافية، فهو يعزز إحساسا بغياب القدرة على توقع الأحداث بعد احتجاز العشرات من كبار أفراد الأسرة الحاكمة، والوزراء ورجال الأعمال في حملة على الفساد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقالت المصادر إنه رغم أن قرار الملك يعد "لطمة لبرنامج الأمير بن سلمان"، فسيظل ولي العهد الابن الأثير لدى الملك وصاحب نفوذ كبير على السياسة في المملكة، غير أن الملك أراد أن يبين أنه سيظل صاحب القول الفصل في المستقبل المنظور.

تحجيم سلطات
وفي السعودية جرت العادة أن يكون الملك هو صاحب الكلمة الأخيرة، غير أن هذا القرار ضربة قوية لبرنامج الإصلاح "رؤية المملكة 2030"، الذي طرحه الأمير "محمد"، ويهدف إلى إحداث تغيير جوهري في الاقتصاد السعودي الذي تعد الدولة المحرك الرئيسي له ويعتمد اعتمادا أساسيا على النفط.
ويشير ذلك إلى أن الملك "سلمان"، يعمل على تحجيم السلطات الانفرادية التي تمتع بها الأمير الشاب، عقب تولي والده دفة الأمور في البلاد في يناير/كانون الثاني 2015.
فعلى الرغم من أن الملك "سلمان" هو صاحب الكلمة الأخيرة في سياسة المملكة فقد منح ابنه سلطات واسعة.
وجاءت أوقات تدخل فيها الملك "سلمان"، وكان من أبرز تلك المرات ما حدث عندما أعطى الأمير "محمد" الانطباع في العام الماضي، أن الرياض وافقت على خطة الإدارة الأمريكية غير واضحة المعالم لإحلال السلام في الشرق الأوسط، بما في ذلك الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لــ(اسرائيل)، قبل أن يصحح الملك ذلك على الملأ.
وفي القمة العربية التي عقدت في أبريل/نيسان الماضي، أكد "سلمان" من جديد التزام الرياض بالهوية العربية والإسلامية للقدس، بعد الضجة التي ثارت في العالم الإسلامي.
وقال مصدر سعودي، إن "الملك تستحوذ عليه فكرة كيف سيحكم عليه التاريخ.. فهل سيكون الملك الذي باع أرامكو وباع فلسطين؟".
من جانبه، قال الباحث الزميل بمركز "راجارتنام" للدراسات الدولية في سنغافورة "جيمس دورسي": "لست واثقا من أنني سأعتبر الأمر إضعافا لسلطة ولي العهد بل هو على الأرجح ضمانة ألا يشط بعيدا".

المصدر | الخليج الجديد + رويترز