المسألة هي من يملك رخصة قيادة السعودية!

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1731
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 كان يوم الأحد الماضي مختلفاً بالنسبة للنساء السعوديات فهو ينهي معركة تاريخية طويلة كلّفت سلطات الرياض جزءاً كبيراً من سمعتها الدولية، باعتبارها البلد الوحيد في العالم الذي يمنع المرأة من قيادة السيارة.

لكنّه، ورغم جولات العلاقات العامّة المذهلة التي قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى أنحاء العالم (والولايات المتحدة الأمريكية خصوصا)، والأكلاف الهائلة التي دفعتها الحكومة والجهات المعنية لترويج صورة جديدة للمملكة تحت قيادته، فإن الحقيقة الناصعة هي أن تلك الصورة زادت سوءا وانضافت عليها سوءات أخرى.

وكان طبيعياً أن يتحمّل وليّ العهد وزر هذه الصورة بصفته قائد كل هذه الأوركسترا السياسية النشاز التي نتابع تصرفاتها المتخبطة داخل وخارج المملكة.

في موضوع قيادة المرأة للسيارة نفسه كانت هناك مفارقات كبيرة، أهمّها، بالطبع، كان اعتقال بعض أهم الناشطات السعوديات اللاتي ناضلن لسنوات لأجل رفع هذا الضيم الشائن عن شقيقاتهن النساء كـ(لجين الهذلول وإيمان النفجان وعزيزة اليوسف وعائشة المانع).

وفوق ذلك شنّت حملة جائرة ضدهن تتهمهن بالخيانة والعمالة واتهمتهن أجهزة الأمن بـ«التجاوز على الثوابت الدينية والوطنية»، و«التواصل المشبوه مع جهات خارجية»، وهي الأوصاف الجاهزة في مطبخ الأنظمة الدكتاتورية لأي شخص يقوم بعمل منظم، أو يتواصل مع المنظمات الحقوقية المعروفة في العالم.

يقرأ هذا التصرّف الأمني بعدّة اتجاهات، منها أن وليّ العهد يريد منع الناشطات (والناشطين) من الإحساس بنجاحهن في عمل سياسي ضد الدولة، وانتزاع هذه «المكافأة» منهن وتسويقها على أنها «منحة» من وليّ العهد وليست نتيجة لنضال وحراك اجتماعي سلمي طويل (بدأ قبل ولادته حتى).

مسلسل الاعتقالات الذي رافق صعود نجم وليّ العهد السعودي وطال أشخاصا من العائلة الحاكمة نفسها، وكبار الأغنياء، ورجال الدين، والناشطين والناشطات السلميين، هو العنصر الأساسي الكبير الذي يميّز طريقة «قيادة» وليّ العهد السعودي للمملكة.

يقابل هذا المسلسل الداخلي، مسلسل آخر مشابه في الخارج يحاول، بالطريقة المتعجلة والكاسرة للأعراف السياسية نفسها، الاستحواذ على المقدّرات السياسية لدول الإقليم القريبة.

بدءاً من قطر، التي تعرّضت لأسوأ حصار منظّم وموتور في تاريخها، ومروراً بالأردن، التي يضغط عليه اقتصاديا وسياسيا، وينازعها الوصاية على الأراضي المقدسة والقدس في فلسطين، ويحاول احتجاز وابتزاز أحد أهم شخصياته الاقتصادية.

وفلسطين، التي يناور وينسّق ضدها مع إدارة الرئيس الأمريكي وثلاثيّه المتآمر على الفلسطينيين: جاريد كوشنر، وجيسون غرينبلات، ودافيد فريدمان، ولبنان، الذي احتجز رئيس وزرائه سعد الحريري (وكانت تلك فضيحة سياسية عالمية)، من دون أن ننسى اليمن، الذي يغطّي فيه على جرائم الإمارات الفظيعة، ويساهم في الآلام المهولة لليمنيين.

من المؤكد أن أي إنسان عاقل يشجع قرار قيادة المرأة، ويعتبر ذلك رفعا لجور غير معقول، لكن على العاقل أيضا ألا ينبهر بالطابع القمعيّ المختفي وراءه والذي يريد سرقة كفاح أجيال من الناشطين والناشطات بل وعقابهم على كونهم نجحوا في تحقيق مطلب واحد من مطالبهم الكثيرة، وأهمّها.

المطلب البسيط وهو اعتبار المرأة كائناً راشداً مسؤولا عن نفسه، لأن المرأة السعودية، ما تزال ممنوعة من فتح حساب مصرفيّ بنفسها، أو الزواج والطلاق بنفسها، أو الحصول على جواز سفر والسفر للخارج، أو حتى احتساء قهوة مع صديق في مقهى، أو أن تقرر ما تلبس.

المسألة إذن هي في رخصة قيادة السعودية التي فُرضت على الناس فرضاً، أما رخصة قيادة السيارة فتفصيل صغير في تلك المسألة الكبرى.