«إيكونوميست»: سياسات «بن سلمان» الاستبدادية تقوض خططه للإصلاح

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1845
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 قال أحد رجال الدين السعوديين إن ترك المرأة تقود السيارة سيؤدي إلى انتشار الفسق وتراجع عدد البنات العذارى، وأعلن آخر أن النساء غير قادرات على الجلوس خلف عجلة القيادة لأنهن ناقصات عقل. وافتأت آخر على العلم ليقرر أن القيادة ستلحق الضرر بمبايض السيدات، لكن في النهاية، تم تجاهل هذه التصريحات «الهرائية». وفي 24 يونيو/حزيران، بدأ سريان السماح للنساء السعوديات بقيادة سياراتهن، وتعد هذه خطوة أولى نحو التحرر. لكن تبقى خطوات أخرى، من بينها نهاية «ولاية» الذكور في تقرير ما إذا كان من المسموح للمرأة أن تدرس أو تسافر إلى الخارج.
وتعتبر السائقات الإناث أبرز مظاهر الثورة الاجتماعية، والتي لم تخرج من الشوارع، بل من قصر «محمد بن سلمان»، ولي العهد. وتم فتح دور السينما، ويتم تشغيل الموسيقى في الأماكن العامة، ولم يعد للشرطة الدينية مكان في الشوارع. ويعد التحرر الاجتماعي جزءا من طموح ولي العهد لفطام الاقتصاد السعودي عن النفط، ولكن كما يحدد تقريرنا، فإن تغييراته تأتي مع المزيد من الاستبداد في الداخل، والتهور في الخارج، ويجب أن يأمل العالم أن تنتصر شخصية الأمير الجريء على شخصية الأمير المستبد.

لا يمكن للحب أن يُشترى
تعد المملكة العربية السعودية مكروهة بشكل فريد من قبل الغربيين من جميع الأطياف السياسية. فهم مروعون من العقوبات المتشددة الصارمة، وسوء معاملة النساء، وخائفون من التفسير الوهابي للإسلام، والذي غذى الأيديولوجيات الجهادية مثل تنظيم «الدولة الإسلامية». وعلى الرغم من ثروة المملكة، يفضل رجال الأعمال العمل في دبي بعيدا عن الرياض. ويسيء العرب في كثير من الأحيان إلى السعوديين، حيث يصفونهم بأنهم أغنياء، ولكنهم كسالى ومتكبرون.
ومع ذلك، فإن للعالم مصلحة حيوية في تحسن مصير السعودية، وهي أكبر مصدر للنفط، وموطن أقدس المواقع الإسلامية. وتعد المملكة مركزا للخليج والمنطقة العربية والعالم الإسلامي، ومن شأن نجاح الإصلاحات أن تساعد على نشر الاستقرار في منطقة مليئة بالفوضى. ومن الطبيعي أن تصبح السعودية أكثر اعتدالا إذا نجحت التغييرات وذلك لأن تدفق البترودولار إلى الجماعات الجهادية والمتشددين سوف يتباطأ، وعلى النقيض من ذلك، قد يؤدي الفشل إلى نشر الاضطرابات في منطقة الخليج، والتي تجنبت على نطاق واسع اضطرابات الربيع العربي عام 2011.
ومن ثم، فإن القلق يساور المملكة من مثل هذه المشاكل الصعبة. ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن عائدات النفط المتقلبة تشكل أكثر من 80% من دخل الحكومة، وحتى مع ارتفاع أسعار النفط الخام، تكافح البلاد عجزا كبيرا في الميزانية. ويعمل السعوديون في الغالب في الوظائف الحكومية، وقد راكمت الثروة النفطية الغبار على اقتصاد غير منتج على الإطلاق.

أعباء إضافية
ويدرك «بن سلمان» أن التغيير مطلوب. ومع ذلك، فهو يضيف أعباء بلا داعٍ إلى مهمته. وفي الخارج، أثبت أنه متهور للغاية، ففي حربه ضد «الحوثيين»، وهي ميليشيا شيعية في اليمن، جلب لليمنيين المرض والجوع، وجلب حرب صواريخ على المدن السعودية، وأحرج الحلفاء الغربيين الذين يقدمون الأسلحة وغيرها من المساعدات للمملكة. وفي العام الماضي، وضعت المملكة نفسها في موقف سيء للغاية باحتجاز رئيس الوزراء اللبناني «سعد الحريري»، ولم تطلق سراحه إلا تحت ضغوط دولية. ومع حليفه الرئيسي، الإمارات، قاد ولي العهد الطريق لعزل قطر، الإمارة الصغيرة التي تغرد خارج السرب، عن طريق قطع الروابط البرية والبحرية والجوية معها (حتى أن السعوديين يريدون حفر قناة لتحويل البلد إلى جزيرة)؛ وبذلك قام بزرع الانقسام في مجلس التعاون الخليجي، ومع تطور الحرب الباردة العربية، تكتسب إيران وأعداء آخرون ميزات متتالية.
وفي الداخل، طوّر «بن سلمان» أساليب القمع، ورفع عدد عمليات الإعدام، وهناك المزيد من المعارضين الآن في السجن، من بينهم، على نحو غريب، بعض من النساء اللاتي قمن بحملات من أجل قيادة المرأة للسيارات، ويبدو أن كل شيء يجب أن يأتي كهدية من «آل سعود». كما تبنى ولي العهد وجهة النظر القائلة بأن جميع الإسلاميين، وحتى الفروع غير العنيفة لـ«الإخوان المسلمون»، يشكلون خطرا كبيرا مثل الجهاديين السنة والميليشيات الشيعية. وهكذا، يقود السعوديون والإماراتيون ثورة مضادة ضد الربيع العربي والأمل في الديمقراطية، وللأسف، فقد أعطت أمريكا لهم تفويضا مطلقا في ذلك.
كما تتركز جهود ولي العهد لتعزيز القطاع الخاص بشكل غريب في مجالات محدودة، مثل الترويج للترفيه الذي تديره وكالة حكومية، وتركيزه على «المشاريع العملاقة»، لا سيما خطط لبناء مدينة «نيوم» بقيمة 500 مليار دولار، وهي مدينة مستقبلية في الشمال الغربي تخضع لقوانين منفصلة، وتبدو محفوفة بالمخاطر. وقد كانت المحاولات السابقة لبناء نسخ مقلدة من دبي، مركز الأعمال والسياحة في الإمارات، مخيبة للآمال، مثل مدينة الملك عبدالله المالية بالرياض، التي تحولت لمدينة أشباح الآن.
وبدلا من التخطيط لمدينة الأحلام، كان ينبغي أن يهدف ولي العهد إلى جعل المملكة أكثر شبها إلى حد ما بدبي، مفتوحة للعالم، ودودة للأعمال التجارية، تدار بكفاءة، وليبرالية اجتماعيا، ومتسامحة دينيا، وقبل كل شيء، يحكمها نظام قوانين يمكن التنبؤ به. وكان قراره بحبس مئات من كبار رجال الأعمال والمسؤولين والأمراء بصورة تعسفية في فندق سعودي فخم، العام الماضي، في «حملة ضد الفساد»، قد أخاف المستثمرين.
ويجب عليه أيضا دراسة الفيدرالية المطبقة في دولة الإمارات. فقد يكون الاتحاد الفضفاض لسبع إمارات عام 1971 فريدا من نوعه، لكن بلدا كبيرا ومتنوعا كالمملكة يمكنه تحقيق مكاسب كبيرة من سلطة التفويض، وقد يسمح لأجزاء مختلفة من البلاد بالتعبير عن هوياتها بحرية أكبر، مع تكييف القواعد الدينية تبعا لتقاليدها، كأن تكون المملكة أكثر تحررا في جدة، وأكثر صرامة في الداخل في الرياض، مع السماح بمساحة أكبر للشيعة في الشرق. وقبل كل شيء، قد يؤدي ذلك إلى شكل من أشكال التمثيل المحلي.
وفي الإجراءات التحولية، يضعف «بن سلمان» الأعمدة القديمة التي يقوم عليها حكم «آل سعود»، مثل الأمراء ورجال الدين ورجال الأعمال. وقد تساعده الديمقراطية على بناء قاعدة جديدة من الشرعية، ويستطيع ولي العهد تحويل شعبيته بين الشباب والنساء إلى قوة سياسية. ومن شأن ذلك أن يساعده في ما يحتمل أن يكون فترة حكم طويلة عندما يصبح ملكا. ولكنه على الطريق إلى أن يصبح مستبدا آخر، وكما أظهر الربيع العربي، فإن الاستبداد هش. ومن الأفضل أن يصبح نوعا جديدا من الملوك العرب، شخص يعامل شعبه كمواطنين، وليس رعايا.

المصدر | الإيكونوميست