محور حرب أم سلام؟ هل يعتقد ولي العهد السعودي ان قيام شراكة ثلاثية مع ترامب ونتنياهو يشكل عامل استقرار للمملكة أم

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1444
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أنه يضع المملكة والإمارات وباقي دول الخليج في فوهة مدفع حروب جديدة لن ترحم أحد
تقرير أعده هيثم مناع
جلسنا أمام التلفاز ننتظر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالإنسحاب من اتفاق خمسة + واحد المتعلق بالنووي الإيراني، والموقّع قبل قرابة عامين. لم يكن أحد ينتظر خطابا متزنا أو عقلانيا، فرغم حالته النفسية التي تحول دون توقع سياسات مدروسة أو بعيدة النظر،تذّكر شخصية الرئيس الأمريكي المرء دوما بالآية الكريمة “والذي خبث، لا يُخرج إلا نكدا”. ولا نظن أن أحدا كانيتوقع درسا في بناء السلام وحماية البيئة وحقوق الإنسان… ولعل السؤال الأكثر منطقية كان: كم من الحماقات والأكاذيب سيلجأ لها هذا الشخص، لتبرير موقفه من أهم مفاوضات متعددة الأطراف أعطت اتفاقا، مهما كانت وجهة النظر منه، يعتبر مثالا لأن الدبلوماسية تعطي ما لا يعطيه العنف، وأن التفاوض هو الوسيلة المثلى لحل الصراعات بين البشر.
بدأ الرئيس الأمريكي مداخلته بالقول: “النظام الإيراني هو الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب، فهي تصدر الصواريخ الخطيرة، وتلهب الصراعات في الشرق الأوسط، وتدعم الوكلاء والميليشيات الإرهابية مثل حزب الله وحماس وطالبان والقاعدة”…
عم يتحدث السيد ترامب؟ عن حركة حماس التي لم تقم منذ تأسيسها بعملية واحدة ضد الأشخاص والمصالح الأمريكية أو الغربية؟.. وهل يجهل أو يتجاهل أن تدخلها الوحيد في شأن غير فلسطيني كان عبر جناح خالد مشعل من الدوحة، بمعرفة، حتى لا نقول رعاية أمريكية، في سوريا. وكانت النتيجة إبعاد هذا الإتجاه عن قيادة حماس؟
يتحدث عن حزب الله، المشارك في حكومة حليفه السيد سعد الحريري، والذي يحتفظ جناحه السياسي بعلاقات شبه منتظمة مع معظم الدول الأوربية؟ والذي حقق قبل يومين من خطابه نتائج جيدة في الإنتخابات اللبنانية؟
عن إمارة طالبان، التي اعترفت بها دولتان فقط من دول العالم، هما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؟ وكانت سببا في تهجير 950 ألف من الهازار الشيعة إلى إيران، لنرى آلاف المجندين منهم في لواء الفاطميين ضمن (القوات الحليفة في محور الممانعة؟)…
عن تنظيم القاعدة، وكلنا يذكر تصريحات جو بايدن نائب الرئيس أوباما والسيدة هيلاري كلينتونحول الغموض الأمريكي حول هذا التنظيم؟
بعد توقيع الإتفاق النووي بأيام، وبالتحديد في 20 تموز/يوليو 2015، صدر عن مجلس الأمن الدولي، بالإجماع، القرار 2231 (2015). وقد قدم موقع مجلس الأمن للقرار بالقول: “توجت الجهود الدبلوماسية المبذولة للتوصل إلى حل شامل طويل الأجل مناسب للمسألة النووية الإيرانية، بخطة العمل الشاملة التي أبرمها يوم 14 تموز/يوليو 2015 كل من الاتحاد الروسي وألمانيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة والممثل السامي للإتحاد الأوربي وجمهورية إيران الإسلامية… وقد نص القرار على إنهاء العمل بأحكام قرارات مجلس الأمن السابقة بشأن المسألة النووية الإيرانية… ثم يضيف الموقع: الدول الأعضاء ملزمة بموجب المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتطبيقها”. (www.un.org/ar/sc/2231 (
لم يكن اسم السيد ترامب قد دخل القاموس السياسي الأمريكي أو الدولي كصانع قرار وقتئذ، وكان ثمة موقفين معارضين ومنتقدين للإتفاق: الأول موقف رئيس وزراء الحكومة الإسرائيلية نتن ياهو، والثاني موقف المملكة العربية السعودية.
من الضروري التذكير بهذه المعطيات، لإدراك حجم وفداحة الحماقة الترامبية بالإنسحاب من هذا القرار.
لكن الولايات المتحدة، برغم أزماتها الداخلية ومشاكلها المتكاثرة ما زالت القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى في العالم. وما زالت وزارة الخزانة والكونغرس الشرطي الدولي الاقتصادي الأهم. وبالتالي لا يمكن للمرء إلا أن يتوقف عند نتائج أي قرار من هذا النوع، خاصة وأن هذا القرار هو ثالث قرار للرئيس الأمريكي يقف فيه في مواجهة العالم وليس فقط الإيراني أو العربي أو الأوربي: قراره الإنسحاب من اتفاقية باريس حول المناخ، قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وقرار الإنسحاب من الإتفاق النووي الإيراني.
تعطي الحقب الرثة شبه إيديولوجيات رثة، وتعطي فترات الإنحدار زعامات مختلة وناخب مستلب البصر والبصيرة… وتعتبر إدارة نهاية حقبة من أكبر اختبارات دولة ومجتمع على البقاء الجيو سياسي والاستراتيجي… كان من حسن حظ فرنسا قيام الجمهورية الخامسة وحضور شخصية شارل ديغول لإدارة نهاية الحقبة الاستعمارية، ومن سوء حظ روسيا أن نهاية الحقبة السوفيتية أديرت من قبل مُختلٍ مثل بوريس يلتسن.
يشهد النصف الأول من القرن الواحد والعشرين نهاية هيمنة الإمبراطورية المالية والعسكرية الأمريكية. ولن تكون عملية سقوط المنظومة العالمية التي قادتها بجلطة دماغية أو نوبة قلبية، وإنما بالخلايا السرطانية التي صنعتها هي، الأمر الذي دفع المفكر الأمريكي إيمانويل والرستين للإعتقاد بأن ما يسميه System-World سيغيب قبل النصف الثاني لهذا القرن.
شهدنا في العقد الأول، سيطرة ما سمي بالمحافظين الجدد والليبراليين الجدد. وكانت مغامرات جورج دبليو بوش في أفغانستان والعراق ترجمة حية لعدم جدوى المكابرة والاعتقاد بأن الأمريكي قادر على فعل ما يريد، عبر زج الجيش الأمريكي، ومن يقبل التحالف معه،في حروب مباشرة في دولتين أنهكتهما الحروب لثلاثة عقود من الزمن. ولعل من أهم أسباب نجاح الرئيس أوباما لدورتين انتخابيتين، الحاجة الفعلية إلى سنوات ترميم للجروح والقروح الناجمة عن سياسات الإدارة التي سبقته.
إلا أن المجتمعات الأمريكية الحالية تنتج ثقافة أفقية خفيفة الوزن وقصيرة الذاكرة، وقد استغرب أحد السفراء الأمريكيين عندما حدثته عن نجاح ترامب قبل نتائج الإنتخابات الأمريكية. واستاء لأنني ذكرت له، أن السبب يكمن في سطحية المحاكمة السياسية عند الأمريكي المتوسط، فيما يجعل عملية الخداع السياسي والتضليل والاحتواء ممكنة باستمرار من قبل مجموعات الضغط المتمرسة. لم يكن دونالد ترامب فيلسوفا أو باحثا، وجاء بإطروحات أكثر سخافة وتفاهة من تلك التي حكم بها معمر القذافي، لكنه لعب على ورقة الجرح النرجسي لإمبراطورية في حالة انكماش وتراجع، فاختصر مشروعه السياسي في فكرة واحدة:
“Nothing matters, but the States and its power”
“لا شيء يهمنا سوى الولايات المتحدة وسلطانها”.
وكان ذلك كافيا لكي يتبوأ أخطر موقع جيوستراتيجي على صعيد العالم…
لا يمكن لأكثر حلفاء أمريكا من الأوربيين مجاراة هذا المشروع الديماغوجي الأهوج، ولم يجد على سطح البسيطة من حليف أكيد في قراءته السياسية لأمريكا “العظيمة”، سوى رئيس وزراء حكومة يمينية متطرفة، وحدها سياساته المتهورة سمحت له بالبقاء، رغم الفساد والوضاعة. وإلى جانب الإسرائيلي، مملكة هرمة تنتمي لحقب سالفة، وطموحات شاب محدود الخبرة والتجربة، أمسك في أقل من عامين، برقبة المؤسستين العسكرية والاقتصادية، ويحتاج للأمريكي والغربي لتثبيت سلطته الداخلية ودور إقليمي.
محور ثلاثي مضطرب لم يعلن قيامه رسميا حتى اليوم، أضلاعه الدولة الأقوى في العالم (الولايات المتحدة)، والدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط (إسرائيل) والمملكة الأغنى ماليا في الإقليم (المملكة العربية السعودية). هذا المحور يعتبر إيران الشيطان الأكبر، وأن مهمته ليست فقط ضرب المشروع النووي الإيراني وتحجيم الدور الإيراني في المنطقة، وإنما القضاء على النظام قبل احتفاله بالذكرى الأربعين لإزاحة الشاه.
مهما تحدث الإسرائيلي في تفوقه العسكري، فقد تحولت المنطقة إلى ترسانة عسكرية وبشرية كبيرة… ولا يمكن لنتن ياهو إقامة إسرائيل الكبرى وإنهاء القضية الفلسطينية ولو وقفت دول العالم كلها معه. فما لم يفهمه اليمين الإسرائيلي هو أن الشعب الفلسطيني ليس تجمعات للهنود الحمر يمكن تصفيتها أو حصرها في جزر محاطة بالأسلاك الشائكة والجدران، وأن نضاله الحضاري والمدني يشكل منارة للتحرر والحرية في العالم، لذا نجد من يقرظ ويمدح بالعدوان الإسرائيليقلة قليلة من المعتوهين، كأحد مؤسسي جبهة النصرة، وحثالة الإرتزاق شرقي المتوسط، وزير خارجية يسميه أهل البحرين”بَدين الفساد”، أو بعض حديثي السلطة والثروة في الخليج ممن يعتقدون أن الرضا الإسرائيلي شرط واجب الوجوب للبقاء في السلطة أو المشهد، وهم بالأساس محط احتقار وازدراء من شعوبهم.
هل يمكن لدول هكذا محور، أن تخوض حربا جديدة في منطقة لم تنته الصراعات العسكرية فيها في خمسة بلدان (الصومال وليبيا واليمن وسوريا والعراق)، في وقت تقول المؤشرات الحسية أن أول الخارجين من محرقة العنف سيكون العراق، الذي تلظى بحرب طويلة مع إيران تبعها احتلال صدام حسين للكويت وعقوبات هي الأقسى في تاريخ الأمم المتحدة ثم احتلال أمريكي-بريطاني هو الأسوأ وربما الأخير، في تاريخ ما يعرف بالاستعمار المباشر. وأخيرا وليس آخرا، مشروع داعش الذي انغمست فيه كل الأيادي الإقليمية والدولية، وامتزج فيه الدم الأسود المتعدد الجنسياتالذي لفظه الأوربي والأمريكي والخليجي والمغاربي والآسيوي إلى أرض الرافدين وسوريا، وانتهى أمره بتحقق نبوءة فرج فوده: “سوف يدفعون الثمن غاليا، حين يحتقرهم الجميع، ويرفضهم الجميع، ويطاردهم الجميع”. في وقت يتقدم فيه تحالف الأستانة (التركي الروسي الإيراني) في المعادلة السورية، وتفكك فيه ما عرف بتجمع “أصدقاء الشعب السوري”. وتبحث فيه أوربا عن استقرار ليبي بعد أن أصبحت، بعد الشعب الليبي، تدفع في فاتورة فوضى العنف بعد القذافي؟
مهما تحدث الجانب السعودي عن انتصارات في اليمن، فهو لا ينسى أن المناطق التي يحاربها لم تنجح العثمانية والناصرية ورقاص الأفاعي في حروبها معها… ليس لأنها لا تقهر، أو لأن الإيراني يمدها بصواريخ أو خبراء تطوير أسلحة، وإنما لأن العنف في صلب عقليتها السياسية والمجتمعية. يمكن استعمال العنف لإدارة التسويات والسعي الجاد والحازم لمخارج تفاوضية وحلول سياسية، ولكن يصعب تحييد العنف بالعنف اللهم إلا بالإبادة.وعندما يصبح العنف وسيلة وغاية، يتساوى القامع والمقموع، والموت لأمريكا مع الموت لإيران، والمؤمن والكافر، والديمقراطي والدكتاتوري،وفي هذا خسران البلاد والعباد.
لا يمكن اعتبار منطقة الخليج جبهة عسكرية وشعبية جدية لخوض حرب شاملة مع إيران. فالتصور السعودي الراهن للأمن القومي الخليجي والعربي، يعتمد على فرضية ضحلة طرحها بعض صحفيي الإخوان المسلمين منذ 2011، تقول بأن العدو الرئيسي للعرب ليس الإسرائيلي وإنما الإيراني. هذه الفرضية تعني بالضرورة حالة فصام بين خطاب الأنظمة السياسية والحس الشعبي العفوي le bon sens الذي يبصر الإبادة البطيئة للوجود الفلسطيني، ويرى بأنه الضحية القادمة، شاء أم أبى، للمشروع الصهيوني في المنطقة. وأن الدعم الأمريكي الأعمى وغير المشروط لهذا الكيان الوظيفي، هو الذي يسمح بعنجهية الخطبة والممارسة ويخلق حالة تفوق على شعوبها وبلدانها، بل ويدفع الناس لاستجداء نجدةالتركي والإيراني والروسي والصيني… وكل من يقف مع الفلسطيني في وجه مشروع إبادته كشعب ودولة.
هل يدرك الأمير الخليجي حجم الإهانة التي يتعرض لها الوجدان الفلسطيني والعربي والإنساني، عندما تقف ابنة ترامب إيفانكا (التي اعتنقت اليهودية بعد زواجها من جاريد كوشنر حامل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية) مع زوجها، يتحدثان عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي تجمع الأمريكي والإسرائيلي وأكثر من ستين شهيدا سقطوا أثناء احتفاليتها بفتح السفارة الأمريكية، لمجرد مشاركتهم في احتجاج شعبي سلمي؟
الوضع الخليجي الداخلي
حاولت دول مجلس التعاون الخليجي اعتماد سياسة التنسيق والتعاون في ما هو ممكن، دون شعارات ولا مزاودات. وكانت نتائج هذه السياسة نافعة لمختلف الدول. ويمكن القول أن أحداث 11 سبتمبر 2001 قد ساهمت بشكل غير مباشر في بقاء الحاجة لهكذا تعاون رغم كل الخلافات الذاتية بين بعض حكام دول المجلس. إلا أن هذا المسار، تعرض منذ 2011 لهزات مزقت أشلاء كل ما تحقق.
بدأت المشكلة في البحرين، البلد الخليجي الأكثر تفاعلا مع حراك شعبي مدني وسلمي، بحكم حالة النضج السياسية الشعبية، وتراجع السلطة عن العديد من مؤشرات الإنفتاح السياسي في العقد الأول من هذا القرن. دخلت القوات السعودية المنامة، وتم ضرب الحركة المدنية السلمية، وتعرض النشطاء والجمعيات السياسية والحقوقية لأكبر حملات الإعتقال والملاحقة والحظر. واتهمت المعارضة البحرينية بما حاربته دائما: التدخل الخارجي “الإيراني”، المذهبية، وأعمال العنف. ويمكن القول أن تقطيع أوصال كل ما قدمه ملك البحرين من انفتاح على المجتمع، قد تم بأقل من عامين من القمع الممنهج.
كانت قراءة الحمدين في قطر، قائمة على اعتبار الحراك الشعبي الذي انطلق من تونس، فرصة لأن تلعب الإمارة دور العراب الأول في المنطقة العربية. إدارة الحمدين للغطاء العربي لتدخل الناتو في ليبيا، أعطتهما ثقة الغربيين بإمكان تكرار السيناريو الليبي في سوريا، عبر تحالفها مع ساركوزي وأردوغان،وعبر شبكة علاقاتها مع الجماعات الإخوانية والجهادية. إلا أن غرور السلطة بالضرورة أعمى.. ومع تراكم الحماقات القطرية، قرر الأمريكي نقل الملف السوري إلى سفير السعودية السابق في واشنطن بندر بن سلطان. الذي لعب أيضا بورقة الجهاد إلى سوريا، ومن جهز غازيا فقد غزا، وكرر بأسماء وطرق أخرى ما بدأه الحمدان… ورغم أن الدول الغربية كانت تشرف مباشرة عبر غرف العمليات في الشمال التركي والجنوب الأردني على قضايا التسليح والعمل العسكري، فقد فشلت مجتمعة في أن يكون لها قوة عسكرية مشتركة وقيادة سياسية ذات مصداقية وانتهى الأمر بهيمنة الفصائل الجهادية وانتقال خطرها من سوريا والعراق لدول الجوار. لتقبر استراتيجية التغيير بالعسكرة، في طاحونة “الحرب على الإرهاب”.
من الضروري التذكير بهذه المعطيات لفهم خلفيات الخلاف القطري السعودي وعملية التفتت التي تعرض لها مجلس التعاون الخليجي والتي انتهت بقرارات فرض العقوبات من أربعة دول عربية (مصر والبحرين والإمارات والسعودية) على قطر، ومن المضحكات المبكيات أن نفس هذه العقوبات تقريبا قد فرضها حمد بن جاسم على سوريا من مبنى الجامعة العربية في القاهرة ؟؟؟
ليس بإمكان المملكة العربية السعودية تحمّل أية “هرطقة” قطرية أثناء عملية إعادة بناء مراكز القوى في الرياض، كذلك ليس بإمكانها السماح لأي طرف من أهل البيت الخليجي بعزف منفرد سواء كان ذلك في الحرب اليمنية أو التغييرات الداخلية أو المواجهة مع إيران. وليس من المبالغ فيه، استعمال كلمة الحرب بين طرفي الخلاف، فقد ذهب ضحية لهذه المواجهة عائلات مختلطة وطلاب علم ورجال أعمال وعشائر وضعتها الجغرافيا في المكان الخطأ في الزمن الخطأ إلخ…
لا يشكل حديث ولي العهد عن الإصلاح ومشاريع المستقبل عقارا ناجحا لانتساب الشبيبة في المملكة، خاصة في غياب خارطة طريق إصلاحية جدية تنطلق من إعادة الحبال المقطوعة بين المجتمع والسلطة. ولعل الحملات القمعية بحق الناشطين الحقوقيين والخوف المزمن من إحياء مجتمع مدني جدير بالتسمية، تجرف بقسوتها بعض القرارات “الإنفتاحية” على الحداثة والعصر. ولعل من الضروري التذكير في هذه المناسبة، أن عدد المعتقلين من نشطاء حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، وفق “جمعية حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي “PADDH”، يفوق هذا العدد في أي بلد عربي(1)، وليس بالصدفة أن تأتي البحرين في الدرجة الثانية.
نحن نشهد اليوم حربا عسكرية مباشرة في اليمن، وأخرى غير مباشرة مع دولة قطر، فهل تتحمل الدول الخليجية الثلاث تبعات حرب ثالثة على الجبهة الإيرانية ؟ ومن أجل من، ولماذا ؟
إيران ؟؟؟
ليس النظام الإيراني ملاكا، ولا قدوة… وإن كانت الدول “الإسلامية” تضع في دساتيرها، عندما يكون لديها دستور، دين الدولة الإسلام، فهو يعتبر أن للدولة مذهب وطائفة.. وأن في الإسلام ولاية فقيه… ورغم اقتباسه لمبدأ الإنتخابات، فقد قطّع أوصال هذا المبدأ بهيئات حفظ النظام وصلاحيات المرشد والحرس الثوري. وإن كان لنا الحديث عن نظام شمولي (توتاليتاري)، بالمعنى العلمي للكلمة، فلعله مع كوريا الشمالية، آخر أنموذجين يحافظان على السمة الشمولية. بالمعنى الستاليني كما بالمعنى الذي طمح له منظر الجماعة الإسلامية الباكستاني أبو الأعلى المودودي. وبهذه المعطيات، لا شك بأن أي تصدير أو ترويج لهذا الأنموذج، يشكل خطرا على الديمقراطيين في عموم المنطقة.
إلا أن الدولة الإيرانية دولة عميقة، في التاريخ والتكوين، ومن المعروف أن من أسباب نجاح الخلافة العباسية، اعتمادها على “الدهاقنة”، أي كوادر الإمبراطورية الساسانية المتداعية… لم تبتعد السياسة الإيرانية في العقود الأربعة الأخيرة عن مفهوم المصلحة الإيرانية العليا، ومثلها مثل حكومات أردوغان في تركيا، لم تحمل لواء الإيديولوجيا عندما تعارضت مع هذه المصلحة. وقد اعتمدت في السياسة الخارجية، منذ رئاسة رفسنجاني وخاتمي، على طاقات متقدمة في معرفتها بالوضعين الدولي والإقليمي. وهؤلاء هم الذين خاضوا معركة الإتفاق النووي. وكل متابع يذكر ما تعرض له فريق صالحي/ظريف، من قذف واتهامات من المتشددين الإيرانيين.
كذلك، من الضروري استيعاب حقيقة أن الشعوب الإيرانية شعوب عريقة. ومنذ الحركة الدستورية (المشروطية) قبل أكثر من قرن، وحكومة مصدق قبل أكثر من ستين عاما، وإسقاط الشاه قبل قرابة الأربعين عاما، وأغلبية أبنائه يعتقدون أن التغيير الجدي لا يمكن أن يكون صناعة خارجية…
إن أية مقاربة تعتبر إيران كتلة متجانسة ومجتمع منصهر في بوتقة الحرس الثوري وقاسم سليماني هي مقاربة غبية ولا علاقة لها بالوقائع. وكل من يظن أن بإمكان مراكز القرار الإيراني اختزال الشعب بالجهاز الديني واختزال الدولة بقم، لا تزيد معرفته بهذا البلد عن معرفتنا باللغة الصينية. وبالتالي، لا يمكن الركون إلى بعض معارضة “الحقد السياسي” التي تبحث عن أي شيطان يخلصها من هذا النظام، بل لعل هذا الحقد السياسي أحد الأسباب الرئيسية في دخول مراكز القوى المختلفة والتيارات المتباينة في تحالف ضد الطبيعة تحت شعار إنقاذ البلاد من الفوضى والخراب. لن يكون التغيير في إيران ضمن المعطيات المنظورة إلا داخليا، وأي تدخل خارجي، إنما سيعطي الأمر الواقع statusquo عمرا أطول.
منذ هزيمتها في فييتنام، لم تخض الولايات المتحدة حربا واحدة ضد بلد قوي. وكل حروبها كانت بعد وصول الأوضاع في بلد التدخل إلى الوهن والتفكك. ولعل أنموذج الجزيرة الكوبية الصغيرة في خاصرتها أفضل مثال على ذلك؟ كذلك لم نعد في زمن حرب الأيام الستة أو العشرين، فحتى المواجهة في غزة أو جنوب لبنان تعني معرفة تاريخ بدء الحرب وحسب… فكيف بها مع الدولة الإيرانية؟
أما دول الخليج، فقد تعرضت لاعتداء عسكري من حكومة صدام حسين، الذي دعمته في حربه مع إيران، عندما احتل الكويت، ولم تغب بعد آثار صدمة الإحتلال حتى اليوم. ومن نافل القول أن الاستقرار الأمني سبب رئيسي في ازدهار دبي كمركز اقتصادي قاري وصمود دول التعاون في وجه أزمات اقتصادية وسياسية عاشها شرقي المتوسط. فهل لديها ترف هدم هذا الوضع المتقدم بالدخول في دوامات العنف المختلفة الأشكال التي شهدتها باقي دول المشرق من أجل عيون اليمين المتطرف الإسرائيلي؟
لقد أعلن ترامب، الحرب الاقتصادية على إيران، ويعد العدة لتحالف دولي يذكرنا بدول المحور في الحرب العالمية الثانية. وكما ذكرنا في تقريرنا عن العقوبات في العراق قبل عشرين عاما: “لم تنجح العقوبات الاقتصادية إلا في زيادة معاناة العامة وتحسين أوضاع الخاصة في البلدان التي طبقت بها”. والأسئلة الكبرى التي تطرحها الأوضاع الحالية برأينا هي:
1- هل يمكن للدول الأوربية تشكيل جبهة للحماية الذاتية من سياسات ترامب، نقول حماية النفس لأن السياسة الأمريكية الحالية ذات نتائج اقتصادية وجيو سياسية خطيرة على القارة الأوربية نفسها.هل يمكن أن ترفض البلدان الأوربية العقوبات الأمريكية ذات المفعول الدولي والتي تنال مؤسسات وعقود أوربية مع إيران، وأن تدافع عن قرارات مجلس الأمن الخاصة بالإتفاق النووي، وبالتالي تحصر الإنسحاب الأمريكي من الاتفاقية بتبعات تتعلق بالولايات المتحدة فقط؟
2- هل يمكن للطاقم الحالي للرئيس ترامب (مايكل بومبيو، جون بولتون، جاريد كوشنر، جينا هاسبل، جيمس ماتيس…) أن يخوض معارك ترامب المعلنة، وأن يضمن حاضنة مؤسساتية وشعبية لها؟
3- هل تعتقد المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن الحرب مع إيران ذات جدوى عسكرية وأمنية وأن نتائجها مضمونة العواقب؟
4- هل تخوض دول المحور مع إيران حربا بالوكالة على الأراضي السورية، بتعبير آخر، هل تخرج هذه الدول من الإجماع الذي تحقق في مؤتمر فيينا على ضرورة وضع حد للحروب السورية، بمغامرات تمدد أجلها إلى ما تيسر من قادم السنوات…
5- ولعل هذا السؤال الأكبر: هل يطرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان السؤال، فيما إذا كان قيام شراكة ثلاثية مع ترامب ونتنياهو يشكل عامل استقرار للمملكة أم أنه يضع المملكة والإمارات وباقي دول الخليج في فوهة مدفع حروب جديدة لن ترحم أحد، ولن تفتح بحال من الأحوال، آفاق التقدم والإستقرار، للحاكم أو المحكوم في عموم المنطقة؟
للإجابة على السؤال الأول، من الضروري التذكير بحقبة بوش/شيني في العقد الأول من هذا القرن. فقد سبق المحافظون الجدد في صراحتهم وصلافتهم حول الحقوق والحريات و”الشرعية الدولية” إدارة ترامب. في خمس سنوات تبعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 مزقت الإدارة الأمريكية أو واجهت مشاريع أساسية لإصلاح الأمم المتحدة وبناء “الأمن الإنساني” وتشييد صرح العدالة الجنائية الدولية، وتمت عملية إرهاب الحكومات وإخضاعها لمطالب تضرب في الصميم منظومة السلم والأمن العالمي:
– إصدار مجلس الأمن القرارين 1487 و 1422 للنص على عدم ملاحقة العاملين في قوات حفظ السلام من الأمريكيين بتهم جرائم الحرب وغيرها.
– ارتكاب جرائم حرب في أفغانستان وجرائم تعذيب وعودة زراعة المخدرات في هذا البلد إلى أعلى نسبة لها منذ خروج القوات السوفييتية.
– بناء سجون سرية في أوربة وشرقي المتوسط وفتح معتقل غوانتانامو.
– إبرام اتفاقيات ثنائية مع دول صدقت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية كي لا يتم محاسبة أو ملاحقة أمريكيين على أراضيها.
– احتلال العراق دون أي غطاء قانوني أو أخلاقي وجعل احتلاله من عاديات الأمور بقرار من مجلس الأمن. والأنكد من ذلك، توقيع القرار 17 من بريمر الحاكم الأول في العراق الذي يضع قوات الاحتلال فوق المحاسبة والقانون في العراق.
– التمسك برفض تشكيل لجنة دولية للإشراف على الانترنت في قمة المعلوماتية كبديل لهيمنة بلد واحد على هذا القطاع.
– اتخاذ قرار من المستشارين الأمريكيين بتعريف خاص لجريمة التعذيب للالتفاف على ما وقعت عليه هي نفسها، أي اتفاقية مناهضة التعذيب:”المقصود بالتعذيب وفق هؤلاء، هوإنزال أذى بدني بشخص بشكل يؤدي إلى تعطل عضو من أعضاء جسمه. أما إذا لم يحدث تعطلأو تلف لأحد أعضاء الجسم فإن وسائل الاستجواب المستخدمة لا تعتبر تعذيبا كما لاتخالف أي قانون أميركي أودولي أو أية معاهدات معمول بها بهذا الشأن”. وتعليق العمل بمبدأ الإحضار أمام القضاء habeas corpus لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
– رصد الإدارة الأمريكية العمليات المصرفية في 7800 مؤسسة بنكية في العالم.
– فرض قرار يطالب بكشوف كاملة ودقيقة على الجمعيات الإنسانية والخيرية في العالم الإسلامي والتي تقوم بالدور الذي يفترض من الحكومات أن تلعبه في مواجهة الفقر والبؤس، بما أدى لإقفال بعضها أو تجميد أموالها.
– اتخاذ قرار بتعهد أية جمعية غير حكومية تنال مساعدة أمريكية أهلية أو حكومية بعدم التعامل مع أي طرف تتهمه الإدارة الأمريكية بالإرهاب.
– استصدار قرارات تخول لها أن تتسلم خارج القضاء من تشاء من الأشخاص من غير مواطنيها وعندما تشاء ودون حتى تقديم دليل على اتهاماتها له.
– السيطرة المباشرة أو غير المباشرة لرموز معروفة من المحافظين الجدد على وفد الأمم المتحدة ورئاسة البنك الدولي ومنظمات أخرى.
دفعت الولايات المتحدة ثمنا اقتصاديا وسياسيا باهظا لهذه السياسة، التي وضعت حدا بالمعية، للمستقبل السياسي لطوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الذي أيدها. ولكنها أيضا أعطت التمكين للتنظيمات “الجهادية” عوضا عن تحجيمها، وتعزيز الدور الإيراني في العراق وعودة الفدرالية الروسية والصين إلى لعب دور هام على الصعيد الدولي. لذا، وبالرغم من غياب قيادات أوربية قوية، والوضع الأوربي الصعب، فإن منعكس الدفاع الذاتي ما زال موجودا، ومن الصعب اليوم على الدول الأوربية الإنضمام إلى سياسة أمريكية متهورة لا تنال فقط من الإيراني أو الروسي، وإنما تمس المصالح الاقتصادية المباشرة لأهم دول أوربة. ولعل دونالد توسك، قد وضع الأصبع على الجرح عندما قال: “مع وجود أصدقاء مثل ترامب، ليس لنا حاجة إلى أعداء”.
في محاولة الرد على السؤال الثاني، من الضروري التذكير بأن صفقة إلغاء الاتفاق النووي ليست ضمن تصور استراتيجي مدروس ومعمق للرئيس ترامب، وإنما تسديد قرضٍ سبق وتسلمه من ثلاثة مليارديرات كان لهم دورا فاعلا في تمويل حملته الإنتخابية (شيلدون أديلسون، برنارد ماركوس، وبول سينجر). وأن كل محاولات ترامب لتمرير هذه الصفقة بشكل سلس مقبول شعبيا لم تنجح. وكما يذكر الباحث الأمريكي إيلي كليفتون، في مقالته الهامة Follow The Money، رفض الرئيس نصيحة، من بين مؤسسات وشخصيات أمريكية هامة، وزير دفاعه، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إد رويس (R-CA) ، وأهم حلفاء واشنطن الأوروبيين الثلاثة، وما يقرب من ثلثي الأمريكيين الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تنسحب من الإتفاق، وفقا لموقعCNN صباح الثلاثاء الذي ألقى كلمته فيه”(2).
حتى اليوم، حصل ماركوس وأديلسون، الأعضاء في ائتلاف الليكود الجمهوري، على عائدات كبيرة من استثماراتهما: تحالف كلي بين الولايات المتحدة وراء إسرائيل، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والتراجع الرسمي عن تعبير “الأراضي المحتلة” لوصف الضفة الغربية والقدس الشرقية ووضع مراسم جنازة حل الدولتين.
من الضروري التذكير بدعوات أديلسون إلى إطلاق سلاح نووي ضد إيران كتدبير تفاوضي والتهديد بإسقاط طهران، إذا لم تقم إيران بالتخلي عن برنامجها النووي بالكامل. وتلخص مقابلة أجرتها مؤسسة Fox Business في عام 2015 ، مع برنارد ماركوس موقفه من الإتفاق النووي الذي لخصه بتعبير: “البزنس مع الشيطان”. وأوضح قائلا: إيران هي الشيطان.
لكن السؤال المطروح علينا، هل يمكن لعالم الأعمال الأمريكي ومجموعات الضغط غير الصهيونية والبنتاغون والمؤسسات الأمريكية العميقة أن تنجر وراء سياسة رئيس، قلما تحدث باحث أمريكي جدي عنه، دون الإشارة للإنحراف الهائل لشخصيته؟ أم أن هناك قطاع غير قليل، يبحث في هذه السياسات المتهورة عن سبب يضاف لفضائحه الجنسية والشخصية وتخبطاته السياسية لطرح موضوع أهليته للإستمرار في قيادة الولايات المتحدة الأمريكية؟
لا يستغربن القارئ طرح السؤال حول المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وموقفها، فالمؤسسة العسكرية في مركز القرار في كل ما يتعلق بقضايا الأمن والحرب، وكما لخص اسحق رابين قبل توليه رئاسة الوزراء: “ثمة مسائل لا يمكن الركون فيها إلى الكنيست والأحزاب السياسية، وإنما لأصحاب المعرفة والإختصاص”. من الصعب الإنسياق وراء رئيس وزراء فاسد ومفسد، جاء من خارج المؤسسة العسكرية، في أية مغامرة غير محمودة العواقب، حتى لا نقول مضمونة النتائج. ويبدو للعديد من المختصين بشؤون المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن فكرة حرب واسعة، طويلة الأمد بالضرورة، ليست مقبولة عند القيادات العسكرية اليوم.
يمكن القول أن السؤال عن خوض دول المحور مع إيران حربا بالوكالة على الأراضي السورية، ليس مستبعدا تماما. فمستقبل سوريا ليس على جدول أعمال أي من الدول الثلاث، الإدارة الأمريكية تلعب بورقة وجودها العسكري شرقي الفرات لتحقيق ما أمكن من مكاسب، والموقف السعودي انفعالي ورد فعلي، أما موقف الحكومة الإسرائيلية، فهو ضد أية نهاية للصراع تعيد سوريا كبلد مواجهة، مهما كان اسم حاكمها.
طالب أحد ضباط الأمن السعوديين مسؤولا في جيش الإسلام، عندما حدثه عن مسودة اتفاق مع الطرف الروسي حول دوما… قاتلوا ما استطعتم، فأجابه: لكن الخسائر ستكون كبيرة. رد السعودي بالقول: “من دفع 500 ألف شهيد يمكن أن يدفع 800 ألف”. إلا أن رأيا كهذا يتطلب موقفا سعوديا يتجاوز تقديم مليون دولار، مساعدة لإئتلاف يحتضر، أو استنفار “العربية” و”الحدث”، فهل نوقشت فاتورة التكاليف البشرية والمالية لتورط سعودي مباشر في سوريا؟
1- من اللحظة التي يجري الحديث فيها من قبل دول المحور عن خروج القوات الإيرانية والموالية لها من سوريا، يصبح هذا الخروج بالنسبة للإيراني جزءا من صفقة كاملة لا يمكن مناقشتها دون عودة الأمريكي للإتفاق النووي ورفع العقوبات إلخ. ولا يمكن ضمن صراع مراكز القوى في إيران، القبول بأقل من ذلك لطرح الموضوع على الطاولة.
2- لا يمكن المراهنة على تدخل عسكري إسرائيلي واسع، ومن المؤكد أن كلفة بقاء القوات الأمريكية شرقي الفرات بعد القضاء على داعش، ضمن تحالف مع وحدات حماية الشعب الكردية، يضع هذه القوات في مواجهة مباشرة، ليس مع الحكومة السورية وحلفائها والعشائر العربية والفصائل العسكرية السورية الموالية لتركيا وحسب، وإنما مع الجيش التركي نفسه. والتواطؤ الدولي والإقليمي مع عملية “غصن الزيتون”، يفتح شهية الرئيس التركي لعملية واسعة تضع حدا لسيطرة الأوجلانيين العسكرية على قرابة 400 كيلومترا من الحدود السورية-التركية.
3- لا يوجد إمكانية عملية لتدخل عسكري لأي من دول الرباعية (مصر، السعودية، الإمارات، البحرين) في ظل حرب طاحنة في اليمن ووضع داخلي محتقن في البحرين وأوضاع انتقال حرجة في المملكة العربية السعودية وأوضاع مصرية داخلية لم تسمح بمشاركة عسكرية مصرية في التحالف العربي في اليمن، فكيف في الحروب السورية.
4- ليس حبا بعيون السوريين، ولكن استمرار الحرب في سورية سنوات عديدة، يعني الحكم على مناطق الجوار، التي نجحت في ضمان الحد الأدنى من التماسك والأمن الداخلي خلال السنوات السبعة الماضية، بالدخول في مجاهيل غير مضمونة العواقب.
بقي التساؤل الأخير والأهم:
هل يطرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان السؤال، فيما إذا كان قيام شراكة ثلاثية مع ترامب ونتن ياهو يقع حقا ضمن ما يسميه الأمن القومي العربي؟ وهل يشكل عامل استقرار للمملكة، أم أنه يضع المملكة والإمارات وباقي دول الخليج في فوهة مدفع حروب جديدة لن ترحم أحد، ولن تفتح بحال من الأحوال، آفاق التقدم والإستقرار، للحاكم أو المحكوم في عموم المنطقة؟
ولعل هذا السؤال وحده، يحتاج إلى تقرير منفرد نعكف على تحريره.
———————
1) نشرت الجمعية قائمة غير حصرية بالنشطاء الحقوقيين صباح اليوم تشمل:
وليد أبو الخير، عبد العزيز الشبيلي، محمد القحطاني، عبد الله الحامد، فاضل المناسف، سليمان الرشودي، عبد الكريم الخضر، فوزان الحربي، رائف بدوي، صالح العشوان، عبد الرحمن الحامد، زهير كتبي، علاء برنجي، ونذير الماجد، عيسى النخيفي، عصام كوشك، عبد العزيز الشبيلي، محمد العتيبي، عبد الله العطاوي، محمد الربيعة، إبراهيم المديميغ، لجين الهذلول، عزيزة اليوسف، إيمان النفجان، نورة فقيه.
2) Eli Clifton, Follow The Money: Three Billionaires Paved Way For Trump’s Iran Deal Withdrawal, May 8, 2018
https://lobelog.com/three-billionaires-paved-way-for-trumps-iran-deal-withdrawal/
المعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان/مؤسسة هيثم مناع
Scandinavian Institute for Human Rights/ Haytham Manna Foundation
An independent think tank, studies, education and training Institute, focusing on Human Rights, Development, Environment and Anti-violence related-issues.
SIHR started in Stavanger, Norway in 2009. It moves to Geneva in 2014 then; it becames a Swiss foundation in 2015. It publishes studies regarding Human Rights, Development, Peace Process and negotiations, Democratic transition, Extremism, Religion and politics, Terrorism, and governance policies. SIHR also conducts round-table discussions, seminars, workshops, and training that promote much more systematic and methodical culture of civil society building and Democratization.
Scandinavian Institute for Human Rights/HMF
Rue Richard Wagner,1 Geneva 1202-CH
[email protected] Phone: 0041229104712
www.sihr.net
Scandinavian Institute for Human Rights/HMF
Geneva 18/05/2018