«ن. تايمز»: تفاصيل تعذيب وإذلال رجال المملكة الأقوياء على يد «بن سلمان»

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3297
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 يلبس رجال الأعمال، الذين كانوا يعتبرون عمالقة الاقتصاد السعودي، أساور في الكاحل تتبع تحركاتهم، ويخضع الأمراء، الذين قادوا القوات العسكرية، وظهرت صورهم في المجلات اللامعة سابقا، للمراقبة من قبل حراس لا يأتمرون بأمرهم، ولا يمكن لأصحاب الطائرات الخاصة الوصول إلى حساباتهم المصرفية، حتى إن زوجاتهم وأطفالهم ممنوعون من السفر.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، احتجزت الحكومة السعودية المئات من رجال الأعمال المؤثرين، وكثير منهم من أفراد العائلة المالكة، في فندق «ريتز كارلتون» بالرياض، في حملة أطلق عليها اسم حملة «مكافحة الفساد».
ومنذ ذلك الحين، تم الإفراج عن معظمهم، لكنهم بالكاد أحرار، وبدلا من ذلك، يعيش هذا القطاع الكبير من أصحاب السلطة والنفوذ في المملكة العربية السعودية في خوف وعدم يقين.
وخلال أشهر من الأسر، تعرض الكثير منهم للإكراه والإيذاء الجسدي، حسب أقوال الشهود، وفي الأيام الأولى من حملة القمع، تم إدخال ما لا يقل عن 17 معتقلا إلى المستشفى بسبب آثار الاعتداء الجسدي، وتوفي أحدهم في وقت لاحق في الحجز، برقبة بدت ملتوية، وجسما منتفخا بشكل سيئ، وعلامات أخرى على التعذيب، وفقا لشخص شاهد الجثة.
وفي رسالة بريد إلكتروني إلى صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الأحد، نفت الحكومة الاتهامات بالإساءة الجسدية، ووصفتها بأنها «غير صحيحة على الإطلاق».
ولمغادرة «الريتز»، لم يتخل العديد من المعتقلين فقط عن مبالغ مالية ضخمة، بل قاموا أيضا بتوقيع تنازل للحكومة للسيطرة على عقارات ثمينة وأسهم في شركاتهم، وكل ذلك خارج أي عملية قانونية واضحة.
ولم تستغل الحكومة بعد الكثير من الأصول، تاركة المحتجزين السابقين وعائلاتهم في حالة من عدم اليقين.
وقد دخل محتجز سابق، اضطر إلى ارتداء جهاز تتبع، في حالة كآبة واضحة مع انهيار أعماله، وقال أحد أقاربه: «لقد وقعنا بالتخلي عن كل شيء، حتى المنزل الذي أسكن فيه، لست متأكدا إن كان لا يزال ملكا لي».
وبينما يستعد ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، وهو مهندس تلك الحملة، للسفر إلى الولايات المتحدة هذا الشهر لمغازلة المستثمرين الأمريكيين، يسلط المسؤولون السعوديون الضوء على إصلاحاته؛ حيث وعد بالسماح للنساء بقيادة السيارات، ووضع خططا لتوسيع فرص الترفيه، وأقدم على تحركات لتشجيع الاستثمار الأجنبي.
وقد أنكروا أي ادعاءات بالإساءة أو التعذيب، وصوروا مسألة «الريتز» كعملية قانونية منظمة انتهت بالحد الأدنى من الإجراءات.
لكن المقابلات المكثفة مع المسؤولين السعوديين وأعضاء العائلة المالكة والأقارب والمستشارين والمرتبطين بالمعتقلين كشفت عن عملية مظلمة قسرية، تميزت بها حالات الاعتداء الجسدي، والتي حولت مليارات الدولارات من الثروة الخاصة إلى سيطرة ولي العهد.
ظل الفساد مستوطنا في المملكة منذ فترة طويلة، وكان يفترض على نطاق واسع أن العديد من المعتقلين قد سرقوا من خزائن الدولة، لكن الحكومة، مستشهدة بقوانين الخصوصية، رفضت تحديد التهم الموجهة ضد الأفراد، وحتى بعد الإفراج عنهم، لتوضيح من تمت إدانته أو براءته، ما يجعل من المستحيل معرفة مدى قانونية عمليات التسوية الشخصية.
ويبدو أن جزءا من الحملة كان مدفوعا بنزعة عائلية، لأن ولي العهد ضغط على أبناء الملك «عبدالله»، الملك الذي توفي في عام 2015، لإعادة مليارات الدولارات التي يعتبرونها ميراثا لهم، وفقا لثلاثة من مساعدي أفراد أسرة «عبدالله».
وعلى الرغم من أن الحكومة قالت إن الحملة ستزيد من الشفافية، فقد تم إجراؤها سرا، مع تنفيذ المعاملات بطرق تجنبت الإفشاء العلني، ومع حظر السفر والخوف من الأعمال الانتقامية التي تمنع المعتقلين من التحدث بحرية.
وتحدث معظم الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في هذا المقال بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، لتجنب خطر الظهور في انتقاد علني لولي العهد.
وقالت الحكومة في بريدها الإلكتروني إن «التحقيقات، التي قادها النائب العام، تمت بالتوافق التام مع القوانين السعودية، ومكنت جميع الذين يخضعون للتحقيق من الوصول الكامل إلى مستشار قانوني، بالإضافة إلى الرعاية الطبية لمعالجة الحالات المزمنة».
ورفضت الحكومة، والعديد من المسؤولين السعوديين الذين اتصلنا بهم بشكل منفصل، الإجابة على مزيد من الأسئلة حول حملة القمع.
ومع ذلك، فقد دافعوا عن الحملة واصفين إياها بأنها كانت وسيلة قاسية ولكن ضرورية لإعادة المكاسب غير المشروعة إلى خزانة الدولة، بينما أرسلت رسالة واضحة مفادها أن الطرق القديمة الفاسدة لممارسة الأعمال قد انتهت.
وقد دافعوا عن العملية باعتبارها نوعا من المساومة على النمط السعودي، حيث تم التوصل إلى التسويات لكسب الوقت وتجنب الاضطراب الاقتصادي الناتج عن العملية القانونية.
وفي بيان منفصل يوم الأحد، تعلن عن إدارات جديدة لمكافحة الفساد في مكتب النائب العام، قالت الحكومة إن الملك «سلمان» وولي العهد «محمد» «حريصان على القضاء على الفساد بأقصى قوة وشفافية».
لكن طبيعة الحملة الغامضة والخارجة عن نطاق القانون قوضت فرص جذب المستثمرين الأجانب، الذين يحاول الأمير جذبهم الآن.
وقال «روبرت جوردان»، الذي عمل سفيرا للولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية في عهد الرئيس «جورج بوش»: «في بداية حملة القمع وعدوا بالشفافية، لكنهم لم يحققوها، وبدون أي نوع من الشفافية أو حكم القانون، يجعل ذلك المستثمرين يشعرون بالقلق من أن استثماراتهم قد يتم الاستيلاء عليها، وأنه قد يتم احتجاز شركائهم السعوديين دون أي مبرر لهذه الاتهامات».

سجن خمس نجوم
وقبل فجر يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني، كان الأمير «الوليد بن طلال»، أشهر مستثمر في المملكة، وأحد أغنى رجال العالم، نائما في مخيم صحراوي، حيث يتذوق الحياة البسيطة، عندما استدعاه الديوان الملكي لرؤية الملك «سلمان»، وفقا لاثنين من عائلته، ولقد كان طلبا غريبا في تلك الساعة، لكن المرء لا يتجاهل رغبات الملك، فعاد إلى الرياض، حيث تم طرد حراسه، وتم أخذ هواتفه منه، وظل محتجزا في فندق «ريتز كارلتون».
وخلال الساعات الـ24 التالية، تم القبض على أكثر من 200 شخص، بما في ذلك بعض أغنى وأقوى الرجال في المملكة.
وكان من بينهم الأمير «متعب بن عبدالله»، ابن الملك «عبدالله»، ورئيس أحد أجهزة الأمن الرئيسية الثلاثة في البلاد، و«فواز الحكير» الذي يمتلك امتيازات «زارا» داخل المملكة وعشرات المتاجر الأخرى، و«صالح كامل»، رجل الأعمال المسن من مدينة جدة في البحر الأحمر، والعديد من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين السابقين.
وانتهى المطاف بغالبيتهم في فندق «الريتز»، في غرف تمت إزالة أبوابها الزجاجية من حماماتها، وقضبان الستائر، لمنع محاولات الانتحار، وكان يمكنهم مشاهدة التليفزيون وطلب خدمة الغرف، ولكن ليس لديهم إنترنت أو هواتف.
وفي الخارج، أصيب أقاربهم بالذعر، وقام مديرو شركاتهم بوضع خطط طوارئ للحفاظ على سير العمليات، غير متأكدين من طول المدة التي سيغيبها رؤساؤهم.
وفي نهاية المطاف، تم السماح للمحتجزين بطمأنة عائلاتهم، من خلال مكالمات قصيرة ومراقبة.
وتم منع العديد من الاتصال بمحاميهم، لكن الأمير «الوليد» تحدث أسبوعيا مع بعض مديريه، على حد قول شركائه، وبقي بعيدا عن الأنظار حتى شهر يناير/كانون الثاني، عندما سمح الديوان الملكي لصحفي من «رويترز» بمقابلته في فندق «ريتز»، لمواجهة تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية قال إنه كان محتجزا في غرفة تشبه الزنزانة.
وقال الأمير لـ«رويترز»، بعد أن فقد وزنه وأصبحت لحيته كثيفة: «تأكدوا من أن هذه عملية نظيفة، هناك فقط سوء فهم ويجري العمل على معالجته».
وقال الكثيرون ممن عرفوا الأمير أنه بدا غريبا في الفيديو.
وقال «جوردان»، السفير السابق، الذي التقى الأمير مرات عديدة آخرها في أبريل/نيسان الماضي: «بدا الأمر مصطنعا من نواح كثيرة».
وفي غضون ساعات قليلة، تم الإفراج عنه، لكن حتى المقربين منه يقولون إنهم لا يعرفون الاتفاق الذي أبرمه مع الحكومة.
وقال «تركي شبانة»، الرئيس التنفيذي لشبكة تليفزيونية يمتلكها «الوليد»، إنه تحدث مع الأمير هاتفيا عدة مرات أثناء اعتقاله، ورآه مرارا منذ ذلك الحين.
وقال إنه ليس لديه أي فكرة عما إذا كان الأمير قد توصل إلى أي نوع من التسوية مع الحكومة، لكنه أيد حملة القمع ضد الفساد التي طال انتظارها.
وقال اثنان من مساعدي أسرته إنه تحت حراسة مسلحة، ويبدو حتى الآن أنه لم يخبر أحدا ما حدث له في «الريتز».

تقارير الاعتداء
وفي الأيام الأولى من الاعتقالات في فندق «الريتز»، احتاج ما يصل إلى 17 معتقلا إلى علاج طبي لسوء المعاملة من قبل آسريهم، وفقا لطبيب ومسؤول أمريكي.
وقال أقارب بعض المحتجزين إنهم حرموا من النوم، وتعرضوا للتخويف والاستجواب، بينما كانت الحكومة تضغط عليهم للتوقيع على التخلي عن أصول كبيرة.
وكانت الدلائل على مثل هذه الانتهاكات بطيئة في الظهور، لكن مسؤولين من حكومتين غربيتين قالوا إنهم يعتبرون التقارير ذات مصداقية.
وتتعلق إحدى الحالات بضابط عسكري سعودي توفي في الحجز، وقال أحد الأشخاص الذين رأوا جثة الضابط، وهو اللواء «علي القحطاني»، إن رقبته كانت ملتوية بشكل غير طبيعي كما لو كانت مكسورة، وإن جثته كانت سيئة وبها كدمات، وقال الشخص إن جلده أظهر علامات أخرى على الإساءة الجسدية.
وقال طبيب وشخصان آخران اطلعا على حالة الجثة إنه كان لديه علامات حروق تبدو كأنها صدمات كهربائية.
وفي رده عبر البريد الإلكتروني على أسئلة حول «اللواء القحطاني»، قال مسؤول في السفارة السعودية في واشنطن إن «جميع ادعاءات سوء المعاملة والتعذيب لأولئك الذين تم التحقيق معهم خلال إجراءات مكافحة الفساد غير صحيحة على الإطلاق».
وأضاف المسؤول أن المعتقلين كان لديهم «وصول كامل» إلى الاستشارة القانونية والرعاية الطبية.
ولم يكن «القحطاني»، وهو ضابط في الحرس الوطني السعودي، وهو في الـ 60 من عمره، ثريا، لذا فإن قيمته كهدف رئيسي لمكافحة الفساد أمر مشكوك فيه، لكنه كان أحد كبار مساعدي الأمير «تركي بن ​​عبدالله»، ابن الملك الراحل «عبدالله» وحاكم الرياض السابق، وربما كان المحققون يضغطون على اللواء للحصول على معلومات حول رئيسه الأمير «تركي»، وينظر إلى أفراد عائلة الملك «عبدالله» على أنهم منافسون لولي العهد ووالده.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، تم نقل اللواء «القحطاني» إلى مستشفى النخبة بالقرب من الفندق لإجراء فحوص بالأشعة وعلاجات أخرى، حيث ظهرت عليه علامات تعرضه للضرب، وفقا لطبيب اطلع على حالته.
وقد أُعيد إلى الفندق لاستجواب آخر، ثم تم الإعلان عن وفاته في مستشفى عسكري.
ولم تقدم المملكة علنا أي تفسير لموت اللواء.
وخشي أفراد عائلتي «القحطاني» و«عبدالله» من مناقشة موته علنا، ​​خوفا من المزيد من العقاب، كما قال العديد من الأشخاص الذين تحدثوا إليهم.
وشكا آخر من أبناء الملك الراحل الأمير «مشعل بن عبد لله»، مما حدث لـ«القحطاني» لدائرة من أصدقائه، وبعد ذلك مباشرة تم اعتقال الأمير «مشعل» وتم حبسه في فندق «الريتز».

مساعدات أجنبية
ومهما كان الضغط الذي تم تطبيقه في فندق «الريتز»، كان الهدف هو جعل المحتجزين يوقعون على التنازل عن الأصول، في بعض الحالات، جلبت الحكومة شركات دولية بارزة للمساعدة.
وعبر «بن سلمان» أولا عن رغبته في شراء أكبر شركة إعلامية خاصة في العالم العربي «إم بي سي»، في عام 2015، وفقا لـ3 شركاء من قيادة الشركة، وعلى الرغم من أنها لا تعتبر مربحة للغاية، فإن «إم بي سي» تمتلك مجموعة من المحطات التليفزيونية الفضائية التي تبث برامج مثل «ذا فويس» و«أراب جوت تالنت»، إلى ملايين المنازل، وتمتلك الشركة قدرة هائلة على التأثير في الرأي العام العربي.
وتعثرت المفاوضات بشأن البيع عندما وصل فريق من شركة المحاسبة الدولية «بي دابليو سي» ليقوم بفحص دفاتر الشركة في أكتوبر/تشرين الأول.
وتم اعتقال واحتجاز أصحاب الشركة ومعظم أعضائها في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، وبعد 4 أيام، زار محاسبو شركة «بي دابليو سي» مقر الشركة في دبي لإنهاء تقريرهم، وفقا لمهنيين اثنين على علم بالاجتماع.
ثم قامت شركة أجنبية ثانية، هي شركة المحاماة البريطانية «كليفورد تشانس»، بإعداد الأوراق لنقل ملكية الشركة، وفقا لثلاثة من المهنيين الذين لديهم معرفة بالصفقة.
ولم تبد أي من الشركتين علنا أي مخاوف من أن المشتري يحتجز البائعين.
ورفض متحدث باسم «كليفورد تشانس» التعليق، لكن أحد محامي الشركة المتورطة في ذلك العمل سعى إلى إبعاد الشركة عن حملة القمع، قائلا إنها لم تعلم عن الحملة إلا من وسائل الإعلام.
ولا يحكم أي ميثاق أخلاقي محدد سلوك الشركات المحاسبية والاستشارية في القضايا الدولية، لكن الشركات الغربية مثل «بي دابليو سي» تفتخر عادة بفضائل القواعد والإجراءات الشفافة والأسواق المفتوحة، وليس مساعدة الدول على الحصول على الأصول الخاصة.
وتخضع شركات المحاماة البريطانية مثل «كليفورد تشانس» لقانون الأخلاقيات القانونية البريطاني، والذي يتطلب من المحامين التمسك «بسيادة القانون والعدالة المشتركة».
وقال «ستيفن جيلرز»، الخبير في الأخلاقيات القانونية في جامعة نيويورك، إن المحامين لن يعاقبوا طالما التزموا بالقوانين المحلية، وفي هذه الحالة هي تلك التي وضعها الملك السعودي.
ومع ذلك، قال: «يمكن للمحامين أن يرفضوا مساعدة السلوك الذي يرون أنه غير مقبول من الناحية الأخلاقية، حتى وإن كان قانونيا تماما».
وقد تم إطلاق سراح «وليد الإبراهيم»، رئيس مجلس إدارة شركة «إم بي سي»، من فندق «الريتز» في أواخر شهر يناير/كانون الثاني، لكنه لم يعد بعد إلى دبي، على الرغم من الوعود التي قدمها لموظفيه.
وفي الأسابيع الأخيرة، التقى ممثلو «إم بي سي» بمحامي «كليفورد تشانس» لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يترك للسيد «الإبراهيم» فقط 40% من الشركة، ما يمهد الطريق على الأرجح للإطاحة به كمدير للشركة.
لكن برنامج الشركة قد تغير بالفعل، وهذا الشهر، ألغت 6 مسلسلات درامية تركية شهيرة، وكلف هذا الشركة نحو 25 مليون دولار، وفقا لمتخصصين على دراية مالية بالشركة.
وتتوتر العلاقات بين الحكومة السعودية وتركيا بسبب علاقاتها مع قطر، التي تقاطعها السعودية وحلفاؤها، وقال مطلعون إن الأمر جاء من مسؤول سعودي كبير قريب من ولي العهد.

الغنيمة
وقال النائب العام في المملكة، في يناير/كانون الثاني، إن الحكومة تحصلت على تسويات بقيمة 106 مليارات دولار، وقال مسؤولون آخرون إنهم يتوقعون أن تحقق العملية 13 مليار دولار نقدا بحلول نهاية عام 2018.
لكن الفارق بين هذين الرقمين يبرز حقيقة أنه تم الاستيلاء على قليل من النقد نسبيا، إما لأن المحتجزين لم يحتفظوا بمبالغ كبيرة في البنوك السعودية، أو لأنهم أخفوا أموالهم في الخارج، حيث لم تستطع الحكومة أن تأخذها دون عملية قانونية جوهرية.
ولم تكن هناك مؤشرات واضحة على أن الحكومة استولت على أي استثمارات أجنبية في المملكة، ولم تنجح في الحصول على الأصول السعودية الموجودة في الخارج.
وكانت معظم الأصول المضبوطة، وفقا للمستشارين الماليين والمرتبطين بالمحتجزين، عبارة عن عقارات محلية وأسهم شركات، ويُتوقع أن تقوم الحكومة بتسييلها بمرور الوقت، وهي عملية قد تستغرق عدة أعوام.
واستنادا إلى قوانين الخصوصية، لم تقدم الحكومة أي معلومات حول ما تم الحصول عليه.
وقد تولت الحكومة السيطرة الإدارية على مجموعة «بن لادن» السعودية، وهي شركة الإنشاءات العملاقة التي أسسها والد «أسامة بن لادن»، والتي ظلت لعقود من الزمن بمثابة مقاول العائلة المالكة، ولا يزال رئيسها، «بكر بن لادن»، معتقلا، وفقد أقاربه الكثير من ثرواتهم الخاصة.
وتم أخذ مبالغ كبيرة وقطع من الأراضي من «محمد الطبيشي»، الرئيس السابق للبروتوكول الخاص بالديوان الملكي، و«فواز الحكير»، تاجر التجزئة، و«خالد التويجري»، الرئيس السابق للديوان الملكي، و«عادل فقيه»، الوزير السابق الذي ساعد «بن سلمان» على تطوير خططه الإصلاحية، و«عمرو الدباغ»، الرئيس السابق للهيئة الحكومية التي تشرف على الاستثمار الأجنبي.

التنافس الملكي
وكان هناك هدف كبير واضح، وهو ثروة أولاد الملك السابق «عبدالله»، وكانوا يُنظر إليهم على أنهم منافسون محتملون على عرش السعودية، ومنذ أن أصبح «سلمان» ملكا في عام 2015، تحول هو وولي العهد لتهميشهم.
وقد تم عزل أحد أبناء الملك «عبدالله»، وهو الأمير «تركي»، من منصبه كحاكم للرياض في عام 2015، بينما تم فصل الأمير «متعب» من منصبه كرئيس للحرس الوطني في نوفمبر/تشرين الثاني، وقد تم احتجاز الرجلين وعدد من إخوانهما في فندق «الريتز».
وترك الملك «عبدالله» عشرات المليارات من الدولارات في «مؤسسة الملك عبدالله»، التي كان من المفترض أن تمول مشاريع باسم الملك، بينما كانت تعمل أيضا كصندوق لجمع الثروة لورثته، وفقا لثلاثة من أفراد عائلته.
وبعد وفاته في عام 2015، دفعت المؤسسة مليارات الدولارات إلى أكثر من 30 طفلًا للملك، نحو 340 مليون دولار لكل ولد، و200 مليون دولار لكل بنت.
ويسعى ولي العهد لاسترداد تلك الأموال، التي يعتقد أنها أُخذت بشكل غير قانوني من مؤسسة خيرية، وفقا لأشخاص مطلعين على المفاوضات، غير أن أبناء الملك «عبدالله» يعتبرونه ميراثهم.
ومدير المؤسسة هو الأمير «تركي»، ولا يزال معتقلا حتى الآن، ويُحظر على معظم إخوته وأسرهم السفر خارج المملكة، وهناك آخرون في الخارج وفي لندن وفي أماكن أخرى، خائفون من العودة إلى المملكة التي كان يحكمها والدهم حتى وقت قريب.
وبحسب أحد الأقارب من عائلة «عبدالله»، يُسمح لأبنائه بسحب 26 ألف دولار في الأسبوع من حساباتهم لتغطية نفقاتهم.
وقالت الحكومة في يناير/كانون الثاني إن 56 شخصا ما زالوا محتجزين بسبب «قضايا جنائية معلقة»، وأنهم سيحاكمون، وتقول الحكومة إن أي شخص فضل مواجهة اتهامات الفساد في المحكمة كان من حقه القيام بذلك.
ويقول هؤلاء الذين أفرج عنهم إنهم ليسوا أحرارا بالمعنى الحقيقي، وقد أظهروا معنويات منخفضة، وهم غير متأكدين من توقيت استيلاء الحكومة على الأصول التي وقعوا عليها في فندق «الريتز».
ومعظمهم ممنوعون من السفر، ولا يمكنهم الوصول إلى حساباتهم المالية، ويعتقد بعض المعتقلين أن أساور الكاحل التي يرتدونها والتي تتعقب تحركاتهم تنقل أيضا محادثاتهم.
وقال أحد أقارب محتجز تم الإفراج عنه: «إنهم يريدون الضغط عليك وعلى أطفالك حتى يتسنى لهم إجبارك على بيع ممتلكاتك، مقابل السماح لك بالسفر مرة أخرى، إنه نفس الشيء داخل أو خارج الريتز».
لكنهم لا يملكون إلا القليل من المساحة للتحرك، ولا يملكون الكثير من الخيارات، لأن ما تبقى من حياتهم وثرواتهم، فضلا عن رفاهية عائلاتهم، يعتمد على مكانتهم في المملكة، فهم مضطرون للبقاء في المملكة، ولا أحد يستطيع التحدث عما حدث في الفندق.

المصدر | نيويورك تايمز