هكذا استفادت واشنطن من الأزمة الخليجية.. ولهذا السبب تريد إنهاءها

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 434
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 على الرغم من السعي الأمريكي نحو إيجاد حل للأزمة الخليجية القائمة منذ أكثر من 9 أشهر، إلا أن واشنطن باتت هي المستفيد الأبرز منها حتى الآن.

أمريكا التي اتهمت بإشعال هذه الأزمة ونزع فتيلها خلال زيارة الرئيس «دونالد ترامب» للسعودية في مايو/أيار الماضي، تسعى حاليا لحل الأزمة، بعدما وجدت ضالتها ونجحت في تحقيق مكاسب بالجملة من خلالها، عبر اتفاقيات اقتصادية وعسكرية، وزيادة نفوذها بالمنطقة، هي المنقذ لـ«ترامب» في عامه الأول الذي شهد إخفاقات عدة على المستويات الداخلية والخارجية.

تصريحات وزير الخارجية الأمريكي «ريكس تيلرسون»، في محطته الخليجية الأخيرة إلى الكويت، والتي أعلن فيها، لأول مرة منذ بداية الأزمة، التي بدأت في يونيو/حزيران 2017، أن إطالة الأزمة الخليجية يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة، أكدت الرغبة الأمريكية في إيجاد حل للأزمة، بعد الاستفادات التي حصل عليها.

هذه البوادر بدأت خيوطها ترتسم في الأفق، مع قراءات سياسية وإعلامية تراهن على القمة الخليجية الأمريكية السنوية في كامب ديفيد في مايو/أيار المقبل، لإنهاء أزمة طال أمدها.

ورغم عدم صدور أي تأكيد رسمي عن إدارة البيت الأبيض، بشأن انعقاد قمة كامب ديفيد السنوية، وأجندتها، إلا أن تصريحات «تيلرسون» تؤكد أن البيت الأبيض حسم قراره، وباتت نظرته لخطورة الأزمة وتداعياتها أكثر نضجا، ورغبته في إيجاد حل لها، أكثر وضوحا وقوة من ذي قبل، بعد أن استنفدت الأزمة مبررات استمرارها، وحققت لترامب مكاسب اقتصادية ومالية تفوق ما كان يطمح له.

ويعيش الخليج منذ 5 يونيو/حزيران 2017، تصعيدا دبلوماسيا لم يشهده مجلس التعاون منذ إنشائه عام 1981، حين قررت السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، متهمين الدوحة بـ«دعم الإرهاب»، وهو ما تنفيه الأخيرة بشدة.

مكاسب قبل الأزمة

قبل اندلاع الأزمة الخليجية، بأيام، زار «ترامب» السعودية، وعقد قمة مع قادة دول الخليج، وقمة أخرى مع الملك السعودي «سلمان بن عبدالعزيز»، قبل أن يوقعا صفقات بعشرات المليارات من الدولارات.

وحسب تصريحات رسمية، فإن الاتفاقيات الموقعة، هي الأضخم في تاريخ العلاقات بين البلدين، في مجالات عسكرية وتجارية وصناعية، وبلغيت قيمتها حوالي 460 مليار دولار.

ووفق بيان البيت الابيض، فإن صفقات بقيمة 110 مليار دولار، ستتم فورا، بينما ستيم تنفيذ اتفقيات بقيمة 350 مليار دولار على مدار 10 سنوات.

وقبل هذه الزيارة بأيام، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية، على بيع صواريخ من طراز «باتريوت باك-3»، التي تصنعها شركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية وطراز «جيم تي» المصنوعة بواسطة شركة «رايثيون» الأمريكية، بقيمة 2 مليار دولار إلى الإمارات.

مكاسب اقتصادية بعد الأزمة

وعقب اندلاع الأزمة، واصلت أمريكا صفقاتها الاقتصادية والعسكرية، مع طرفي الصراع، فبعد أيام من الأزمة، وتحديدا في 12 يونيو/حزيران 2017، وافق «البنتاغون» الأمريكي على صفقة شراء قطر لطائرات مقاتلة من طراز «إف 15» بقيمة بلغت 12 مليار دولار.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على مبيعات عسكرية لقطر بقيمة 1.1 مليار دولار، تشمل توفير خدمات دعم لبرنامج مقاتلاتها من طراز «إف 15 كيو إيه».

جاء ذلك قبل إبرام اتفاقيات ومذكرت تفاهم سياسية وعسكرية ودفاعية مع قطر، والاتفاق على تنفيذ مناورات وتدريبات مشتركة، ثم زيارات متبادلة لمسؤولين سياسيين وعسكريين، لينتهي به المطاف، إلى عقد الحوار الإستراتيجي القطري الأمريكي» بواشنطن، في يناير/كانون الثاني الماضي.

الاتفاقيات لم تقف عند حد قطر، وافقت واشنطن في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على بيع نظام الدفاع الصاروخى المتطور «ثاد» إلى السعودية في صفقة تقدر قيمتها بـ15 مليار دولار.

وفي يناير/كانون الثاني 2018، وقعت شركة «طيران الإمارات»، صفقة جديدة بقيمة 16 مليار دولار أمريكي لشراء 36 طائرة «إيرباص A380»، منها 20 طائرة طلبية مؤكدة، و16 طائرة حقوق خيار، فيما يبدو كخطوة لإنقاذ برنامج إنتاج «طائراتA380» التي تنتجها عملاق الطائرات الأمريكي «إيرباص».

صفقة أمريكية أخرى، ولكن هذه المرة مع البحرين، تم توقيعها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بقيمة 10 مليارات دولار لشركات «بوينغ» و«بيكتل» و«جنرال الكتريك» و«تكنيك إف إم سي»، وذلك في توسيع لاتفاقية شراء طائرات «إف 16» المقاتلة بقيمة 3.4 مليار دولار.

أمن الخليج

نقطة ذات صلة، كشف عنها «ترامب»، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندنا طالب أثناء إعلان إستراتيجية إدارته للأمن القومي للولايات المتحدة، البلدان الثرية، أن «تسدد لواشنطن تكلفة الدفاع عنها».

محللون ومراقبون، أكدوا أن تلك الكلمات تعد ابتزازا صريحا لدول الخليج العربي، وتؤكد أن «ترامب» يلعب على استمرار الحرب في المنطقة والتصعيد بين الخليج وإيران لدعم اقتصاد بلاده وتجارة السلاح، واستخدامه ملف الإرهاب لصناعة فزاعة لدى شعبه ودول العالم والسيطرة على المنطقة العربية.

ومع انهيار معادلة الأمن الخليجي المشترك، ظهرت أمريكا راعية لأمن الدول كافة، حتى وأن كانوا خصوم.

دعم (إسرائيل)

وفي ذات السياق، استفادت أمريكا من الأزمة الخليجية، في دعم (إسرائيل) سياسيا بالمنطقة.

وحسب تحيليلات عدة، فإن ارتياحا إسرائيليا ظهر حيال الأزمة الخليجية، حتى خرج وزير الدفاع «أفيغدور ليبرمان» بتصريحات تجاوز فيها حد الدبلوماسية، التي كثيرا ما تنتهجها (تل أبيب) مع قطر في الظروف العادية، بالقول إن «قطع العلاقات العربية مع قطر يفتح الكثير من الفرص أمام (إسرائيل) للتعاون مع المحور السني في مواجهة الإرهاب».

الأزمة أيضا عززت محور يجمع (إسرائيل) والسعودية، انطلاقا من مصلحة مشتركة مع دول الخليج في مواجهة إيران.

وبخلاف فتح آفاق جديدة لتعاون إسرائيلي مع دول المحور السني، أراحت هذه الخطوة حكومة «بنيامين نتنياهو»، مؤقتا، بإبعادها عن مركز الاهتمام العالمي، وتقليل الضغوط عليها فيما يخص الملف الفلسطيني.

مكسب آخر، في عودة الولايات المتحدة إلى المنطقة، فبعد أن شعرت (إسرائيل) كثيرا بالعزلة في عهد الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما»، باتت تشعر الآن بأن واشنطن عادت إلى المنطقة لدعم حلفائها.

وبخلاف ذلك، فإن هناك ضررا لحق بحركة «حماس»، على اعتبار أن قطر الداعم الأكبر للحركة طوال العقد الماضي، فهي تستضيف قادتها وتوفر لها مركز عمل، ومساعدات مالية ودعما دبلوماسيا.

خطوط الغاز

بعد آخر من مكاسب أمريكا، هو فتح المجال أمام الشركات الأمريكية والأوروبية للتحكم في مصادر الغاز، وتكثير البدائل الأوروبية للغاز الروسي، لمنع استخدام الغاز كسلاح لموسكو.

فعقب الحصار مباشرة، أعلنت قطر عزمها زيادة إنتاج الغاز المسال من 77 مليون طن سنويا إلى 100 مليون طن سنويا، وهو ما يعني توفر المزيد من الغاز في السوق العالمية، وتقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، حيث يساهم 13 خط غاز من روسيا في توفير احتياج 40% من احتياج الغاز الأوروبي.

غرض آخر، من الحصار، هو محاولة ضم تركيا مرة أخرى إلى التحالف الغربي وتفكيك التحالف الروسي التركي، وذلك لمنع استخدام روسيا لموقع تركيا الإستراتيجي في تمرير أنبوب الغاز (السيل التركي) إلى أوروبا، ومن ثم تكون لروسيا اليد العليا في الاتحاد الأوروبي.

كما شملت المكاسب، تعاقدات أمريكية لتطوير حقول الغاز القطرية، لصالح شركات مثل «إكسون موبيل»، تصل إلى 45 مليار دولار.

أولويات

ورغم كل هذه المكاسب، لم يعد خافيا أن تعمد دول الحصار إطالة الأزمة بلا مبرر مقنع، بات يؤرق إدارة البيت الأبيض ويعكر صفو تركيزها على ملفات أعقد، من قبيل التحقيقات المثيرة لوكالة الاستخبارات الأمريكية التي تضيق الخناق على «ترامب» ورجاله يوما بعد يوم، موازاة مع مشاكل داخلية تستنفر المجتمع جراء انتشار الجريمة وتعطل قوانين الهجرة ومشاكل داخلية أخرى.

كل ذلك، بجانب رهانات خارجية أكثر إلحاحا وأولوية في أجندة «ترامب»، في صورة منافس روسي يزداد نفوده السياسي والعسكري اتساعا في سوريا ومناطق كثيرة، وزعيم كوري شمالي يثير القلاقل بتهديداته النووية، وخصم إيراني عنيد لم تجد معه التهديدات والعقوبات الاقتصادية.

فضلا عن قضايا أخرى معقدة تشغل الرأي العام الأمريكي، وتقض مضاجع ساسة البيت الأبيض، ولم تعد تحتمل مزيدا من استنزاف الجهود وتضييع الوقت، بعد أن حققت الأزمة الخليجية مكاسب مالية وآلاف الوظائف للشعب الأمريكي، وانتفت مبررات إطالة أمدها.

المصدر | الخليج الجديد