مستقبل آل سعود في ظل دولة ابن سلمان الجديدة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2326
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

فهد الغفيلي
 في المملكة تمثل أسرة آل سعود قوام النظام السياسي الملكي وتعتمد على فرعها المنحدر من نسل عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل في إدارة مقاليد الحكم، امتازت بطبيعة الحال الدولة السعودية الثالثة عن الدولتين الأولى والثانية لكونها نشأت في ظروف مختلفة، هذه الظروف انتشلت شبه الجزيرة العربية من حالة امتداد سلطة القبيلة وغلبة الاقتتال في تأمين مصالحها إلى جانب وجود الدولة السعودية التي كانت تنظر للقبيلة كجزء مهم وفاعل داخل كيان الدولة، جاءت أول هذه الأسباب التي ميزت الكيان السعودي الثالث نتيجة لشكل النظام العالمي آنذاك الذي أفرز النمط الحديث للدولة.
لقد أدى ترسخ العلاقات السعودية الأمريكية منذ تأسيسها في 1932 وهي الحليف الذي أضحى فيما بعد القطب الأوحد في العالم إلى وجود ضامن تستريح في كنفه الأسرة من تصاعد مخاطر الصراعات الداخلية خاصة مع فروع الأسرة الأخرى، على خلاف ما كانت تواجهه الدولتان السعودية الأولى والثانية من التغير السريع في التحالفات الداخلية وغياب القوى الكبرى آنذاك عن النشاط السياسي في شبه الجزيرة العربية.
كل مشاريع ابن سلمان سياسية تهدف إلى ترسيخ أركان حكمه والقضاء على المنافسين
العامل الآخر هو في اكتشاف النفط الذي أحدثت وفرته وإيراداته الكبيرة مبكرًا شكلاً مختلفًا للحياة في السعودية، فبعد أن كانت الدولة جزءًا من حياة القبيلة التي كانت تغزو وتتنقل، وبعدما كانت القبيلة عاملاً رئيسيًا في الحركة السياسية في الجزيرة العربية ألغى النفط وشكل الدولة الحديثة دورها، وبالتالي انتهت حقبة التحالفات بين القبيلة ومختلف فروع الأسرة التي استعانت بهم حتى آخر فترات الدولة السعودية الثانية، يوم أن اختلف أبناء فيصل بن تركي على الحكم في نجد.
اليوم تشهد أسرة آل سعود صراعًا من نوع آخر، لكنه لم ينفك تمامًا من أعباء تاريخية، بل إن هذا الصراع له صلة بتاريخ الأسرة الذي أثبت أنه يصعب على أولاد العمومة تقاسم النفوذ ومكامن السلطة في الدولة السعودية، فالدولة السعودية الأولى والثانية شهدت نزاعات طالما اختلفت فيها فروع الأسرة من آل مقرن وآل ثنيان وأبناء تركي بن عبد الله.
وبالتالي فإن تسارع حدة الخلاف والتدافع بين أحفاد الملك عبد العزيز أمر وارد بل يمكن أن يكون حتميًا، لأن تقاسم أدوات النفوذ والسلطة لا تحتمل صفًا عريضًا كما هو الحال في أحفاد الملك عبد العزيز اليوم الذين يقدرون بالمئات.
لن يتحمل ابن سلمان مستقبلاً هذا الثوب الكبير الذي تجره الأسرة وهو ثوب الهبات والمرتبات والمزايا وسيعمل على خلع هذا الثوب فور وصوله للحكم
ولذلك ما جرى ويجري من سعي محمد بن سلمان لإزاحة أولاد عمه بالطرق الخشنة الناعمة في ذات الوقت هو أمر لا بد منه ولا يتعلق بشخصه، فلو وصل أحد غيره من أبناء عمه إلى ولاية العهد لفعل مثلما يفعل ابن سلمان اليوم، لكن ربما بأساليب مختلفة، فقد أثار الشبهات بأبناء عمه كتعاطي المخدرات كما جرى مع ابن نايف، وشبهة الفساد أيضًا وهو ما يجري مع بعض الأمراء.
إن كل مشاريع ابن سلمان سياسية تهدف إلى ترسيخ أركان حكمه والقضاء على المنافسين، فلا تلك الأحلام الاقتصادية جاءت برغبات صادقة ولا يمكن أن نعتبر أيضًا حملة مكافحة الفساد انتصارًا للنزاهة في المملكة.
فمصير الدولة مرهون مستقبلاً فقط بيد ابن سلمان وبعض أخوته، أما مستقبل الأسرة فذاك أمر محسوم يتلخص في تجريد أي منافس وتحييد الفاعلين منهم ولكمهم بالتهم وتنفيذ الإقامة الجبرية على بعضهم، ولن يتحمل ابن سلمان مستقبلاً هذا الثوب الكبير الذي تجره الأسرة وهو ثوب الهبات والمرتبات والمزايا وسيعمل على خلع هذا الثوب فور وصوله للحكم.