ما هي ملامح الصّفقة الكُبرى التي عَرضها العاهل السعودي على محمود عباس ويَتردّد أنّه خيّره بين قُبولها أو الاستقالة؟ وهل سَيرضخ الرئيس الفِلسطيني للضّغوط السعوديّة والأمريكيّة؟ ولماذا جَرى الإعلان عن استئناف التّنسيق الأمني كاملاً ورسميًّا بعد زِيارة الريا

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 353
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ما هي ملامح الصّفقة الكُبرى التي عَرضها العاهل السعودي على محمود عباس ويَتردّد أنّه خيّره بين قُبولها أو الاستقالة؟ وهل سَيرضخ الرئيس الفِلسطيني للضّغوط السعوديّة والأمريكيّة؟ ولماذا جَرى الإعلان عن استئناف التّنسيق الأمني كاملاً ورسميًّا بعد زِيارة الرياض؟

 

“رأي اليوم”

في ظِل التوتّر المُتصاعد في المنِطقة العربيّة في اليمن ولبنان وسورية، والأحاديث المُتواترة عن وجودِ صفقةً كُبرى يسعى دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر طَرحها كتسويةٍ “تاريخيّةٍ” للصّراع العَربي الإسرائيلي، يَسأل المَرء أين يَقف الفِلسطينيون، سواء في الضفّة (السلطة)، أو قِطاع غزّة (حماس) من كُل هذهِ التطوّرات؟

حركة “حماس حَسمت أمرها فيما يبدو بعد انتخابها قيادة جديدة، وقرّرت أن تتمسّك بهويّتها كحركةِ مُقاومة، واستعادة علاقاتها مع إيران و”حزب الله”، وبَدأت تُقيم جُسور التّواصل تدريجيًّا مع سورية والعراق، ولكن السّؤال يَظل عن مَوقف “الشرعيّة” الفِلسطينيّة المُتمثّلة في الرئيس محمود عباس وسُلطته، ومنظمة التحرير الفٍلسطينيّة التي يتزعّمها أو ما تبقّى من مُؤسّساتها.

من تابع الزيارة التي قام بها الرئيس عباس إلى المملكة العربيّة السعوديّة قبل بٍضعة أيّام يَلمس حالةً من الحَفاوة غير المَسبوقة التي حَظي بها من قِيادتها، حيث أقام العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز حفل استقبال على شَرَفِه، دعا لحُضوره عددًا كبيرًا من الأُمراء والمَسؤولين الكِبار في الدولة السعوديّة، وكان على رأس الحُضور الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد والرّجل القَوي في المملكة.

الصحافة الإسرائيليّة كانت الوحيدة تقريبًا التي تحدّثت عن هذهِ الزيارة ودلالاتها، وقال موقع “I24 الإسرائيلي أن السعوديّة ضَغطت على الرئيس عباس للقُبول بصَفقة الرئيس ترامب الكُبرى لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، بما يُسمّى بـ”صفقة القَرن”، أو الاستقالة.

جاريد كوشنر، صهِر الرئيس ترامب، وجيسون غرينبلات، مبعوث السلام الخاص، قاما بزيارةٍ “سريّةٍ” إلى الرياض قبل وصول الرئيس عباس بأسبوع، وكَشف ولي العهد السعودي للأخير عن بعض ملامح هذهِ الصفقة التي تدور حول حل الدولتين، وتأجيل بَحث قضيّة القدس، وحُصول تَطبيعٍ عربيٍّ كامل بين العرَب وإسرائيل، مُقابل مُساعدات ماليّة سخيّة للسّلطة.

لا نَعرف كيف كان رد الرئيس عباس على مُضيفيه السعوديين، فالرجل لم يُدلِ بأيِّ تصريحاتٍ حول هذه المَسألة منذ عَودته من الرياض، ولكن كان لافتًا إعلان مدير عام قوّات الأمن الفِلسطينيّة في الضفّة الغربيّة اللواء حازم عطا الله يوم أمس الأول الأربعاء، استئناف كامل للتنسيق الأمني، واعترافه أمام الصحافيين أن هذا التنسيق لم يتوقّف في الأساس، رغم الإعلان عن ذلك أثناء انتفاضة بوابات المسجد الأقصى في منتصف تموز (يوليو) الماضي، وأن ما توقّف فقد هي اللقاءات بين قيادات الأمن الفِلسطينيّة ونَظيرتها الإسرائيليّة.

فهل هذا الإعلان هو رسالة إلى الإسرائيليين والسعوديين والأمريكان بأنّ مَوقف السلطة والرئيس عباس من الصفقة الكُبرى إيجابيًّا، أم أن المَسألة مُجرّد صُدفة، وليس لها علاقة بزيارة الرئيس عباس إلى الرياض؟

لا نَملُك إجابةً واضحةً في هذا الخُصوص، ولكن ما نَعرفه أن أيّ “حربٍ كُبرى” في المِنطقة يَحتاج أطرافها، العرب والأمريكان الورقة الفِلسطينيّة كغِطاءٍ لتمرير هذهِ الحرب وإكسابها شرعيّة التّسويف للجماهير العربيّة.

الرئيس عباس تجاوز الثمانين بعِدّة سنوات، وبات هو الوحيد المُتبقّي من جيل الآباء المُؤسّسين للثورة الفِلسطينيّة بقيادة حركة “فتح”، ولذلك هو الوحيد القادر على تقديم هذا الغِطاء لأكبر عمليّة تصفية للقضيّة الفِلسطينيّة على يد الأمريكان وحُلفائهم العرب، ونأمل أن لا يُقدم على هذهِ الخُطوة، ويُنهي أشرف قضيّة عربيّة وعالميّة بالشّكل الذي يُريده هؤلاء، ويُقدّمونها قُربانًا على مَذبح الإسرائيليين ومُخطّطاتهم.

القضيّة الفِلسطينيّة يجب أن تَظل بعيدة عن سياسة المحاور، مِثلما يجب أن تتمسّك السلطة بالثّوابت الفِلسطينيّة كاملة، وإذا كان لا بُد من الانحياز فلمِحور المُقاومة دون غيره، هذا المِحور الذي لم يُساوم أبدًا على الحُقوق الكاملة وغير المَنقوصة للشعب الفلِسطيني.

التاريخ لن يَرحم، والمرحلة حَرِجة جدًّا، والقَبض على الجَمر مهما كان مُلتهبًا هو خيار الرّجال الرّجال في المَراحل الصّعبة والمَصيريّة.