اسرائيل اليوم: السعودية: سلاح من الغرب ومن الشرق

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 832
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

بقلم: شاؤول شاي
في الاسبوع الاول من شهر تشرين الاول جرت زيارة اولى تاريخية للملك السعودي الى موسكو. وفي اطار الزيارة وقعت بين الدولتين اتفاقات اقتصادية وامنية بحجم عشرات مليارات الدولارات. فالسعودية توشك أن تشتري من روسيا اسلحة مختلفة درة التاج فيها هي منظومة الدفاع الجوي المتطورة من طراز اس 400.
لقد اقامت السعودية اساس مشترياتها الامنية، منذ اقامة المملكة، على العتاد العسكري الامريكي والبريطاني وتشكل حليفا استراتيجيا للغرب، وبالتالي فان الخطوة الحالية تتطلب فحصا دقيقا لاسبابها ومعانيها. تأتي زيارة الملك الى موسكو بعد عدة اشهر من زيارة الرئيس ترامب الى الرياض، وفي هذه الزيارة ايضا وقعت صفقات اقتصادية وامنية بحجم عشرات مليارات الدولارات. لقد استجابت واشنطن عمليا لكل المطالب السعودية لتزويدها بالاسلحة المتطورة.
على نحو مفاجيء، فان الولايات المتحدة ليس فقط لم تنتقد الخطوة السعودية – الروسية بل بعد وقت قصير من النشر بان السعودية ستشتري اسلحة الدفاع الجوي الروسي، أعلنت الولايات المتحدة بانها ستبيعها منظومة اعتراض الصواريخ الباليستية من طراز THAAD.
يمكن للولايات المتحدة ان توفر كل الاحتياجات العسكرية للسعودية، وبالتالي فان القرار السعودي بالتوجه الى روسيا لا ينبع من احتياجات عسكرية صرفة. يبدو أن التغييرات الاستراتيجية التي تحدث في المنطقة وتعاظم قوة ونفوذ روسيا هي التي أدت الى قرار السعودية تطوير علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا، رغم الخلافات الأساسية القائمة بين الدولتين في المسائل المركزية المتعلقة بالدعم الروسي لنظام الأسد وعلاقات موسكو القريبة من العدو الأساس للسعودية – ايران.
السعودية لا تتخلى عن تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، ولكن في اعقاب ازمة الثقة الناشئة بين المملكة وإدارة أوباما والشكوك السعودية في سياسة إدارة ترامب، يتبنى السعوديون سياسة خارجية اكثر استقلالا، في ظل محاولة الكسب من المنافسة بين القوى العظمى لضمان المصالح الاستراتيجية للمملكة. تعد السعودية اليوم مستوردة السلاح الثانية في حجمها في العالم، وكل الدول المنتجة للسلاح، وعلى رأسها القوى العظمى، معنية بأن تحظى بنصيب كبير بقدر الإمكان من الميزانيات الهائلة التي تستثمرها في التعاظم العسكري.
ان سياسة التقرب من روسيا وتنويع مصادر السلاح ليست سياسة مميزة للسعودية. فقد سبقتها مصر، التي تثبت علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا. الصين هي الأخرى تحاول الدفع الى الامام بنفوذها في المنطقة اليوم، ولا سيما في المجال الاقتصادي ولكن أيضا وقعت على صفقات لتزويد السعودية بوسائل قتالية، وكذا لمصر ودول أخرى في المنطقة، وان كان بحجم اكثر تواضعا بكثير. في هذا الواقع، يمكن للسعودية ان تشتري تقريبا كل سلاح معنية به، ولهذا الامر معانٍ ثقيلة الوزن بشأن التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة.
تعيش دولة إسرائيل معضلة غير بسيطة. إذ ان السعودية تبني ظاهرا قدراتها العسكرية كرد على تطلعات ايران في الهيمنة الإقليمية، وفي هذه المسألة ينسجم الامر مع المصلحة في منع التوسع الإيراني. ولكن الوسائل القتالية الجديدة يمكنها ان توجه أيضا ضد إسرائيل، اذا ما تغير الواقع الاستراتيجي للشرق الأوسط في المستقبل. كما أن إسرائيل مطالبة بان تبدي تفهما للمصالح الاستراتيجية والاقتصادية الامريكية والامتناع عن محاولات عرقلة صفقات السلاح مع السعودية، ولا سيما في ضوء إمكانية ان يؤدي عدم استجابة الأمريكيين للسعوديين الى التوجه الى روسيا او الى دول أخرى. في الظروف الحالية فان إسرائيل مطالبة بان تتابع سياقات التعاظم في العالم العربي والحرص على وجود جواب مناسب سواء في الجانب الكمي أم في جانب الحفاظ على التفوق النوعي. من ناحية إسرائيل من الأفضل أن تكون الدول العربية متعلقة بالولايات المتحدة وليس بروسيا، التي تعد قدرة التأثير عليها محدودة للغاية. وبالتالي، من الأفضل لإسرائيل الا تعمل على عرقلة صفقات بيع السلاح الأمريكي الى السعودية بل ان تطلب من الولايات المتحدة “تعويضا” يسمح لنا بالحفاظ على تفوقنا العسكري.