ما قصة المستثمر الياباني الذي أقنع ابن سلمان باستثمار 45 مليار دولار خلال 45 دقيقة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3033
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 كشف المدير التنفيذي لمؤسسة "سوفت بنك" والمستثمر الياباني المشهور ماسايوشي سون، في مقابلة مع قناة "بلومبيرغ" الاقتصادية أنه استطاع إقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باستثمار 45 مليار دولار في صندوق "سوفت بنك" وذلك خلال 45 دقيقة على حد وصفه، أي بمعدل مليار دولار لكل دقيقة.

المستثمر الياباني ضحك ساخرًا من المقدم عندما سأله كيف استطعت أن تقنع الأمير للاستثمار في الصندوق خلال ساعة؟ ضحك سون وأجاب لم تكن ساعة كانت 45 دقيقة فقط. يُشار أن الملياردير الياباني كشف عن خطط تأسيس الصندوق الاستمثاري في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي ومنذ ذلك الحين تلقى تعهدات من بعض أكبر المستثمرين في العالم ومن بينهم صندوق الاستثمارات السعودي.

صندوق ذات عوائد مالية كبيرة

بدأت القصة عندما أعلنت مجموعة "سوفت بنك" الاستثمارية المتخصصة في التكنولوجيا والاتصالات، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن توقيع مذكرة تفاهم غير ملزمة مع صندوق الاستثمارات العامة في السعودية، تنص على دراسة صندوق الاستثمارات العامة السعودي لإمكانية الاستثمار في الصندوق الجديد الذي أطلق عليه "رؤية سوفت بنك" بحيث يكون أكبر المشاركين فيه، مع استثمارات قد تبلغ 45 مليار دولار أمريكي على مدار السنوات الخمس القادمة.

لم تذكر كواليس توقيع المذكرة وكيف تم الاتفاق، وتكتم المستثمر سون على ما قاله اليوم طوال الفترة الماضية. وقد تزامن إعلان الصندوق الجديد خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض في مايو/أيار الماضي وتوقيع صفقات بمئات مليارات الدولارات بين شركات سعودية وأمريكية في كافة المجالات وصلت قميتها إلى نحو نصف ترليون دولار، حيث زار المستثمر الياباني سون الرياض أيضًا في 20 مايو/أيار الماضي، لتدشين الصندوق البالغ قيمته 100 مليار. 

ما حصل برأي اقتصاديين هو تسريب 45 مليار دولار من السعودية إلى الاقتصادات المتقدمة ليتم الاستثمار فيها وخلق فرص العمل.

لم تكن السعودية لتستثمر في هكذا استثمار كبير قبل أعوام، فبعد استلام الأمير محمد بن سلمان إدارة صندوق الاستثمارات العامة في السعودية بات يركز على الاستثمارات ذات العوائد المالية الهامة على المدى البعيد، سواء في استثماراته المحلية أو العالمية، ضمن رؤية السعودية للعام 2030، والتي تنص على بناء اقتصاد متنوع بعيد عن النفط، وقد تبين الآن كيف يستثمر الأمير محمد في الشركات لتنويع الاقتصاد الوطني.

بعد توقيع مذكر التفاهم العام الماضي قال بن سلمان "نحن سعيدون لتوقيع مذكرة التفاهم مع مجموعة سوفت بنك، نظرًا لتاريخ المجموعة الطويل وأدائها المتميز وعلاقاتنا المتينة معها ومع رئيسها التنفيذي، ورئيس مجلس إدارتها، السيد ماسايوشي سون".

ومن المقرر أن يعزز الصندوق الجديد قدرة "سوفت بنك" على تعزيز الاستثمارات العالمية في قطاع التكنولوجيا، إذ سيعمل الصندوق خلال العقد القادم ليتحول إلى أكبر مستثمر على مستوى العالم في هذا القطاع الحيوي، وتسريع ثورة المعلومات من خلال المساهمة في تنمية هذا القطاع. حسب ما أفاد به ماسايوشي سون. سيستثمر الصندوق في قطاعات متعددة من بينها ”تقنية انترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والروبوتات والحوسبة والبنية التحتية الرقمية والاتصالات عن بعد ومجال التقنية الحيوية... وحلول الحوسبة السحابية وبرمجياتها وحلول التسوق عبر الإنترنت وحلول التقنية المالية“.

قدم محمد بن سلمان 45 مليار دولار من صندوق الاستثمارات السعودي خلال 45 دقيقة، بدون الارتكاز على دراسات جدوى اقتصادية واستشارة مستشارين مختصين ولا الخوض في هذا الاسثمار الضخم على عدة جولات، فالمبلغ الممنوح يعادل ميزانيات دول بأكملها.  

وبجانب سوفت بنك وصندوق الاستثمارات العامة السعودي يضم المستثمرون في الصندوق الجديد شركة مبادلة للاستثمار بأبوظبي، التي تعهدت برصد 15 مليار دولار لصندوق "رؤية سوفت بنك"، وشركات آبل وكوالكوم وفوكسكون التايوانية للتكنولوجيا وشارب اليابانية. وتتوقع المجموعة أنها ستستثمر ما لا يقل عن 25 مليار دولار أمريكي في الصندوق على مدار السنوات الخمس القادمة.

يُذكر أن مجموعة "سوفت بنكاليابانية هي شركة متعددة الجنسيات ومتخصصة في الاتصالات وتقنية المعلومات والتسويق، وتأسست في عام 1981، وهي مصنفة في المركز 62 ضمن قائمة أبرز شركة عامة حسب قائمة فوربس، كما أنها ثالث أكبر شركة مساهمة في السوق الياباني بعد تويوتا وميتسوبيشي.

45 مليار خلال 45 دقيقة

أشار البعض إلى السرعة التي عقد فيها بن سلمان هكذا صفقة مع المستثمر الياباني، إذ قدم 45 مليار دولار من صندوق الاستثمارات السعودي خلال 45 دقيقة، بدون الارتكاز على دراسات جدوى اقتصادية واستشارة مستشارين مختصين ولا الخوض في هذا الاسثمار الضخم على عدة جولات، فالمبلغ الممنوح يعادل ميزانيات دول بأكملها.  

محللون ذكروا أن هذا الاستثمار متهور، في حين وصفوا رئيس "سوفت بنك" سون بالمفاوض الذكي، وربما آمن بن سلمان بقدرة سون على الاستثمار والنجاح والحصول على إيرادات عالية، ولكن هذا قد لا يكون صحيحًا بالمطلق. فسون مع انفجار فقاعة الإنترنت عام 2000 انخفضت ثروته التي كانت تقدر بـ 70 مليار دولار بنسبة 99%، ولولا استثماره في شركتي ياهو وعلي بابا ربما لم يكن لهذا المستثمر وجود الآن.   

من غير المرجح أن تتحقق بعض الأهداف المحددة ضمن خطة التحول الوطني بحلول الموعد النهائي المحدد لها في 2020 لأسباب من بينها أنها معقدة وطموحة، إضافة إلى صعوبات في تنفيذها بسبب ضعف كفاءة بعض الوزارات.  

في عالم المال والأعمال لا يمكن الوثوق بأي شيء ولا يمكن التخمين بنسبة 100% فهناك شركات تهبط وأخرى تصعد بشكل غير متوقع، لذا قد يدخل رئيس "سوفت بنك" الصندوق الجديد في استثمارات خاطئة لا تربح مع مرور الوقت، وهو ما سيعرض رؤية 2030 للخطر.

وعلى العموم، فيبدو أن المستثمر الياباني قد درس السعودية جيدًا قبل الخوض في إقناع الأمير إذ ذكر مسؤولون سعوديون العام الماضي إنهم يتوقعون توسع صندوق الاستثمارات العامة من 160 مليار دولار إلى تريليوني دولار بعد نقل أسهم أرامكو مما سيجعله أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم يعرف سون بأنه صديق لترامب وأنه من أوائل المليارديرات والقادة الآسيويين الذين أثنوا على فوز ترامب، بالانتخابات الرئاسية، وقد تعهد سون لترامب في دسيمبر/كانون الأول الماضي باستثمار 50 مليار دولار في الولايات المتحدة وتوفير 50 ألف فرصة عمل جديدة في أمريكا.

وهنا نقطة أخرى هامة، لم يذكر سون أنه سيستثمر أموال الصندوق الجديد في السعودية وخلق آلاف فرص العمل في السعودية، ولم يذكر أنه سيستثمر في القطاعات السعودية لتطوير البنية التقنية في البلاد وإفادة المواطن السعودي بالدرجة الأولى، ما حصل عمليًا برأي اقتصاديين هو تسريب 45 مليار دولار من السعودية إلى الاقتصادات المتقدمة ليتم الاستثمار فيها وخلق فرص العمل.

مع التنويه، أن هذا الاستثمار المعلن هو ثالث استثمار خارجي لصندوق الاستثمارات السعودي بعد أن اشترى حصة تقدر بـ 3.5 مليارات دولار في شركة "أوبر" الناشئة للتوصيل الخاص، كما أن الصندوق وافق على دفع مبلغ 1.1 مليار دولار لشراء نحو 38٪ من أسهم شركة"بوسكو" الكورية الجنوبية، للهندسة والبناء، كما ينوي الصندوق الاستثمار في ألمانيا والصين وأمريكا ودول أخرى.

تندرج نية السعودية في صندوق الاستثمارات السعودي تحت إدارة ولي العهد محمد بن سلمان لتحقيق رؤية المملكة، 2030 وتنويع الاقتصاد الوطني والتخلص من النفط، ويتوقع أن تعود هذه الاستثمارات على البلاد بعوائد ضخمة بحلول 2020 لا تقل عن عوائد النفط.

المستثمر الياباني ضحك ساخرًا من المقدم عندما سأله كيف استطعت أن تقنع الأمير للاستثمار في الصندوق خلال ساعة؟ ضحك سون وأجاب لم تكن ساعة كانت 45 دقيقة فقط.

ولكن وبعد تبين الاستراتيجية التي اتبعها بن سلمان في استثماره في "سوفت بنك" فقد يكون تحقيق أهداف الرؤية والتحول إلى بلد غير نفطي أمرًا غير مضمون في ذلك العام، وربما يؤكد هذا الرأي ما حصل خلال الأشهر القبلية الماضية للرؤية حيث يجري تعديلها وتعاد صياغتها والتخلي عن بعض الأهداف، وتمديد الجدول الزمني لأهداف أخرى فهناك اعتراف بأن الكثير من الأهداف كان مبالغًا فيها وربما يكون لها تأثير كبير جدًا على الاقتصاد.

وذكرت رويترز، إنه على ما يبدو من غير المرجح أن تتحقق بعض الأهداف المحددة ضمن خطة التحول الوطني بحلول الموعد النهائي المحدد لها في 2020 لأسباب من بينها أنها معقدة وطموحة، إضافة إلى صعوبات في تنفيذها بسبب ضعف كفاءة بعض الوزارات.